أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - هندسة العجز: الخداع الاستراتيجي كعقيدة حكم أميركية*














المزيد.....

هندسة العجز: الخداع الاستراتيجي كعقيدة حكم أميركية*


خورشيد الحسين
كاتب وباحث سياسي

(Khorshied Nahi Alhussien)


الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 13:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحقيقة كبضاعة مؤجلة
ما نشهده في الشرق الأوسط ليس تعثراً ظرفياً في الخطى الأميركية، بل تجلياً لمنهج بنيوي يدير الصراع عبر "الخداع الاستراتيجي". الحقيقة هنا لا تُقال إلا بعد أن تؤدي وظيفتها وينتهي مفعولها، كما كشفت وثائق "بنتاغون بيبرز" (1971) عن خداع عام للرأي العام الأمريكي حول حرب فيتنام. تحولت القضية الفلسطينية من مشروع تحرر وطني إلى "ملف أمني"، وتُسوّقت "الوساطة الأميركية" كضامن استقرار، بينما كانت تنسّق عملياً عمليات الضغط والتفكيك، كما في اتفاقيات أوسلو (1993).

**1. الخداع كعقيدة لا كتكتيك**
لا يُفْهَم السلوك الأميركي كسلسلة قرارات ظرفية، بل كعقيدة ترى الخداع أداة حكم أساسية، مستلهمة من نظرية "الحرب النفسية" لديفيد موراي في CIA. الحرب لا تبدأ عند أول صاروخ، بل عند إعادة تشكيل وعي الخصم.
- **سلاح اللغة**: تُخاض المعركة أولاً في التوصيف؛ من هو "المعتدي" (كما وُصفت المقاومة الفلسطينية في تقارير مجلس الأمن 2023) ومن هو "المقلق للاستقرار"؟
- **صناعة السردية**: تتقاطع الاستخبارات (CIA) مع الدبلوماسية لصناعة واقع يُسوَّق إعلامياً، كما في حملة "المحور الشر" (2002) التي حولت العراق إلى تهديد نووي وهمي، فأصبح الاستسلام خياراً "عقلانياً" والمقاومة "تهوّراً".

**2. من القوة الصلبة إلى "هندسة الوهم"**
تطوّر الخداع الأميركي من التمويه الميداني (كحرب فيتنام) إلى "هندسة الوهم": صناعة واقع بديل يُدفع الخصم للتعامل معه كحقيقة نهائية.
- **شلل القرار**: عبر ضخ معلومات متناقضة و"خطوط حمراء" وهمية، كما في أزمة الصواريخ الكوبية (1962)، يُترك الخصم في ارتياب يشل قراره، كما حدث مع سوريا في حرب 2018.
- **احتلال المعنى**: استُهدفت "المفاهيم" في العالم العربي؛ أصبح الاستقرار مرادفاً للهيمنة، والسيادة مرادفة للفوضى. الدبابة تُقاوم، أما الوهم المتجذّر في الوعي –كتجربة كامب ديفيد (1978)– فيحتاج عقوداً لتفكيكه.

**3. السلام.. الحرب بوسائل أخرى**
"السلام الأميركي" أخبث أدوات الخداع، لا يهدف للعدالة بل لتفكيك الخصم داخلياً، كما صاغها كلاوزفيتز في "الحرب بالوسائل السياسية".
- **الوسيط الشريك**: في فلسطين، دُفع العرب لتصديق أن واشنطن "خصم وحكم"، كما في دورها المزدوج بين إسرائيل ومنظمة التحرير في أوسلو، حيث أُجِّلَت الدولة إلى "فكرة مؤجلة".
- **استنزاف الزمن**: تحول المشروع التحرري إلى تفاوض مفتوح بلا نهاية، معتمداً على "صفقة القرن" (2020) لتحويل الحق التاريخي إلى "عبء سياسي". السلام هنا استمرار للحرب بوسائل ناعمة تستهدف الذاكرة.

**4. إدارة الوكلاء وصناعة الضحايا**
مع ارتفاع كلفة التدخل المباشر، تلجأ واشنطن لإدارة الصراع عبر وكلاء "وظيفيين" مؤقتين، كما في فضيحة "إيران-كونترا" (1986). لا حلفاء دائمين.
- **الاستثمار في الفوضى**: تُمنح قوى شعوراً زائفاً بالأهمية، كدعم المعارضة السورية (2011-2018)، ثم تُسحب الأرض من تحت الجميع بعد المهمة.
- **الاستنزاف الدائم**: الهدف عدم انتصار أحد سوى واشنطن، مع الاعتراف بـ"خداع متبادل" في بعض الأنظم العربية (كقمة بيروت 2002)، لكن الإيقاع الدائم يُضْبَط من بعيد، محافظاً على نزيف الإقليم.

*ختاما سؤال للنخب العربية**
لماذا ينجح هذا الخداع في عالمنا؟ هل سطوة القوة، أم براعة النظام الرسمي، أم تفضيل النخب لوهم الحماية؟ الخداع لا يعيش إلا بـ"قابلة للتصديق". النخب العربية: متى تنظم مواجهة الوعي باستراتيجية موحدة، وتبني سرديات بديلة تحرر الذاكرة الجماعية؟



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)       Khorshied_Nahi_Alhussien#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين تحت الضبط: من الميكانيزم اللبناني إلى حصار غزة وحكم ا ...
- من قرار الهدنة إلى وصاية القرن: كيف تُعاد هندسة الشرق الأوسط ...
- النظام السلطوي العربي: استراتيجيات الصمود وتفكك المجتمع
- من نار كمب ديفيد...الى جحيم ابراهام
- الصّاروخ المُوجَّه و«شحّاطة» عمّتي: أن تُضرب وتُطالَب بالاعت ...
- المقاومة بعد وهم السلام: قراءة جديدة في الصراع الفلسطيني الإ ...
- المقاومة اخر الحصون امام (الشرق الصهيوني الجديد)
- المخاطر التي تحيق بالهوية الفلسطينية: بين طمس الوعي وإعادة ت ...
- الهيمنة الأميركية وصكوك الاستسلام الجديدة: من أمن إسرائيل إل ...
- 3. -المنعطف الإقليمي: حزب الله يمدّ يده للرياض… مناورة أم اس ...
- ضربة قطر،أيقظت العرب أم كشفت عجزهم؟
- حسن مراد: الحاضر على الأرض والمتمسك بالهوية العربية
- من صدمة 7 اكتوبر الى ادارة الكارثة: مسار الموقف العربي
- خطاب بري… بين تثبيت السلاح وتوسيع دائرة الأزمة
- اتركوا التيس الصهيوني وامسكوا حمدان
- غزة المقبلة على مذبحة: قرار الاحتلال أُخذ... والمذبحة تُعدّ
- لبنان والسلاح بين الاستقلال والسيادة المُقنّنة: هل بدأ فصل ا ...
- في مواجهة العاصفة: وحدة الموقف هي سلاحنا الأخير
- لتحريض المذهبي وآليات الاستجابة: مسؤولية مزدوجة في تفكيك الم ...
- واشنطن تضغط... وتل أبيب تحصد: لبنان بين كماشة الموانئ واسترا ...


المزيد.....




- ترامب يقاضي BBC لتعويضه بمليارات الدولارات بدعوى -التشهير-
- مصر.. وفاة نيفين مندور نجمة -اللي بالي بالك- في حادث مأساوي ...
- الأردن: تقرير أوّلي يكشف خللا في مدافئ -الشموسة- وإحالة المل ...
- الداخلية السورية تعلن ضبط شحنة أسلحة متجهة للبنان
- عودة -كتاب ماغا الممنوع-: كيف أثرت رواية فرنسية على السياسات ...
- محاربة الفساد: تطهير الأوضاع المتعفنة
- هجوم إلكتروني ضد الداخلية الفرنسية: ما البيانات التي اطلع عل ...
- الاستيطان في الضفة الغربية.. توسع قياسي واختبار للقانون الد ...
- كيف تحول الإعلام إلى منصة إعلانية وما سر تقارب بعض مؤسساته م ...
- تايلند تستعد لمزيد من التصعيد وتطالب كمبوديا بوقف القتال من ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - هندسة العجز: الخداع الاستراتيجي كعقيدة حكم أميركية*