محمد حمد
الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 21:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ البداية ظهر الوجه البائس للعملية السياسية في العراق. وزادها بؤسا ما قام به حفنة من السياسيين الجهلة الذين أمضوا جلّ ايام "نضالهم" في الميادين الخطأ. ميادين السمسرة والتجارة والعمالة الرخيصة للاجنبي. مع أرباب نعمة لا يرون في العراق سوى آبار نفط يمكن الاستيلاء عليها بسهولة عن طريق وكلاء محليين. وهذا ما حصل !
وهنا لابد من القول بان البؤس، بالمعنى الشائع للكلمة، دخل عالم السياسة في كل مكان ومن اوسع ابوابه. ولكن العراق يبقى النموذج (النموذجي) لصورة البؤس في العمل السياسي. وأصبح الوجه الشاحب لعراق ما بعد الغزو والاحتلال هو السمة الظاهرة للعيان رغم كثرة المستشارين والخبراء وأطباء علم النفس. ومليارات الدولارات من عائدات النفط. وكانّ العراق أصيب بفقر الدم السياسي، إذا جاز التعبير.
فمن النادر، والنادر جدا أن ترى رئيس مجلس القضاء الاعلى، في أية دولة ما عدا العراق، وهو يستقبل شخصيات سياسية في مكتبه. ويدلي بتصريحات حول تشكيل الحكومة والاستحقاق الدستوري وما شابه ذلك. علما أن مثل هذه التصريحات يفترض أن تصدر عن رئيس الجمهورية باعتباره الضامن للدستور والحاكم العادل (إذا امكن) بين الفرقاء السياسيين.
في اوروبا، وليس في أوروبا فقط، لا يظهر القضاة على شاشات التلفزيون. ويكون عملهم بشكل الزامي خلف جدران المحاكم والدوائر المختصة. ولا يجرون مقابلات تلفزيونية استعراضية وبشكل متكرّر. هناك التزام دستوري وقانوني واخلاقي، بالفصل بين (السلطات الثلاث) التشريعية والتنفيذية والقضائية. وكل طرف يعي ويدرك جيدا الحدود المرسومة له. أما في سياسة العراق البائسة فهناك اصرار، أخلاقي وسياسي وحتى دستوري، على الخلط بين السلطات الثلاث. وكل طرف يرى في حدود الآخرين (حايط ناصي) يسمح له بالتطفّل على شؤون وصلاحيات غيره.
فيا ترى هل بؤس السياسة يأتي من بؤس السياسيين. ام بالعكس؟
#محمد_حمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟