أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - من الاحتلال إلى الضم: پ الكنيست وتصفية الضفة الغربية















المزيد.....

من الاحتلال إلى الضم: پ الكنيست وتصفية الضفة الغربية


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 15:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن تصويت الكنيست الإسرائيلي، في يوليو 2025، على فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية حدثاً عارضاً أو منفصلاً عن السياق. بل جاء تتويجًا لمسار طويل من الاستيطان، والتهويد، والتشريعات التي تدرّجت من إدارة مؤقتة لأرض محتلة إلى مشروع ضم كامل، يراد له أن يصبح حقيقة قانونية وديموغرافية على الأرض. بهذا القرار، لم تكتف إسرائيل بإدارة الاحتلال، بل أعلنت انتهاء مرحلة "الاحتلال المؤقت" وبدء مرحلة "السيادة الإسرائيلية الكاملة"، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الدولية ومقررات الشرعية الأممية.

المقال يحاول أن يقرأ هذا القرار الخطير في سياقه التاريخي والسياسي، ويحلّل آثاره على مستقبل الضفة الغربية، والوجود الفلسطيني، وخيارات المواجهة في ظل هذا التحوّل الاستراتيجي.




أولاً: السياق القانوني والسياسي للقرار

صوّت الكنيست الإسرائيلي على بيان يدعم "فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية"، في خطوة تشريعية واضحة لتحويل الاحتلال العسكري إلى ضم قانوني فعلي. لا يحمل القرار طابعًا تنفيذياً فورياً، لكنه يوجّه الحكومة لإعداد البنية التشريعية والإدارية اللازمة لمد القانون الإسرائيلي إلى أراضي الضفة، خصوصًا المنطقة "ج"، التي تشكل 60% من المساحة وتخضع حالياً لسيطرة عسكرية ومدنية إسرائيلية.

يمثّل القرار خرقًا صريحًا لاتفاقيات أوسلو، ولقرارات مجلس الأمن التي تعتبر الضفة أراضي محتلة (خصوصًا القرار 242 و338)، ويتحدى القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر ضم أراضٍ بالقوة. لكن إسرائيل، التي لطالما تمردت على الشرعية الدولية، تدرك أن الزمن الحالي، في ظل انكفاء عربي وتواطؤ أمريكي، هو الأنسب لتحويل الاحتلال إلى سيادة قانونية.




ثانيًا: السردية الإسرائيلية – من التوراة إلى الكنيست

منذ بداية المشروع الصهيوني، روّجت إسرائيل لسردية دينية–تاريخية ترى أن الضفة الغربية، المسماة "يهودا والسامرة"، هي قلب أرض الميعاد. وترى الصهيونية الدينية والقومية أن السيطرة على هذه الأرض ليست فقط ضرورة أمنية، بل أيضًا تنفيذ لوعد إلهي. ومنذ 1967، اعتبر الاحتلال العسكري للضفة بمثابة "تحرير" لأرض الآباء.

تعمّق هذا الخطاب مع صعود اليمين واليمين الديني في إسرائيل، وأصبحت فكرة "استرداد يهودا والسامرة" جزءًا من المناهج التعليمية، ومن خطب قادة الدولة، وصولاً إلى تشريعات الكنيست التي بدأت في ترسيخ هذه الرؤية قانونيًا. هذا الانتقال من اللاهوت إلى القانون هو ما يميّز لحظة 2025.

ثالثًا: الواقع الاستيطاني الجديد (2025)

لا يأتي قرار الكنيست في فراغ، بل فوق أرض مهندَسة ديموغرافيًا بشكل دقيق:

يبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية أكثر من 740,000، يقيمون في أكثر من 300 مستوطنة وبؤرة استيطانية.

في عام واحد، شُيّدت أكثر من 10,000 وحدة استيطانية جديدة، واعتمدت الحكومة 22 مستوطنة جديدة في عمق الضفة.

شبكة طرق التفافية عنصرية تفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين، تربط الضفة ببنية تحتية إسرائيلية تشمل الكهرباء والماء والبلديات.

السيطرة الكاملة على المنطقة "ج" تجعل من الضفة جغرافيا مقطّعة الأوصال، غير قابلة للحياة السياسية أو الاقتصادية ككيان فلسطيني مستقل.




رابعًا: تنفيذ خطة "الحسم" وتهديد الوجود الفلسطيني

يأتي القرار في إطار ما يُعرف بـ"خطة الحسم" التي يتبنّاها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، والتي تقوم على ثلاث خيارات للفلسطينيين: إما القبول بالسيادة الإسرائيلية دون حقوق، أو الرحيل الطوعي، أو التهجير القسري.

ترجمة هذه الخطة على الأرض تتم عبر:

تسريع هدم منازل الفلسطينيين بحجة "البناء غير المرخص".

منع البناء الفلسطيني في معظم مناطق "ج".

تحويل المجالس القروية الفلسطينية إلى جزر معزولة خاضعة للإدارة المدنية الإسرائيلية.

تحييد السلطة الفلسطينية تمامًا ومنعها من أي نفوذ في الضفة الغربية.


الضمّ هنا ليس فقط للأرض، بل لمحاولة طرد السكان الأصليين أو تقليص وجودهم إلى الحد الأدنى.




خامسًا: تأثير القرار على الفلسطينيين في الضفة

إن فرض السيادة الإسرائيلية قانونيًا على الضفة لا يعني أن الفلسطينيين سيصبحون مواطنين، بل سيظلون "سكاناً بلا دولة"، تحت سلطة احتلال شرعن وجوده قانونياً.

النتائج المتوقعة تشمل:

تقييد حرية الحركة: مزيد من الحواجز والطرق الأمنية ونقاط التفتيش.

الاقتحامات والاعتقالات: مداهمات يومية وتوسيع صلاحيات الجيش والمخابرات.

التمييز القانوني: الفلسطيني محكوم بقوانين عسكرية، والمستوطن بقوانين مدنية إسرائيلية.

خطر التهجير: هدم المنازل، سحب الهويات، التضييق على البناء، كلها أدوات لإرغام الفلسطيني على المغادرة.

تدهور اقتصادي–اجتماعي: الضم يُنهي أي أفق لتطوير اقتصادي فلسطيني مستقل، ويحول الضفة إلى معازل محاصرة.



---

سادسًا: الموقف الدولي والعربي

رغم خطورة القرار، فإن ردود الفعل الدولية جاءت باهتة:

الولايات المتحدة اكتفت بـ"القلق"، دون إجراءات ردعية.

الاتحاد الأوروبي عبّر عن "الأسف"، مع استمرار التعاون الاقتصادي مع إسرائيل.

في العالم العربي، طغى الصمت أو التبرير، وواصلت بعض الدول مسار التطبيع رغم وضوح المشروع الإسرائيلي.


الشرعية الدولية لم تعد سيفاً بوجه الاحتلال، بل ورقة يُستخدم توقيتها حسب المزاج السياسي للدول الكبرى.




سابعًا: خيارات الفلسطينيين بعد القرار

مع انهيار خيار الدولة الفلسطينية، تطرح الأسئلة مجددًا:

هل تستمر السلطة الفلسطينية بوظيفتها الإدارية والأمنية تحت الاحتلال؟

هل تعود المقاومة، بشتى أشكالها، كخيار وحيد لرفض الضم؟

هل يعيد الشعب الفلسطيني تنظيم صفوفه لمواجهة مشروع الإبادة السياسي؟


في المقابل، يبرز خيار تدويل القضية، وتفعيل حركة المقاطعة (BDS)، وتصعيد العمل الشعبي والقانوني، لإعادة الصراع إلى طبيعته: شعب تحت استعمار استيطاني يريد نزع وجوده.


تصويت الكنيست على فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية ليس مجرد قرار داخلي، بل إعلان رسمي عن دفن "حل الدولتين"، وتكريس مشروع "إسرائيل الكبرى" كأمر واقع.

في لحظة كهذه، لم يعد السؤال عن شكل التسوية، بل عن شكل الوجود الفلسطيني ذاته: هل سيُسمح للفلسطيني أن يكون؟ أم سيُختزل إلى رقم داخل جدار، بلا هوية ولا سيادة؟

ما يحدث في الضفة ليس فقط تهويدًا للأرض، بل أيضًا قتلٌ لأي أمل... أي أفق... وأي دولة.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الفلسطينية بين الأبعاد المتعددة والتحولات الدولية: مق ...
- الهجمات الإسرائيلية على دمشق والسويداء: خطاب أحمد الشرع وإعا ...
- مشروع إمارة الخليل:تفكيك فلسطين من الداخل
- التكويع: فلسفة لبنانية ساخرة
- مسيحيون عرب...حماة العروبة وحملة روح الاسلام الحضارية
- وثيقة باراك ورد لبنان: منعطف حاسم في المعادلة السياسية والأم ...
- لذلك...اعتذر من الحمير مع تقبيل الحافر والأذنين
- من طوفان الأقصى إلى ضرب طهران: هل الشرق الأوسط على شفا إعادة ...
- إبادة المدنيين: جوهر العقيدة الصهيونية ومنطلقها التوراتي
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية بوابة (اسرائيل الكبرى)
- اسرائيل بين نيران غزة وحرائق واشنطن: تبدلات الدعم وصراع المص ...
- حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه
- العدالة في مهب المحروقات: رفع الأسعار يكشف
- لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة
- لبنان في عين عاصفة التحولات الكبرى: حزب الله بين نتائج الحرب ...
- غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة
- من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل ال ...
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟


المزيد.....




- إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن ودوي صفارات الإنذار ...
- علماء يكتشفون أكبر اندماج على الإطلاق بين ثقبين أسودين هائلي ...
- طواف فرنسا: الهولندي آرينسمان يحقق انتصارا بطوليا وبوغاتشار ...
- مظاهر تصاعد وتيرة التحريض العنصري والسياسي على فلسطينيي 48
- خامنئي: تطوير القدرات العسكرية والعلمية سيشهد تسارعا
- فرنسا تدعو لتوحيد سوريا عبر حلول سلمية وضمان حقوق الأكراد
- وسط مواقف متباينة.. فرنسا تدافع عن قرارها الاعتراف بدولة فلس ...
- حرائق جديدة تلتهم غابات تركيا والحكومة تعلن منطقتي كوارث
- مراقبون: مقتل العشرات بهجمات للدعم السريع في قرية بغرب السود ...
- بسبب الحرب في غزة.. هل ستنهج ألمانيا موقفا أكثر صرامة إزاء إ ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - من الاحتلال إلى الضم: پ الكنيست وتصفية الضفة الغربية