أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه














المزيد.....

حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 17:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ص7منذ نكبة 1948 وحتى العدوانات المتكررة على قطاع غزة، لم يتغيّر المشهد العربي كثيرًا: بيانات شجب، تحرّكات دبلوماسية محدودة، ثم عودة إلى ما كان عليه الحال. تكررت المآسي، وتبدّلت الأنظمة، لكن ظلّ الموقف العربي الرسمي حبيس حدود التنديد اللفظي. فهل هذا العجز مجرّد تعبير عن واقع مفروض؟ أم أنه نتاج إستراتيجية مقصودة لضبط الإيقاع العربي تحت سقف المسموح أميركيًا؟

أولًا: الضغط الأمريكي والإسرائيلي كآلية لضبط الموقف العربي

تلعب الولايات المتحدة دورًا مركزيًا في توجيه المواقف العربية من خلال:

الاعتماد الأمني والسياسي: كثير من الأنظمة العربية ترى في واشنطن الضامن الوحيد لاستقرارها، ما يجعلها تتفادى التصعيد مع إسرائيل خوفًا من تبعات العقوبات أو فقدان الدعم.

التنسيق الاستخباراتي: بين إسرائيل وبعض الدول العربية، خاصة في مجالات مكافحة "الإرهاب" ومراقبة النفوذ الإيراني، مما يجعل المصالح المشتركة تقيد المواقف الرسمية.

المظلة السياسية الأمريكية لإسرائيل: تشكّل حماية دولية في المؤسسات الأممية، تجعل أي موقف عربي فعّال بلا جدوى من حيث التأثير الدولي.

استغلال واشنطن للانقسام الإقليمي: بحيث توظّف ملفات مثل التهديد الإيراني، والأمن البحري، والممرات الاقتصادية، لحرف الأولويات العربية عن فلسطين، وإبقاء المواقف في إطار الشكل لا الجوهر.


ثانيًا: غياب الرأي الشعبي الضاغط وتواطؤ النخب

رغم أن الشارع العربي لا يزال ينبض بالتعاطف مع القضية الفلسطينية، فإن قدرته على التأثير في القرار السياسي تضاءلت، لأسباب عدّة:

القمع الأمني والتضييق على الحريات: باتت التظاهرات المؤيدة لفلسطين محظورة أو مقموعة، وتجريم التعبير والمقاطعة بات أداة لشلّ المجتمع.

تحييد القوى السياسية والنقابية: بعد موجة الربيع العربي، تم تدجين الأحزاب والجمعيات والنقابات، فأصبحت أبواقًا للسلطة أو عاجزة عن العمل.

انحطاط الخطاب النخبوي والثقافي: لم تَعُد النخبة العربية تنتج خطابًا مقاومًا، بل استسلمت في كثير من الحالات لسرديات "السلام" و"التطبيع"، أو انكفأت إلى صمت مريب، ما جعل المثقف العربي في معظمه إما شاهد زور، أو شريكًا في تبرير العجز.

فصل الثقافة عن السياسة: بعدما كانت الثقافة أداة تحريض وتعبئة، أصبحت في كثير من البلدان العربية حبيسة المهرجانات والفولكلور، بعيدة عن هموم الأمة ومآسيها.


ثالثًا: هشاشة النظام العربي وتفكك آليات التنسيق

الجامعة العربية، التي يُفترض بها أن تكون مظلة الحد الأدنى من الإجماع، تحولت إلى كيان بيروقراطي يكتفي بإصدار بيانات إدانة مكرّرة. ويعود ذلك إلى:

الانقسامات الحادة بين الأنظمة: بين محاور التطبيع، والممانعة، والحياد، لم يعد من الممكن صياغة موقف جماعي ذي وزن.

تحوّل القضية الفلسطينية إلى ملف تفاوضي أو إنساني: بدل كونها قضية تحرر قومي، ما أدى إلى تفريغها من بعدها الصراعي مع المشروع الصهيوني.

غياب أي آلية ردع أو محاسبة: لا على إسرائيل، ولا على الدول العربية المطبّعة أو المتخاذلة، ما جعل العبث بالقضية بلا كلفة سياسية.


رابعًا: آفاق تجاوز الموقف التقليدي

رغم المراوحة العربية، ثمة آفاق واقعية للخروج من أسر الموقف التقليدي، إذا توفرت الإرادة السياسية والشعبية:

1. إحياء دور الشعوب العربية: برفع القيود القانونية والأمنية عن حق التعبير والمقاطعة والتنظيم، مع تشجيع المبادرات الشعبية المستقلة.


2. التحرر من أسر التبعية الغربية: عبر تنويع الشراكات الاقتصادية والعسكرية، وبناء اقتصاد مستقل يقلّل من الابتزاز الخارجي.


3. استعادة البعد التحرري للقضية: من خلال ربط فلسطين مجددًا بمفهوم التحرر الوطني العربي، وإدراجها ضمن السياسات التعليمية والثقافية للدول.


4. بناء تحالفات استراتيجية مع القوى الأممية المؤيدة للحقوق الفلسطينية: لا سيما النقابات والحركات الطلابية الغربية، وحملات المقاطعة الدولية.


5. إطلاق مبادرات إعلامية عربية مستقلة: قادرة على كسر الرواية الصهيونية، وتوثيق الجرائم، وتفعيل التضامن الشعبي الرقمي والفعلي.



خامسًا: نحو استراتيجية عربية للمواجهة

من أجل تجاوز مأزق التنديد اللفظي، لا بد من استراتيجية قائمة على ثلاث ركائز متكاملة:

الركيزة الأولى: الاستقلال السياسي والإعلامي
دعم الإعلام العربي الحر، وتأسيس قنوات تعليمية وثقافية تركّز على الرواية الفلسطينية، وإعادة الاعتبار لثقافة المقاومة.

الركيزة الثانية: بناء اقتصاد مقاوم
دعم المقاطعة الشاملة، وبناء شبكات إنتاج واستهلاك عربية بديلة، وتخصيص استثمارات استراتيجية لصالح فلسطين والمقدسات.

الركيزة الثالثة: تجديد دور النخب
ليس المطلوب نخبًا غاضبة فقط، بل نخبًا قادرة على التنظيم وبناء البدائل والتحريض الإيجابي، ضمن مشروع مقاوم طويل الأمد، يبدأ من قاعة الصف ولا ينتهي عند حدود البرلمان

إن حدود الموقف العربي ليست قدرًا مكتوبًا، بل نتاج هندسة سياسية مقصودة ترعاها واشنطن وتنفذها أنظمة ضعيفة أو متواطئة. وتجاوزه ليس حلمًا طوباويًا، بل ضرورة وجودية لكل أمة لا تقبل بأن تُمسخ وتُدار من الخارج.
إن القضية الفلسطينية تظل المعيار الأخلاقي والسياسي الأعلى لصدقية أي نظام أو مثقف أو حزب. ومن لا يُمتحن عند فلسطين، يُمتحن في ذاته وهويته. فالتحرر لا يبدأ من رام الله أو غزة فقط، بل من وعي عربي جديد لا يخاف، ولا يساوم، ولا يبرر العجز، بل يصرخ ويخطط ويقاوم.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة في مهب المحروقات: رفع الأسعار يكشف
- لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة
- لبنان في عين عاصفة التحولات الكبرى: حزب الله بين نتائج الحرب ...
- غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة
- من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل ال ...
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟
- جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإس ...
- العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواط ...
- كشمير من جديد والسيناريوهات المحتملة
- حين يتوحش الإنسان من فرط القهر
- الصهيونية ذات انياب فاحذروها...زيف حماية الأقليات
- تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك ل ...
- شعب خروفي وساسة ذئبيون...الفساد أزمة وطن
- لبنان وفلسطين : وحدة الجغرافيا والمصير في مواجهة الكيان الصه ...
- السلام والخداع الإستراتيجي: وهم الدولة وعدمية السلام
- من فلسطين إلى الوطن العربي...أنا الشاهدة والشهيدة
- الصهيونية الأصيلة ورديفتها العربية الألعن
- من فلسطين الى الوطن الأكبر


المزيد.....




- توثيق مشهد -خيالي- في السعودية..لوحة ناصعة البياض لم تشكلها ...
- تدافع مميت في الهند خلال احتفال بمباراة كريكيت يودي بحياة 11 ...
- اسم الدولة العربية والسبب.. البيت الأبيض يوضح حظر ترامب لموا ...
- تحت الشمس الحارقة... الحجاج يتوافدون إلى جبل عرفة لأداء الرك ...
- السيسي في أبو ظبي- هل ينطفئ لهيب التنافس المصري الإماراتي في ...
- غضب ضد واشنطن بعد فيتو ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة ...
- لحظات الرعب الأخيرة.. نوبة هلع تدفع مؤثرة شهيرة لفك حزام مظل ...
- السفير الإيراني: ننتظر زيارة بوتين قريبا
- مشروع لإطلاق أقمار صناعية إلى الشمس للحماية من التوهجات
- اختتام اختبارات وحدة الهبوط لمسبار -لونا - 27- القمري الروسي ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه