خورشيد الحسين
الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 23:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتسارع التحولات في المنطقة، وتزداد الضغوط على لبنان من كل حدب وصوب، ضمن سياق إقليمي واضح المعالم تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل، ويستهدف إعادة تشكيل الشرق الأوسط ديموغرافيًا وسياسيًا وأمنيًا. في قلب هذا المخطط، يبدو لبنان ساحةً مفتوحة تتقاطع عندها الأطماع والرهانات، بينما يعاني الداخل انقسامًا حادًا حول أولويات الدفاع ومعنى السيادة.
المقلق أن إسرائيل لم تعد تكتفي بالحرب الخفية أو المناوشات الدبلوماسية. قادتها اليوم يتحدثون بوقاحة عن أطماعهم في الجنوب اللبناني، ويتعاملون مع الواقع القائم على الأرض كأنهم على وشك انتزاع ما لم يحصلوا عليه في حروبهم السابقة. كل ذلك يجري تحت غطاء دولي بارد، وضمانات أميركية خبرناها مرارًا، ولم نجد فيها إلا خذلانًا وتواطؤًا.
في هذه اللحظة الحرجة، لا يمكن للجيش اللبناني، المحاصر بإرادة دولية تمنع عنه التسلح النوعي، أن يتحمّل وحده عبء الدفاع عن الحدود والسيادة. أما الحديث عن حلول بديلة تتمثل بنزع سلاح المقاومة والركون إلى التطمينات الغربية، فهو ضرب من العبث، إن لم يكن شراكة في المشروع المعادي نفسه.
إن سلاح المقاومة اليوم ليس ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وطنية تفرضها موازين القوة الإقليمية ومجريات الميدان. بل لعل الوقت قد حان للبحث في إعادة تفعيل جبهة المقاومة الوطنية (جمول)، بروح جامعة تتخطى الاصطفافات المذهبية، وتعيد الاعتبار للمقاومة كقضية لبنانية لا فئوية، دفاعًا عن الأرض والكرامة.
في المقابل، على من يصنّفون أنفسهم بـ"صقور الداخل"، ممن يرون في سلاح المقاومة خطرًا على الدولة، أن يدركوا حجم اللحظة وخطورة التهديدات المحدقة بلبنان. فالمعركة اليوم ليست ضد حزب أو طائفة، بل ضد مشروع يريد تفكيك لبنان من الداخل، وتسليمه بالكامل للأطماع الإسرائيلية.
المطلوب اليوم خطة دفاع وطنية شاملة، لا تستثني أحدًا، تُبنى على الحوار لا الإقصاء، وعلى شراكة حقيقية بين الجيش والمقاومة، لا على الخصومات السياسية العقيمة.
لقد علمتنا التجربة أن لبنان لا يُحمى إلا بوحدة أبنائه، ولا يُصان إلا بموقف وطني يتجاوز الحسابات الضيقة. وإذا فاتنا إدراك ذلك اليوم، فقد لا يكون الغد في صالحنا، ولا في صالح من يظنون أن استرضاء الخارج سيمنحهم أمانًا.
#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟