خورشيد الحسين
كاتب وباحث سياسي
(Khorshied Nahi Alhussien)
الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 09:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المال، السياسة، والبحث عن الوصاية في مرآة الواقع اللبناني
ليست قصة مصطفى حسيان والشيخ خلدون عريمط مجرّد حادثة نصب عابرة في سجل الفضائح اللبنانية، بل هي مرآة كاشفة لعمق الترهل في بعض مفاصل الطبقة السياسية. هنا، يصبح الاحتيال ممكناً لأن "الوهم" صار بضعة يُعتدّ بها، والبحث عن "الرضا الخارجي" صار ثقافة سياسية تتقدم على المؤسسات والدستور.
"الأمير" المفترض.. ونخبة في قفص الاتهام
أن ينجح شخص في انتحال صفة رفيعة ليس هو جوهر القضية، بل الفضيحة تكمن في "قابلية التصديق" لدى شخصيات يُفترض أنها تدير شؤون البلاد. إن اندفاع وزراء ونواب ورجال أعمال لدفع مبالغ طائلة مقابل وعود بالتوزير أو النفوذ، يطرح سؤالاً جوهرياً:
أي عقل سياسي هذا الذي يرهن مستقبله الوطني باتصال هاتفي أو "هوية" غير مدققة؟
استثمار الرمزية.. حين تدخل "الصفة" سوق النفوذ
تكمن الخطورة هنا في ادعاء توظيف المواقع الرمزية والعلاقات لترويج هذه الأخيلة. وبغض النظر عن توصيف دور الشيخ خلدون عريمط كـ "وسيط" أو "مخدوع"، فإن إقحام المواقع ذات الطابع الديني في سوق الوعود السياسية يمثل ذروة المأساة. هنا تتحول الصفة من مرجعية أخلاقية إلى "جسر عبور" لجيوب الطامحين، مما يساهم في اهتزاز الثقة بالقيم والمؤسسات.
طلاب المناصب.. هل هم ضحايا حقاً؟
الأكثر إثارة للتأمل هو محاولة تصوير "دافعي الأموال" كضحايا. من يدفع مئات آلاف الدولارات مقابل حقيبة وزارية، لا يُخدَع فحسب، بل يكشف عن منهجه في فهم الدولة. هو لا يسأل عن الكفاءة أو البرنامج، بل عن "الختم" الذي يمنحه الكرسي. هؤلاء لم يسقطوا لأنهم سُرقوا مالياً، بل لأنهم اعتقدوا أن السيادة "مزاد"، وأن الشرعية تُشترى ولا تُكتسب بالعمل الوطني.
ما وراء الفضيحة: سياسة "السمسرة"
إن تورط أسماء وازنة في هذه الدوامة، ثم محاولات الصمت أو القفز فوق الوقائع، يعكس ثقافة "التكتم" التي تحمي الشبكات الأوسع. ما كشفته القضية أبعد من "محتال ذكي"، هي كشفت عن:
عقلية تبحث عن "الوصاية" بدلاً من "الشرعية الشعبية".
خطاب عام يُستغل أحياناً في خدمة المصالح الضيقة.
إدارة الشأن العام بعقلية "السمسرة" بعيداً عن منطق المؤسسات.
الخلاصة: أزمة معايير لا أزمة أفراد
الأخطر ليس في وقوع الفضيحة، بل في أن تصبح جزءاً من "الاعتياد اللبناني". إن ما انكشف اليوم ليس مجرد عملية نصب، بل هو تعرية لواقع مرير: حيث يظن البعض أن الحكم "سلعة"، وأن الوصول للسلطة يمر عبر الهواتف الدولية لا عبر إرادة الناس. في لبنان، لم يعد السؤال: كيف وقع هؤلاء في الفخ؟ بل: متى يدرك الطامحون أن كرامة الدولة لا تُبنى على الأوهام؟
#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)
Khorshied_Nahi_Alhussien#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟