أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - التكويع: فلسفة لبنانية ساخرة














المزيد.....

التكويع: فلسفة لبنانية ساخرة


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 12:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المعنى اللغوي للتكويع

مصطلح "التكويع" مشتق من كلمة "كوع"، أي ذاك المفصل المتواضع الذي وهبته الطبيعة وظيفة الالتواء، فاستعاره الإنسان الشرقي لأغراض أسمى بكثير: النجاة من المواقف الحرجة وتغيير الولاءات دون أن يرفّ له جفن.
في اللهجة اللبنانية والسورية، "كَوّع" تعني "لفّ"، و"كَوَّع" تعني "خان بس بأدب"، أما "كَوَّع مرتين" فهي رتبة سامية تُمنح لمن أدار ظهره لتحالفين متناقضين في أسبوع واحد.

هذا الاستخدام اللغوي تجاوز حدوده الجغرافية وصار يُدرَّس في معاهد المرونة السياسية، حيث يكون الكوع هو وحدة القياس الرسمية للثبات... الملتوي.




التكويع كفن لبناني أصيل

في لبنان، التكويع ليس فقط فعلًا يوميًا، بل هو حرفة وطنية، يتم تداولها في الأسواق السياسية مثل عملة غير مستقرة.

النائب "الشاطر" لا يمثل منطقة، بل يمثل آخر استطلاع رأي.

الزعيم "الفهلوي" لا يلتزم بموقف، بل يلتزم بمنصّة يُصفّق فيها الجمهور الأعلى صوتًا.

والمثقف "المتكيّف" لا يقرأ الواقع، بل يقرأ البيانات الحزبية كما تُقرأ النشرة الجوية: "انقلاب منخفض... مع احتمال تبدل في الكوع منتصف الأسبوع".





التكويع كأداة للصعود

في لبنان، لا تصعد إلى السلطة بالسلالم، بل بالكوع.

الوزير السابق يكوع نحو حليف الأمس ليعانق خصمه "من باب الحكمة".

الإعلامي يكوع في الاستوديو، ثم يكوع على تويتر، ثم يكوع أمام المموّل، حتى يصبح مثل حبة الزيتون… مخلّلة بالانحناءات.

أما الناخب؟ فهو يكوع كل أربع سنوات إلى صندوق الاقتراع ليُعيد انتخاب من كوع عليهم طوال الفترة السابقة.

فلسفة "الكوع المتنوّر"

الكوع في لبنان ليس علامة ضعف، بل تعبير متقدّم عن "الذكاء التكيّفي"، أشبه بالحرباء لكن مع ضمير سياسي خامل.
اللبناني الشاطر يفلسف الكوع على الشكل التالي:

> "أنا ما كَوّعت، أنا طوّرت موقفي تماشياً مع الديناميكية الإقليمية!"

"أنا مش منافق، أنا واقعي… والمواقف مش قرآن!"

"أنا ما بدّي أضلّني بعناد أعمى، أنا **منفتح على كل الاحتمالات… خاصة اللي فيها منصب!"

"ما كَوّعت، بس وعيت… متأخر شوي، بس وعي مهم!"



وهكذا، يتحوّل الكوع إلى فلسفة قائمة بذاتها، تُبرِّر وتُزيّن وتُقنّن الانحناء… بل ترفعه إلى مرتبة "التحوّل الواعي"، وكأن الانبطاح صار خيارًا نبيلاً.


بطاقة تعريف الكوع اللبناني

الاسم الكامل: الكوع اللبناني المتنقل
النوع: مرن / متلائم / قابل للتعديل حسب المزاج العام
مكان الولادة: بين طاولة الزعامة وسقف المصلحة
الحالة السياسية: دائم الانعطاف، غير مستقر
الانتماء: إلى حيث تكون الريح أقوى
الهوايات: تبديل التحالفات، تبرير التناقضات، جمع المكاسب من كل الجهات
المهنة: مستشار استراتيجي في مدرسة "كيف تكون كل شيء ولا شيء في نفس الوقت"
الشعار المفضل: "ما كَوّعت… بس عرفت وين مصلحتي"
اللقب الشعبي: أبو اللفات
الهجرة المحتملة: إلى أي محور دافئ سياسياً واقتصادياً
الطموح المستقبلي: حقيبة وزارية… أو على الأقل مقعد بلدي مع صورة كبيرة على "البانر"

قاموس الكوعيات اللبنانية


كوع سريع

التعريف: انعطافة سياسية مفاجئة بدون إشارات.
الاستخدام: "كان ضدّهم ونام عندهم بنفس الليلة… كوع سريع محترف!"




كوع مُموّه

التعريف: التفاف ناعم يتم عبر خطاب رمادي وغامض، حيث لا يفهم أحد إن كان كوعًا أم تمطيطًا لفظيًا.
الاستخدام: "مش واضح إذا كَوّع ولا عم بيمهّد للكوع… بس الريحة باينة."




كوع نطّاط

التعريف: كوع يقفز فوق كل المعسكرات دفعة واحدة، وغالبًا يعود من حيث بدأ.
الاستخدام: "صار مع المقاومة، ضدها، مع الثورة، ضدها، وبالآخر مع الله… كوع نطّاط بيطير العقل!"




كوع مجمّد

التعريف: موقف ملتوي بس متجمّد مؤقتًا بانتظار نتيجة الانتخابات أو انفجار البلد.
الاستخدام: "حالياً ساكت… بس متوقعين كوع كبير بعد النتيجة."




كوع استباقي

التعريف: التفاف وقائي قبل أن تتغيّر المعادلة، يُنفَّذ بناءً على "إشاعات داخلية".
الاستخدام: "كَوّع قبل ما يصير شي… حاسسها بجلده!"



كوع وظيفي

التعريف: كوع يتم للحصول على منصب، عقد، أو كرت سفر.
الاستخدام: "ما حدا بيكوع هيك ببلاش… أكيد في وظيفة ناطرتو!"



كوع زاحف

التعريف: تغيّر تدريجي ماكر، يتم على مراحل بطيئة بحيث لا يشعر به أحد إلا بعد حدوثه.
الاستخدام: "هيدا مش كوع… هيدا زحف تكتيكي متقن!"




كوع دائري

التعريف: من كثر ما كَوّع، رجع لنقطة الصفر.
الاستخدام: "صار مع الثورة، ضد الثورة، مع الحراك، ضد الحراك، وبالأخير رجع لعند الزعيم… كوع دائري نموذجي."


كوع استعراضي

التعريف: كوع يتم على المسرح الإعلامي، مصحوب بمؤتمرات صحافية وتصريحات عاطفية.
الاستخدام: "كَوّع لايف على التلفزيون، مع دمعة بالزاوية… مسرح كبير!"



في لبنان، التكويع موهبة… والكوع فن قائم بذاته.
إذا لم تتمكن من المشي مستقيمًا، على الأقل تعلم كيف تكوع بأناقة!



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسيحيون عرب...حماة العروبة وحملة روح الاسلام الحضارية
- وثيقة باراك ورد لبنان: منعطف حاسم في المعادلة السياسية والأم ...
- لذلك...اعتذر من الحمير مع تقبيل الحافر والأذنين
- من طوفان الأقصى إلى ضرب طهران: هل الشرق الأوسط على شفا إعادة ...
- إبادة المدنيين: جوهر العقيدة الصهيونية ومنطلقها التوراتي
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية بوابة (اسرائيل الكبرى)
- اسرائيل بين نيران غزة وحرائق واشنطن: تبدلات الدعم وصراع المص ...
- حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه
- العدالة في مهب المحروقات: رفع الأسعار يكشف
- لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة
- لبنان في عين عاصفة التحولات الكبرى: حزب الله بين نتائج الحرب ...
- غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة
- من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل ال ...
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟
- جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإس ...
- العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواط ...
- كشمير من جديد والسيناريوهات المحتملة
- حين يتوحش الإنسان من فرط القهر


المزيد.....




- أمريكا تلغي إجراء خلع الأحذية في المطارات
- وزير الدفاع الألماني في واشنطن لبحث صفقة صواريخ باتريوت لصال ...
- 43 قتيلا في غارات إسرائيلية على غزة وتفاؤل أمريكي بشأن التوص ...
- عاجل | مصادر في مستشفيات غزة: 12 شهيدا في غارات إسرائيلية عل ...
- -قاعدة أمامية- لإسرائيل.. ما حقيقة الاتهامات الإيرانية لأذرب ...
- هل يمكن التحدث مع القطط والكلاب بواسطة الذكاء الاصطناعي؟
- عراقجي يرد بسخرية على تصريحات لنتنياهو بشأن قدرات إيران الصا ...
- أيمن عودة يتهم الجميع بالتواطؤ لعزله وهآرتس تدعو لمؤازرته
- خبير عسكري: جيش الاحتلال يواجه أزمة حادة ويفتقر لأهداف واضحة ...
- اقتحام الباستيل عام 1789.. يوم اقتلع الفرنسيون جذور النظام ا ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - التكويع: فلسفة لبنانية ساخرة