أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - من نار كمب ديفيد...الى جحيم ابراهام















المزيد.....



من نار كمب ديفيد...الى جحيم ابراهام


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 13:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ نصف قرن، أُشعلت أول شرارة في الغابة العربية.
كانت تلك الشرارة كامب ديفيد: النار الأولى… نارٌ قيل إنها “سلام”، لكنها في حقيقتها كانت بداية الانكسار الكبير.

فما بين نار كامب ديفيد… وجحيم أبراهام،
مشى العرب حفاةً فوق الجمر،
وتحوّل “سلام الضرورة” إلى سلام التصفية،
ثم إلى سلام البيع،
ثم إلى سلام الخضوع المطلق.

كامب ديفيد كان كسرًا في الجدار…
لكن أبراهام كان هدمًا للبيت نفسه.

كامب ديفيد فصلت مصر عن الصراع…
لكن أبراهام فصلت العرب عن فلسطين،
وفصلت فلسطين عن روحها،
وفصلت الإنسان العربي عن وعيه وعن ذاكرته الجماعية.

وبين النار والجحيم، اكتملت دائرة “الشرق الأسرائيلي الجديد”:
شرقٌ تُصمّمه إسرائيل،
وتموّله الأنظمة،
وتغطيه واشنطن،
ويُسَوَّق للعرب على أنه قدرٌ لا مهرب منه.




ها نحن اليوم نقف عند أخطر نقطة في تاريخ المنطقة:
ليس فقط لأن التطبيع بلغ ذروته،
بل لأن الوعي ينهار،
و“الإسرائيلي” يحاول للمرة الأولى منذ 1948
أن يعيد تشكيل العقل والهوية والسردية واللغة.

لم يعد ما يُسمّى اتفاقات أبراهام مجرد تطبيع عابر أو مصافحة على درج البيت الأبيض؛
إنه بوابة كبرى إلى شرقٍ يُعاد تشكيله،
شرقٍ تصبح فيه إسرائيل الثابت الوحيد،
وتصبح فيه فلسطين المتغيّر الذي يمكن التضحية به، أو تأجيله، أو مسحه من الخارطة باسم “الازدهار”.

نشهد اليوم انتقالًا صامتًا ثم مبتذلًا بقدر ما هو خطير:

من منطق أرض مقابل سلام…
إلى منطق سلام مقابل مصالح.

ومن رؤية عربية للصراع…
إلى رؤية توراتيّة–أسطورية تُقدَّم تحت اسم إبراهيم لتمنح إسرائيل شرعية فوق سياسية وفوق تاريخية.





تشرق شمس سوداء على خرائط ليست ـــ خرائطنا —الظلام القادم على الشرق !!!

يجري تحت الطاولة بناءُ شبكة مصالح ضخمة تجعل من إسرائيل رأسَ الجسر الأمني والتجاري والتكنولوجي للعرب.
وفي لحظة كهذه، يصبح التمسك بفلسطين عنصر “تعطيل”، وفعل خيانة!!!





هذا المقال محاولة لفتح نافذة في هذا الجحيم…
نافذة نطلّ منها على حقيقتين لا ثالث لهما:

1. أن ما يُسمّى سلامًا ليس سوى آخر أدوات الحرب.


2. وأن الأمة — مهما تكسّرت — لم تفقد القدرة على الانبعاث من الرماد.



فالقضية اليوم ليست “تسوية” ولا “مفاوضات”،
إنها — ببساطة — سؤال الوجود:
إما أن تحيا الأمة… أو تنقرض..



بينما يكشف جحيم أبراهام عن المشهد النفسي والسياسي الذي تُرسم فيه خرائط المنطقة، يظهر أن ما كان يُعدّ مجرد اتفاقيات دبلوماسية أصبح اليوم آلة متكاملة لإعادة هندسة الشرق الأوسط:

إسرائيل في موقع المحور، مركزًا لقوة عسكرية، اقتصادية، وتكنولوجية، تسعى إلى الهيمنة الرمزية والسياسية.

الأنظمة العربية الرسمية في موقع الزبون الراضي، تموّل مشاريع التعاون بينما تُغلق أبوابها أمام أي مقاومة فعلية للقضية الفلسطينية.

القضية الفلسطينية نفسها تتحوّل من قلب النزاع العربي–الإسرائيلي إلى “سكة موازية” تهدف فقط إلى إبقاء القضية تحت السيطرة الرمزية والإعلامية، دون أي تأثير على أرض الواقع.





الفصل الأول — اتفاقات أبراهام: من التطبيع إلى مشروع هندسة سياسية كاملة

لم يبدأ كل شيء يوم وُقِّعت المصافحة في حديقة البيت الأبيض. الحقيقة أن اتفاقات أبراهام لم تكن شرارةً مفاجئة، بل كانت اللحظة التي خرج فيها المخفي إلى العلن، والطابق الذي تُبنى فوقه هندسة جديدة للمنطقة. هندسة لا تقوم على السلام، بل على تحويل الشرق الأوسط إلى منظومة أمنية–اقتصادية تدور في فلك إسرائيل.

منذ اللحظة الأولى، كان واضحًا أن الاتفاقيات لم تُصمَّم لتعالج أصل الصراع، ولا لتوقف الاستيطان، ولا لتعيد أرضًا ولا حقًا؛ بل صُمِّمت لخلق محور جديد، محور يُعاد فيه تعريف العدو والصديق، وتُعاد فيه صياغة التحالفات بحيث تصبح إسرائيل — بكل ثقلها العسكري والتكنولوجي — هي العمود الفقري للنظام الإقليمي القادم.

1. التطبيع كأداة هندسة وليس كصفحة سلام

هذه الاتفاقات تنطلق من فكرة بسيطة وخطيرة:
أن الصراع العربي–الإسرائيلي لم يعد هو المعيار الذي تُقاس عليه سياسات الدول العربية.
بمعنى آخر: فلسطين لم تعد شرطًا لأي سلام، ولا أي نظام إقليمي.

إنها المرة الأولى التي يُفصل فيها التطبيع بالكامل عن فلسطين.
المطلوب هو:

تعاون اقتصادي عاجل

مشاريع طاقة مشتركة

ممرات نقل

استثمارات مالية

وتقارب أمني واستخباراتي


بينما تبقى القضية الفلسطينية معلّقة في فضاء الوعود الغائمة، خارج الحسابات الفعلية.

2. من "السلام" إلى "الشراكة": التحوّل الأخطر

لم تكن المعاهدات مع مصر والأردن خالية من الألم، لكنها كانت مشروطة بوضوح: انسحاب إسرائيلي مقابل ترتيبات سلام.
أما هنا، فالعكس:
ليس مطلوبًا من إسرائيل أن تغيّر شيئًا… بل المطلوب من العرب أن يغيّروا تصوّرهم عنها.

تتحول إسرائيل من كيان احتلال إلى "شريك تكنولوجي"، ثم إلى "بوابة اقتصاد"، ثم إلى "ضامن أمني" في بعض الخطابات.
وهذا ليس نتيجة حسنة النية، بل نتيجة اشتغالٍ دقيق على صناعة وعي جديد يحاول إعادة رسم صورة العدو من جذورها.

3. أمريكا تكتب والإمارات والبحرين توقع… وإسرائيل ترسم الخريطة

اللعب هنا ليس عربيًا خالصًا.
اليد الأميركية هي التي حاولت منذ 2020 — وبإصرار إدارة ترامب آنذاك — أن تدفع المنطقة نحو نموذج "سلام فوقي" لا يمس جوهر الاحتلال لكنه يفتح أبواب التجارة والتحالفات.

لكن من الذي يستفيد على المدى الطويل؟
ليس البيت الأبيض… بل تل أبيب.

فإسرائيل هي التي تدخل الخليج الآن، ليس بصفة ضيف، بل كقطب إقليمي له طموح سياسي واضح:
أن تتحول إلى مركز تدور حوله منطقة تمتد من البحر الأحمر إلى المتوسط والخليج.

4. تفكيك النظام العربي لصالح نظام "إقليمي" جديد

اتفاقات أبراهام ليست مجرد دخول إسرائيل إلى العواصم… بل خروج فلسطين من النظام العربي.
وهي أيضًا بداية نهاية النظام العربي القديم الذي كان — ولو شكليًا — يضع فلسطين في صدر البيانات.

اليوم تُبنى منظومة جديدة:

التحالفات الأمنية فيها إسرائيل لاعب محوري

الاقتصاد فيها موجَّه نحو الربط والاعتماد المتبادل

والسياسة فيها تُكيَّف وفق إيقاع تل أبيب


وهنا أخطر نقطة:
إنها ليست اتفاقات… إنها إعادة هندسة للشرق كله.




الفصل الثاني — السرد الإبراهيمي: كيف تُمنَح إسرائيل شرعية توراتية فوق الخرائط؟

حين أُعلن اسم «اتفاقات أبراهام» في 13 آب/أغسطس 2020، لم يكن اختيارًا عابرًا، ولا ابتكارًا لغويًا. كان الاسم نفسه جزءًا من المعركة. ففي لحظة واحدة، قُذِفَت المنطقة كلها داخل سردية توراتية تُحاول أن تُعيد تشكيل الوعي السياسي على أساس أسطورة العائلة الإبراهيمية، لا على أساس الحق التاريخي للشعوب فوق أرضها.

الاسم هنا ليس مجرد "ماركة دبلوماسية".
الاسم هو بوابة وعي.
من يدخل من خلالها يجد نفسه أمام منطق جديد:
أن النزاع ليس استعمارًا واستيطانًا… بل خلاف عائلي بين أبناء إبراهيم، يحتاج فقط إلى مصافحة وابتسامة كي ينتهي.

1. الأسطورة بوصفها سلطة وليست حكاية

استحضار إبراهيم في السياسة ليس شأنًا روحيًا أو رمزيًا، بل خطوة محسوبة.
فالأسطورة — حين تتحول إلى سردية رسمية — تملك قدرة هائلة على إعادة تعريف الجغرافيا والتاريخ.
وهنا… يدخل المشروع الصهيوني إلى العمق العربي من بوابة "الأب المشترك"، وكأنه يقول:

> “لسنا غرباء هنا… نحن أبناء البيت العتيق.”



وهذا ما أرادته واشنطن وتل أبيب:
أن تنتزع إسرائيل نفسها من خانة "العدو الخارجي" إلى خانة "الابن الضال الذي عاد إلى العائلة".

2. إبراهيم الذي لا نعرفه… وإسرائيل التي تريد أن نراها

في النصوص الرسمية، لا يظهر من إبراهيم إلا ظله.
لا يُستحضر النبي الذي وحّد، بل يُستحضر إبراهيم الذي تُقطَّع سيرته بطريقة تخدم سردية:
أن العهد مع نسله هو الأساس، وأن وجود إسرائيل ليس اختراقًا بل تحقيقًا لوعد قديم.

هكذا تُساق المنطقة نحو رؤية أسطورية تُخفي الاستيطان والجدران والحصار خلف صورة شاعرية عن “لقاء أبناء إبراهيم”.

لكن الحقيقة هي:
أن أبناء إبراهيم الحقيقيين — الفلسطينيين — يُقصون عن المشهد، ويُستبدلون بصورة "شعوب تلتقي"، بينما تُترك الضحية خارج الإطار.

3. تحويل الصراع من استعمار إلى خلاف عائلي

جوهر اللعبة يكمن هنا:
أنك حين تنقل الصراع من خانة الاستعمار إلى خانة الخلاف بين أبناء البيت الواحد، فأنت تُسقِط شرعية المقاومة، وتُسقِط الحق الوطني، وتُسقِط حتى اللغة التي بُني عليها الوعي العربي منذ 1948.

فالمستعمِر حين يصبح “ابن عم”، تتحول مقاومته إلى “عداء داخلي”، ويصبح الانحياز إليه “مصالحة عائلية”.

بهذه الحيلة، يُعاد تعريف الاحتلال نفسه:
لم يعد قوة تقتل وتنهب الأرض… بل طرفًا في قصة توراتية طويلة، يُراد للعرب أن يكونوا جزءًا منها دون أن يكون لهم دور فيها.

4. فلسطين: من مركز الرواية إلى الهامش البعيد

أخطر ما في السردية الإبراهيمية أنها تُخرج فلسطين من مركز الحكاية.
فبينما تُصوَّر العلاقات العربية–الإسرائيلية على أنها عودة إلى "بيت إبراهيم"، يُقدَّم الفلسطيني على أنه ضيف زائد في الصورة.

هكذا تتم إعادة ترتيب الطاولة:

إسرائيل: الابن الذي عاد

العرب: إخوة متباعدون يتصالحون

الفلسطيني: مشكلة ثانوية سيتم تسويتها لاحقًا


وعند هذه النقطة، يصبح كل شيء مهيأ لتمرير مشروع الشرق الإسرائيلي الجديد، لأن القلب الرمزي للمنطقة — فلسطين — جرى تفريغه من معناه.

5. من الأسطورة إلى الجغرافيا… ومن النص إلى الخرائط

السؤال: لماذا هذا كله؟
لأن استحضار إبراهيم هو خطوة لإضفاء شرعية فوق سياسية وفوق زمنية على الوجود الإسرائيلي.
شرعية تقول:

> “إسرائيل ليست دخيلة… هي جزء من هذه الأرض منذ إبراهيم.”



هذا البناء الرمزي هو الرف الذي يُوضَع عليه المشروع الأكبر:
تحويل إسرائيل من كيان احتلال إلى مركز إقليمي شرعي، طبيعي، بل ومطلوب.




الفصل الثالث — الشرق الإسرائيلي الجديد: المنطقة تُعاد هندستها على مقاس تل أبيب

حين ننظر إلى خريطة التطبيع التي نسجتها «اتفاقات أبراهام»، فإننا لا نرى مجرد شبكة علاقات دبلوماسية، بل خريطة شرقٍ يُعاد تصميمه بالكامل. ليس شرقًا عربيًا بصورته القديمة، ولا شرقًا أمريكيًا محضًا… بل شرقًا إسرائيليًا في بنيته ومصالحه وتوازناته.

المنطقة لم تعد تُرسم بقلم الجغرافيا، بل بعقل الأمن وبميزان المصالح، وهذه كلها اليوم — وبلا مبالغة — تتحرك تحت سقف إسرائيلي.

1. من “الشرق الأوسط الجديد” إلى “الشرق الإسرائيلي الجديد”

الفكرة ليست جديدة.
في التسعينيات، روّج شمعون بيريز لـ“الشرق الأوسط الجديد” حيث تتزعم إسرائيل التكنولوجيا والمياه والطاقة.
لكن تلك النسخة ماتت.
ما وُلد اليوم — بفضل أبراهام وبفضل انهيارات عربية متراكمة — هو النسخة المحدّثة:
شرقٌ تتمركز فيه إسرائيل، لا كشريك، بل كمرجع وكمحور.

الاختلاف جوهري:

النسخة القديمة كانت تقوم على حلم السلام. بصورته الامريكية ،لنسخة الجديدة تقوم على واقع القوة.الغاية واحظة رغم تعدد الاساليب وفق معكيات الواقع.


والقوة هنا ليست عسكرية فقط، بل اقتصادية–تكنولوجية–أمنية تجعل الأنظمة العربية بحاجة لإسرائيل، لا العكس.

2. إسرائيل كمركز طاقة واتصالات وممرات

ما يجري الآن هو تحويل إسرائيل إلى عقدة (Hub) إقليمية:

ممرات تجارية تربط الخليج بالمتوسط.

خطوط سكك حديدية تمتد من الموانئ الإماراتية إلى حيفا.

شبكة كهرباء تربط قبرص واليونان وإسرائيل بدول عربية.

استثمارات سيادية عربية توضع في التكنولوجيا الإسرائيلية.


هنا تتشكل “المعادلة الجديدة”:
لكي تدخل المنظومة الاقتصادية الحديثة، عليك أن تمر عبر البوابة الإسرائيلية.

3. الأمن فوق السياسة… وتل أبيب فوق الجميع

في قلب هذا الشرق، الأمن ليس ملفًا بل عملة.
ومن يملك عملة الأمن اليوم؟
إسرائيل.

منظمة الاستخبارات والتكنولوجيا الأمنية في تل أبيب أصبحت المورد الأول:

برامج التجسس

أنظمة المراقبة

التحليل السايبري

التدريب الاستراتيجي


وبينما تضع الأنظمة أولويتها في “حماية الداخل”، تجد إسرائيل تقدم لها ما تريد مقابل شيء واحد:
القبول بدور إسرائيل كضامن إقليمي لا يمكن تجاوزه.

4. واشنطن: الراعي الذي يضمن ألا يسقط أحد من السلسلة

الولايات المتحدة ليست طرفًا خارجيًا.
هي الراعي الذي:

دفع العرب نحو التطبيع

قدّم لإسرائيل ضمانات أمنية

وأعاد ترتيب التحالفات بحيث يصبح أي خروج عربي عن “شبكة أبراهام” مكلفًا اقتصاديًا وسياسيًا


وبذلك، تصبح الدول العربية مربوطة بسلسلة واحدة:
إن خرجت من يد إسرائيل… تشدّها يد واشنطن.

5. أين العرب في هذا الشرق؟

العرب موجودون… ولكن كأطراف متفرقة داخل شبكة مصالح لا يتحكمون في عقدها الكبرى.
التحكم اليوم:

بالمعابر

بالبحار

بالطاقة

بالبيانات

بالتكنولوجيا

وبالأمن


وهذه كلها تقع في مركز إسرائيلي، لا عربي.

لم يعد السؤال:
«ما موقع إسرائيل في المنطقة؟»
بل أصبح:
«ما مساحة المنطقة خارج نفوذ إسرائيل؟»

والإجابة… ضئيلة.

6. فلسطين: تُستبدل بالوظيفة الإقليمية

هنا نصل إلى جوهر اللعبة:
حين تُصبح إسرائيل مركزًا اقتصاديًا–أمنيًا، فإن الدفاع عن فلسطين لم يعد “مطلبًا قوميًّا”، بل يتحول — في نظر الأنظمة — إلى تهديد للاستقرار الاقتصادي.

فلسطين لم تُزَح فقط من مركز السياسة العربية، بل جرى استبدالها بوظيفة جديدة:
التطبيع بوصفه مدخل التنمية.

وبهذه الحركة الخطيرة، يصبح كل تمسك بفلسطين “تهديدًا لمنظومة الأمن الإقليمي”، ويُعاد تعريف المقاومة بوصفها “تعطيلًا لمشاريع الازدهار”.



الشرق الذي يُعاد بناؤه اليوم ليس شرقًا عربيًا، ولا شرقًا محايدًا.
إنه شرقٌ تُحفر أسسه على مقاس إسرائيل، وتُشدّ جدرانه بخيوط المصالح، ويُطلى بطلاء “السلام الإبراهيمي” كي تبدو الصورة مشرقة.

لكن خلف الطلاء… توجد حقيقة مرّة:
أن المنطقة تُعاد ترتيبها فيما الفلسطيني يتقلص، وتتمدد إسرائيل إلى حدود لم تحلم بها حتى في أدبياتها الأولى.




الفصل الرابع — مستقبل المقاومة في زمن «الشرعية العربية المفقودة»

لم تعد القضية الفلسطينية اليوم تواجه الاحتلال وحده؛ بل تواجه للمرة الأولى في تاريخها انهيار الشرعية العربية التي كانت — ولو رمزيًا — تمنحها ظهرًا سياسيًا وأخلاقيًا.
ومع توسّع اتفاقات إبراهيم، وتحوّل التطبيع إلى جزء بنيوي في «الشرق الإسرائيلي الجديد»، يصبح الفلسطيني أمام سؤال وجودي:
كيف يقاوم شعبٌ تُسحب من تحته الأرض… وتُسحب من حوله الأمة؟

لكن التاريخ لا يصنعه الفراغ، بل يولّد من لحظات السقوط أشدّ الموجات راديكاليةً وصلابةً. وهكذا، فإن فقدان الشرعية العربية الرسمية لا يعني نهاية المقاومة، بل قد يكون الشرارة التي تعيد تشكيلها في صور غير مسبوقة.

1. انفصال المسارين: تطبيع بلا فلسطين ومقاومة بلا غطاء

مع استمرار التطبيع، تدخل فلسطين في عزلة سياسية متعمّدة:

الأنظمة العربية تربط بقاءها بتحالفات أمنية واقتصادية مع واشنطن وتل أبيب.

و«القضية» تتحوّل في خطابهم إلى ملف إنساني أو حقوقي لا صلة له بالتحرّر أو الاستقلال.


في هذا الجو، تصبح المقاومة — خصوصاً في غزة والضفة — مجرد عبء أخلاقي وسياسي بالنسبة لمن وقّعوا اتفاقات إبراهيم.
لكن هذا «الفراغ العربي» ليس نهاية الطريق، بل بداية مسار جديد أكثر خشونة.

2. ولادة جيل مقاومة أشدّ صلابة… حين تنطفئ السياسة وتشتعل الغريزة

حين يُدفَع شعبٌ إلى الزاوية، ويُترَك وحيدًا تحت القصف والحصار والتجويع، يتحوّل النضال من خيار سياسي إلى غريزة حياة.
لهذا يتوقّع أن نشهد ولادة:

نخَب ميدانية شابة لا تنتمي إلى البيروقراطيات الفصائلية القديمة.

مقاتلين لا يعتبرون أنفسهم حركة مقاومة، بل سلسلة بشرية تمنع الفناء.

أساليب قتال أكثر مرونة وابتكارًا: الأنفاق المتشعّبة، حرب المدن الذكية، العمليات المركّبة، الهجمات الدقيقة منخفضة الكلفة.


إن جيل ما بعد 2023 ليس جيل أوسلو، ولا جيل الانتفاضتين، بل جيل لا يرى أمامه إلا الموت… أو أن يمنع الموت.

3. «انفجار الشارع العربي» وصعود طلائع ثورية جديدة

قد تظنّ الأنظمة أنها أغلقت كل الأبواب، لكن التاريخ العربي يقول إن الانهيار الأخلاقي للسلطة يفتح بابًا للثورة.

ومع غياب الموقف العربي الشريف، ستتشكّل في عدد من البلدان:

حركات شبابية تعتبر فلسطين معيارًا أخلاقيًا لا يمكن تجاوزه.

موجات احتجاج سياسية واجتماعية ترتبط بشكل عضوي بمصير القضية.

مثقفون وكتّاب وفاعلون اجتماعيون يصوغون خطابًا ثوريًا جديدًا، لا قوميًا تقليديًا ولا إسلاميًا كلاسيكيًا، بل تيارًا غاضبًا يربط بين تحرير فلسطين وتحرير الداخل العربي.


هذا ليس احتمالاً رومانسيًا، بل سيناريو تاريخي منطقي: كل سقوط رسمي يولّد بديله الشعبي.

4. انهيار الإطار السياسي الفلسطيني… وصعود قيادة بديلة

قد يكون أخطر ما في «الشرق الإسرائيلي الجديد» أنه يدفع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية إلى مأزق تاريخي:
لا هي قادرة على التفاوض، ولا قادرة على المقاومة، ولا تمتلك شرعية شعبية حقيقية.

عند نقطة حرجة، يحدث ما يلي:

تآكل كامل لشرعية السلطة سياسيًا وشعبيًا.

قيام مجلس قيادة فلسطيني جديد داخل الأراضي نفسها، مؤلف من ممثلي فصائل ومجاهدين ومؤسسات مجتمعية.

انتقال مركز القيادة من فنادق العواصم إلى الأنفاق والمخيمات ومناطق الاشتباك.

عودة نموذج «الجبهة الوطنية الموحدة» على الطريقة الفيتنامية، حيث تذوب الاختلافات لمصلحة هدف واحد:
منع الفناء الوطني.


5. «حرب الضفة الكبرى»: حين تتحول الجغرافيا إلى جحيم مفتوح للاحتلال

الضفة الغربية مرشحة أن تكون «غزة الثانية» في سيناريو دراماتيكي يغيّر مسار الصراع.

والمؤشرات واضحة:

نمو خلايا مقاومة مستقلة لا علاقة تنظيمية لها بالقيادات التقليدية.

تحوّل 60% من الضفة إلى مناطق سيطرة ليلية للمقاومة.

نشوء «مراكز محرّرة» في جنين، الخليل، نابلس، تُدار محليًا وبحماية مسلّحة.

خسارة إسرائيل قدرتها على السيطرة اليومية، ما يفتح الباب أمام استنزاف استراتيجي طويل المدى.


إن اشتعال الضفة يعني أنّ الاحتلال سيواجه حربين:
حرب غزة التي لم تُطفأ… وحرب جديدة لا يمكنه احتواؤها.

6. الفوضى العربية وتعرّي الأنظمة

إذا تزامن التطبيع مع أزمة اقتصادية خليجية، أو اضطراب داخلي في مصر أو الأردن، أو صراع أمريكي–إيراني، أو انهيار في سوق الطاقة، فإن الأنظمة ستنشغل ببقائها.
وفي هذه الحالة:

تتراجع القبضة الأمنية.

يكسر الشارع «جدار الخوف».

تعود فلسطين إلى الواجهة كعنوان للكرامة العربية المهدورة.

وتظهر حركات عربية مقاومة تنسّق مع الداخل الفلسطيني.


في هذا المشهد، يصبح النظام العربي الرسمي هشًا مثل قشرة بيض، بينما يعود الشعب إلى مركز الفعل التاريخي.

7. «تحالف المقاومة الكبرى»: الشعب وحده يصنع محوره

حتى لو تخلّى الرسميون، تبقى الأمة.
ومع الوقت تتشكّل شبكة مقاومة إقليمية غير رسمية تضم:

لبنان المقاوم

الأردن الشعبي

اليمن

العراق

سوريا بعد الحرب

شمال أفريقيا

الجاليات العربية حول العالم


ويدعمها إقليميًا اللاعبون الذين يرون في إسرائيل خطرًا استراتيجيًا، لا «شريكًا» كما تروّج اتفاقات إبراهيم.

هذا التحالف لا يشبه الجيوش التقليدية، بل هو:
شبكة ممتدة من الدعم والتسليح والإعلام والعمل الميداني، وهي الصيغة التي تخشاها إسرائيل تاريخيًا.

8. الشرعية الإسرائيلية نفسها تبدأ بالتشقق

إسرائيل ليست صلدة.
ومع أي استنزاف طويل في غزة والضفة والشمال، يتفاقم:

الانقسام السياسي

الصراع بين الحاخامات والعلمانيين

هجرة يهودية عكسية

أزمة اقتصادية

تآكل «قوة الردع»


وبذلك تتحوّل «إسرائيل الكبرى» — التي بشّر بها نتنياهو — إلى كيان يعيش حربًا وجودية داخل نفسه.

موت الأنظمة… أم موت الأمة؟

يبدو المشهد اليوم كما لو أنّ الأنظمة العربية تسير نحو الفناء الأخلاقي والسياسي، بينما الشعب الفلسطيني يسير نحو موجة جديدة من المقاومة لا تشبه كل ما سبق.
فقدان الشرعية العربية ليس موتًا للقضية… بل ولادة لمرحلة جديدة تجبر التاريخ على الاختيار:

إما موت الأمة… أو حياتها من جديد.




الفصل الخامس — التوازن الإقليمي والدولي الجديد: ردع المقاومة في عصر الشرق الإسرائيلي

مع دخول اتفاقيات إبراهيم حيّز التنفيذ، لم يعد الشرق الأوسط هو ذاته الذي عرفته المنطقة منذ النكبة. فالقضية الفلسطينية لم تعد تُدار ضمن إطار عربي–إسرائيلي تقليدي، بل أصبحت جزءًا من منظومة أمنية–اقتصادية مركّبة، تشارك فيها الولايات المتحدة، إسرائيل، بعض الأنظمة العربية الرسمية، وقوى إقليمية صاعدة تبحث عن دور جديد في لحظة انهيار النظام العربي القديم.

في هذا الفصل نقرأ التحولات الكبرى التي رسمت “التوازن الجديد”، ونحلل ما يمكن أن تواجهه المقاومة الفلسطينية في ظل فقدان الشرعية الرسمية، وكيف تبتكر أدوات صمود وردع جديدة في واقع يزداد اختناقًا من فوق… ويتحرر من تحت.




1. التحالفات الإقليمية الجديدة: إسرائيل في مركز البنية

اتفاقيات إبراهيم لم تكن “سلامًا” بالمعنى الدبلوماسي، بل إعادة هندسة للمنطقة، وضعت إسرائيل في قلب البنية الجديدة عبر ثلاثة مسارات:

أولًا: التمركز الاقتصادي–التكنولوجي

مشاريع مشتركة في الطاقة والذكاء الاصطناعي والمياه.

فتح الأسواق الخليجية أمام الشركات الإسرائيلية.

دمج إسرائيل في خطوط التجارة والموانئ الجديدة.


ثانيًا: التمكين الأمني

مظلة حماية أمريكية غير مسبوقة.

منظومات دفاع جوي مشتركة.

تبادل معلومات استخباراتية مع بعض الأنظمة العربية.


ثالثًا: الشرعية الرمزية

خطاب “العائلة الإبراهيمية”.

تذويب مفهوم الاحتلال في سردية “الروابط الإيمانية والتاريخية”.

قفز فوق جوهر الصراع: الأرض، الشعب، والحقوق.


هذه الشبكة تجعل أي صدام عربي–إسرائيلي مباشر أمرًا صعبًا…
لكنها لا تلغي قدرة المقاومة على المناورة، بل تفرض عليها مستوى أعلى من الذكاء الاستراتيجي والمرونة التكتيكية.




2. فقدان الشرعية العربية الرسمية: ثغرة خطيرة ونافذة جديدة

فقدان الغطاء العربي الرسمي للمقاومة يخلق ثقلًا جديدًا على الفلسطينيين:

تراجع الدعم المالي واللوجستي التقليدي.

ضغط عربي–دولي للحد من التصعيد.

حملات إعلامية رسمية لنزع الشرعية عن العمل المقاوم.

محاولات تصوير المقاومة كعقبة أمام “الاستقرار الاقتصادي” الذي تُسوّقه إسرائيل.


لكن هذا الخذلان الرسمي لا ينهي المقاومة، بل يفتح فراغًا يمكن أن يملأه الشعب الفلسطيني والعرب من القاعدة:

أولًا: شبكات مقاومة شعبية داخلية

تنظيمات خفيفة، مرنة، بلا هرمية واضحة، أصعب على الاختراق والإحباط.

ثانيًا: دعم شعبي عربي واسع

عبر وسائل التواصل، الاقتصاد المقاطع، والتحركات المدنية.

ثالثًا: تحالفات إقليمية غير رسمية

قوى لا ترتبط بحسابات الأنظمة، وتتحرك وفق منطق الصراع التاريخي لا منطق الترتيب الأمريكي.

هكذا يتحول فقدان الشرعية الرسمية من تهديد مباشر إلى عامل محفّز لولادة مقاومة أكثر استقلالاً وجذرية.




3. عناصر الردع الفلسطيني في عصر التطبيع

على الرغم من تشديد الخناق، تمتلك المقاومة أدوات يمكنها عبرها فرض معادلة جديدة:

1) المرونة التكتيكية

الأنفاق التي أثبتت فعاليتها رغم التطور التقني الإسرائيلي.

حرب المدن والكمائن.

العمليات المركبة التي تستنزف العصب الأمني الإسرائيلي.

ضرب العمق بطرق نوعية تربك جبهته الداخلية الهشة.


2) حرب الاستنزاف الطويل

إسرائيل تتفوق في الحرب الخاطفة، لكنها تنزف في الحروب الطويلة.
وكل يوم استنزاف يضيف تكلفة سياسية ونفسية على شارعٍ يعاني أصلًا من الانقسام الداخلي.

3) شبكة دعم غير رسمية

لبنان، بعض القوى الإقليمية، الشتات الفلسطيني، والجاليات العربية—كلها تشكّل دائرة ضغط تتجاوز الأنظمة.

4) الوعي الشعبي العربي–الإسلامي

رغم انهيار الموقف الرسمي، بقيت فلسطين المحل الأخلاقي الأول في الوعي العام.
وهذا الوعي، في عصر الإعلام المفتوح، يصبح قوة ردع معنوية لا تستطيع إسرائيل شراءها أو قمعها.



4. سيناريوهات المواجهة والردع في المرحلة المقبلة

تتشكل المرحلة القادمة من ثلاثة سيناريوهات رئيسية:

أ) التصعيد المحدود

عمليات مركزة في غزة والضفة.

ضربات إسرائيلية “مضبوطة”.

عواصف سياسية عربية لإدانة “التطرف من الجهتين”.


هدف المقاومة:
إثبات الوجود، كسر الهدوء الإسرائيلي القائم على التطبيع.




ب) الحرب الإقليمية الجزئية

يشمل ذلك:

اشتعال الجبهات من غزة إلى الضفة إلى جنوب لبنان.

انجرار إسرائيل إلى مواجهة متعددة الجبهات.

استثمار المقاومة للفوضى العربية لإرباك “الشرق الأوسط الجديد”.


هدف المقاومة:
إجهاض التمدد الإسرائيلي قبل أن يصبح حقيقة نهائية.




ج) حرب الاستنزاف الطويلة (السيناريو الأرجح)

لا حرب شاملة ولا تهدئة مستقرة.

عمليات نوعية متقطعة.

انهيار تدريجي لمعادلة الأمن الإسرائيلي.

تحول الأراضي المحتلة إلى جبهات يومية.


هدف المقاومة:
فرض واقع جديد تُضطر إسرائيل معه لإعادة حساباتها، حتى مع استمرار التطبيع.



5. العوامل الدولية والإقليمية المؤثرة في المعادلة

أ) الولايات المتحدة

تمنح إسرائيل مظلة حماية، لكنها لا تستطيع:

حماية الاحتلال من الداخل،

أو منع الضربات النوعية،

أو منع التآكل البطيء في الوعي الإسرائيلي.


ب) القوى الإقليمية (خصوصًا إيران وما بعدها)

لن تخوض حروبًا مباشرة، لكنها:

توفر الخبرة،

التكنولوجيا،

والدعم النوعي الذي يطيل عمر المقاومة.


كما أن قوى عربية صاعدة تعتبر إسرائيل تهديدًا وجوديًا لمستقبلها.

ج) الأنظمة العربية الرسمية

ملتزمة بتثبيت التطبيع وتجميد الصراع، لكن:

ضغط الشارع،

الانهيار الاقتصادي،

وتغيّر الأجيال
قد يجبر بعضها على تبديل موقعه عند أول هزة كبرى.




6. نحو مقاومة جديدة: بين الخذلان والتحول التاريخي

نحن أمام لحظة خطيرة ومفتوحة:
إما موت الأمة سياسيًا… أو ولادة جيل مقاومة جديد يرفض “عصر الشرق الإسرائيلي”.

الملامح الأولى بدأت تظهر:

مجموعات شبابية في الضفة بلا انتماء حزبي تقليدي.

موجات غضب عابر للحدود على شبكات التواصل.

ميل واضح لدى الجيل الجديد نحو مقاومة أكثر جذرية وبراغماتية في آن.

وعي يتجاوز الانقسام العربي الرسمي، ويبني شرعية جديدة تقوم على الحق، لا على الأنظمة.


هكذا يصبح التصعيد—سواء ~كان محدودًا أو مفتوحًا—ليس خيارًا~ عسكريًا فقط، بل:

إعادة تعريف للشرعية والهوية والوجود.

فلسطين لم تعد مجرد جبهة، بل اختبار حياة أو موت للأمة.
والتوازن الإقليمي الجديد، مهما بدا قويًا، يبقى هشًا إذا اصطدم بإرادة شعب يعرف أن قضيته ليست ملفًا سياسيًا… بل مصيرًا تاريخيًا.


الفصل السادس — داخل العقل الإسرائيلي: هواجس البقاء، عُقد الأسطورة، وخوف القوة

من الصعب فهم لحظة “الشرق الأوسط الجديد” أو اتفاقيات أبراهام أو موجة التطبيع العربية من دون الغوص في العمق النفسي الإسرائيلي. فإسرائيل لم تكن يومًا مشروعًا طبيعيًا، ولا دولة تجد نفسها في توازن مع محيطها، بل كيانٌ يعيش على طرفي نقيض: قوة عسكرية هائلة من جهة، وخوف وجودي مشحون من جهة ثانية.
هذه الثنائية ليست تفصيلًا، بل هي التي توجه قرارات الحرب، وتدفع إسرائيل إلى هندسة المنطقة من جديد، وتضغط على الأنظمة العربية لتطبيع غير مشروط، لأنها تحتاج — نفسيًا قبل سياسيًا — إلى اعتراف دائم يكبح خوفها من الفناء.

في هذا الفصل نمسك بالخيط الذي يُحرّك الذراع الإسرائيلية كلها: عقدة الفناء.




1. هاجس الفناء: عقدة الأساسين – الهولوكوست والديموغرافيا



لا توجد دولة في العالم تُدرّس لأطفالها يوميًا أنها قد تختفي غدًا… إلا إسرائيل.
هذا ليس مبالغة، بل عقيدة كاملة:

الهولوكوست ليس ذكرى بل “وظيفة سياسية”.

“أعداء يحيطون بنا من كل جانب”.

“نحن أقلية مهددة وسط بحر عربي”.

“الدولة الصغيرة التي قد تُباد في ساعات”.

هذه السردية ليست خطابًا إعلاميًا، بل تُبرمج وعي الإسرائيلي من الروضة إلى الجيش إلى السياسة.
هكذا تتحول عقدة الفناء إلى دافع دائم تجاه:

السيطرة،

التفوق العسكري،

تدمير أي قوة عربية أو فلسطينية قد تظهر،

والحاجة المَرَضية إلى أن يكون العرب في موقع “التصفيق” لوجود إسرائيل.

ومن هنا نفهم لماذا:

التطبيع ليس خيارًا سياسيًا لإسرائيل، بل علاج نفسي جماعي.




2. الأسطورة التوراتية: “العهد الإلهي” كذريعة لا تنطفئ



إسرائيل لا تكتفي بالخوف، بل تُحيله إلى حق توراتي:

“أرض الآباء”.

“شعب الله المختار”.

“حق العودة إلى صهيون”.

“الوصية الإلهية”.

هذه الأسطورة لم تكن عاملًا روحيًا فقط، بل منصة سياسية:

1. تُبرّر الاحتلال.


2. تُحوّل الاستيطان إلى عبادة.


3. تجعل رفض الفلسطينيين للاستيطان خطيئة لا مقاومة.


4. تمنح التطبيع العربي تبريرًا: “نحن وإياكم أبناء إبراهيم”.



ولذلك أُطلقت تسمية اتفاقيات إبراهيم بدلاً من اسمها السياسي المباشر.
إسرائيل تريد أن تعيد كتابة التاريخ، وتكتب للعرب دورًا جديدًا:
دور “الإخوة العائدين إلى العائلة الإبراهيمية”.

وكل دولة توقع تقول لإسرائيل دون أن تشعر:
نحن نقبل روايتك عن نفسك.

وهذا أخطر ما في الأمر.




3. الخوف من المقاومة: القنبلة التي لا يستطيعون تفكيكها



إسرائيل تملك قنبلة نووية…
لكنها تخاف من حجر في يد فتى فلسطيني.

هذا التناقض ليس لغزًا، بل هو قلب العقل الأمني الإسرائيلي:

القوة لا تمنح الأمان.

السلاح لا يمنع الهلع.

الجيش لا يعطي شرعية.

التفوق العسكري لا يُنهي فكرة المقاومة.

إسرائيل تعرف أنها دولة بلا جذور طبيعية في الأرض، وأن وجودها مرتبط بثلاثة:

1. دعم أمريكا،


2. انقسام العرب،


3. إخماد المقاومة.



ولهذا ترى إسرائيل في المقاومة — بأجنحتها المختلفة — التهديد الوحيد الحقيقي، لأنها ليست تنظيمًا فحسب، بل قضية، وذاكرة، وارتباط بالأرض.

ومتى تآكلت القضية — عبر التطبيع — تعتقد إسرائيل أنها ستقتل الروح التي تغذي المقاومة.




4. الانقسام الداخلي: الصدع الذي يكشف هشاشة الكيان



علينا الاعتراف:
جزء كبير من “جنون القوة” الإسرائيلي ليس ثقة… بل خوف من الداخل.

الانقسامات التي تعصف بإسرائيل اليوم:

علمانيون ضد متدينين.

أشكناز ضد شرقيين.

يمين ضد يمين متطرف.

مجتمع يحتقر قيادته ويخاف مستقبله.

صراع على هوية الدولة: دينية؟ قومية؟ ليبرالية؟ توراتية؟

حتى الجيش نفسه دخل مرحلة اهتزاز بعد حروب غزة الأخيرة.
ومليونية الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو كشفت كيف أن “الدولة النموذجية” ليست سوى كتلة متنافرة.

هذا الانقسام يُضغط عليه عربيًا عبر التطبيع:
فإسرائيل تقول لشعبها:

العرب يعترفون بنا… لماذا لا تعترفون أنتم ببعضكم؟

لكن هذا لا ينجح…
لأن التطبيع يرمّم السطح ولا يعالج التشقق.




5. لماذا تحتاج إسرائيل إلى شرق أوسط جديد؟



هناك ثلاثة دوافع أساسية:

أولًا: لأن الخوف أكبر من القدرة العسكرية

وحده الاعتراف العربي الشامل يعطي الإسرائيلي شعورًا أن وجوده ليس محل جدل.

ثانيًا: لأنها تريد خنق القضية الفلسطينية إلى آخر شهيق

التطبيع يُحيد العرب.
المسار الاقتصادي يُحيّد العالم.
والمسار الأمني يُحيد المقاومة.

ثالثًا: لأنها تريد أن تصبح مركز المنطقة

شرق أوسط جديد يعني:

ممرات تجارة تمر عبرها،

غاز يُصدَّر عبر موانئها،

بروتوكولات أمن تطبع مع الأنظمة،

وتحالفات تضعها “الأخ الأكبر”.

هذا ليس مشروعًا اقتصاديًا…
بل مشروع طمأنينة نفسية.

العقل الإسرائيلي يريد أن يستيقظ يومًا ما ويقول:

لقد أصبحت إسرائيل طبيعية… العرب صاروا هم الهامش.



6. ما الذي يكشفه هذا الفصل في إطار البحث؟



يكشف شيئًا واحدًا بعمق:
إسرائيل ليست قوية كما تظهر، وليست مستقرة كما تدّعي، بل تُقاتل خوفها من الفناء عبر الاحتواء القسري للعرب.

وكلما تضاعف التطبيع، تضاعف خوف إسرائيل من اليوم الذي ستنهار فيه هذه الفقاعات…

لأن التطبيع لا يغيّر وجود الكيان في الوعي العربي.
بل يؤجّل المواجهة.

ومن هنا، نفهم:
الهشاشة الإسرائيلية ليست نقطة ضعف فقط…
بل نافذة يمكن أن يعبر منها الفلسطينيون والعرب إذا أحسنوا فهمها واستثمارها.



الفصل السابع — ما بعد جحيم أبراهام: سقوط أسطورة السلام وعودة الروح العربية

من يقرأ المشهد العربي والإسرائيلي اليوم يظن أن “السلام” قد انتصر، وأن إسرائيل تثبّت حضورها في كل العواصم العربية، وأن فلسطين تُساق إلى غرفة الإنعاش الأخيرة…
لكن الحقيقة أن ما يحدث ليس صعودًا للسلام، بل اقتراب لحظة الانفجار.

فعِقد أبراهام الذي بدأ بالتوقيع والاحتفال، يقترب الآن من مرحلة الانهيار… انهيار بطيء، صامت، لكنه حتمي.
ليس لأن الأنظمة ستتراجع — فهي لن تتراجع — بل لأن الشعوب لا تدفع ثمن الوعي إلى الأبد.

1. سقوط أسطورة “السلام مقابل الازدهار”

بعد خمس سنوات على إطلاق المشروع، تكشّف للعرب أن:

لا ازدهار جاء،

لا شراكات تحقّقت،

لا أمن استقر،

لا إسرائيل أصبحت “جارتهم اللطيفة”.


بل على العكس:
الوجود الإسرائيلي صار عبئًا على من طبّعوا قبل غيرهم، وارتفع منسوب الاحتقان الشعبي، وصارت الأنظمة التي اندفعت إلى التطبيع تعيش اليوم في حرج سياسي متصاعد.

فقد اكتشف الجميع أن السلام الموعود لم يكن سوى بيع وهم…
وأن إسرائيل لا تُعطي شيئًا بلا ثمن، والثمن دائمًا هو:
فلسطين.

2. المقاومة: من القوة المحاصَرة إلى المرجعية الوحيدة

بالمقابل، أثبتت سنوات ما بعد أبراهام شيئًا لم يكن في حساب المخططين:

أن المقاومة لم تضعف… بل اكتسبت شرعية شعبية أعمق من أي وقت.
بل أكثر من ذلك:
استعادت المقاومة دورها الهوياتي، فأصبحت ليست حركة مسلحة فقط، بل تمثيلًا لآخر ما تبقّى من كرامة العرب.

ومع أن الأنظمة أسقطت عنها الشرعية الرسمية، إلا أن الشرعية الشعبية ازدادت.
ومع كل جولة مواجهة، ومع كل عملية فدائية، ومع كل اشتباك في جنين أو غزة أو القدس… كانت المعادلة تتأكد:

التطبيع ينهار… والمقاومة تتمدد.

3. انفجار التناقض العربي: الشعوب ضد الأنظمة

المشروع الإسرائيلي بُني على رهان واحد:
أن الشعوب العربية ستتعب، ستخضع، ستُطبع عقولها كما طُبعت عواصم حكوماتها.

لكن ما حصل كان العكس تمامًا:

1. جيل 2025–2030 هو الجيل الأكثر عداءً لإسرائيل منذ 50 عامًا.


2. منصات التواصل تحولت إلى ساحات مقاومة.


3. صورة إسرائيل كمحتل وكمجرم لم تعد قابلة للغسل الإعلامي.


4. والرأي العام العربي — من الخليج إلى الأطلسي — عاد إلى نقطة الصفر: لا شرعية لإسرائيل مهما حاولوا.



وهذا الانفصال المتوحّش بين الشعوب والأنظمة يخلق بيئة قابلة للانفجار… وربما لانبعاث طلائع ثورية عربية جديدة — كما ذكرت أنت — لأن القضية لم تعد سياسية فقط، بل أصبحت في وجدان الأمة:
قضية مصير حضاري.

4. فلسطين تعود مركزًا… عندما ينهار كل شيء

مهما حاولت إسرائيل دفن القضية في “مشاريع اقتصادية”، و”استثمارات مشتركة”، و”منطقة سلام إقليمي”…
فلسطين تعود دائمًا إلى الواجهة.

القدس ليست صفقة.
غزة ليست ملفًا.
والضفة ليست مستوطنة كبيرة.

إنها بوّابة الروح العربية.
ولهذا السبب تحديدًا يخافون منها.

كل انهيار سياسي في المنطقة — من سوريا إلى لبنان إلى السودان — أعاد كشف أكبر حقيقة:
أن ضياع فلسطين هو مصدر كل الانهيارات.
وأن نهضة فلسطين ستكون مفتاح نهضة العرب.

5. الشرق الأوسط الجديد… ينقلب على صانعيه

المعادلة التي بناها الأمريكي والإسرائيلي تقوم على:

تحالف مع الأنظمة،

شراكات اقتصادية،

تهميش الهوية العربية،

إقصاء فلسطين.


لكنّهم لم ينتبهوا إلى عنصر واحد:
الهوية لا تموت.
يمكن سحقها، تشويهها، استبدالها… لكنها تعود دائمًا عندما تفشل المشاريع.

واليوم، مشروع الشرق الأوسط الجديد ينهار لأن:

إسرائيل غير مستقرة من الداخل،

أمريكا تضعف من الخارج،

العرب ينهارون اقتصاديًا،

والمقاومة تتصاعد شعبيًا،

والجيل الجديد يرى في إسرائيل عدوه الأول، وفي الأنظمة المتحالفة معها خيانة واضحة لا تحتاج إلى تبرير.


هكذا تبدأ المشاريع الكبرى بالسقوط: من داخلها… لا من خارجها.

من جحيم أبراهام إلى لحظة الانبعاث العربي

ربما يكون المشهد قاتمًا…
وربما تبدو إسرائيل في ذروة قوتها…
وربما يبدو العرب في أسوأ حالاتهم…

لكن التاريخ يعلّمنا أن الأمة لا تموت بالسيف…
بل تموت حين تفقد سببًا تقاتل من أجله.

واليوم، رغم كل السواد، ورغم كل الانهيار، ورغم كل الانكسارات…
هناك حقيقة جديدة تولد بين الركام:

فلسطين عادت قضية وجود.
وعندما تصبح القضية وجودًا… تولد الأمم من جديد.


التمسك بالهوية والوجود

في قلب كل ما حدث، وبين كل اتفاق وتطبيع، وبين نار كامب ديفيد وجحيم أبراهام، تظل الحقيقة ثابتة:

قيمنا لم تُبع،
هوّيتنا لم تُمحَ،
عروبتنا لم تُنكَر،
إسلامنا لم يُفرَّغ،
أرضنا لم تُهدم،
وجذور أجدادنا لا تزال تحفر عميقًا في التربة.

كل محاولات الفصل، كل مشاريع الطمس، كل السرديات المزيفة… لم ولن تستطيع أن تمحو هويتنا.
الفلسطينيون والعرب اليوم يقفون أمام امتحان وجودي:
إما أن نُسلم بالانكسار، أو نتمسك بما نحن عليه، ونُعيد صياغة قوتنا من الداخل، من جذورنا، من أرضنا ومن قيمنا.

فالتمسك بالهوية ليس خيارًا… بل معركة وجودية.
ومن يدافع عن الأرض والكرامة، يدافع عن الأمة كلها.

وهكذا، مهما امتد الظلام، ومهما تكاثفت نيران التطبيع، ستبقى الحقيقة واضحة:
من التمسك بالقيم، بالهوية، بالعروبة، بالإسلام، بالأرض وبجذور الأجداد… يولد الانبعاث.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصّاروخ المُوجَّه و«شحّاطة» عمّتي: أن تُضرب وتُطالَب بالاعت ...
- المقاومة بعد وهم السلام: قراءة جديدة في الصراع الفلسطيني الإ ...
- المقاومة اخر الحصون امام (الشرق الصهيوني الجديد)
- المخاطر التي تحيق بالهوية الفلسطينية: بين طمس الوعي وإعادة ت ...
- الهيمنة الأميركية وصكوك الاستسلام الجديدة: من أمن إسرائيل إل ...
- 3. -المنعطف الإقليمي: حزب الله يمدّ يده للرياض… مناورة أم اس ...
- ضربة قطر،أيقظت العرب أم كشفت عجزهم؟
- حسن مراد: الحاضر على الأرض والمتمسك بالهوية العربية
- من صدمة 7 اكتوبر الى ادارة الكارثة: مسار الموقف العربي
- خطاب بري… بين تثبيت السلاح وتوسيع دائرة الأزمة
- اتركوا التيس الصهيوني وامسكوا حمدان
- غزة المقبلة على مذبحة: قرار الاحتلال أُخذ... والمذبحة تُعدّ
- لبنان والسلاح بين الاستقلال والسيادة المُقنّنة: هل بدأ فصل ا ...
- في مواجهة العاصفة: وحدة الموقف هي سلاحنا الأخير
- لتحريض المذهبي وآليات الاستجابة: مسؤولية مزدوجة في تفكيك الم ...
- واشنطن تضغط... وتل أبيب تحصد: لبنان بين كماشة الموانئ واسترا ...
- بين الاحتلال والداعم: واشنطن شريك المشروع الصهيوني منذ النشأ ...
- تقارب الضرورة: سوريا الجديدة وإسرائيل بين تفاهمات أمنية وحسا ...
- الفيدرالية والطائفية في المشرق العربي: مدخل للتفتيت لا لإدار ...
- الشرعية الدولية والقضية الفلسطينية: من تزوير التاريخ إلى تبر ...


المزيد.....




- ترتيب الجناة الرئيسيين خلف مقتل 67 إعلاميا وفقا لمراسلون بلا ...
- -الغبيات القذرات-… عبارة بريجيت ماكرون التي أشعلت فرنسا
- الكونغرس الأمريكي يوافق على إلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات ع ...
- تشيكيا تشرّع استخدام مادة السيلوسيبين المستخلص من الفطر السح ...
- إسرائيل تقر بناء 764 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية ا ...
- لوموند: إسرائيل تفرض نظاما غير مسبوق من الإرهاب في الضفة الغ ...
- الذكاء الاصطناعي يكتب أكثر في 2026 لكن الصحافة البشرية لا تف ...
- قوة إسرائيلية تفجر منزلا بعد تسللها في جنوب لبنان
- صحف عالمية: غزة تتعرض لوصاية استعمارية غير قانونية بقيادة تر ...
- زعيم الانقلاب الفاشل في بنين يفر إلى توغو المجاورة


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - من نار كمب ديفيد...الى جحيم ابراهام