عادل الدول
كاتب
(Adil Al Dool)
الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 03:04
المحور:
الادب والفن
أنا أسكن في الاحتمال
بيت أكثر جمالاً من اليقين
به مزيد من النوافذ
وقليل من الأبواب المغلقة
كنت أحسب أن اليقين سقفا يؤوي، جدارا يحمي، حارسا يسهر.
بنيته حجرا على حجر من قناعات صلبة، وسياجات من "لا" و"نعم" لا تنازع.
كنت أغلق نوافذي خشية أن يتسرب الشك،
وأحكم الأبواب خوفا أن يدخل السؤال كالريح التي تطفئ الشمعة قبل أن تضيء.
لكن يوما جاء — لا أعرف إن كان صباحا أم ليلا —
حين ساد صمت، وسمعت همسا بين جدران يقيني:
"هل أنت متأكد أنك لست مخطئا؟"
لم أجب.
ظننته هواء عابرا، أو خدعة من وحدتي.
لكن الهمس عاد، أقوى، أعمق:
"ماذا لو أن اليقين سجن بلون الحماية؟"
في تلك اللحظة،
انشق جدار في داخلي —
شق صغير،
كأن الكون فتح عينه قليلا ليتطلع إليّ.
فغادرت.
غادرت حصن اليقين،
لا هاربا،
بل مستكشفا.
ووجدت نفسي الآن أسكن الاحتمال.
في هذا المسكن المفتوح،
بيت أكثر جمالا من اليقين.
ليس لأنه أقوى،
بل لأنه يتنفس.
له مزيد من النوافذ —
نوافذ تطل على طرق لم أسلكها،
على وجوه لم ألتق بها،
على إجابات لم تولد بعد.
منها،
أرى العالم لا كما أريد أن يكون،
بل كما قد يكون.
ومنها،
يدخل الضوء من زوايا غريبة،
يضيء زوايا فيّ ظننتها ميتة.
وأنا أسكن الاحتمال،
قليل من الأبواب المغلقة.
بل لعلي أزلت الأبواب ذاتها،
وأبقيت المداخل مفتوحة كاليد التي لا تطلب،
بل تمنح مساحة لأن يدخل الآخر كما هو —
لا كما أتوقعه.
لا أملك الجواب،
لكني أملك الفضول.
لا أملك الحقيقة،
لكني أملك البحث.
لا أملك الخريطة،
لكني أملك الخطوة الأولى.
في الاحتمال،
لا أنام على وسادة الجواب،
بل أسهر على سرير السؤال.
وأحيانا،
أرى في الحلم أن اليقين يعود إليّ،
يطلب أن أعيده إلى بيته.
فأقول له بلطف:
"مرحبا، يا قديمي…
اجلس، تناول شاي الشك،
وانظر من نافذتي:
كم من عوالم تولد
كلما سمحت للريح أن تمر؟"
اليقين يبني.
الاحتمال يولد.
وأنا…
اخترت أن أكون مهدا،
لا جدارا.
#عادل_الدول (هاشتاغ)
Adil_Al_Dool#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟