أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل البدائل.














المزيد.....

من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل البدائل.


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8350 - 2025 / 5 / 22 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في العقدين الأخيرين، شهد الشارع العربي تحولات جذرية في بنيته وأشكال تفاعله، فضلاً عن مصادر التأثير عليه وتوجيهه. فبعد أن كان يُنظر إليه كقوة جماهيرية قادرة على فرض معادلات سياسية أو الانفجار عند حدود الكرامة والقضية الفلسطينية، بات اليوم يعاني من تهميش مزدوج: فقدان الثقة بالفاعلين التقليديين من جهة، والإخضاع المتواصل عبر أدوات السيطرة الناعمة والخشنة من جهة أخرى.

هذا المقال يحاول تفكيك خريطة القوى التي تتنازع هذا الشارع وتسعى إلى توجيهه، طارحًا السؤال الجوهري: من يحرّك الشارع العربي فعليًا؟ وهل بقي لهذا الشارع من ذاتية أو استقلالية تُذكر؟

1. السلطة: قمعية الطبع، تحكّمية التأثير
لا تزال الأنظمة العربية تمسك بأعمدة المجال العام، عبر أدوات السلطة الصلبة والناعمة معًا. لم تعد الوسائل الأمنية وحدها كافية للسيطرة، بل توسعت الأنظمة لتشمل منظومات الإعلام والتعليم والدين وحتى منظمات المجتمع المدني.

على سبيل المثال، في مصر بعد 2013، شهدنا توسعًا في الأجهزة الأمنية، إضافة إلى تشديد الرقابة على الإعلام والتعليم، مع فرض مناهج وطنية تركز على الولاء للدولة. وفي دول الخليج، تُستخدم القوانين الصارمة ضد الاحتجاجات والتجمعات، إضافة إلى مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي.

إن هذه السيطرة لا تعني فقط القمع المباشر، بل "إدارة الخوف" عبر خلق حالة من الرعب النفسي، بحيث يُسمح للشعوب بالتنفيس المحدود في إطار ضيق لا يمس جوهر السلطة أو بنيتها. وهذا يظهر جليًا في استجابة الأنظمة لأي احتجاجات اقتصادية أو اجتماعية بسرعة قمعية، كما حدث في الجزائر عام 2019 أو لبنان في 2019-2020.

2. المجتمع المدني: من الأمل إلى الارتهان
لطالما بُشّر بالمجتمع المدني كأداة للمشاركة والتغيير الديمقراطي، غير أن الواقع العربي كشف تحوّل العديد من هذه الكيانات إلى أدوات ناعمة تخدم أجندات خارجية.

بعد موجة "الربيع العربي"، شهدنا تراجعًا في استقلالية المجتمع المدني، حيث باتت كثير من الجمعيات والمنظمات تعتمد على تمويل غربي مشروط، يُعيد تشكيل أولوياتها بعيدًا عن قضايا السيادة والاستقلال، لتنشغل بعناوين مثل "التمكين" و"الحوكمة" و"النوع الاجتماعي". مثال على ذلك ما حدث في تونس وسوريا، حيث تعرضت بعض المنظمات لاتهامات بالتعاون مع جهات أجنبية، مما أضعف مصداقيتها أمام الشارع.

3. الإعلام: سلاح المال ومسرح السيطرة
في زمن الصورة وتضخّم المحتوى، أصبح الإعلام هو اللاعب الأبرز في توجيه الرأي العام وتشكيل المزاج الجماهيري.

الإعلام العربي، بغالبه، مملوك بشكل مباشر أو غير مباشر لأنظمة حاكمة أو لمستثمرين مرتبطين بمراكز قوى إقليمية ودولية. وبهذا تحوّلت "الوقائع" إلى روايات مصنّعة، تُفصَّل على مقاس الممول، ويصبح المتلقي أسيرًا لمشهد افتراضي لا يعكس الحقيقة بقدر ما يعكس مَن يملك الكاميرا والميكروفون.

على سبيل المثال، خلال النزاعات في اليمن وسوريا، لعب الإعلام دورًا مركزيًا في تشكيل الرأي العام عبر بث أخبار منحازة، وأحيانًا تضليلية، تعكس مصالح الدول الداعمة لكل طرف.

4. الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي: قوة جديدة تتحدى السيطرة
لا يمكن الحديث عن تحريك الشارع العربي دون الإشارة إلى دور الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت منصة رئيسية للتعبير والتنسيق.

شهدت ثورات الربيع العربي في 2010-2011 استخدامًا مكثفًا لفيسبوك وتويتر ويوتيوب في تنظيم الاحتجاجات ونشر الوعي السياسي. رغم محاولات الأنظمة فرض رقابة وحجب الإنترنت، إلا أن الشباب استمروا في استخدام هذه الوسائل كفضاء بديل للتعبير عن مطالبهم.

ومع ذلك، فإن هذه المنصات أيضًا أصبحت ساحة لتدخلات خارجية، ونشر أخبار مزيفة، وحملات تشويه، مما يعقد من إمكانية تحريك الشارع بشكل مستقل.

5. الأحزاب الإسلامية: بين رصيد اجتماعي وأزمة سياسية
رغم ما تعرضت له من تضييق وملاحقات وتشويه ممنهج، لا تزال الأحزاب الإسلامية – وخصوصًا ذات الجذور الشعبية – تملك حضورًا في عدد من البيئات، مستفيدة من شبكاتها الاجتماعية والخدمية، لا سيما في المناطق الفقيرة والمهمّشة.

لكن هذه الحركات تواجه اليوم أزمة داخلية عميقة: انقسام فكري، إخفاقات في التجربة السياسية، وضغوط إقليمية ودولية. مثال على ذلك حزب العدالة والتنمية في المغرب، الذي فقد جزءًا من شعبيته بسبب التحديات الاقتصادية والسياسية، أو جماعة الإخوان المسلمين التي تعرضت لحظر وتشويه في عدة دول.

لقد تراجعت من موقع "البديل المحتمل" إلى موقع "المتهم الدائم"، وتحولت في بعض الحالات إلى أدوات ضمن صراعات أكبر منها.

6. الأحزاب القومية: أطلال فكر وتعدد ولاءات
كانت الأحزاب القومية العربية – البعث، الناصرية، والتنظيمات القومية الأخرى – في الستينات والسبعينات تمثل النبض الثوري والجماهيري، وتملك مشروعًا تحرريًا واضح المعالم.

أما اليوم، فقد تآكلت هذه الأحزاب، إما بتحولها إلى أجهزة تابعة للأنظمة القمعية، أو بانقسامها على نفسها، أو ارتهانها لتحالفات إقليمية متضادة. مثال على ذلك حزب البعث في سوريا والعراق، الذي تحول إلى أداة بيد النظام الحاكم، وفقد جذوره الجماهيرية.

لقد فقدت ثقة الشارع، ولم تعد قادرة على تأطير أي حركة شعبية، إلا على نحو رمزي أو نوستالجي.

خاتمة: من يُمسك بخيوط الشارع؟
لا شك أن الشارع العربي اليوم محكوم بعوامل كثيرة، على رأسها سطوة المال، وسطوة الإعلام، وغياب البديل.

تتلاعب به الأنظمة، وتخترقه المنظمات الممولة، ويُصاغ وعيه على الشاشات، ولا يجد من يمثله بصدق أو يدافع عن قضاياه من دون أجندة خفية.

ومع ذلك، فإن لحظات الانفجار الشعبي تثبت – في كل مرة – أن السيطرة الكاملة وهم.

فحين يتقاطع الضغط المعيشي مع لحظة وعي أو حدث كاشف، تعود الجماهير إلى الميدان... لا كأداة، بل كفاعل يعيد ترتيب المشهد من جديد.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟
- جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإس ...
- العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواط ...
- كشمير من جديد والسيناريوهات المحتملة
- حين يتوحش الإنسان من فرط القهر
- الصهيونية ذات انياب فاحذروها...زيف حماية الأقليات
- تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك ل ...
- شعب خروفي وساسة ذئبيون...الفساد أزمة وطن
- لبنان وفلسطين : وحدة الجغرافيا والمصير في مواجهة الكيان الصه ...
- السلام والخداع الإستراتيجي: وهم الدولة وعدمية السلام
- من فلسطين إلى الوطن العربي...أنا الشاهدة والشهيدة
- الصهيونية الأصيلة ورديفتها العربية الألعن
- من فلسطين الى الوطن الأكبر
- جفن قد غفا...
- عاش الزعيم..ومات الشعب العنيد
- انطلقوا في مشروعم وانطلقنا في انتحارنا
- حكومة تنظيم الإنهيار وإدارة الفوضى والإنتخابات النيابية
- ذئاب السلطة والقطيع المطيع


المزيد.....




- الأردن يجلي -الدفعة الأكبر- من الأطفال المرضى والمصابين من غ ...
- مواطنو دمشق يدينون الغارات الإسرائيلية على العاصمة السورية
- رغم انتهاء المعارك.. نزوح جماعي للعشائر ودعوات لمقاطعة تجّار ...
- مذكرات أنصارية ..هكذا فتحنا مقر هركي في قرية (شيف أوصمانكا) ...
- مواجهات السويداء.. فاديفول يدعو إلى الالتزام بوقف إطلاق النا ...
- تجارب فرنسا النووية في بولينيزيا: سنوات من المعاناة ومطالب ب ...
- استشهاد أسير بسجون الاحتلال وارتفاع عدد المهجّرين في طولكرم ...
- حماس تدين استهداف الاحتلال لكنيسة اللاتين في غزة
- دبلوماسيون غربيون كانوا قرب وزارة الدفاع السورية أثناء تعرضه ...
- قطر تلم شمل دفعة جديدة من الأطفال الأوكرانيين والروس مع عائل ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل البدائل.