أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - مشروع إمارة الخليل:تفكيك فلسطين من الداخل















المزيد.....

مشروع إمارة الخليل:تفكيك فلسطين من الداخل


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 13:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في تموز 2025، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" خبرًا مفاده أن الشيخ كايد الجعبري، أحد وجهاء مدينة الخليل، وقّع مع أربعة من شيوخ المدينة البارزين رسالةً إلى الإدارة الأميركية يتعهدون فيها بالسلام مع إسرائيل والاعتراف الكامل بها كدولة يهودية، مقابل فصل الخليل عن السلطة الفلسطينية، وإنشاء كيان محلي خاص بها، ينضم لاحقًا إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.
رغم عدم تأكيد الخبر من مصادر فلسطينية رسمية، إلا أن صدوره من صحيفة محسوبة على دوائر القرار في واشنطن يطرح أسئلة عميقة حول خلفياته، ومدى ارتباطه بخطط التفكيك الإسرائيلية لفلسطين.

أولاً: خلفية المشروع ومحاولات الفصل السابقة

لم تكن الخطة المزعومة لعزل الخليل عن محيطها الفلسطيني الأولى من نوعها. فمنذ سبعينيات القرن الماضي، حاولت إسرائيل دعم ما سُمّي آنذاك "روابط القرى"، مجالس محلية فلسطينية تدير شؤون بعض المناطق في الضفة الغربية تحت إشراف الاحتلال، دون الرجوع إلى منظمة التحرير الفلسطينية.
فشلت التجربة بفعل الرفض الشعبي، لكنها تُستعاد اليوم بصيغة جديدة، في ظل الانقسام السياسي الفلسطيني، والتطبيع العربي، ورغبة بعض الأطراف الإقليمية في خلق "كيانات محلية" على أنقاض المشروع الوطني.

ثانيًا: لماذا الخليل؟

الخليل هي أكبر مدن الضفة الغربية من حيث الكثافة السكانية.

تحوي إرثًا دينيًا وتاريخيًا هامًا، منها الحرم الإبراهيمي الذي شهد مجازر باروخ غولدشتاين في التسعينيات.

تجاور بؤرًا استيطانية شديدة التطرف.

العشائرية تحتل موقعًا اجتماعيًا قويًا، ما يجعل اختراق بعض الوجاهات العائلية بوابة محتملة لأي مشروع تفتيتي.


ثالثًا: من هو كايد الجعبري؟

أحد وجهاء عشيرة الجعبري، كبرى عشائر الخليل.

معروف بقربه من بعض الدوائر الأمنية الإسرائيلية، وطرح نفسه كوسيط محلي.

لا يمثل ثقلاً سياسيًا أو شعبيًا واسعًا، لكنه يُعتبر أداة تجريبية لاختبار ردود الفعل قبل خطوات أوسع.


رابعًا: من يرسم هذه الخطط؟

المشروع جزء من رؤية إسرائيلية أوسع تُعرف أحيانًا بـ"السلام الاقتصادي"، تقوم على تفتيت الضفة الغربية إلى كنتونات عشائرية أو مناطقية ذات إدارة ذاتية تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة.

تتلاقى هذه الرؤية مع مشاريع إماراتية تسعى للتمدد الناعم في مناطق السلطة، خاصة في الخليل ونابلس، عبر واجهات اقتصادية وخيرية، مدعومة بمنصات إعلامية ومؤسسات ضغط ناعمة.


خامسًا: أدوات التنفيذ

تعتمد الخطة على ثلاث أدوات رئيسية:

1. المال الخليجي: خصوصًا الإماراتي، يُضخ في مشاريع تنموية تحمل أهدافًا سياسية بعيدة المدى.


2. القنوات الإعلامية: تبرز شخصيات محلية كـ"قادة عقلاء"، تروّج لفكرة السلام مع إسرائيل، وتشوه السلطة الفلسطينية والمقاومة.


3. الوسطاء المحليون: رجال عشائر وشبكات مصالح مع الاحتلال يُقدمون كـ"صوت بديل" عن النخب التقليدية.



كيف تعمل أدوات التنفيذ:

المال الخليجي

يشير إلى الاستثمارات والمساعدات المالية القادمة من دول الخليج، خاصة الإمارات، التي تُوجَّه إلى مشاريع تنموية أو خيرية في الضفة الغربية، وتحديدًا في الخليل. تُضخ هذه الأموال في مشاريع تبدو اقتصادية أو اجتماعية، لكنها تحمل أهدافًا سياسية تهدف إلى تعزيز نفوذ جهات معينة أو دعم توجهات تتماشى مع سياسات التطبيع أو مشاريع التقسيم.

القنوات الإعلامية

وسائل الإعلام التي تروّج لروايات محددة حول الوضع في الخليل والضفة الغربية، من خلال إبراز شخصيات محلية كـ"قادة عقلاء"، وتصويرهم كبديل عن القيادات الوطنية أو المقاومة، والترويج لفكرة أن السلام مع إسرائيل هو الحل الواقعي الوحيد، وتشويه صورة السلطة الفلسطينية والمقاومة، وإظهار الانقسام الفلسطيني كدليل على فشل المشروع الوطني.

الوسطاء المحليون

شخصيات من رجال العشائر أو أصحاب النفوذ المحلي، بالإضافة إلى شبكات مصالح لها ارتباطات مع الاحتلال، يُقدّمون كـ"صوت بديل" عن النخب السياسية التقليدية، ويلعبون دور الوسيط بين السكان والاحتلال أو الجهات الخارجية، مستفيدين من مكانتهم الاجتماعية لجذب التأييد الشعبي أو تهدئة الاعتراضات.

سادسًا: "إمارة الخليل" ضمن هندسة التفكيك العربي

مشروع "إمارة الخليل" لا يمكن عزله عن السياق الأوسع الذي طُبّق ويُعاد تدويره في أكثر من ساحة عربية. فكما سعت بعض القوى الإقليمية والدولية لتفكيك لبنان إلى كانتونات طائفية محكومة بمنطق الميليشيات والمحاصصة، وسوريا إلى مناطق نفوذ مذهبي وعرقي تحت رايات الإدارة الذاتية أو المجالس المحلية، يُعاد اليوم تصدير النموذج نفسه إلى فلسطين تحت اسم "الإمارات المناطقية"؛ أي كيانات محلية منفصلة إداريًا واجتماعيًا، تدير شؤونها بمعزل عن المشروع الوطني وتحت مظلة الاحتلال أو بدعم من تحالفات التطبيع.
ويبدو أن الخليل جرى اختيارها كبداية لهذا المسار، استنادًا إلى البنية العشائرية فيها، تمامًا كما جرى استغلال البنى الطائفية في بيروت ودمشق. وهو ما يكشف أن الغاية واحدة: تفكيك المجتمعات من الداخل وسحق أي هوية سياسية جامعة تُقاوم الاحتلال أو الهيمنة.

سابعًا: ردود الفعل الفلسطينية والعربية

فلسطينيًا: رفض واسع للمشروع، حتى داخل الخليل نفسها، وبيانات تبرؤ من الشيخ كايد الجعبري من قبل عشيرته وشخصيات وفعاليات محلية.

عربيًا: صمت رسمي مقابل نشاط إعلامي موجه لتسويق هذه المشاريع كـ"حلول واقعية"، مع تغطية ناعمة من بعض الصحف الخليجية ضمن سياق تطبيعي أكبر.


خاتمة

"إمارة الخليل" ليست حادثًا معزولًا، بل مؤشر على اتجاه متسارع لتفكيك الهوية السياسية والجغرافية الفلسطينية. الصراع لم يعد فقط مع الاحتلال المباشر، بل مع وكلائه المحليين، وأذرعه الإعلامية، وشبكات التمويل العابرة للحدود.
المطلوب اليوم يقظة شعبية، وتحرك وطني جامع، وإعادة الاعتبار للمشروع الفلسطيني المقاوم كخيار وحيد أمام مشاريع التقسيم والانهيار.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكويع: فلسفة لبنانية ساخرة
- مسيحيون عرب...حماة العروبة وحملة روح الاسلام الحضارية
- وثيقة باراك ورد لبنان: منعطف حاسم في المعادلة السياسية والأم ...
- لذلك...اعتذر من الحمير مع تقبيل الحافر والأذنين
- من طوفان الأقصى إلى ضرب طهران: هل الشرق الأوسط على شفا إعادة ...
- إبادة المدنيين: جوهر العقيدة الصهيونية ومنطلقها التوراتي
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية بوابة (اسرائيل الكبرى)
- اسرائيل بين نيران غزة وحرائق واشنطن: تبدلات الدعم وصراع المص ...
- حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه
- العدالة في مهب المحروقات: رفع الأسعار يكشف
- لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة
- لبنان في عين عاصفة التحولات الكبرى: حزب الله بين نتائج الحرب ...
- غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة
- من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل ال ...
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟
- جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإس ...
- العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواط ...
- كشمير من جديد والسيناريوهات المحتملة


المزيد.....




- ريانا تُحوّل السجادة الزرقاء إلى عرض أزياء عائلي وتستعرض حمل ...
- فضيحة محرقة الجثث.. رماد مزيف وجثث متعفنة تشعل حالة صدمة بال ...
- مصر.. أول تعليق من السيسي على تصريحات ترامب حول أزمة سد النه ...
- الجيش السوري يدخل مدينة السويداء وإسرائيل تستهدفه
- أعلى محكمة ألمانية ترفض شكوى بشأن هجوم مسيرة أميركية باليمن ...
- المغرب: فرصة ثانية.. عودة الشباب الى مقاعد الدراسة
- هل دخلت قوات الأمن السورية إلى مدينة السويداء؟
- العراق.. مريض يعزف على العود خلال عملية جراحية!
- الجيش الإسرائيلي يقصف القوات الحكومية السورية في السويداء وا ...
- ما تأثير انسحاب حزب يهدوت هتوراه من الائتلاف الحاكم في إسرائ ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - مشروع إمارة الخليل:تفكيك فلسطين من الداخل