عشتار الفصول:13972 أنا لستُ أنا والحياة ليست محطة واحدة.


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 7819 - 2023 / 12 / 8 - 16:43
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

الأنا والهو والأنا الأعلى .هذا التقسيم الأكاديمي قدّمه لنا مؤسس علم النفس سيغموند فرويد.
وهنا في هذه الثلاثية تتشكل كل أنواع الخبرات والتجارب .لابل كلّ أنواع السلوكيات السلبية والإيجابية ولسنا بعيدين عن الصواب إن قلنا فيها تتشكل الأمراض النفسية والعقلية وغيرها .ولهذا فهذه المناطق لاتبقى على حالها بل نراها تنمو وتزداد اتساعاً وعمقاً كلما مرّ بنا الزمن وتقادمت بنا أعمارنا.
ومن هنا أستطيع أن أقول :أنا لستُ أنا . فأنا الطفل القروي لستُ الطالب الجامعي في جامعة دمشق ،ولستُ الجندي في الجيش السوري، ولستُ المدرّس في معهدي المعلمين والمدرّسين كما لستُ الشاب قبل الزواج وبعده وهكذا حتى سنوات غربتي في الولايات المتحدة الأمريكية والآن في ألمانيا .غربة أخذت مني الكثير وأعطتني الكثير .
ومن هنا فالحياة إذاً ليست واحدة . أعني ليست حالة جامدة لاتتغير ولا تتبدل ولا تكبر أو تتسع آفاقها كما هي بمحطة واحدة .بل هي محطات تختلف في لونها وطعمها ومتاعبها ومعاناتها ومن يأتي ويذهب منها أولئك الذين تربطهم معنا علاقات مختلفة ومتنوعة . كما تؤثر فينا تلك المحطات حيث نجد عدم بقاء نظرتنا للأشياء والأمور كما هي لابل إلى أنفسنا وعواطفنا ونمو أجسادنا وعقولنا وتجاربنا . وعلى الرغم من التغير إلا أننا لا نحس به وكأنه ثقل نوعي بل نجد أرواحنا وأجسادنا وعقولنا تنمو لتتحمل هذا الإضافي .
فمحطة الطفولة الأولى في تلك القرية النائية. تختلف بالتأكيد عن مرحلة الطفولة في بلدة الحسجة وحتى تلك الأيام الأولى لمرحلة الروضة في مدرسة الخابور للسريان الأرثوذكس بالحسكة . كما وتختلف مشاهد تلك الطفولة بالمقارنة بين كل ما نحمله ومابين ذاك الطفل الحضري ورغم صغر سننا فقد كُنا نميز بين الأنا وبين الآخر.وإذا ما ذهبنا بعيداً من أنّ الحياة ليست محطة واحدة نؤكد على أنّ شخصيتنا التي أدركناها على أنها تختلف عن الآخر والموضوع .إنما هي في حالة تبدل وتطور ونمو .ولا تبقى على حالها على الرغم من القيم العليا التي طبعتها التربية في المرحلة الأولى من الطفولة فهي تبقى القاسم المشترك الذي تتفق عليه قِوانا العقلية والروحية والعاطفية. كما وندافع عن تلك القيم كونها تُشكل الفردوس المفقود لطفولة لن تعود إلا عبر تلك القيم والذكريات التي حملناها معنا خلال تلك المحطات.
وأما أنّ طفولتي تختلف عن طفولة أخي أو أختي فهذا أيضاً صحيح وذلك تبعاً للفوارق الفردية وأثر الوراثة فينا ولايمكن أن نحمل معنا من الذكريات كما يحملها ابن جارنا أو حتى الأخ الأكبر الذي كان حقل تجارب للوالدين . ومن جهة الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر عندما يقول( إن الماضي لايموت). هنا إشكالية وجودية في معالجة الحاضر والمستقبل ولا أريد أن أدخل في هذا الجانب لأنه طويل وليست غايتنا هنا الوجودية السارترية بل علينا بتصوري أن نكون على قدرة من التمييز بين الحلم والحقيقة، بين الواقع والمتخيل ولا نعود للماضي على أنه الأجمل ونحن ننسى حاضرنا كما لايمكن إلا وأن نعمل لبناء هرم المستقبل الذي لا يأتي من خلال الأحلام والأوهام بل بالجد والعمل والمثابرة والإرادة والعزيمة والمتابعة .
فأنا سأكون شخصية متميزة إذا تمكنتُ من ضبط مجموعة انفعالاتي وميزتُ بين مرحلة وأخرى وبين حالة وحالة وبين مشكلة وأخرى.وعلي أن أكون يقظاً فإذا مرت طفولتنا بحالة غير سليمة هنا علينا أن نتنبه إلى أن لا نكرر الأخطاء في مرحلة شبابنا ورجولتنا وكهولتنا وشيخوختنا .لنعش المراهقة ونربي أبنائنا على أن يعيشوها بشكل معقول ومقبول وهكذا لنؤسس معهم أهمية الزمن . فإن مرّ الزمن لن يعود .
وللموضوع متابعة .
اسحق قومي. 7/12/2023م