حامد الضبياني
الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 12:27
المحور:
قضايا ثقافية
ليستِ اللغةُ
حروفًا تُرصّ على سطورٍ باردة،
ولا أصواتًا تُتلى ثم تمضي…
أنتِ كائنٌ من معنى،
يمشي على أقدامِ النحو،
ويتنفّسُ صرفًا،
ويستحمّ في بلاغةٍ
تعرفُ كيف تُخفي النارَ تحت المجاز.
يا لغةَ الضاد،
يا الوحيدةَ التي نطقتْ الحرفَ
كما يُنطقُ المصير،
ثقيلًا، عميقًا،
كأن اللسانَ حين يلامسه
يعقدُ ميثاقًا مع التاريخ.
فيكِ
الفعلُ لا يتحرّكُ عبثًا،
بل يعرفُ زمنه،
ماضيهُ الذي نجا،
ومضارعهُ الذي يُقاوم،
وأمرهُ الذي لا يُقال
إلا حين تكون الكرامةُ
في صيغة الوجوب.
وفيكِ
الاسمُ لا يُسمّى اعتباطًا،
يُرفعُ حين يعلو،
ويُنصبُ حين يتألّم،
ويُجرّ
حين ينحني تواضعًا للمعنى.
حتى السكونُ عندكِ
ليس فراغًا،
بل وقفةُ حكيم
يعرفُ متى يصمت
كي لا يُكسر الوزن.
أيتها العربية،
يا لغةَ القرآن
حين نزلَ المعنى كاملًا
دون ترجمة،
وحين صار الحرفُ عبادة،
والتلاوةُ موسيقى
تعرفها الأرواح
ولو لم تتعلّم القراءة.
فيكِ
الشعرُ لا يُكتب،
بل يُنقَّبُ عنه
كما تُنقَّبُ الحضارات،
بيتًا بيتًا،
وتفعيلةً
تطرقُ القلب
قبل الأذن.
أنتِ لغةٌ
إذا أحبّت
أبدعت،
وإذا غضبت
أعربت،
وإذا سكتت
فالصمتُ عندها
أفصحُ من الخطب.
يا لغةَ الجمال الصارم،
والدهشة المنضبطة،
يا موسيقى لا تُعزف
إلا بقواعد،
ولا تُحلّق
إلا بميزان.
بعيدُكِ ليس احتفالًا،
بل تذكيرٌ
أننا ما زلنا أحياء
ما دمنا ننطقكِ
كما ينبغي…
لغةً،
وهوية،
وقدَرًا
من ضاد.
#حامد_الضبياني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟