عشتار الفصول:14042 مصير الأقليات الدينية والعرقية في الشرق الأوسط .رقم 2


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 7884 - 2024 / 2 / 11 - 16:49
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

رأيّ غير ملزم.
من خلال دراسة غير مجهدة للنمو السكاني في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام يتبين بأننا قادمون على تغيرات سونامية للسكان وخاصة للقوميات التي لم يعد لها وجود فعلي على أرض أجدادها، وأنها تعيش مرحلة الخطر والانقراض الحقيقي. إذْ أننا نرى بأنها بدأت تضمحل وتتلاشى. وخلال عشرين عاماً على أبعد تقدير .سنجدها مجموعات صغيرة جداً تعيش في المدن الكبرى لا غير . وسينحسر وجودها من القرى والبلدات الكبيرة والصغير على حد سواء ،وذلك لزيادة أعداد المكوّن للديانة الأعم بكل قومياتها ومذاهبها .
إن أول تلك الديانات والقوميات التي ستنتهي لامحالة ـــــــــــــــ إن سارت الأمور على ماهي عليه الآن ــــــــــ ولا نعتقد بوجود معجزة تُغير مسيرة التاريخ وسير المجتمعات وتطورها .تلك الديانة هي الديانة المسيحية ــــــــــــ التي كانت تُعد الديانة الثانية في الشرق قبل أعوام ـــــــ عبر مجموعة قومياتها . ( الأرمنية ). و( الآرامية ، السريانية، والآشورية) بما فيها من ينتمون للقومية العربية.
لأنّ الحتمية تقضي بهذه النتيجة ،ولأنّ المسيحية التي ظن رجال الدين بأنها دساتير غير قابلة للتغيير أولئك الذين ينظرون إليها كحجر صماء ،أو أنها غير قابلة للمرونة ومسايرة التطور . أجل يرفضون إدخال تغيرات على طقوسهم التي وضعوها لتتناسب تلك الأزمنة ولا تتناسب مع مانحن فيه والمستقبل مهما تفلسف بعض المسيحيين نرى بأننا أهملنا قولاً للسيد المسيح حين قال لنا( كل ما تحلوه على الأرض يكون محلولاً في السماء...) وأعلم أنه (منذ البدء كانا ذكرا وأنثى) ولكن كلمة كل التي سبقت قبل قليل تؤكد على إن لم نُجدد في قراءاتنا لمسيحيتنا فنحن إلى زوال. ليس لأنّ العالم أفضل من رسالة المسيحية بل لأننا نحن لم نستوعب حركة التاريخ وسيتم القضاء على المسيحية بمذاهبها وقومياتها عن طريق الزيادات السونامية للآخرين .ومن الأسباب الأخرى الموت والهجرة والتهجير القسري والحروب المستمرة والزواج من المسيحيات لعدم وجود شباب مسيحي وهذا أمر واقع منذ أكثر من أربعين عاماً وأكثر وفي الداخل السوري منذ 70 عاماً.
إنّ المسيحية بقومياتها في قلب الخطر مالم تُتخذ الإجراءات التالية:
1= إجراءات كنسية تتناول قراءات جديدة للواقع في موضوعي الزواج والطلاق .(ونكرر بأن المسيحية تصلح لكل زمان ومكان على أساس أن نُفعل جوانبها كافة لا أن نُبقيها صخرة صماء..)
2= لابقاء للأقليات الشبه منقرضة في الشرق مالم يُعطى لها حق إقامة فدراليات خاصة أو دويلات خاصة بالأقليات كافة .ومنها المسيحية وإلا الشرق الأوسط خلال ربع قرن سيتصحر ليس لتسامح وسماحة المسيحية ولا لعدم قبول الإسلام المسيحية إنما الحقيقة المسيحية كديانة ستنقرض من شرقي المتوسط وجنوبه إن شئنا أم أبينا للأسباب التي سبق وذكرنا بعضها آنفاً.
أما الديانات الأخرى كاليزيدية والصابئة ( المندائية) ومذاهب شيعية إسماعيلية ربما حافظت على شخصيتها لزمن قصير كونهم ملتزمين بالزواج من أبناء مذهبهم بما فيهم الموحدون ، الدروز).
أما إسرائيل كدولة وكشعب يهودي فنرى ما يلي:
إنّ تفوقها التكنولوجي والعسكري وامتلاكها للذرة والدعم المطلق من قبل أمريكا والغرب اليوم في عام 2024م كل هذا سيتغير خلال السنوات الست المقبلة حين تُصبح الصين في عام 2030 القوة التي توازي القوة الأمريكية في الاقتصاد وأما في عدد السكان فهذه الزاوية مرعبة حقاً.
إنّ الولايات المتحدة الأمريكية والقارة العجوز ( أوروبا) سوف تصيبها تغيرات لا وصف لها ولن تكون قادرة على الوقوف مع إسرائيل ضد القوة العربية والدول الإسلامية النامية بسرعة ومصالح أمريكا وأوروبا ستتطلب عدم دعم إسرائيل حتى أن اليهود في أمريكا والعالم ستتغير نظرتهم للوجود الإسرائيلي في الشرق والبرلمانات العالمية ستنقلب بحكم ازدياد العرب والمسلمين في دول الغرب لصالح الفلسطينيين وستكون تلك البرلمانات مرهونة بأصوات اللاجئين ولهذا نرى هناك مجموعة تغيرات منا الداخلية ومنها الخارجية ستضغط على القرار الدولي والإسرائيلي فما تعيشه إسرائيل من حرب وجودية مع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية عدا الموجودين في داخل إسرائيل هؤلاء يُشكلون أكثر من عدد اليهود في إسرائيل مجتمعين في هذا اليوم بالذات حرب ستكون عواقبها غير مرضية للإسرائيليين.
وأما بعد عشرة أعوام فالأرقام ستتغير وستغرق إسرائيل بالفلسطينيين إن شاءت أم أبت . إنني أؤكد إن موضوع ( حل الدولتين) أيضاً لا يجدي نفعاً مع الزمن ولا حتى الدولة الواحدة ذات شعبين أيضاً سيكون للفلسطينيين اليد العليا من خلال الدستور الإسرائيلي القائم على الحرية والديمقراطية .
والمعضلة في الشرق أنّ أغلبيته ترفض موضوع الدولة أحادية القومية والدين كما تُصيب الغالبية ثورة عارمة إن قلنا يجب إعطاء أصحاب الأرض حق إقامة دولة خاصة بهم أو فدراليات ذات طابع خاص لايمكن الاعتداء عليها مع العلم أن لائحة حقوق الإنسان تؤكد على حق المجموعات العرقية والدينية أن يكون لها استقلالها الخاص بها.
إنّ الشرق الأوسط وأقلياته في ورطة لابل هناك إشكالية وجودية في حالة مزرية وسيتعرض الشرق الأوسط لحروب عدة وسوف نرى انتصاراً للغالبية على حساب الأقليات وحقها التاريخي على أرض أجدادها لأنّ الغالبية الدينية لديها القدرة على التضحية وتملك إيماناً بأن الأرض هي أرضها ولهذا سيتصحر الشرق إن شئنا أم أبينا من أهله وأصحابه التاريخيين .
وهنا في هذا السياق أتوجه لمن يُنادي بالنضال القومي في العراق وسوريا وجنوب شرقي تركيا إن نضالكم يشبه الحب من طرف واحد. ففي الواقع لم يعد لنا من وجود على تلك الأرض وهل سنبتدع مقولة جديدة تُناسب المكوّنات القومية والدينية التي تعيش على أرض إمبراطوريتا ونرمي بهم في الهواء؟!!
إنها سخرية التفكير إن تشبثنا بها .ولهذا طرحنا قبل ثلاثة أعوام موضوع الوطن البديل وبينا الأسباب والدواعي .ونتابع موضوعنا عن صديقتنا القارة الأوروبية فالموقف ليس بأفضل من الشرق الأوسط فيها . هناك تغيرات مورفولوجية قادمة وخلال ربع قرن سنجد تغييراً في نمط الحياة وتغيرات دينية وسلوكيات جاءت مع اللاجئين الذين جاؤوا من خلال قانون اللجوء كما نرى وسنرى أنّ مئات الكنائس القديمة سنوياً تتحول وستتحول إلى مساجد أو أماكن للتجارة ومحلات للرقص وغير ذلك. وهولندا وبلجيكا وفرنسا والسويد والنروج خير دليل لما نقوله .
فالقادم في أوروبا سيكون لصالح الأكثرية والمكوّن المسلم هو في تزايد رهيب قياساً لأهل القارة وسكانها مسيحيين أم يهوداً أم ملحدين أم لا دينيين .فالأوربيون أغلبيتهم في سن الشيخوخة مستهلكين وموتى أحياء والذين يتزوجون من الشباب وبحكم طبيعة قوانينهم الجائرة على الأب نراه لايُخلف إلا ولدا وهناك العديد من الشواذ وفي أوروبا الآلاف لا بل الملايين الذين يموتون بالمخدرات والأمراض الأخرى سنويا هذا عدا الحوادث الثانية والحروب والهجرة إلى مناطق أخرى وتغيير في معتقداتهم وسُكناهم .
إن العالم يتغير والدول العُظمى تستنزف طاقاتها في سبيل الحفاظ على مكانتها الاقتصادية والعسكرية والأسواق التجارية وهي في حالة صدام مباشر وغير مباشر مع بعضها وها نحن نعيش منذ أكثر من عامين الحرب في أوكرانيا تلك الحرب التي استنزفت كلّ من روسيا وأوروبا وأمريكا والرابح هم الشعوب التي نقول عنها أنها فقيرة إنني أؤكد على أنها هي التي ستتصدر المشهد خلال ربع قرن القادم ويأتي حرب غزة بعد السابع من تشرين أول عام 2023م .واستمرار حماس والجهاد ومعهم كل المجاهدين من كل العالم يتحدون الآلة الإسرائيلية وتفوقها ومعها الولايات المتحدة الأمريكية ونؤكد على أن الإنسان العربي والمسلم هزم إسرائيل وأمريكا والغرب بأدلة دامغة لم تعد تنطلي حتى على الأغبياء.
فالجانب الفلسطيني والعربي والإسلامي رغم التضحيات البشرية هو يُمارس عقيدة عنده ويفرح ويُهلل لها و بها لأنها شهادة، الشهادة في سبيل الدين والوطن .في الوقت نفسه وبالمقارنة لايمكن أن يتحملها الإسرائيلي ولا الغربي والديمقراطية في القوانين الغربية والإسرائيلية هي المقتل الحقيقي لتدمير تلك البلاد .
ومن هنا فمسألة القضاء على كل دولة ليست عربية ومسلمة في الشرق مسألة وقت لاغير.ومصالح الدول الكبرى بعد عام 2030م هي التي ستُحدد ذلك إلا إذا ابدعت إسرائيل منهجاً جديداً يُمكنها من البقاء على أرضها ولكننا نشك في هذا.
وفي الختام
إن الأقليات الدينية كالمسيحية واليهودية والصابئة واليزيدية في خطر حقيقي وعليها قراءة طقوسها وسلوكيتها أو الرحيل توفيراً لها في كلّ شيء.
# اسحق قومي. 11/2/2024م