أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - إبادة المدنيين: جوهر العقيدة الصهيونية ومنطلقها التوراتي














المزيد.....

إبادة المدنيين: جوهر العقيدة الصهيونية ومنطلقها التوراتي


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 23:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل عدوان إسرائيلي، تتكرر مشاهد الأطفال المسحوقين تحت الركام، الأمهات المذبوحات، والبيوت المنهارة على رؤوس ساكنيها. ومع كل مجزرة، ينبري إعلام الاحتلال ومناصروه بالحديث عن “أهداف عسكرية” و”أخطاء غير مقصودة”. لكن تكرار المجازر، واتساع نطاقها، وتطابق منهجها عبر العقود، يطرح سؤالًا لا يمكن تجاهله:
هل إبادة المدنيين العرب، خصوصًا الفلسطينيين واللبنانيين، هي مجرد انحراف سلوكي عارض؟ أم أنها نهج مؤسس، ينبع من عقيدة صهيونية قائمة على التوراة كسند ديني، والاستعمار الإحلالي كمشروع سياسي؟
الإجابة، بكل وضوح، أن المجازر الصهيونية ليست طارئة، بل مكون جوهري في العقيدة الصهيونية، تُنفّذ بوعي، وتُشرعن بنصوص، وتُبرر بفقه ديني عنصري.

من التوراة إلى الطائرات: جذور القتل في نصوص مقدسة مختارة

تستند الصهيونية في نسختها الدينية (التي باتت تُهيمن على القرار الإسرائيلي منذ عقود) إلى قراءة تلمودية متشددة لنصوص العهد القديم، تصوّر الأرض كملك حصري لليهود، وكل من عليها عدو يجب استئصاله:

سفر التثنية (7:2):

"حين يدفعهم الرب إلهك أمامك وتضربهم، تحرمهم تحريمًا، لا تقطع لهم عهدًا ولا تشفق عليهم."
سفر يشوع (6:21):

"وحرّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير، بحدّ السيف."
سفر صموئيل الأول (15:3):

"اذهب الآن واضرب عماليق... لا تعفُ عنهم، بل اقتل رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعًا، بقراً وغنمًا، جملاً وحمارًا."
وتُعاد قراءة هذه النصوص اليوم في المدارس الدينية الصهيونية كـ”تعليمات معاصرة” لتطهير أرض فلسطين من “الغوييم” (غير اليهود)، وعلى رأسهم الفلسطينيون والعرب.

سجل من الدم: المجازر في فلسطين

منذ النكبة وحتى يومنا هذا، ارتكب الكيان عشرات المجازر بحق المدنيين، لم يكن هدفها العسكري المباشر، بل الترويع، التهجير، ومحو الوجود الفلسطيني:

دير ياسين (1948):
قُتل فيها أكثر من 110 مدنيين بينهم نساء حوامل وأطفال، ذُبحوا بالسكاكين وأُلقوا في الآبار، بهدف بث الرعب في القرى المجاورة.

الطنطوره (1948):
ذُبح فيها ما لا يقل عن 200 شاب فلسطيني أعزل، ودُفنوا في مقابر جماعية بأيدي جنود لواء “ألكسندروني”.

كفر قاسم (1956):
مجزرة مُخطط لها أمنيًا، أُعدم خلالها 49 مدنيًا كانوا عائدين من عملهم، لأنهم لم يكونوا على علم بفرض حظر تجول مفاجئ.

قصف غزة (2008، 2014، 2021، 2023، 2024):
آلاف المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، قضوا تحت قصف المنازل، والمدارس، والمستشفيات، في حرب مفتوحة على السكان لا على المقاتلين.

في لبنان: قانا… العُزية… والموت بلا تمييز

لبنان، الذي يشكل خاصرة فلسطين الشمالية، نال نصيبه من الوحشية الصهيونية، في سلسلة من المجازر التي لم تُميز بين طفل وشيخ، لاجئ أو مقاوم:

قانا الأولى (1996):
استُهدِف مقر للأمم المتحدة كان يأوي 800 لاجئ. النتيجة: 106 شهيدًا بدم بارد، في رسالة رعب ضد الجنوب.

قانا الثانية (2006):
دُمّر منزل تأوي إليه عائلة بالكامل، فقُتل أكثر من 60 شخصًا، معظمهم من الأطفال الرضّع.

مجزرة حولا (1948):
أعدم فيها جنود الاحتلال نحو 90 مدنيًا لبنانيًا في مسجد القرية، بعد احتلالها لبضعة أيام، في واحدة من أبكر المجازر بحق اللبنانيين.

قرية العزية(1977)
قرية جنوبية صغيرة مُسحت عن الخريطة كليا بقصف مركز أدى إلى استشهاد معظم سكانها، لتكون عبرة لمن يُفكر بالبقاء.

عقيدة الدم: حين يُفتى بالإبادة

من بين أكثر ما يثير الرعب في البنية الصهيونية هو حضور رجال الدين في تبرير الجرائم، وتحويل القتل إلى “واجب مقدس”:

الحاخام دوف ليئور (الحاخامية العسكرية):

"في زمن الحرب، لا مكان للرحمة تجاه الأعداء، حتى المدنيين منهم، لأنهم بيئة حاضنة للإرهاب."
الحاخام إسحق شابيرا (مؤلف كتاب “توراة الملك”):

"يجوز قتل حتى أطفال العدو إذا كان ذلك سيمنعهم من إيذاء اليهود مستقبلاً."
موشيه يعالون (وزير الدفاع الأسبق):

"كل بيت يُطلق منه صاروخ، وكل حي يحتضن مقاومًا، هو هدف مشروع بمن فيه."
مشروع إحلالي لا يقبل الآخر

الصهيونية ليست حركة تحرير وطنية كما تدّعي، بل مشروع إحلالي استعماري، قائم على:

نفي الآخر.

طمس الرواية الأصلية.

تهجير السكان الأصليين.

بناء “وطن نقي عرقيًا”.

وهذا لا يتحقق دون ترويع شامل، وتصفية جماعية، وتدمير ممنهج، كما تُمارَس اليوم على مرأى العالم، وبتواطؤ كثير من الأنظمة.

من ذاكرة المحرقة إلى صناعة محرقة جديدة

يتاجر الكيان الصهيوني بالمحرقة (الهولوكوست) لا بوصفها جريمة يجب ألا تتكرر، بل كترخيص مفتوح لمحرقة جديدة ضد العرب. وبينما تتحدث إسرائيل عن “الحق في الدفاع عن النفس”، فإن ما نشهده هو تجسيد حرفي لوصايا الحرب التوراتية: لا تبقوا حيًا… لا تشفقوا على رضيع… لا تعقدوا عهدًا.

وهكذا، لم تعد المجازر مجرد سلوك منحرف، بل جوهر في العقيدة، ومنهج في السياسة، ورافعة وجود لمشروع لا يقوم إلا على أنقاض الآخر.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية بوابة (اسرائيل الكبرى)
- اسرائيل بين نيران غزة وحرائق واشنطن: تبدلات الدعم وصراع المص ...
- حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه
- العدالة في مهب المحروقات: رفع الأسعار يكشف
- لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة
- لبنان في عين عاصفة التحولات الكبرى: حزب الله بين نتائج الحرب ...
- غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة
- من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل ال ...
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟
- جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإس ...
- العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواط ...
- كشمير من جديد والسيناريوهات المحتملة
- حين يتوحش الإنسان من فرط القهر
- الصهيونية ذات انياب فاحذروها...زيف حماية الأقليات
- تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك ل ...
- شعب خروفي وساسة ذئبيون...الفساد أزمة وطن
- لبنان وفلسطين : وحدة الجغرافيا والمصير في مواجهة الكيان الصه ...
- السلام والخداع الإستراتيجي: وهم الدولة وعدمية السلام


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - إبادة المدنيين: جوهر العقيدة الصهيونية ومنطلقها التوراتي