أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض قاسم حسن العلي - نعوم تشومسكي: العقل النقدي بين اللسانيات والسياسة















المزيد.....



نعوم تشومسكي: العقل النقدي بين اللسانيات والسياسة


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 20:49
المحور: قضايا ثقافية
    


منذ منتصف القرن العشرين، رسّخ نعوم تشومسكي موقعه كأحد أبرز العقول النقدية في العالم. لم يكن مشروعه الفكري محصورًا في المختبرات اللغوية أو قاعات الجامعات، لكنه انفتح على نقد السياسة الدولية، وبالأخص السياسة الخارجية الأمريكية، وفضح آليات السيطرة الإعلامية والثقافية. هذا التداخل بين النظرية العلمية والنقد السياسي جعله حالة فريدة في الفكر المعاصر، حيث تلاقت دراسة بنية اللغة مع دراسة بنية السلطة.
---------------
●الجذور الفكرية والمسار الشخصي

وُلد نعوم تشومسكي عام 1928 في مدينة فيلادلفيا الأمريكية، لأسرة يهودية مهاجرة من أصول أوكرانية. كان والده، وليم تشومسكي، عالمًا بارزًا في اللغة العبرية وتاريخها، ومؤلفًا لعدد من الدراسات في النحو العبري وتطور الأدب اليهودي في الشتات. هذه البيئة العائلية لم تمنح تشومسكي فقط الاطلاع المبكر على اللغات والاهتمام بالبحث العلمي، بقدر ما كوّنت لديه منذ الطفولة حسًّا نقديًا تجاه الهوية والثقافة والسياسة. كان البيت عامرًا بالكتب والنقاشات الفكرية، حيث التداخل بين التراث اليهودي والثقافة الغربية الحديثة، وهو ما أتاح له أن يعيش في قلب جدل الهوية والانتماء والمعنى منذ سنواته الأولى.
انخرط تشومسكي منذ صباه في النقاشات السياسية الدائرة حول الصهيونية ومستقبل اليهود بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى عكس التيار السائد داخل الجالية اليهودية في أمريكا، أبدى تحفظًا واضحًا تجاه النزعة القومية اليهودية المتطرفة، معتبرًا أنها تحمل في طياتها خطر التحول إلى أداة إقصاء وقمع. هذا الموقف المبكر سيظلّ ركنًا مركزيًا في خطابه النقدي اللاحق، سواء في مواقفه من إسرائيل، أو في تحليلاته الأوسع لنزعات السلطة القومية والإمبريالية. كان وعيه النقدي يتشكل إذن على قاعدة مزدوجة: وعي لغوي-ثقافي داخل العائلة، ووعي سياسي-أخلاقي منفتح على أسئلة العدالة.
في المجال الأكاديمي، التحق تشومسكي بجامعة بنسلفانيا حيث درس الفلسفة واللسانيات، وتأثر بعدد من الأساتذة الذين دمجوا بين التحليل الفلسفي الصارم والدراسة العلمية للغة. هذا الجمع بين الفلسفة والعلم سيصبح لاحقًا السمة المميزة لمشروعه الفكري. وقدّم هناك أطروحاته الأولى التي مهدت لانتقاله إلى التفكير في البنية العميقة للغة، متجاوزًا النظرة السطحية الوصفية التي كانت سائدة في اللسانيات البنيوية آنذاك.
التحق بعدها بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، الذي سيغدو المحطة الأهم في مسيرته الأكاديمية. في هذا الفضاء البحثي، صاغ تشومسكي ثورته اللغوية المعروفة بـ"النحو التوليدي التحويلي"، والتي أعادت تعريف فهمنا للغة بوصفها قدرة فطرية مغروسة في العقل البشري، وليست مجرد تراكم للتجربة أو تقليد للمجتمع. هذا الاكتشاف كان أيضًا إعلانًا فلسفيًا حول طبيعة الإنسان، وقدراته الإدراكية، وإمكاناته الخلّاقة.
لكن من اللافت أن تشومسكي لم ينفصل أبدًا بين مساره الأكاديمي ومساره السياسي؛ ففي الوقت الذي كان يحدث فيه ثورة في علوم اللغة، كان أيضًا يكتب بجرأة ضد الحرب الأمريكية في فيتنام، وينتقد الإمبريالية الأمريكية، ويقف مع قضايا العدالة وحقوق الشعوب. وهكذا، شكّلت حياته مثالًا نادرًا على الالتقاء بين النظرية والممارسة، بين البحث العلمي والالتزام الأخلاقي والسياسي.

● النحو التوليدي التحويلي

حين نشر نعوم تشومسكي كتابه المفصلي "البُنى التركيبية" (1957) كان يعلن ميلاد منظومة فكرية كاملة أعادت تعريف ما تعنيه اللغة وما يعنيه العقل الإنساني. فقد شكّلت نظريته في النحو التوليدي التحويلي قطيعة معرفية مع الاتجاهات السائدة آنذاك، وخصوصًا السلوكية، وفتحت أمام الدرس اللغوي آفاقًا نظرية لما تزال آثارها ممتدة حتى اليوم.
ينطلق تشومسكي من افتراض جوهري مفاده أن الطفل يولد مزوّدًا بـ جهاز لغوي فطري (Language Faculty) — منظومة معرفية داخلية تمكّنه من فهم القواعد العميقة لأي لغة بشرية والتعامل معها بسرعة استثنائية. هذه البنية نظام كوني من المبادئ والقواعد الأساسية يشترك فيها البشر جميعًا، وأطلق عليها لاحقًا اسم النحو الكلّي (Universal Grammar).
حيث تتحول اللغة من كونها سلوكًا مكتسبًا إلى بنية عقلية توليدية قادرة على إنتاج عدد لا محدود من الجمل ابتداءً من عدد محدود من العناصر.
قبل تشومسكي، كان الاتجاه السلوكي يرى أن اللغة تُتعلَّم بالطريقة نفسها التي يتعلم بها الكائن الحي الاستجابات الشرطية: تعزيز، محاكاة، تكرار، مكافأة. لكن تشومسكي بيّن أن هذه النظرية عاجزة عن تفسير ظواهر لغوية أساسية، مثل أن الطفل ينتج جُملًا لم يسمعها من قبل، ما يعني أنه لا يكرر فحسب والطفل يفهم قواعد نحوية ضمنية دون أن يتعرّض لها بشكل مباشر ،والمدخلات التي تصله من البيئة ناقصة أو مشوَّشة أحيانًا، ومع ذلك ينجز اكتسابًا لغويًا كاملًا.
هذه الفجوة بين غنى المخرَج وفقر المدخَل هي ما عُرف لاحقًا بمفهوم فقر المحفّز (Poverty of the Stimulus)، وهو الرهان الأقوى لتشومسكي على وجود آلية عقلية فطرية تفسّر قدرة الطفل على إعادة بناء قواعد لغته من إشارات محدودة.

قدم تشومسكي نموذجًا يرى أن كل جملة لغوية تمتلك بنية عميقة (Deep Structure) — مستوى تجريدي يحمل علاقاتها الدلالية والنحوية الجوهرية — تُحوَّل عبر قواعد معينة إلى بنية سطحية (Surface Structure) هي الصياغة اللفظية النهائية التي نسمعها.
هذه الفكرة سمحت بفهم اللغة كعملية توليد (Generation) لا كعملية نسخ. فالجملة نتيجة تفاعل بين عمليات عقلية داخلية تولّدها من مخزون محدود.
أطروحة تشومسكي أنتجت تحولات واسعة كظهور اللسانيات الإدراكية التي تربط اللغة ببنى العقل وآليات الفهم والإدراك. كذلك كان لها تأثير مباشر في علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي، ففكرة القواعد التوليدية ألهمت بناء لغات البرمجة والنماذج النحوية، بالإضافة إلى تحولات في الفلسفة التحليلية، خصوصًا في نقاشات العقل واللغة والمعنى ، وإعادة تشكيل علاقة اللسانيات بالعلوم المعرفية، بحيث أصبحت اللغة مدخلًا جوهريًا لفهم ما يمكن أن يفعله العقل.

جذر الثورة التشومسكية يكمن في إعادة الاعتبار للعقل باعتباره قوة مُنشئة، لا مجرد مستجيب للبيئة. فالإنسان — وفق هذا التصور — يعيد تنظيم العالم عبر بنيته اللغوية الفطرية، ما يعني أن اللغة هي أداة بناء الواقع.
هذه المقاربة كسرت فكرة "العقل اللوح الفارغ" (Tabula Rasa)، وفتحت أمام العلوم الإنسانية بوابة جديدة لفهم الإبداع الإنساني، ليس فقط في اللغة، أنما في التفكير والتصور والتعبير.

النحو التوليدي التحويلي ثورة إبستمولوجية غيّرت طريقة مقاربة اللغة والعقل، وأرست أسسًا لمشروع فكري متعدد التخصصات يمتد من اللسانيات إلى الذكاء الاصطناعي والفلسفة المعرفية، ولا يزال أثره حاضرًا بقوة في كل نقاش حول طبيعة الإنسان وقدرته على إنتاج المعنى.

● النحو الكلّي والذهنية اللغوية

بعد إرساء الأسس الأولى للنحو التوليدي التحويلي، انتقل تشومسكي إلى تطوير واحدة من أكثر أفكاره تأثيرًا وإثارة للجدل: النحو الكلّي (Universal Grammar). في هذا التصور، لم تعد اللغات مجرد منظومات صوتية أو تركيبية متباينة تنتج عن بيئات وثقافات مختلفة، إنما صارت مظهرًا سطحيًا لتكوين ذهني واحد يشترك فيه البشر جميعًا. وهذا التكوين هو جهاز فطري، مغروس في بنية الدماغ الإنساني، يمكّن الطفل من اجتياز المسافة بين الأصوات المتناثرة في محيطه وبين بناء نسق لغوي متكامل في مدة زمنية قصيرة وبمدخلات محدودة للغاية.
الفكرة هنا تتجاوز الوصف اللغوي لتصبح أطروحة عن طبيعة العقل. فالاختلاف اللغوي الذي يبدو، من النظرة الأولى، فوضويًا أو لا نهائي التعدد، يراه تشومسكي مجرد اختلاف في “السطح” (Surface Structure)، أي في الأشكال والتجليات، بينما تُردّ هذه الاختلافات إلى “بنية عميقة” (Deep Structure) مشتركة، تمثل القواعد الذهنية الأولية لبناء الجمل وتحويلها. ومعنى ذلك أن الطفل يبدأ من نظام مسبق يسمح له بفرز المدخلات، وتحديد الممكن والمستحيل نحويًا، وصياغة قواعد لم يسمعها بشكل مباشر. وهكذا يتحول تعلم اللغة من عملية تراكمية إلى فعل استدلالي داخلي يستند إلى قدرات فطرية لا تُكتسب بالتجربة وحدها.
هذا التصور أحدث تحولًا معرفيًا عابرًا للتخصصات. ففي الفلسفة، وفّر النحو الكلّي أساسًا نظريًا جديدًا للدفاع عن كونية العقل البشري وقدرته على إنتاج المعنى، في مواجهة نزعات النسبية الثقافية التي كانت تؤكد أن التفكير محكوم بالبنى الاجتماعية والثقافية. وفي علم النفس المعرفي، أسهمت أطروحات تشومسكي في الإطاحة بالنموذج السلوكي القائم على المحاكاة والتعزيز، واختبار فكرة أن الطفل “عقلًا نشطًا” يعمل وفق خوارزميات داخلية. أما في الذكاء الاصطناعي، فقد ألهمت فكرة البنية التوليدية جهودًا مبكرة لمحاكاة القدرة البشرية على إنتاج عدد لانهائي من الجمل عبر قواعد محدودة — أي القدرة الإبداعية للغة لا مجرد تكرار الأنماط.
وبهذا تحوّل النحو الكلّي إلى بيان أنطولوجي عن الإنسان: ثمة ما هو مشترك وجوهري في التجربة البشرية، يتجاوز اختلاف الثقافات والألسنة، ويتجلى في طريقة واحدة — وإن تعددت صورها — لتنظيم المعنى. من هنا اكتسبت نظرية تشومسكي حضورًا مركزيًا في الجدل الحديث بين الكونية (Universalism) والنسبية (Relativism)؛ فهي تعيد طرح سؤال أعمق عن طبيعة العقل، وحدود الثقافة، وما إذا كان الإنسان يُعاد تشكيله بالكامل بواسطة محيطه أم يحمل في داخله بنية أولية يستمد منها القدرة على الفهم والابتكار.

النحو الكلّي منظور شامل لفهم الإنسان بوصفه كائنًا يولّد المعنى، لا كائنًا يتلقّاه فقط.

●الأثر الفلسفي والمعرفي

الأثر الفلسفي والمعرفي في مشروع تشومسكي يتجاوز حدود اللسانيات بالمعنى الضيق، ليتحوّل إلى تدخل عميق في فهم الإنسان نفسه، وفي إعادة بناء تصوّر العلوم الإنسانية عن العقل واللغة والمعرفة. والواقع أن هذا الامتداد هو جوهر ما جعل أطروحة تشومسكي إحدى الركائز المؤسسة لما سُمّي لاحقًا بالثورة المعرفية.
في علم النفس، ساهم طرحه في تفكيك التصور السلوكي الذي كان ينظر إلى العقل كصندوق أسود لا معنى لدراسته، وأن اللغة ليست إلا استجابات متعلمة عبر التكرار والتعزيز. اعتراض تشومسكي على هذا النموذج، خصوصًا في مراجعته الشهيرة لكتاب سكينر "السلوك اللفظي"، فتح الباب أمام علم نفس جديد يعتمد على دراسة البنى الذهنية الداخلية: كيف تُعالِج الذاكرة البعيدة والقريبة الإشارات اللغوية؟ ما هي الآليات العقلية التي تسمح بتركيب جملة جديدة لم تُسمع من قبل؟ كيف ينتقل العقل من حدود المدخلات الجزئية إلى بناء منظومة قواعدية كاملة؟ هذه الأسئلة صنعت لحظة انتقالية أبرزت العقل بوصفه منظومة توليدية نشطة، قادرة على الابتكار لا مجرد الاستجابة.

وفي الفلسفة، أحدثت فكرة الفطرية اللغوية أثرًا هائلًا. فقد قدّم تشومسكي صياغة علمية حديثة لمبدأ كان يُنسب إلى العقلانيين، لكنه ظلّ طويلاً في إطار التكهن الماورائي: أن الإنسان يولد مزوّدًا بهياكل معرفية سابقة على التجربة. مشروع النحو الكلّي قدّم لهذا الادّعاء صلابة علمية: لا يمكن تفسير قدرة الطفل على اكتساب قواعد لغوية معقدة بمدخلات محدودة إلا بوجود جهاز لغوي فطري، أي مستوى عميق من المبادئ المشتركة بين جميع البشر. بهذا المعنى، أعاد تشومسكي صياغة النقاش حول العقل من مواجهة تجريدية بين العقلانيين والتجريبيين إلى جدل يستند إلى أدلة لغوية–معرفية يمكن اختبارها وتحليلها.

بينما في فلسفة اللغة والفلسفة التحليلية، لعبت مفاهيم البنية العميقة والبنية السطحية دورًا محوريًا في إعادة التفكير في طبيعة المعنى، وكيف يتشكل، وكيف تُبنى العلاقات بين التركيبات اللغوية والمحتوى الذهني. هذا التأثير امتد إلى حوارات واسعة حول العقل الاصطناعي، نُظُم التمثيل الرمزي، وحدود محاكاة الآلة للغة البشرية. فحجّة "القدرة التوليدية" ألهمت مبكّرًا محاولات بناء نماذج قادرة على إنتاج جمل جديدة بطريقة منهجية، بدل الاكتفاء بخوارزميات إحصائية أو تكرارية.

قدّم تشومسكي تحديًا مباشرًا لفرضية النسبية اللغوية التي كانت ترى في اللغة إطارًا حاكمًا للفكر. أما هو فاعتبر أن ثمة مستوى أعمق من التنظيم الذهني ثابت لدى البشر جميعًا، وأن تنوّع اللغات ليس أكثر من اختلاف في الأسطح التعبيرية. هذه الرؤية نقلت النقاش من سؤال: هل تختلف عوالم البشر باختلاف لغاتهم؟ إلى سؤال أشد عمقًا: ما هي البنية المشتركة التي تجعل البشر قادرين أساسًا على التعبير، والتأويل، وإنتاج الدلالة؟

في المحصلة، يشكّل الأثر الفلسفي والمعرفي لمشروع تشومسكي انقلابًا في الطريقة التي نفكّر بها في اللغة والعقل. فالنظريات التي بناها أسست منظومة معرفية جديدة ترى الإنسان ككائن يحمل في داخله قدرات فطرية توليدية، يتجاوز بها حدود الخبرة المباشرة، ويعيد من خلالها بناء العالم عبر اللغة. هذا التحول كان إعادة رسم للخريطة الفكرية للعلوم الإنسانية في النصف الثاني من القرن العشرين، وما يزال أثره حاضرًا حتى اليوم في النقاشات حول الإدراك، والذكاء الاصطناعي، وطبيعة المعرفة البشرية.

● نقد الإمبريالية الأمريكية

يرى نعوم تشومسكي أن السياسة الخارجية الأمريكية، منذ منتصف القرن العشرين، تمثّل شكلاً معقّدًا ومتعدد الطبقات من الهيمنة العالمية، لا يمكن فهمه من خلال الخطاب الرسمي الذي قدّمته الدولة الأمريكية عن ذاتها، لكن عبر تحليل البنى العميقة التي تنظّم علاقتها بالعالم. ومنذ حرب فيتنام، تحوّل تشومسكي إلى أبرز الأصوات التي قرأت الدور الأمريكي بوصفه امتدادًا لإمبرياليات سابقة، ولكن بأدوات جديدة تستند إلى مزيج من القوة العسكرية، والهيمنة الاقتصادية، والتفوق الإعلامي.
هذا النقد بني على مقاربة تحليلية دقيقة قريبة من منهجه في اللسانيات. ففي كتابه "القوة الأمريكية والماندرين الجدد"، واجه الرواية الرسمية التي بررت حرب فيتنام بوصفها صراعًا دفاعيًا ضد الشيوعية. استخدم أرشيفًا ضخمًا من الوثائق العسكرية ومحاضر الكونغرس ليبيّن أن الهدف الحقيقي للحرب كان منع تشكّل نموذج استقلالي في جنوب شرق آسيا قد يشجّع بقية دول العالم الثالث على الانفصال عن المدار الأمريكي. بالنسبة لتشومسكي، كانت فيتنام جزءًا من شبكة أشمل من التدخلات التي تهدف إلى ضبط حركة الشعوب وإخضاع مسارات تطورها السياسية والاقتصادية بما يخدم مصالح واشنطن.
وفي العقود اللاحقة، ومع نهاية الحرب الباردة، كان من المتوقع أن تتراجع النزعات الإمبريالية، لكن تشومسكي رأى العكس تمامًا. في كتابه "الهيمنة أو البقاء: السعي الأمريكي للسيطرة العالمية"، اعتبر أن سقوط الاتحاد السوفيتي فتح المجال أمام شكل أحادي القطب من الهيمنة، تستخدم فيه الولايات المتحدة تفوقها العسكري للحفاظ على نفوذها، كما حدث في غزو العراق 2003. وإلى جانب القوة الصلبة، أشار تشومسكي إلى أدوات "الإمبريالية الناعمة": سياسات صندوق النقد والبنك الدولي، وتوجيهات الشركات العابرة للقوميات، وهي أدوات تفرض نمطًا اقتصاديًا نيوليبراليًا يجعل الدول الفقيرة رهينة للديون وإملاءات السوق العالمية.
ما يميز تفكير تشومسكي السياسي هو طابعه البنيوي. فهو لا يكتفي بإدانة الحرب أو نقد خطاب الإدارة، لكنه يسعى إلى فهم النظام الذي يجعل التدخلات ممكنة أصلاً من خلال بنية اقتصادية عالمية تُعاد صياغتها باستمرار للحفاظ على تفوق النخبة الأمريكية، وإعلام يصوغ السرديات بطريقة تُخفي الحقائق البنيوية خلف لغة مثالية عن الحرية وحقوق الإنسان. يتعامل تشومسكي مع الإعلام كما تعامل مع اللغة: بنية خاضعة لقوانين الإنتاج والسيطرة، قادرة على إعادة تشكيل الإدراك الجمعي في اتجاه محدد.
إن قيمة هذا النقد تكمن في إعادة تعريف مفهوم الإمبريالية في العالم المعاصر. فهي شبكة متداخلة من النفوذ، تشارك فيها الشركات والأسواق والمؤسسات الدولية والجيوش ووسائل الإعلام. هذا الفهم أتاح إعادة التفكير في القضايا الكبرى: العدالة الدولية، حق تقرير المصير، العلاقة بين المعرفة والسلطة، ودور المواطن في مواجهة منظومات القوة.

تشومسكي مفكّر أعاد صياغة طريقة النظر إلى القوة في العالم الحديث. لقد قدّم نموذجًا يمزج بين التحليل الوثائقي الدقيق، والصرامة الأخلاقية، والرؤية الفلسفية التي ترى في الهيمنة نظامًا يمكن تفكيك منطقه الداخلي، لا مجرد سلسلة من الوقائع المنفصلة.

● نموذج الدعاية

في كتابه البالغ التأثير "صناعة القبول: الاقتصاد السياسي لوسائل الإعلام" (1988)، الذي ألّفه بالتعاون مع إدوارد هيرمان، أعاد نعوم تشومسكي تعريف طبيعة عمل الإعلام المعاصر، مقدّمًا ما أصبح يُعرف لاحقًا بـ "نموذج الدعاية".
كان هدف هذا النموذج الكشف عن البُنى العميقة التي تجعل الوسائل الكبرى—وخاصة في الولايات المتحدة—جزءًا عضويًا من منظومة القوة السياسية والاقتصادية، حتى حين تبدو في ظاهرها مستقلة أو ناقدة.
يشدّد تشومسكي وهيرمان على أن المشكلة ليست "مؤامرة" أو تعليمات مباشرة تملى على غرف الأخبار، المشكلة هي شبكة من المصالح والضوابط البنيوية تشكّل ما يمكن أن يُنشر وما يجب إسقاطه أو تهميشه. هذه الشبكة تعمل عبر خمس مرشحات أساسية تتحكّم، بصورة غير مرئية غالبًا، في إنتاج الخبر:

1. الملكية :المؤسسات الإعلامية الكبرى مملوكة اليوم لشركات ضخمة متعددة الأنشطة، تمتد استثماراتها إلى قطاعات التكنولوجيا والطاقة والدفاع والترفيه. هذا التشابك يجعل الوسائل الإعلامية، بحكم بنيتها المؤسسية، أكثر حرصًا على حماية مصالح المالكين، وتجنّب كل ما يهدّد ربحيتهم أو صورتهم في السوق. الإعلام هنا خادم لبنية اقتصادية هائلة تحدد سقف النقد وحدود المسموح.

2. الإعلان : بما أنّ الإعلانات تمثل المصدر الرئيسي لتمويل غرف الأخبار، تصبح المؤسسات الإعلامية مضطرة—بوعي أو بدونه—لعدم إغضاب المعلنين أو الإضرار بصورتهم. فالشركة التي تموّل برامجك أو صفحاتك تُحدد ضمنيًا طبيعة المحتوى الممكن. وهكذا يتحوّل "السوق" إلى محرّر غير مرئي، يملي ما يمكن قوله وما يجب اقصاؤه حتى لا يتأثر تدفّق المال الإعلاني.

3. المصادر : يرى تشومسكي وهيرمان أن اعتماد الصحفيين على مصادر السلطة—الوزارات، الجيش، الشركات العملاقة، أجهزة الأمن—يعطي هذه الجهات قدرة تنظيمية واسعة على صياغة الأجندة الإخبارية. فحين يصبح المصدر الرسمي هو القناة الأساسية للمعلومات، تصبح "الرواية الرسمية" إطارًا جاهزًا تُملأ ضمنه الأخبار، فيما يُهمَّش كل صوت خارج هذه الدائرة لافتقاره إلى الشرعية أو المعلومات المطلوبة.

4. الردود السلبية (Flak) : يقصد بها الكاتبان الحملات المنسّقة التي يُشنّها سياسيون أو جماعات ضغط أو شركات كبرى ضد أي وسيلة إعلامية "تتجاوز" الحدود المتوقعة منها. هذه الردود قد تأتي على هيئة دعاوى قضائية، حملات تشويه، قطع للإعلانات، أو ضغط سياسي مباشر. وبمرور الوقت، تتعلم المؤسسات الإعلامية أن تتجنب ما يجرّ عليها "فلاكًا" مكلفًا، فتُحجّم نفسها ذاتيًا دون حاجة إلى رقابة صريحة.

5. الإيديولوجيا المهيمنة : وهي الإطار الفكري الذي يوجّه تفسير الأحداث، وغالبًا ما يتغير مع الزمن. في الحرب الباردة كانت "مناهضة الشيوعية" هي العدسة المسيطرة، وفي العقود اللاحقة حلّت محلها إيديولوجيات مثل "الحرب على الإرهاب" أو "الدفاع عن القيم الغربية". هذه الإيديولوجيات تعمل كفلتر يقدّم بعض الأخبار بوصفها تهديدًا، ويُهمّش أخرى بوصفها هامشية أو غير ذات صلة.

من خلال هذه المرشحات الخمسة، يصل تشومسكي وهيرمان إلى نتيجة جوهرية: الإعلام وظيفة من وظائف النظام وليس منفصلاً عنه.
إنه يصنع "قبولًا عامًا" بالسياسات السائدة، عبر آليات بنيوية دقيقة تضمن استمرار الإجماع السياسي والاقتصادي.
بهذا النموذج، يُظهر تشومسكي أن الإعلام لا يفرض رقابة مباشرة على العقول، لكنه يمارس تأثيره بطريقة أكثر نعومة وفاعلية: عبر تحديد حدود النقاش المشروع. أي أن وسائل الإعلام تسمح بالنقد، لكنها تحصره في إطار لا يهدد المصالح الجوهرية للنظام. فالخلافات قد تُبرز وتُناقش، لكن البنية العميقة للسلطة – كدور الشركات العملاقة، أو هيمنة السياسة الخارجية الأمريكية – تبقى بمنأى عن النقد الجذري.
ضرب تشومسكي أمثلة عديدة على ذلك، مثل التغطية الإعلامية المتباينة بين مذابح حلفاء الولايات المتحدة (التي يجري تهميشها أو تبريرها) وبين انتهاكات خصومها (التي تُضخَّم وتُستثمر سياسيًا). وهكذا، يعمل الإعلام كـ آلية لإنتاج "الإجماع" المطلوب لضمان مشروعية سياسات الدولة، لا كأداة لتنوير الرأي العام.

●الموقف من القضية الفلسطينية

تجلّت شجاعة نعوم تشومسكي الفكرية والأخلاقية في موقفه الواضح من القضية الفلسطينية، وهو موقف استثنائي بين أقرانه من المثقفين اليهود الأمريكيين، الذين غالبًا ما اصطفّوا وراء السردية الإسرائيلية الرسمية أو التزموا الصمت حيالها. منذ بداياته الأكاديمية والسياسية، تبنّى تشومسكي خطابًا نقديًا صارمًا ضد السياسات الإسرائيلية، خاصة في ما يتعلق بالاحتلال، والاستيطان، وممارسات القمع الممنهج ضد الشعب الفلسطيني.
لم ينطلق موقفه من خلفية دينية أو عاطفية، لكن من مبادئ أخلاقية وسياسية ثابتة، قوامها العدالة، وحقوق الإنسان، ورفض الاستعمار الاستيطاني. فقد رأى أن إسرائيل، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، تنتهك بشكل ممنهج القوانين الدولية، وتفرض نظامًا يقوم على نزع الأرض والحقوق من الفلسطينيين، وهو ما وصفه أحيانًا بأنه أشبه بـ نظام الفصل العنصري (Apartheid).
دعا تشومسكي مرارًا إلى حل قائم على العدالة والاعتراف بالحقوق الفلسطينية الأساسية، سواء في إطار حل الدولتين أو أي صيغة أخرى تحفظ الكرامة الإنسانية وحق تقرير المصير. لكنه في الوقت ذاته، كان واقعيًا في إدراكه لميزان القوى المختل، محذرًا من أن استمرار الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل يجعل أي تسوية عادلة بعيدة المنال.
واجه تشومسكي بسبب هذه المواقف انتقادات لاذعة من الأوساط الصهيونية، واتهامات بالخيانة أو "معاداة الذات"، لكنه لم يتراجع عن قناعاته. بل على العكس، اعتبر أن من واجبه كمثقف يهودي وأمريكي أن يرفع صوته ضد سياسات تُمارس باسمه وتستغل المظلومية اليهودية التاريخية لتبرير قمع آخرين.
بهذا، أصبح تشومسكي أحد أبرز الأصوات العالمية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، ليس من منطلق شعاراتي أو إيديولوجي، انما من موقعه كناقد جذري للسلطة، ومؤمن بضرورة أن تكون العدالة غير قابلة للتجزئة.

●بين النظرية والممارسة الأخلاقية

يمثل نعوم تشومسكي نموذجًا استثنائيًا للمثقف الذي لا يفصل بين النظرية العلمية والممارسة الأخلاقية. فهو يرى أن المعرفة تفرض على صاحبها مسؤولية أخلاقية تجاه الواقع الإنساني والسياسي.
من هنا، جاء الربط العميق في مشروعه الفكري بين نقد البنية الذهنية للغة في إطار أبحاثه اللسانية، وبين نقد البنية السلطوية للسياسة في كتاباته ومواقفه العامة. فكما أن اللغة تحمل في أعماقها قواعد خفية تشكّل أنماط التفكير والتواصل، فإن السلطة تحمل بدورها آليات مضمرة لإنتاج الطاعة والهيمنة، وهي تحتاج إلى التفكيك والفضح.
لقد كرّس تشومسكي حضوره كمفكر عالمي على قاعدة هذا التلازم: لا جدوى من تحليل اللغة إن لم يُسهم في توسيع مدارك الحرية الإنسانية، ولا قيمة لنقد السلطة إن لم يستند إلى رؤية عقلانية واضحة تفضح آليات التلاعب والهيمنة. ولذلك، رفض الصورة النمطية للمثقف الأكاديمي المنعزل، واعتبر أن المثقف الحقيقي هو من يتدخل في الشأن العام، ويجعل من علمه أداة لمقاومة القهر والظلم.
يردد تشومسكي دائمًا أن مهمة المثقف لا تقتصر على "تفسير العالم"، أنما يسعى إلى تغييره. وهذا الموقف يعكس أثر الماركسية المبكر عليه، ولكن بقراءة نقدية تُبقي على البعد الأخلاقي وتتحرر من الأطر الأيديولوجية الصلبة. إنه لا يطرح نفسه "قائدًا سياسيًا"، لكن "صوتًا نقديًا" يُذكّر بأن الصمت في مواجهة الظلم هو تواطؤ، وأن الانخراط الأخلاقي جزء لا يتجزأ من العمل الفكري.

●النقد الموجّه إلى تشومسكي

على الرغم من المكانة الرفيعة التي يحتلها نعوم تشومسكي في الفكر الإنساني—سواء في حقل اللسانيات الذي أحدث فيه ثورة إبستيمولوجية، أو في الحقول السياسية التي كان فيها أحد أبرز الأصوات النقدية في القرن العشرين—إلا أنّ حضوره لم يكن خاليًا من اعتراضات قوية ومتواصلة. جاءت هذه الاعتراضات من تخصصات مختلفة، واتخذت أشكالًا تتراوح بين النقد العلمي الدقيق والاتهامات الأيديولوجية والسياسية المباشرة.

ففي مجال النقد اللساني يرى عدد من اللسانيين أن تشومسكي بالغ في مركزية الفطرة اللغوية وفي افتراض وجود بنية نحوية كلية مشتركة بين البشر. وقد ظهرت عدة خطوط نقدية داخل هذا المجال.
حيث تذهب مدارس مثل علم اللغة الاجتماعي (Sociolinguistics) وعلم اللغة التداولي (Pragmatics) إلى أن اللغة لا يمكن اختزالها إلى "نظام عقلي" مستقل عن السياق. فالسلوك اللغوي يتأثر بالطبقة والبيئة والعلاقات والقوة والهوية. يشير منظّرون مثل ويليام لابوف (Labov) إلى أن تنوّع اللهجات وتبدّل المعنى عبر المواقف اليومية يتعارض مع الفكرة التشومسكية عن بنية لغوية ثابتة تعمل بمعزل عن المتغيرات الاجتماعية.
يقول لابوف إن تشومسكي "يعمل على لغة لا يتحدثها أحد في الواقع"، في إشارة إلى انفصال النماذج الصورية عن الاستعمال الحقيقي للغة.
مع تطور نماذج اللغة الإحصائية ثم النماذج العميقة، اتضح أن الآلات تستطيع تعلّم بنى لغوية معقدة دون وجود "قواعد فطرية جاهزة. هذا دفع باحثين مثل جيفري بولوم إلى القول إن القدرة اللغوية يمكن أن تكون نتاجًا للتعرّض الواسع للبيانات، لا مجرد بنية موروثة ، حيث كتب بولوم مقالة شهيرة بعنوان The Great Debate ينتقد فيها ما يسميه "النزعة العقلانية المفرطة" في نظرية تشومسكي، مؤكدًا أن النماذج الإحصائية تُظهر أن اللغة يمكن اكتسابها بطرق مختلفة عن التصور الفطري الصارم.
ويأخذ عدد من الباحثين على المدرسة التشومسكية ميلها إلى التجرّد والصورية، ما يجعل مبادئها أقل ارتباطًا باللغات الطبيعية الفعلية. وقد رأت باحثة مثل ديبورا تانن أن اللغة في جوهرها تفاعل اجتماعي قبل أن تكون بنية رياضية.

في المجال السياسي، يواجه تشومسكي نمطًا آخر من النقد، يتعلق أساسًا بتفسيراته للسياسة الخارجية الأمريكية وتحليله لمنظومات الإعلام والسيطرة.
فيتهمه بعض الباحثين بأنه يردّ معظم التدخلات الأمريكية إلى دوافع اقتصادية وإمبريالية مباشرة، مع إغفال تعقيدات السياقات المحلية أو الصراعات الداخلية للدول المتأثرة.
يقول صموئيل هنتنغتون إن تشومسكي "يختزل السياسة الخارجية إلى معادلة واحدة: الربح والسيطرة"، معتبرًا ذلك اختزالًا لا يفسر تعدد الفاعلين داخل كل أزمة سياسية.
ويرى عدد من النقاد أن تشومسكي يسلّط الضوء بكثافة على الجرائم الأمريكية والإسرائيلية، بينما يقلل أو يتجاهل انتهاكات أنظمة أخرى، خصوصًا تلك التي تقف خارج النفوذ الغربي.
اتهمته بعض الأصوات الأكاديمية بأنه لم ينتقد بالصرامة نفسها تجربة الاتحاد السوفيتي أو الصين، الأمر الذي اعتبره خصومه "تحيزًا ضد الغرب".
وفي بعض القضايا—مثل الإبادة في كمبوديا في أواخر السبعينيات—تعرّض تشومسكي لحملات نقد اتهمته بأنه قلّل من حجم المأساة في سياق نقده الدائم للإعلام الأمريكي الذي كان يستغل الحدث سياسيًا. إلا أن تشومسكي نفسه ردّ بأن انتقاده كان موجّهًا لطريقة التغطية الإعلامية، لا لإنكار الجرائم.
تظهر هذه الملاحظات، على تباينها، أن مكانة تشومسكي الفكرية وثراء مشروعه هما بالضبط ما جعلا النقد موجّهًا إليه بكثافة. فهو شخصية شكلت تأثيرًا عميقًا في حقول متعددة، من النحو واللسانيات الذهنية إلى دراسات الإعلام والسياسة الخارجية. ولذلك فإن أي اعتراض على فكره يتحول بنفسه إلى جزء من الحوار المستمر حول epistemology اللغة، وجوهر السلطة، وحقول المعرفة النقدية.
ومهما بلغت حدّة النقد، يبقى تشومسكي حاضرًا في النقاشات الكبرى بوصفه أحد الأصوات التي لا تتردد في مساءلة السلطة، وتفكيك أطر الهيمنة، وربط المعرفة بالنزاهة الأخلاقية. إنه نموذج للمثقف الذي يجمع بين العمل الأكاديمي الصارم والموقف الأخلاقي الواضح، وما زال تأثيره، بسلبياته وإيجابياته، من أهم مراجع التفكير النقدي المعاصر.



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوليان بارنز
- الإشراقية: فلسفة النور بين العقل والذوق وميراث الحكمة الشرقي ...
- المثقفون الجدد
- العقل بين الازدهار والانكسار: مسار المعرفة في الحضارة الإسلا ...
- الإنسان على حافة الهاوية: بين ذئابية هوبز وألوهية فويرباخ – ...
- تجربة ابن سينا مع كتاب -ما بعد الطبيعة- لأرسطو
- الفلسفة وقيمة السؤال: نحو فهم جديد لمعنى التفكير الفلسفي
- انطباع ضد الموضوعية: دفاع عن الذات القارئة
- السرد، القارئ، والأنطولوجيا الإنسانية
- باروخ سبينوزا: الفيلسوف الذي عاش منفياً من معابد البشر
- عودة إلى سبينوزا مرة أخرى ورؤيته في علم الأخلاق
- الفردية والإيديولوجيا: قراءة فلسفية ونفسية في فكر كارل يونغ
- أفول أوروبا: بين النقد الجذري لأونفراي والسخرية الاستراتيجية ...
- القنفذ والشعر: دريدا وبلاغة المأزق
- حين تتحول الكلمات إلى أصنام: رؤية فلسفية للغة والفكر
- التسعينات: نوستالجيا الخراب هوامش غير مكتملة
- رافاييل: الجمال والانسجام
- وهم الاختيار في الديمقراطية المعاصرة
- الإنسان المعاصر بين الواقع والواجهة
- حين يستحم النص: لعبة ما بعد الحداثة في -حمّام النساء- لندى س ...


المزيد.....




- حصرياً لـCNN.. هيئة رقابية أمريكية تتهم وزير الدفاع بـ-تعريض ...
- واشنطن تطلق -ضربة العقرب- في الشرق الأوسط.. سرب جديد يطارد إ ...
- الجزائر.. محكمة الاستئناف تؤيّد حكمًا بالسجن سبع سنوات بحقّ ...
- إسرائيل تتسلم رفاتا من غزة.. هل تكتمل المرحلة الأولى؟
- مسقط تعلن الإفراج عن طاقم سفينة هاجمها الحوثيون قبل أشهر
- تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو
- تقرير يكشف تحايل نشطاء مؤيدين لإسرائيل لكسب الإعلام الأميركي ...
- 5 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي على خيام نازحين بخان يون ...
- وفد سعودي يصل حضرموت وإعلان اتفاق تهدئة
- خبراء: هذه الفواكه والخضراوات الأكثر تلوثا بالمبيدات


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض قاسم حسن العلي - نعوم تشومسكي: العقل النقدي بين اللسانيات والسياسة