أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - من قرار الهدنة إلى وصاية القرن: كيف تُعاد هندسة الشرق الأوسط باسم “الاستقرار الدولي”؟














المزيد.....

من قرار الهدنة إلى وصاية القرن: كيف تُعاد هندسة الشرق الأوسط باسم “الاستقرار الدولي”؟


خورشيد الحسين
كاتب وباحث سياسي

(Khorshied Nahi Alhussien)


الحوار المتمدن-العدد: 8555 - 2025 / 12 / 13 - 12:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن قرار مجلس الأمن الأخير بشأن غزة مجرد ملف دبلوماسي آخر على طاولة الأمم المتحدة. إنه أخطر نصّ مرّ على المنطقة منذ اتفاقيات أوسلو، لأنه لا يعلن نهاية حرب، بل بداية وصاية.
نعم… وصاية دولية مغلّفة بورق السيلوفان الإنساني، مفخّخة بمفردات “الحماية” و“التهدئة” و“مجلس السلام”.

منذ اللحظة الأولى لقراءة القرار، يدرك القارئ المتشكّك أن الأمر يتجاوز وقف إطلاق النار. فالمجلس لا يكتفي بإعلان هدنة، ولا يطلب مراقبين، بل:

يُنشئ هيئة تحكم غزة.
ويُفوض قوة دولية.
ويمنح الولايات المتحدة دور القيادة.

هنا تحديداً يبدأ الشك.
فالشك ليس رأياً… بل منهج قراءة.
ومن دون الشك، سنُعاد هيكلة وعينا كما يُعاد إعمار غزة: على المقاس الأميركي – الإسرائيلي.




الهدنة كأداة… والاستقرار كفخّ

حين تقول واشنطن إن مهمّة القوة الدولية هي “تحقيق الهدوء المستدام”، يجب أن تسأل: الهدوء لمن؟
لأهل غزة؟ أم للاحتلال الذي يريد الذهاب إلى حرب أخرى دون ضجيج إعلامي؟

وحين يقال إن المهمة “مؤقتة حتى نهاية 2027”، يجب أن نتذكّر أن المؤقت في السياسة أخطر من الدائم، لأنه يمرّ بلا مقاومة.

وحين يعلن ترامب، وهو الرئيس الأميركي الحالي، أن غزة تحتاج إلى “إدارة رشيدة”، فإن ما يقصده ليس إنقاذ البشر، بل إنقاذ المشروع: مشروع شرق أوسط جديد مركزه إسرائيل، وحدوده تُرسم عند كل هدنة.




غزة كـ“كعكة سياسية”: تُطبخ في البيت الأبيض وتُقدّم على موائد العرب

في ظاهر الاتفاق:

إعادة إعمار…

مساعدات إنسانية…

فتح المعابر…


لكن في جوهره:
تسليم غزة لمجلس إدارة دولي، مهمته الأولى والأخيرة نزع روح المقاومة.

هذه ليست هدنة بل عملية تحويل غزة من كيان مقاوم إلى منطقة منزوعة السياسة.
يقولون: “نزع سلاح حماس”.
والحقيقة: نزع سلاح الوعي.

فالمرحلة الثانية من الاتفاق – التي ضغطت واشنطن لبدئها قبل أعياد الميلاد – ليست مرحلة بناء، بل مرحلة إحكام السيطرة:

رقابة كاملة على الأمن.

إدارة مالية خارجة عن يد الفلسطينيين.

إعمار مشروط: دولار مقابل صمت.


والأخطر:
خريطة إسرائيل تتمدّد تحت دخان الهدنة:
يهودا والسامرة… جنوب لبنان… الغوطة… ممر داوود إلى البحر…

كل هذا يحتاج إلى شيء واحد فقط:
هدنة تُخدّر المنطقة وتمنح إسرائيل وقتاً ذهبياً.



العرب: حضورهم صامت… ومالهم ناطق

الدول العربية ــ مصر، قطر، الإمارات، السعودية ــ ليست خارج اللعبة.
هي جزء من الإخراج السياسي:
الهدنة تحتاج رعاة.
والإعمار يحتاج ممولين.
وواشنطن تحتاج شرعية عربية لتسويق المشروع.

لكن الشعوب العربية، التي بلغت نسبة تضامنها مع غزة 92%، تعرف الحقيقة:
هذه هدنة تُخفي حرباً.
وسلامٌ يخبئ استسلاماً.
ومشروع إعمار يدفن الذاكرة تحت الأسمنت.

هنا يتفجّر السؤال الأكبر:

هل أصبح المال العربي أداة في مشروع سياسي لا يخدم أي عربي؟




إسرائيل: الهدنة كتكتيك… والتوسّع كاستراتيجية

في الجيش الإسرائيلي هناك قاعدة:
“لا سلام بلا تفوّق، ولا تفوّق بلا خريطة جديدة.”

لهذا تُرحّب إسرائيل بقوة الاستقرار الدولية، لأنها قوة تحمي ظهرها وتمنحها فرصة لترتيب بيتها الداخلي… والتفرغ للجبهات الأخرى:

الضفة تُحوَّل إلى “كانتونات اقتصادية”.

غزة تُدار دولياً.

الجنوب اللبناني يُرسم فيه خط جديد.

سوريا — بحاكمها الحالي الجولاني — تُفتح لها بوابات تسوية أمنية.


كل هذه التحركات تحتاج إلى شيء واحد:
وقت بلا حرب… بلا صواريخ… بلا مقاومة.

وهذه هي وظيفة الهدنة.




الفلسطيني: آخر من يُسأل… وأول من يُدفع الثمن

في كل الاتفاقات السابقة منذ مدريد وأوسلو حتى أبراهام، كان الفلسطيني هو آخر من يُستشار.
لكن في هذه الهدنة، أصبح الفلسطيني آخر من يُرى.

تحت عنوان “رفع الأنقاض”، هناك محاولة لرفع قضية غزة نفسها من التاريخ.
تحت عنوان “إعادة الإعمار”، هناك محاولة لإعادة هندسة الهوية.
تحت عنوان “مجلس السلام”، هناك محاولة لإخراج القرار الوطني من يد الشعب.

والمؤلم أن العالم صامت…
والعرب يعرفون…
والفلسطيني وحده يقاوم.




هذا ليس اتفاقاً… بل فصل تأسيسي لمشروع كامل

إن قراءة قرار مجلس الأمن واتفاق الهدنة لا يجب أن تتم بعيون القانون، بل بعيون السياسة.
فالقرار ليس مجرد ورقة، بل منصة لإطلاق مشروع:
مشروع يعيد تعريف غزة، ويعيد تعريف المنطقة، ويعيد تعريف من يملك قرار الحرب والسلام.

وعليه:
إن الهدنة ليست هدية…
والإدارة الدولية ليست حماية…
وقوة الاستقرار ليست قوة سلام…

بل أداة هندسة صامتة لشرق أوسط جديد، يُصنع من فوق، ويُفرض على من تحت.

والسؤال الأخير الذي يجب أن يسمعه القارئ العربي بوضوح:

هل نحن أمام هدنة… أم أمام إعادة استعمار؟



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)       Khorshied_Nahi_Alhussien#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام السلطوي العربي: استراتيجيات الصمود وتفكك المجتمع
- من نار كمب ديفيد...الى جحيم ابراهام
- الصّاروخ المُوجَّه و«شحّاطة» عمّتي: أن تُضرب وتُطالَب بالاعت ...
- المقاومة بعد وهم السلام: قراءة جديدة في الصراع الفلسطيني الإ ...
- المقاومة اخر الحصون امام (الشرق الصهيوني الجديد)
- المخاطر التي تحيق بالهوية الفلسطينية: بين طمس الوعي وإعادة ت ...
- الهيمنة الأميركية وصكوك الاستسلام الجديدة: من أمن إسرائيل إل ...
- 3. -المنعطف الإقليمي: حزب الله يمدّ يده للرياض… مناورة أم اس ...
- ضربة قطر،أيقظت العرب أم كشفت عجزهم؟
- حسن مراد: الحاضر على الأرض والمتمسك بالهوية العربية
- من صدمة 7 اكتوبر الى ادارة الكارثة: مسار الموقف العربي
- خطاب بري… بين تثبيت السلاح وتوسيع دائرة الأزمة
- اتركوا التيس الصهيوني وامسكوا حمدان
- غزة المقبلة على مذبحة: قرار الاحتلال أُخذ... والمذبحة تُعدّ
- لبنان والسلاح بين الاستقلال والسيادة المُقنّنة: هل بدأ فصل ا ...
- في مواجهة العاصفة: وحدة الموقف هي سلاحنا الأخير
- لتحريض المذهبي وآليات الاستجابة: مسؤولية مزدوجة في تفكيك الم ...
- واشنطن تضغط... وتل أبيب تحصد: لبنان بين كماشة الموانئ واسترا ...
- بين الاحتلال والداعم: واشنطن شريك المشروع الصهيوني منذ النشأ ...
- تقارب الضرورة: سوريا الجديدة وإسرائيل بين تفاهمات أمنية وحسا ...


المزيد.....




- بناه السلطان لخياطه الموثوق.. مبنى فريد في إسطنبول يعود إلى ...
- بيوم لقاء بوتين وأردوغان.. أول تعليق من تركيا على هجوم روسي ...
- تضرر 3 سفن تركية بهجوم روسي على ميناء أوكراني.. وكاميرا توثق ...
- مصر.. فيديو لشخصين يقيدان رجلاً مسناً بعامود إنارة والداخلية ...
- كيم جونغ أون يستقبل جنودًا كوريين شماليين عادوا بعد القتال إ ...
- غزة بلا وقود: أزمة الغاز تتحول إلى كارثة إنسانية.. ونازحون ي ...
- استمرار القتال بين تايلاند وكمبوديا رغم إعلان ترامب وقف إطلا ...
- حكومة غزة: ربع مليون نازح بالقطاع تضرروا من تداعيات منخفض -ب ...
- إيران تحتجز ناقلة -وقود مهرب- في خليج عمان وتعتقل طاقمها
- 6 آليات عسكرية إسرائيلية تنتهك القنيطرة جنوبي سوريا


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - من قرار الهدنة إلى وصاية القرن: كيف تُعاد هندسة الشرق الأوسط باسم “الاستقرار الدولي”؟