عشتار الفصول:10274 التنظير .مصدره واقعيته وأهميته


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 17:15
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

عشتار الفصول:10274
التنظير .مصدره واقعيته وأهميته .
المعرفة البشرية برمتها، تعتمد على مصدرين أساسيين. وخزاني وقود مهمين في تكوينها وتجديدها وحركتها الدينامية في خلق حياة عقلية إنسانية متكاملة .
الخزان الأول : نقصد به الذات العارفة، والعاقلة،وحين نقول الذات العارفة والعاقلة .يعني أنها تتمتع بمشروعية وجودها ،وتمتلك الحرية المنظمة ،وليست المطلقة.وتكون في حالة سوية من تشكيلها البيولوجي والاستيعابي .
أما الخزان الثاني: كموضوع يُقابل الذات العارفة ويكوّن مشروعيتها في استهلاك العالم معرفياً أي بوصفه مشروعاً يدخل في حيز المنتج العقلي للإنسان ، ويتحول مع قدرات العقل وتفاعلها مع جميع جوانب ذاك الموضوع إلى مادة قابلة لتصنيع مفردات الإبداع الإنساني سواء أكان ثقافياً أو مادياً أو فنياً أو إيديولوجيا..
وعلينا أن نثق بأن جميع الموجودات الفكرية أو المادية ،كانت أفكاراً، تحولت مع التنفيذ إلى واقع ، وفي تاريخ البشرية وسيرورتها التاريخية هناك الكثير من الأفكار التي غذت حركة المجتمعات وأرفدتها بأنهرٍ من المعرفة التراكمية بعض تلك الأفكار تمّ تعميمه فأصبح واقعاً اجتماعياً ،بينما نجد المجتمعات البشرية بفطرتها ترفض أفكاراً لا ترى فيها فائدة أو أنها تُخالف معتقداتها فتزيلها من وجودها ولكن هذا لايعني بأن تلك الأفكار ليست ذات قيمة نادرة وقد تكون أكثر أهمية ونُضجاً من الأفكار السائدة، لكن دعونا نتوقف عن هذا الإرسال. إلى محطة مفادها وعنوانها يقول:
من هو صاحب المبادرة؟!! أو صاحب التنظير ـ الجانب النظري ـ من أيّ فكرة كانت ؟!! هل يمتلك أدواته؟!!! وهل له معرفة، وإحاطة كلية بموضوعه..وتاريخه المعرفي يشهد له ؟!!
هل التنظير له أسس موثقة وصاحبه أو كاتبه ،له قدرات وامكانات مشهود له بها؟!!
ما مدى واقعية ذاك التنظير على الساحة الحالية التي تهم المجتمع برمته أو قد يكون له تطبيقات عملية بعد مئات من السنين ؟!!
وهل على المنظر أن يركب فرسه ،ويذهب يُحارب أولاً لكي يكون فعلاً ناحجاً وواقعيا في ما طرحه؟!! بمعنى هل على المنظر الباحث أن يعيشالتجوال والترحال حتى نعترف به؟!!
هل قائد الجيش يذهب للمعركة ،مع معاونيه، ويُقتل حتى نؤمن، ونثق بأن مايدعو له سليم؟!!
وهل يحق لكلّ واحد باسم الحرية، والرأي، والرأي الآخر أن يُدلي بأي موضوع مهم ومسؤول .سواء أَكان ،فلان أو فلان؟!!
إنّ التنظير باعتباره مسؤولية تاريخية ومرحلة مهمة في مشروع أي شعبِّ من الشعوب.والتنظير هو أساس المنطلقات الفكرية، لأية جهة سياسية، أواجتماعية ، أومعرفية أوتعليمية.والتنظير هو المرحلة الأولى التي من خلالها نرسم معالم الواقع ،والمستقبل بناءً على رفضنا لجوانب سلبية، وخطيرة في الماضي والحاضر ،ونريد أن نقدم مشروعاً، عملياً ،ومفيداً لمجتمعنا.لهذا تأتي أهمية المصدر الذي يأتي منه التنظير.فأيّ تنظير يجب أن يصدر عن متمرس في صناعة الكتابة والكتابة الفكرية على وجه الخصوص .ويكون مُدركاً أبعاد الفلسفات القديمة والوسيطة والحاضرة ومتابعاً لجميع الأنشطة العقلية والمنطقية والمعرفة في أوسع أبوابها.فليس من المعقول، أن يتناول الواحد منا الواقع المادي، وهو لايعرف ما معنى المادة بوصفها حالة قابلة للتصنيع ويدخل في الجزء لينتهي إلى الكل ويعرف المناهج العلمية في دراسته هذه أو تلك . لهذا يتطلب من المنظر أن يكون ملماً بمعرفة متكاملة بموضوعه، وأن يكون على قدرة من أنه منتج للمعارف بعد أن كان قد استهلك معرفيا للمنتج العقلي والمنطقي للفكر الإنساني.ولايحق لأيّ من قرأ وكتب أن يخوض ويطرح نفسه بوصفه منظراً .إي نعم يحق أن يكتب ويكتب ،ويكتب لكن هناك مرحلة ،ضرورية لنمو القدرة ،على انتاج منتج مفيد في أي جانب من جوانب المعرفة.
ولهذا نرى أنه من الضرورة أن تتنوع المصادر المعرفية في إنتاج الشخصية المبدعة، فالإبداع ليس قصيدة وحسب، وليس قصة، ولا لوحة فنية،بل يأتي من خلال ميكانكية السمع أو الحركة العادية لريشة الفنان، الإبداع الحقيقي ، والمبدع الحقيقي هو ذاك الشخص الملم بشيء واسع من المعارف الإنسانية ،معاصرها عقلياً ومعاينها في سيرورتها ومسيرتها ومدى تأثيرها، وقراءة واقعها المكاني والزماني والمتحولات الخاصة بها ، وقد وقف على منابعها الأم وأستقى منها ،وبعد أن روت حدائقه من تلك المناهل ،والينابيع والعيون والمصادر ، لابدّ أن تُزهر حقوله ،وهذا يتطلب أولاَ .الوقوف على الأمور التالية:
1=المدة الزمنية التي قضاها المنظر المبدع في حقول المعرفة وهو يستقي ويتعامل معها؟
2= المثابرة ،والجد، والاجتهاد،والعناد ، والمصارعة مع كلّ أشكال الاحباط وأن لايترك المصارع الساحة ،دون وضع الأمور في نصابها.ولايؤجل الأمور أو يعتبرها غير مهمة .
3= الصبر والحكمة ،والمصالحة مع الذات بكلّ قِواها، وطاقاتها ،فلا يمكن أن نطلب من الجاهل والأحمق أن يرسم لنا دروبنا.
4= وأخيراً. لابد أن نقول يحق للجميع، كلّ شيء،لكن ليس كلّ الطلبة، ينجحون، وليس كلّ من كتب بمبدع رصين.
إنْ تحول الجميع إلى أطباء ومهندسين وكتاب وشعراء وطيارين وسياسيين وعمال وفلاحين هنا في هذه الحالة يلزم المجتمعات إعادة النظر في تكوينها الوجودي فليس كل الرجال يجب أن يكونوا قادة جيوش أو جيش، وليس كلّ النساء عليها أن تبقى في البيت للإنجاب وتحضير مستلزمات الرجل.إنّ قدرة أيّ مجتمع على فهمه للتنوع فيه هو مرحلة مهمة في تشكيل أساسات قوية لبناء جميع منظوماته الروحية أو المادية.
ولحى الله أمرىء ناطح العلماء وهو لايملك من العلم شيئا إلا أنه يشعر أنه يعرف أكثر من منهم ….وللحديث صلة
المدّرس سحق قومي
11/5/2017م