أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاومة














المزيد.....

فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاومة


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 15:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج: 40)
وعدٌ إلهي لا يتخلّف، يتنزّل حيثما استُضعف الحق وواجه الظلم بثبات. لكنه وعدٌ مشروط لا يتحقق بالتمنّي ولا بالحياد، بل بالعمل، وبالإعداد، وبالوقوف في صفّ الله وقضايا العدل. فمن خذل الحق، أو رضي بالهوان، أو سكت عن الظلم، فقد نزع عن نفسه شروط النصر، ولو ادّعى الإيمان.
وقد قال النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتَ أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم، فقد تُوُدِّع منها."
فالأمة التي لا تغضب لكرامتها، ولا تنتصر لمظلومها، ولا تجرؤ على تسمية الباطل باسمه، أمة ودّعت دورها، وخسرت استحقاقها للنصر.

وفي غزة اليوم، نرى المثال الحيّ لأمّة لم تودّع نفسها، بل وقفت في وجه الظلم بجراحها، وآمنت بعدالة قضيتها، فقاومت وصمدت، وتقدّمت الصفوف نيابةً عن الجميع، دفاعًا عن الحق والأرض والكرامة.

منذ أكثر من قرن، والعالم العربي يُقسَّم ويُمزَّق على أيدي مصالح دولية كبرى لا تعرف إلا حساباتها الخاصة، تاركة شعوب المنطقة تدفع ثمنًا فادحًا من كرامتها وحقوقها. لم تكن فلسطين وحدها ضحية هذا التقسيم؛ فلواء إسكندرون، والأحواز العربية، وسبتة ومليلة، كلها جراح دامية في جسد الأمة، خرائط تفيض بالقهر، وتئنّ تحت وطأة الحدود المصطنعة، والهيمنة الأجنبية، والانقسام الداخلي.

وعلى الرغم من وضوح الحق الفلسطيني، وصدور قرارات دولية متكررة تؤكده—من قرار التقسيم 181، وحق العودة في القرار 194، إلى الإدانات المتكررة للاستيطان—تواصل إسرائيل تنكّرها لكل تلك المرجعيات، مدعومةً بغطرسة القوة وحماية القوى الاستعمارية الكبرى. من بريطانيا التي زرعت بذور النكبة بوعد بلفور، إلى الولايات المتحدة التي تحوّلت إلى الراعي الرسمي للاحتلال، ظلّت فلسطين تُسلَب يومًا بعد يوم، وأمام أعين عالم صامت أو متواطئ.

قال إدوارد سعيد: "النكبة ليست مجرد حدث وقع عام 1948، بل هي مستمرة في كل منزل مهدّم، وكل لاجئ مرفوض، وكل أرض مغتصبة. والمقاومة تبدأ من الوعي بهذه الحقيقة." هذا الوعي هو ما يُراد طمسه، لا بالقوة العسكرية فحسب، بل عبر التحالفات الزائفة والصفقات السياسية التي تُسوّق كإنجازات.

لقد أصبحت الهزيمة خيارًا واعيًا لدى بعض الأنظمة، لا مجرد نتيجة لحرب خاسرة. أنظمة كانت تتغنّى بفلسطين، باتت اليوم تتسابق إلى التطبيع، وتتنافس على نيل رضا المحتل، وتُسهِم—بوعي أو بجهل—في محو فلسطين من الوجدان. لم تعد القضية تُدرّس في المناهج، ولا تُذكر في الإعلام إلا بوصفها عبئًا أو "ملفًا معلقًا"، بينما تُقدَّم إسرائيل كقوة يُفترض التعاون معها في مجالات الأمن والاقتصاد والتكنولوجيا.

وهنا تستعاد كلمات غسان كنفاني، التي لم تهرم: "قضية فلسطين ليست قضية أرض فقط، بل قضية شعب يريد أن يعيش بكرامة... إن قضية شعبنا عادلة، وإن النصر حتمي، وإننا لن نستسلم." وإن كان صوت المثقف الملتزم يُخنق في العواصم الرسمية، فإنه ما زال نابضًا في قلوب الشعوب التي لم تخن ذاكرة القضية.

في وجه هذا الانحدار الأخلاقي والسياسي، تبقى فلسطين أكثر من مجرد نزاع على أرض. إنها قضية دينية ووطنية وقومية وإنسانية، لا تُمحى بالتقادم، ولا تُطمس بالتطبيع. كما قال نلسون مانديلا: "نعرف جيدًا أن حريتنا غير مكتملة دون حرية الفلسطينيين." ففلسطين ليست اختبارًا للعرب وحدهم، بل لضمير العالم.

ومع كل ذلك، تظل الحقيقة الأكثر وضوحًا أن لا طريق للتحرير سوى بالمقاومة. كما قال جورج حبش: "العدو لا يفهم إلا لغة القوة، وفلسطين لا تُسترد إلا بالمقاومة." وهذه ليست دعوة للعنف، بل تمسّك بحقّ مشروع في الدفاع عن الأرض والكرامة، أقرّته كل الشرائع.

قالها جمال عبد الناصر منذ عقود: "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة." وها هي غزة، وسائر بؤر المقاومة، تؤكّد أن هذه المعادلة ما زالت قائمة. من جنين إلى الجنوب اللبناني، ومن القدس إلى كل شبر من الأرض المحتلة، أثبتت المقاومة أنها قادرة على إعادة التوازن، لا بالكلام، بل بالفعل.

وكما قال الشيخ الشهيد أحمد ياسين: "نحن لا نملك طائرات الأباتشي ولا دبابات الميركافا، لكننا نملك إرادة لا تنكسر، وإيمانًا لا يُهزم."
لقد فهم هذا القائد الكفيف أن النصر لا يُقاس بعدد الطائرات، بل بعمق الإيمان وصلابة الحق. ترك لنا نموذجًا للمقاومة التي تنبع من الروح، لا من ترسانة الحديد.

قال الإمام موسى الصدر: "إن الدفاع عن فلسطين واجب شرعي ووطني وإنساني، والموقف المتخاذل هو خيانة لله والتاريخ." وكذلك فعلت المقاومة اللبنانية التي حرّرت الأرض وأعادت للأمة بعضًا من ثقتها المفقودة.

وها هو ياسر عرفات يخاطب العالم من منبر الأمم المتحدة: "جئتكم حاملًا غصن الزيتون وبندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي." لكن الغصن سُقط عمدًا، ولم يبقَ سوى البندقية في يد من قرر ألا يركع.

لهذا نقول اليوم: لقد آن أوان الشعب العربي ان يتمرد على الركام، على الذاكرة الممحوة، على الخريطة التي يُعاد رسمها من دونه
آن أوان أن نثق بأن الحق لا يموت، وإن تأخر نصره.
وأن فلسطين، مهما طال ليلها، ستنتصر بشعبها وبامتها والله خير ناصر.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟
- جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإس ...
- العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواط ...
- كشمير من جديد والسيناريوهات المحتملة
- حين يتوحش الإنسان من فرط القهر
- الصهيونية ذات انياب فاحذروها...زيف حماية الأقليات
- تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك ل ...
- شعب خروفي وساسة ذئبيون...الفساد أزمة وطن
- لبنان وفلسطين : وحدة الجغرافيا والمصير في مواجهة الكيان الصه ...
- السلام والخداع الإستراتيجي: وهم الدولة وعدمية السلام
- من فلسطين إلى الوطن العربي...أنا الشاهدة والشهيدة
- الصهيونية الأصيلة ورديفتها العربية الألعن
- من فلسطين الى الوطن الأكبر
- جفن قد غفا...
- عاش الزعيم..ومات الشعب العنيد
- انطلقوا في مشروعم وانطلقنا في انتحارنا
- حكومة تنظيم الإنهيار وإدارة الفوضى والإنتخابات النيابية
- ذئاب السلطة والقطيع المطيع
- كأننا نطف خرجت من بين الذل والرذائل


المزيد.....




- تعرف إلى فيوليتا أنثى -قرد عنكبوت- تم إنقاذها في عملية مكافح ...
- جهاز أمام ترامب بلقاء أحمد الشرع ومحمد بن سلمان يثير تساؤلات ...
- بن عفير: إذا لم نتمكن من إسقاط حماس فلن يكون للحكومة الإسرائ ...
- الرئيس اللبناني يزور مصر غدا الاثنين
- غزيّون يروون معاناتهم لبي بي سي: -أطفالنا ينامون على الجوع- ...
- حفاوة استثنائية رافقت زيارة ترامب إلى الخليج: مكاسب شخصية أم ...
- -حتى المستحيل يحدث-.. أسطول البلطيق يحتفل بالذكرى السنوية ال ...
- بالفيديو.. الشرطة الرومانية تخرج مرشحا رئاسيا من مركز الاقتر ...
- بوتين: النتيجة التي تحتاجها روسيا من العملية الخاصة هي إزالة ...
- ليون الرابع عشر يقود قداس بداية حبريته بحضور قادة من أنحاء ا ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاومة