أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - واشنطن تضغط... وتل أبيب تحصد: لبنان بين كماشة الموانئ واستراتيجية احتواء المقاومة















المزيد.....

واشنطن تضغط... وتل أبيب تحصد: لبنان بين كماشة الموانئ واستراتيجية احتواء المقاومة


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8423 - 2025 / 8 / 3 - 20:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الجنوب المشتعل إلى الساحل الحيوي، ومن خطوط النار إلى كواليس التفاوض الدولي، يشهد لبنان تحركات حثيثة تقودها إسرائيل بدعم أميركي غير مسبوق، يسعى لإعادة صياغة التوازنات الأمنية والسياسية ضمن مسمى "ضمان الأمن والاستقرار". لكن ما يُبرَز في العلن يُخفي في جوهره أهدافًا تتجاوز هدنة ظرفية، لتلامس حد تغيير هوية لبنان ووضع معادلات دائمة من شأنها تقويض حضور المقاومة ودورها الإقليمي.

تبدو الولايات المتحدة، المتماهية كليًا مع أولويات تل أبيب عقب حرب غزة، عازمة على تحصيل ثمن فائض من الساحة اللبنانية. هذا الثمن يُحصَّل اليوم عبر منظومة متكاملة من الضغوط السياسية والمالية، وإن جرى تغليفها بخطاب المجتمع الدولي أو "الإصلاحات". في الخلفية، ثمة سيف العقوبات مسلّط على عنق كل ما يمت بصلة لبيئة المقاومة، ورزمة مساعدات مشروطة بخطوات تمس سيادة الدولة وموقعها ضمن خرائط الصراع المتحركة.

أما إسرائيل، العاجزة عن حسم المواجهة عسكريًا في غزة أو في الشمال، فتنقل المعركة إلى مساحة المساومات السياسية والعقوبات، مستفيدة إلى أقصى حد من التصدع اللبناني الداخلي والتباينات العميقة في المواقف الرسمية والشعبية. راهنت تل أبيب – ولا تزال – على إمكانية تثبيت معادلة "أمن بدون مقاومة" في جنوب لبنان، مستعينة بتحالفات دولية ودبلوماسية تجاوزت أطر الأمم المتحدة التقليدية، لتطال أيضاً مؤسسات التمويل الدولية، وقنوات النفوذ في عواصم القرار.



أولًا: المطالب الإسرائيلية... وضع أسس الترويض الناعم للمقاومة**

من خلال الوسيط الأميركي آموس هوكستين، تطرح إسرائيل سلّة شروط تُسوَّق بوصفها ضرورية لأي وقف لإطلاق النار أو استقرار مستدام في الشمال. وبينما تبدو هذه المطالب – ظاهريًا – تدخلاً تقنيًا لضبط خطوط الاشتباك، تكشف التفاصيل مشروعًا لإعادة تفكيك قوة الردع التي راكمتها المقاومة على مدى عقود. أبرز هذه المطالب تشمل:

- **إبعاد حزب الله شمال الليطاني:** محاولة لإخلاء المناطق المحاذية للحدود من أي تواجد لقوى المقاومة، وبالتالي تقويض عنصر الفورية والعملانية في أي مواجهة مستقبلية.
- **تفكيك النقاط والمواقع الدفاعية والرصدية للمقاومة:** ما يعني إضعاف القدرات الاستخبارية والعسكرية، وجعل الجنوب منطقة مفتوحة أمام الضغوط أو الاختراق.
- **توسيع مهام قوات اليونيفيل**، لتشمل رقابة بحرية ولوجستية – وهو مطلب مفخخ يفتح الباب أمام تدويل البحر والساحل اللبناني، وربطه برادارات وتحريك أساطيل أجنبية في محيط المياه الإقليمية.
- **ضمان "هدوء طويل الأمد" دون الزام إسرائيل بوقف الانتهاكات الجوية والبرية:** بما يكرّس واقعًا من "سلام إجباري" لصالح تل أبيب على حساب السيادة اللبنانية.
- **ربط أي تسوية في الشمال بمسارات إقليمية لا تضمن وقف العدوان على غزة:** لتعميم الضغط وتفكيك شبكة المقاومة الإقليمية ككل.

وفي هذا السياق، لا يرى حزب الله وحلفاؤه في هذه الشروط إلا محاولة مموهة لنزع سلاحه وفرض حالة من الاستسلام السياسي والأمني المغلَّف بقفازات دبلوماسية.


ثانيًا: **واشنطن... إدارة العصا والجزرة عبر الاقتصاد والعقوبات**

تتولى الإدارة الأميركية التنسيق المباشر بين الأجندتين الإسرائيلية والدولية في لبنان. وتبرز على طاولة الضغوط النقاط التالية:

- **التهديد بتجميد المساعدات العسكرية للجيش اللبناني،** وهو ما يؤدي – في حالة التنفيذ – إلى إضعاف المؤسسة العسكرية الرسمية، أو دفعها للعب أدوار أمنية تمس التوازن الداخلي.
- **استغلال أدوات الضغط المالي الدولية،** مثل البنك وصندوق النقد الدولي،
- ... لفرض شروط إصلاحية تتناسب مع الرؤية الأميركية-الإسرائيلية، غالبًا ما تُستخدم كغطاء لتحجيم نفوذ قوى المقاومة وبيئتها الشعبية، والتحكم بقرارات الدولة السيادية من بوابة الاقتصاد والمال.
- **تفعيل مسار العقوبات الفردية والسيادية،** باستهداف سياسيين ورجال أعمال وكيانات يُعتقد بتقديمهم الدعم السياسي أو اللوجستي لحزب الله أو حلفائه، في مسعى دائم لعزل هذه البيئة وإفقارها وترهيب مكوناتها.
- **ربط أي انفراج اقتصادي أو دعم إنساني بإجراءات “إصلاحية” تمس النظام المصرفي، وتراعي الاشتراطات الدولية حول الشفافية ومحاربة “تمويل الإرهاب”**، وهي قضايا قد تتحول بسهولة إلى أدوات لشل الدولة أو ابتزاز مؤسساتها الشرعية.

وبهذا النهج، تعتمد واشنطن استراتيجية "العصا والجزرة": تُبقي على احتمالات الدعم الدولي للبنان مفتوحة، لكنها تجعلها رهينة تغييرات سياسية وأمنية جذرية لا تلبّي أساساً إلا المصالح الإسرائيلية.



ثالثًا: **معركة الموانئ: البحر الأبيض منطلقٌ لتغيير قواعد الاشتباك**

بعيدًا عن التصعيد العسكري المباشر، يتجه الصراع اليوم إلى المياه اللبنانية. فالموانئ والساحل اللبناني تحوّلا إلى خط مواجهة صامتة في مرحلة ما بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية، ولم تعد فقط مسألة اقتصادية تتعلق بغاز المتوسط وثروات النفط؛ بل باتت ورقة جيوسياسية في إطار احتواء حزب الله وتضييق منافذ الدعم والتمويل عليه.

- **محاولة تدويل الإشراف على المرافئ اللبنانية الكبرى، خصوصًا مرفأ بيروت وطرابلس،** تأتي تحت ذريعة إغاثة وإعادة إعمار، لكن عمليًا تُنذر بتقويض قدرة الدولة وحتى قوى المقاومة على السيطرة على منافذها السيادية.
- **إدخال شركات أمنية غربية أو قوات متعددة الجنسيات "بقبعة إنمائية"،** يمهد لتغيير الواقع الميداني على الشاطئ وخلق بيئة معلوماتية متقدمة لصالح الغرب وإسرائيل.
- **السيطرة على داتا الشحن والاستيراد والصادرات،** يتيح فرض رقابة لصيقة على أي تحرك محتمل لتعزيز ترسانة المقاومة أو الالتفاف على العقوبات القائمة.

هكذا، يتحوّل البحر من فضاء واعد للثروات والاستقلال الاقتصادي إلى ميدان متقدم من ميادين الصراع على هوية لبنان وخياراته المستقبلية.

---

خلاصة القول، لبنان تحت مقصلة الفرض الخارجي بين تناقضات الداخل وتعقيدات الجيوبوليتيك

تكشف الوقائع الحالية أن ما يجري في لبنان ليس صراعًا حدوديًا تقليديًا أو مجرد أزمة سياسية اقتصادية. بل هو جزء من محاولة أميركية-إسرائيلية لإعادة تدوير النظام اللبناني وفق اشتراطات يُراد لها إخراج المقاومة من معادلة الصراع الإقليمي، وضمان أمن إسرائيل دون الحاجة إلى مواجهة مفتوحة مكلفة. أدوات هذه المعركة تتراوح بين الضغط العسكري، التدويل، الحصار الاقتصادي، واستخدام بيئة الانقسام الداخلي كورقة استثمارية.

في مقابل ذلك، تدرك المقاومة أن أي تنازلات اليوم ستفتح الباب لمزيد من التقهقر غدًا، وأن التعبئة المجتمعية والسياسية وتشبيك المعادلات (جنوب-غزة-إقليم) باتت خيارات وجودية لا مجرد تكتيك مؤقت.

بالمحصلة، لبنان اليوم يقف أمام مفترق حاسم: إما الانخراط في محاولات تدويله وتقليم أظافر مقاومته وفق خرائط الخارج، أو إعادة إنتاج عقد وطني لا يبتلع الضغوط بل يحصرها في إطار حفظ التوازن السيادي، ويعيد تثبيت معادلة الردع – ولو كلف ذلك السير فوق حافة الهاوية.



في ضوء ما سبق، تبقى العبرة في قدرة اللبنانيين على بلورة مشروع سيادي موحّد، يحمي البلاد من الاصطفافات القسرية والإملاءات، ويستعيد مفهوم الدولة القوية القادرة على الجمع بين مصالح الشعب ومقتضيات الجغرافيا السياسية في زمن التحولات الكبرى.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الاحتلال والداعم: واشنطن شريك المشروع الصهيوني منذ النشأ ...
- تقارب الضرورة: سوريا الجديدة وإسرائيل بين تفاهمات أمنية وحسا ...
- الفيدرالية والطائفية في المشرق العربي: مدخل للتفتيت لا لإدار ...
- الشرعية الدولية والقضية الفلسطينية: من تزوير التاريخ إلى تبر ...
- من الاحتلال إلى الضم: پ الكنيست وتصفية الضفة الغربية
- القضية الفلسطينية بين الأبعاد المتعددة والتحولات الدولية: مق ...
- الهجمات الإسرائيلية على دمشق والسويداء: خطاب أحمد الشرع وإعا ...
- مشروع إمارة الخليل:تفكيك فلسطين من الداخل
- التكويع: فلسفة لبنانية ساخرة
- مسيحيون عرب...حماة العروبة وحملة روح الاسلام الحضارية
- وثيقة باراك ورد لبنان: منعطف حاسم في المعادلة السياسية والأم ...
- لذلك...اعتذر من الحمير مع تقبيل الحافر والأذنين
- من طوفان الأقصى إلى ضرب طهران: هل الشرق الأوسط على شفا إعادة ...
- إبادة المدنيين: جوهر العقيدة الصهيونية ومنطلقها التوراتي
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية بوابة (اسرائيل الكبرى)
- اسرائيل بين نيران غزة وحرائق واشنطن: تبدلات الدعم وصراع المص ...
- حدود الموقف العربي من العدوان الإسرائيلي وآفاق تجاوزه
- العدالة في مهب المحروقات: رفع الأسعار يكشف
- لبنان بين خيارين: مقاومة الردع أو انفجار الدولة
- لبنان في عين عاصفة التحولات الكبرى: حزب الله بين نتائج الحرب ...


المزيد.....




- الجزيرة نت تروي قصة مسجد في الفاشر شهد مجزرة وتحول إلى مقبرة ...
- تونس: ما أسباب تراجع الزيجات والولادات
- بعد بولندا ورومانيا، إستونيا تشكو خرق أجوائها من مقاتلات روس ...
- بعد سنوات من العداء، مصر وتركيا تبدآن الإثنين مناورات مشتركة ...
- الجزائر ترفض دعوى مالي ضدها أمام محكمة العدل الدولية
- أمريكا ستنهي وضع الحماية المؤقتة للسوريين
- مستشار ترامب: السودان أكبر كارثة إنسانية في العالم ولا يحظى ...
- جنوب أفريقيا تتجاوز ترامب عبر -دبلوماسية محلية-
- خبير عسكري: 72 ساعة بدون تقدم ملموس والمقاومة تجبر الاحتلال ...
- محللون: ضبابية الأهداف والخلافات تربك جيش إسرائيل وتطيل أمد ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - واشنطن تضغط... وتل أبيب تحصد: لبنان بين كماشة الموانئ واستراتيجية احتواء المقاومة