أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة














المزيد.....

لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 21:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مهما تغيّرت الإدارات في واشنطن، تبقى الولايات المتحدة "الأم الحنون" للكيان الصهيوني، تحتضنه وتغذّيه وتبرّر جرائمه، حتى حين يسفك الدماء على الهواء مباشرة. لا فارق جوهري بين رئيس ديمقراطي يوزّع الابتسامات ويدعو إلى "السلام"، وبين رئيس جمهوري يُهدّد الجامعات ويُكمم الأفواه. فالقضية أبعد من البيت الأبيض، وأعمق من شخص الرئيس. إنها بنية دولة عميقة تحرس المشروع الصهيوني كواجب مؤسسي ثابت، لا كخيار سياسي متغير.

لمن لا يزال يراهن على "الوسيط الأميركي"، أو يتوهّم أن الزمن كفيل بتليين قلب العم سام، يكفي النظر في سلوك إدارة ترامب الأخيرة، التي قررت وقف كل العقود المالية مع جامعة هارفارد لمجرد اتهامها بـ"العداء للسامية"، والسبب الحقيقي: تعاطف بعض أصواتها مع فلسطين، لا أكثر. بهذا القرار، تكشف واشنطن وجهها الحقيقي: ليست فقط منحازة، بل معادية لكل من يجرؤ على فضح إسرائيل أو التعاطف مع ضحاياها. هكذا يُختزل مفهوم السلام: خنوع كامل، وصمت مطلق، وإلا... العقاب.

في بلد هشّ مثل لبنان، لا يكفي الحديث عن "السيادة" من دون حسم سؤال السلاح، ولا تكفي الدعوات إلى "الدولة" من دون رؤية وطنية قادرة على استيعاب تعقيدات الواقع وضرورات الردع. فالمشهد اللبناني اليوم يبدو أقرب إلى قنبلة موقوتة، والخيارات المتاحة تنحصر بين الحوار الجاد أو الانفجار المرتقب. منذ أن ورث حزب الله تجربة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمّول)، وتحوّل إلى رأس حربة في المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، استطاع أن يُنجز أول انسحاب إسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000. هذا الإنجاز جعل من سلاحه محل إجماع وطني نادر. غير أن هذا السلاح، بمرور الوقت، دخل في نفق التسييس، واختلطت وظيفته الدفاعية بمنظومة نفوذ داخلي ومصالح إقليمية متشابكة.

ومع التبدلات الإقليمية واغتيال عدد من قادة الحزب، وعلى رأسهم السيد حسن نصرالله، تبدو القوة الردعية التي شكّلها الحزب مهددة بالتآكل أو الانكشاف. فهل من المنطقي ترك الجنوب اللبناني، وربما ما هو أبعد من الجنوب، مكشوفًا أمام العدوان الإسرائيلي دون قوة تجعل العدو يفكر ألف مرة قبل أي مغامرة؟ وهل الجيش اللبناني قادر، اليوم أو غدًا، على تطوير قدراته لردع عدوان بهذا الحجم؟ وإن لم يكن كذلك، فهل نرمي كل أوراق الردع وننتظر ضمانات دولية أثبتت دائمًا أنها لا تضمن سوى أمن العدو؟

لكن، وفي خضم هذا النقاش، يبرز واقع سياسي أكثر تعقيدًا: فبعض القوى اللبنانية لا ترى أصلًا في إسرائيل عدوًا حقيقيًا. بل تذهب إلى حد اتهام حزب الله وحده بتخريب الدولة، متناسية العدوان والاحتلال وواقع التهديد المستمر. تراهن هذه الجهات على "الشرعية الدولية" وتطالب بنزع سلاح الحزب كشرط مسبق لأي دعم خارجي، في الوقت الذي تغضّ فيه الطرف عن انحياز الولايات المتحدة الكامل لإسرائيل، وكأن الضمانات الدولية لا تزال ذات معنى في ظل موازين قوى مختلّة.

في المقابل، يتمسك حزب الله بسلاحه، معتبرًا إياه جزءًا من استراتيجية دفاعية، وإن كانت هذه الاستراتيجية غامضة وغير خاضعة للمساءلة الوطنية. يستخدم الحزب شبكة مصالح مترابطة تمسك بمفاصل أساسية في مؤسسات الدولة، ما يضعف منطق الدولة الجامعة، ويعزز الانقسام العمودي في البلاد. لكن الحديث عن إنهاء الازدواجية لا يُقصد به بالضرورة إلغاء المقاومة أو تجريدها من كل دور، بل المقصود هو إنهاء حالة الغموض المؤسساتي التي تسمح بازدواج القرار، وتضعف الدولة بدل أن تعززها. فهناك فرق بين ازدواجية الفوضى وبين تكامل منظم داخل استراتيجية دفاعية وطنية واضحة، يُعاد فيها تعريف دور المقاومة ضمن إطار سيادي شرعي وتوافقي.

لا تناقض بين رفض السلاح غير الخاضع للمساءلة، وبين الإقرار بحق لبنان في الردع والدفاع. التحدي الحقيقي يكمن في تحويل المقاومة من قوة قائمة بذاتها إلى عنصر قوة للدولة، لا بديلاً عنها ولا خصمًا لها. أما التناقض الأكبر، فهو أن يُطلب من المقاومة أن تختفي، في الوقت الذي يُمنح فيه العدو هامشًا مفتوحًا للمناورة والعدوان، وتُمنع الدولة من تطوير قدراتها الدفاعية، وتُسكت الأصوات المتضامنة مع فلسطين، حتى داخل الجامعات الأميركية.

لبنان أمام لحظة فاصلة: إما إعادة بناء عقد وطني جديد يحسم وظيفة السلاح ضمن منظومة سيادية، أو الوقوع في فراغ مديد لا تملأه سوى الفوضى، ولا تخرجه منه سوى كارثة كبرى. ومع أمريكا التي تُعلن الحرب على هارفارد من أجل إسرائيل، هل يعقل أن ينتظر اللبنانيون ضمانات من ذات الدولة التي تزرع القنابل وتبيع مفاتيحها في الوقت نفسه؟



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان في عين عاصفة التحولات الكبرى: حزب الله بين نتائج الحرب ...
- غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة
- من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل ال ...
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟
- جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإس ...
- العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواط ...
- كشمير من جديد والسيناريوهات المحتملة
- حين يتوحش الإنسان من فرط القهر
- الصهيونية ذات انياب فاحذروها...زيف حماية الأقليات
- تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك ل ...
- شعب خروفي وساسة ذئبيون...الفساد أزمة وطن
- لبنان وفلسطين : وحدة الجغرافيا والمصير في مواجهة الكيان الصه ...
- السلام والخداع الإستراتيجي: وهم الدولة وعدمية السلام
- من فلسطين إلى الوطن العربي...أنا الشاهدة والشهيدة
- الصهيونية الأصيلة ورديفتها العربية الألعن
- من فلسطين الى الوطن الأكبر
- جفن قد غفا...
- عاش الزعيم..ومات الشعب العنيد


المزيد.....




- نائب وزير الدفاع البريطاني: النزاع الأوكراني كشف تخلف نظام ا ...
- ارتفاع أسعار -الدوارة- في المغرب قبل عيد الأضحى
- هل انتهى مشوار كريستيانو رونالدو في الدوري السعودي وما الذي ...
- لماذا هاجمت وسائل إعلام في الجزائر سفير الإمارات؟
- احتجاجات في طرابلس تطالب برحيل حكومة الدبيبة، ودول الجوار تج ...
- شركة المثلجات -بن آند جيري- تصف الحرب الإسرائيلية على غزة بـ ...
- وزير خارجية ألمانيا: تزويد إسرائيل بالسلاح -سيخضع للتقييم-
- -سي إن إن-: واشنطن وبكين تتفاوضان على محادثة هاتفية بين ترام ...
- لغة الجسد تفضح حقيقة علاقة الزوجين أوباما رغم إنكار شائعة ال ...
- الجوازات السعودية تعلن وصول أكثر من 1.3 مليون حاج للمملكة عب ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة