عشتار الفصول:111786 الوطن بين من خدمه وبين المدعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 6412 - 2019 / 11 / 18 - 12:20
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

عشتار الفصول:111786
البارحة كتبت ُ هذه الجزئية كرد على من يتهمون الذين أفنوا أعمارهم في سبيل مجتمعاتهم ووطنهم حيث نجد هناك من يتهمونهم بأنهم غير وطنيين ويزاودون عليهم .وترى الفريق العبثي يصورون أنفسهم على أنهم هم من قدم وخدم البلاد والعباد .بعكسهم أولئك الذين حرقوا أعمارهم من أجل وطنهم فقلتُ:
(من أوقح أحكامنا حين يصبح المناهض للوطن بوطني ومن افنى حياته من أجله نشك بوطنيته ونزاود عليه
اسحق قومي
١٧/١١/١٩)
أعتقد أنّ قراءة التاريخ البشري في جانبه السياسي. يُساعدنا على أن نقترب من حقائق لايمكن أن نتلمسها دون تلك القراءات .فهي تبين لنا أنّ جميع الأنظمة السياسية التي مرت بها البشرية ،على اختلاف تنوعها، وسياساتها .كانت فاسدة، وغير عادلة في ركن من أركانها .وخاصة حين نتحدث عن تحقيق المهام والمسؤوليات وتنفيذ النظام الداخلي للسلطات الثلاث .إنني لا أستثني من الفساد حتى النظم التي سعت لتنفيذ مفهوم الديمقراطية .فتلك أيضا فاسدة وغير عادلة. لأنّ الفارق بين الحاكم الرابح وبين من خسر جولة الحكم قد تكون النسبة بينهما 2% أو أقل .لهذا لايوجد نظام سياسي غير فاسد .
أما جوهر تعبيرنا عن مفهوم الوطن . فالوطن ليس الأرض.ولا الفترات التاريخية وليس الحاكم ولا الدولة بجميع أجهزتها وإداراتها ونظمها ،وليس العلاقات الاجتماعية والمدرسة والشباب والرجولة والفنان حين يُغني على المسارح وذاك الفنان التشكيلي حين يُقيم معارضه في الصالات ولا الشاعر حين يعزف بما نظمه من شعر على المسارح ولا الرجل حين يتزوج ولاالفلاح حين يبيع مواسمه ويفرح بها ،ولا المريض حين يشفى من مرضه . الوطن هو هذه الأمور مجتمعة ومنفردة وقد يكون لدينا أكثر من هذه الحالات والمفاهيم والأشياء التي يمكن أن نُضيفها لمفهوم الوطن.
الوطن هو الجندي الذي أنهى خدمة بلاده، وكان متميزاً. والمدّرس الناجح في التعليم والمدير المدبر لأمور إدارته .الوطن ليس الشرطي الفاسد ولا معلمه أو الموظف الذي يقبل الرشوة لابل يطلبها. الوطن هو الأم التي نشعر بحنانها حين نتغرب عنها.
وتعالوا معي في جولة على المجتمعات عبر الحضارات القديمة حتى عصر مابعد السيد المسيح. فهناك الأسياد وهناك العبيد . وهناك الملك هو الذي يفرض الحرب وهو يوقفها والقليل من كان لديه مستشارين .تعالوا معي إلى اختصار مالا يُختصر فالاتحاد السوفيتي خلال سبعين عاما سعى لتحقيق الشيوعية ولم تتحقق. بل كانت تجربة بدأت مع الثورة البلشفية ولم تتحقق حتى في عصر ميخائيل غرباتشوف حين انحل واضمحلت مكانته القطبية .فهل كان الاتحاد السوفيتي بكل دوله ومواطنيها يعيشون نفس العدالة ويشعرون بنفس الشعور وكأنهم في فردوس سماوي كما يدعي أصحاب النظريات الطوباوية؟!! .أؤكد على نفي العدالة لجميعهم فهناك جماعات عاشت الاضطهاد وأهمهم المؤسسة الكنسية الأرثوذكسية والمؤسسة الاسلامية حيث تبين لنا مدى ماعانوه خلال سبعين عاما .وهكذا الولايات المتحدة الأمريكية بكل تبجحها بالعدالة والمساواة والديمقراطية. إن من يحكمها هو المصالح واستغلال ثروات الشعوب الفقيرة والرئيس الأمريكي جورج بوش الأب ومعه إدارته شنت حربا على العراق كلفت أمريكا مليارات الدولارات و5000 آلاف جندي وجندية قتلوا غير الذين أُصيبوا بأمراض نفسية، وغير ما سجلته في تاريخها الأسود كما هورشيما وناغازاكي.وغير أنها قامت بالأصل على ظلم الشعوب الأصلية في القارة الأمريكية برمتها.
فعن أيّ وطن نفتش وخاصة الطوباويين منا.
لايوجد وطن في العالم وتتحقق إرادة ومشيئة جميع مواطنيه على الإطلاق.
في سوية واحدة .الوطن الذي عنيته هو أسرتك وجيرانك والعلاقات الاجتماعية التي تعيشها، مدرستك وأصدقائك وأجهزة الدولة التي تتعامل معهم . الوطن هو حين ترى العالم من حولك يعيش بسعادة .ونحن نعلم جميعا الوطن بالنسبة للفقير جهنم. وبالنسبة للمريض نيران وبالنسبة للأغنياء فردوس ،وبالنسبة لبعضنا قد يكون المستحيل.
لكن من خلال تجربتنا المتواضعة نقول : لايمكن الفصل بين مفهوم الدولة والجغرافيا ولا القيادة ولا الشعب والنظام السياسي .فكل هذه العناصر تترابط وتعمل في سياقات فترة زمنية تحكمها الظروف المحيطة والدولية .
يبقى أخيراً.
الحوارات المفيدة التي لاتُفسد للود قضية أفضل البوابات لتوحيد الآراء.
والوطن الذي لايتساوى فيه جميع مكوّناته في الدستور والواقع ليس بوطن بل هو سجن من سجون العالم.
اسحق قومي.
18/11/2019م