|
حين يستحم النص: لعبة ما بعد الحداثة في -حمّام النساء- لندى سلطان
رياض قاسم حسن العلي
الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 15:49
المحور:
الادب والفن
ينتمي هذا النص إلى ما يمكن تسميته بـ"شعرية الهامش"، وهو اتجاه شعري يركز على استدعاء التفاصيل الدقيقة واليومية للحياة العادية، حيث ركزت الشاعرة على ما يخص تجارب النساء العجائز، ليحوّلها إلى خطاب شعري غني بالمعاني والدلالات. من خلال هذا الخطاب، تتحوّل تفاصيل الحياة اليومية – كالأعمال الروتينية، الحوارات الصغيرة، الذكريات العابرة – إلى وسيلة للتأمل في قضايا أوسع مثل الذاكرة والجسد والزمن، مما يجعل القصيدة مساحة تتفاعل فيها الحياة الفردية مع البعد الجماعي والزماني للمجتمع. النص يقدم نفسه كفضاء شعري-سردي تتجاور فيه اللغة اليومية مع الاستعارات والصور الشعرية، في حركة مستمرة بين البساطة والتعقيد، بين العادي والمجازي، بحيث يخلق توازناً دقيقاً بين الواقع والتخييل. ويمكن النظر إلى هذا الانفتاح على اللغة اليومية والاستعارات ضمن مفهوم "تداخل الأجناس الأدبية" الذي تحدث عنه ميخائيل باختين، حيث تتعدد الأصوات وتتقاطع، فتتلاقى العناصر السردية مع الشعرية، وتتحول القصيدة إلى حيز يسمح بتعدد الرؤى والتجارب، ويمنحها بعداً ديناميكياً يتجاوز الشكل الشعري التقليدي ليصبح وسيلة لاستكشاف الذات والذاكرة والزمن في آن واحد. هنا تصبح القصيدة أكثر من مجرد نص شعري؛ إنها تجربة فكرية وحسية، تعيد تشكيل الهامش اليومي وتحوله إلى محور للتأمل النقدي والجمالي، وتجسد قدرة الشعر على استيعاب تعددية الأصوات والتجارب الإنسانية. سأقوم هنا بمحاولة تطبيق بعض رؤى سدنة مابعد الحداثة على هذا النص الذي أسرني منذ اللحظة الأولى، وهو أمر نادر الحدوث في ظل ما نراه اليوم من كتابات غالباً ما تتسم بالهشاشة والضعف والتركيبية الركيكة. أتذكر أنني سبق وكتبت عن أحد نصوص ندى سلطان، وتوقعت حينها أنها قادرة على تطوير إمكاناتها الشعرية إلى فضاءات أوسع وأكثر ثراءً، وقد برهنت الشاعرة بالفعل من خلال هذا النص الذي أراه ملحمياً، على قدرتها الرائعة في صياغة نص يشد القارئ ويجذبه منذ السطر الأول وحتى نهايته. حيث تتيح لي هذه القراءة التطبيقية فهماً أعمق للنص من منظور مابعد الحداثة، لأتمكن من الغوص في تفاصيله المكثفة وتحليل بنيته الداخلية، من تلاقي اللغة اليومية مع الاستعارات، إلى اللعب بالزمن والذاكرة، مروراً بتعدد الأصوات وتداخل الأصناف الأدبية. ومن خلال هذا الانفتاح النقدي، يصبح النص فضاءً معرفياً يُمكن قراءته وفق مستويات متعددة، تُظهر قدرة الشاعرة على المزج بين الحس الشعري الدقيق والبنية الفكرية المعقدة، بما يجعل النص تجربة جمالية وفكرية متكاملة. أتمنى أن أتمكن من توفيق هذه القراءة التطبيقية، بحيث أُبرز الإمكانات العميقة للنص، وأساهم في كشف أبعاده الجمالية والفكرية وفق رؤية مابعد الحداثة، بعيداً عن القراءات السطحية أو التقليدية .
----------------- القصيدة تضعنا منذ بدايتها أمام مشهد لا يُفترض به ـ في وعي القراءات الكلاسيكية ـ أن يكون شعريًا: في المساء تجلِسُ أُمي وجاراتُها المتقاعدات على طاولةِ المكائِد يتَّفِقنَ للذهابِ إلى السوقِ الكبيرِ في المدينة ودفعِ أُجرةِ تاكسي مضاعَفة لشراءِ قرّاصاتِ شعرٍ على شكلِ فراشاتٍ مُلوَّنةٍ للحفيدات بعدَ دقائق... تتغيَّرُ الخِطة يَتَّفِقنَ هذه المرة لزيارةِ عيادة الأسنان لإدامةِ قوالِبِ الأسنان المتحركة بعدها بقليل... تتغيرُّ الخِطة (سنذهبُ إلى حمّامِ النساء) أمّهات متقاعدات يتحلّقن حول "طاولة المكائد"، يبدّلن خططًا متواضعة بين زيارة السوق أو طبيب الأسنان أو حمّام النساء. إننا أمام حياة يومية في أدقّ مستوياتها المألوفة. لكن ما يجعل النص ذا قيمة حداثية هو تحوّل هذه الأفعال البسيطة إلى ما يمكن تسميته بـ"ملحمة الحياة اليومية"، أي تحويل اليومي الهامشي إلى مركز ثقل جمالي وفكري.
باختين، في تحليله للرواية الحديثة، يشير إلى أن "الحوارية" لا تتجسّد فقط في تعدّد الأصوات الكبرى، لكن أيضًا في صوغ حوارية الحياة العادية، حيث لا يعود البطل الملحمي مقاتلًا أو قديسًا، انما امرأة ستينية تخطّط مع جاراتها لموعد حمّام. هنا يتجلى "الكارنفالي" الباختيني، إذ يتبدّل ميزان القيم: المهمّش يُقدّم بوصفه مركزًا، والعادي يكتسب سلطة رمزية على حساب البطولي أو الرسمي. رولان بارت، فقد فتح الباب أمام قراءة الثقافة من خلال "شعرية التفاصيل". في نصوصه (مثل الدرجة صفر للكتابة) يبيّن كيف يمكن للعلامات الصغيرة ـ قرّاصة الشعر، الجكليتة زهيدة الثمن، أو حتى الجزادين الصغيرة ـ أن تتحوّل إلى دوالّ تستدعي شبكة كاملة من المعاني. التفاصيل هنا هي ما يمنح النصّ عمقه ودلالته. فـ"الجكليتة" ليست حلوى رخيصة فقط، لكنها رمز لذاكرة الجدة، لرعايتها، ولتماس الأجيال في لحظة حميمة. يمكن أيضًا أن نستعير من غاستون باشلار مفهوم "شعرية المكان"، حيث يتحوّل الفضاء المألوف (المطبخ، السوق، الحمّام) إلى مستودع كثيف للذكريات والانفعالات. الحمّام النسائي في النص هو تقاطع بين زمن الشيخوخة وزمن الصبا المفقود، بين المكان الطقسي والذاكرة الحسية (رائحة البرتقال والبطيخ). بهذا المعنى، اليومي في القصيدة يُقدَّم بوصفه ملحمة بديلة: ملحمة تقاوم النسيان عبر التفاصيل الصغيرة، وتُكتب عن طريق نساء عابرات للزمن، يحاولن استعادة فتات من شبابهن عبر رحلة حمّام. إنّ ما يجعل النص حداثويًا هو قدرته على إعادة تعريف البطولة نفسها: البطولة هنا هي أن تعيش، أن تضحك، أن تخطّط للذهاب إلى حمّام شعبي، وأن تحوّل هذا الفعل البسيط إلى علامة على صمود الحياة في وجه الموت والغياب.
------------------------- مازالَ حمّامُ النِساء يتصدَّرُ قائمةَ الأولويات المكانُ الذي يُمكِنُ أن تندلعَ منهُ.. ثورةٌ برائحة البرتقال شتاءاً أو ثورةً صيفيةً برائحة البطيخ
حين يصرّح النص بأن "الحمّام يمكن أن تنطلق منه ثورة برائحة البرتقال أو البطيخ"، فنحن نكون أمام إعادة صياغة لمفهوم السياسة ذاته. إذ أن الثورة، في المخيال التقليدي، ترتبط بالساحات العامة، بالجماهير، بالشعارات الكبرى. غير أن النص يجرّدها من هذا البعد الأيديولوجي ليزرعها في قلب اليومي، في فضاء هامشي هو "حمّام النساء". هنا يحدث ما يمكن قراءته مع جان-فرانسوا ليوتار في كتابه حالة ما بعد الحداثة : تفكيك "السرديات الكبرى" التي ادّعت احتكار الحقيقة والبطولة، وإبدالها بسرديات صغيرة تُستمد شرعيتها من التجربة الفردية والجسدية. الثورة في النص "إمكان حسي" كما يسميه ميشيل دو سيرتو في حديثه عن "ممارسات الحياة اليومية" . أي أنها ثورة تستند إلى الروائح، إلى الفاكهة، إلى استعادة الأجساد لطقوسها البسيطة. هنا يغدو السياسي امتدادًا للأنثروبولوجي: السياسة لا تنفصل عن الذاكرة الحسية التي تحفظها رائحة البرتقال (رمز الشتاء، الحنين، الحزن) أو البطيخ (رمز الصيف، الخفة، الجماعة).
ويمكننا أن نستحضر أيضًا مفهوم "السلطة الصغرى" عند فوكو حيث تنبثق السلطة والمقاومة من التفاصيل الدقيقة للحياة لا من قرارات السلطة العليا. النساء الستينيات، وهنّ يتآمرن على الزمن بزيارة الحمّام، يمارسن نوعًا من المقاومة الخفية: مقاومة فقدان الجسد، مقاومة التهميش الاجتماعي، مقاومة التحوّل إلى "أشباح" لا حضور لها. الثورة التي يتخيّلها النص إعادة تنظيم للوجود اليومي في مواجهة النسيان.
إن تسييس الهامشي هنا يتجلّى في نقطتين: أولًا: الحمّام النسائي كفضاء بديل عن الساحات العامة التي تحتكرها السلطة والرجال. إنه فضاء نسوي داخلي، لكنه مشحون بطاقة سياسية محتملة، ما يجعل من "المكان الخاص" بديلاً عن "المكان العام". ثانيًا: توظيف الحواس (الشمّ، اللمس، الذوق) كأدوات للثورة. على عكس اللغة الأيديولوجية الجافة، يتأسس الخطاب هنا على معجم جسدي وحسي، وهو ما يتقاطع مع أطروحات جيل دولوز عن "جسد بلا أعضاء" ؛ أي الجسد الذي يُحرّر نفسه من أدواره النمطية ليعيد ابتكار رغباته.
لذا فأن القصيدة تفتح أفقًا تأويليًا يجعل من الهامشي/النسوي/اليومي حاملاً لسياسة بديلة: سياسة تتجذر في التفاصيل الحسية، في البقجة، في البرتقال، وفي حمّام شعبي يبدو للوهلة الأولى بلا قيمة سياسية. إنها ثورة صامتة، لكنها أكثر راديكالية من كل البيانات والخطابات. -------------------- إذا كان النص قد بنى في مستوياته الأولى ملحمة يومية صغيرة وفتح أفقًا لتسييس الهامشي، فإن مركز الثقل فيه يبقى هو الجسد: جسد الأم، جسد الجارات، جسد المدلّكة، أي الجسد الأنثوي الذي لم يعد شابًا لكنه لم يفقد حضوره ورمزيته. أقرأُ خبراً عن مسبحٍ نسائي يفتحُ أسرارهُ للنساء كُلَّ سبتٍ وثُلاثاء أقترحُ عليهِنَّ الفكرة يرفُضنَ بشدة بحُجةِ أنَّ البُقجةَ ممنوعة وأنَّ حارساتَ الأمنِ بغيضات سيمنعنَ أمّي وجاراتِها من إدخالِ الكرزاتِ والحلقوم ولا يتمتَّعنَ بالإتيكيت كالمُدَّلِكةِ ذاتِ الوجهِ المُدور زوجةُ الشهيدِ الذي قضى في حربِ الثمان سنوات الإشارات الدقيقة التي يقدّمها النص ـ "القوالب المتحركة للأسنان"، "خشونة الكفّين"، "سجادة الصلاة التي يعبث بها الأحفاد" ـ ليست تفاصيل عرضية، انما هي علامات على جسد يتصدّع تحت ضغط الزمن لكنه في الوقت نفسه يرفض الاستسلام. هنا يمكن أن نستعير من ميشيل فوكو (المراقبة والعقاب) تصوّره للجسد بوصفه "مكانًا للسلطة والمقاومة في آن واحد". فالسلطة ـ سواء كانت سلطة الزمن، المرض، أو الأعراف الاجتماعية ـ تترك آثارها على الجسد (أسنان مفقودة، يد خشنة، جسد مثقل بالحمل)، لكن هذا الجسد ذاته يجد في الحمّام الشعبي مجالاً لممارسة مقاومة صامتة: استعادة متعة اللمس، البخار، الطقس الجماعي. يمكن القول أن الجسد في النص جماعيًا. حيث استدعاء "المدلّكة زوجة الشهيد" يُحوّل الجسد إلى حامل للذاكرة الجمعية: كل لمسة منها تحمل أثر فقد، وكل حركة تدليك تتضمن سردًا لحكاية غياب رجل قضى في حرب عبثية. بهذا المعنى، الجسد يصبح "أرشيفًا" حيًا، بتعبير بول ريكور (الذاكرة، التاريخ، النسيان)، حيث يُخزّن الفقدان في أنسجة اللحم كما يُخزّن في الكلمات.
من زاوية أخرى، يمكن استحضار مفهوم "الهابيتوس" عند بيير بورديو الذي يرى أن الجسد يتشكّل بوصفه حاملاً لرواسب التاريخ الاجتماعي والثقافي. النساء الستينيات في القصيدة يحملن في أجسادهن آثار الحروب، البؤس الاقتصادي، والأدوار الاجتماعية المقيّدة. غير أنهن، عبر الطقس الجماعي للحمّام، يحاولن إعادة توزيع معاني أجسادهن: الجسد مجرد وسيلة لاستعادة "أحلام الصبا المنسية".
وهنا يتقاطع النص مع أطروحات جوديث باتلر حول الجندر بوصفه "أداءً متكررًا"، فالعجائز، رغم خروجهن من أدوار الجسد الأنثوي الشبقي أو الإنجابي، يعاودن أداء أنوثة بديلة عبر "المدلّكة"، عبر الاهتمام بالمظهر (قرّاصات الشعر)، وعبر الطقس الجماعي. إنهن يعلنّ أن الأنوثة لا تنتهي بالشيخوخة، بل تُعاد صياغتها كفعل مقاومة ضد محو الهوية.
الجسد في النص إذن هو ميدان صراع مزدوج حيث هشاشة ظاهرة في الأسنان المكسورة واليد الخشنة. مقاومة كامنة في البخار، التدليك، والحميمية النسوية المشتركة. بهذا يقدّم النص رؤية حداثوية للجسد ، بوصفه بوصفه ذاكرة سياسية واجتماعية وحسّية، يُنتج من داخله خطابًا بديلًا عن البطولة المألوفة. ------------------- وجود الراوي في موقع "الفيسبوك" وسط مشهد شديد الجسدية يعكس ما يسميه والتر بنيامين بـ "فقدان الهالة"، إذ يتقابل العالم الرقمي العابر مع طقوس النساء الملموسة والمشبعة بالذاكرة. هنا ينهار البعد الطقوسي الذي تحدّث عنه بنيامين حين تتحول التجربة إلى صورة قابلة للتكرار اللانهائي عبر الوسائط. وفي هذا المعنى، يمكن استدعاء تصور غي ديبور في مجتمع المشهد، حيث يُستبدل الوجود المادي بالمُحاكاة البصرية التي تُنتج بدورها وعياً زائفاً. إنّ التوتر بين الحاضر الافتراضي والذاكرة الجسدية يعكس أزمة حداثوية تتجسد فيما سماه زيغمونت باومان بـ "الحداثة السائلة" حيث يتوزع الانتماء بين شاشة باردة وذاكرة دافئة. بهذا المعنى، يصبح حضور الفيسبوك بنية اغترابية تُنتج ما وصفه هيدغر بالـ "الوجود غير الأصيل"، أي الانغماس في اليومي التقني على حساب الوجود المنفتح على التجربة الأصيلة. --------------------------- البنية السردية في هذا النص الجميل تقوم على سلسلة من التغييرات المتكررة في الخطة، وهو ما يعكس عبثية الزمن عند النساء المتقاعدات؛ فالمشهد يتوزع بين محاولات صغيرة للتنظيم سرعان ما تُبطلها محاولات أخرى، وكأنّ الحياة اليومية لا تكتمل إلا بتكرار يفتقر إلى غاية نهائية. في المستوى العميق، يحيل هذا إلى ما سمّاه ألبير كامو بـ "العبث الوجودي" في أسطورة سيزيف، حيث يُجبر الإنسان على مواجهة فراغ المعنى عبر تكرار لا نهائي لأفعال لا تقوده إلى خلاص. يمكن قراءة هذا التكرار أيضًا في ضوء مقولات ميرلو-بونتي حول الجسد والزمن المعيش، حيث يصبح الجسد، في لحظات الروتين، أسيراً لتجربة زمنية دائرية لا خطية. كما يستحضر هذا البناء ما أشار إليه ميشيل فوكو عن أنماط الانضباط اليومي التي تعيد إنتاج السلطة حتى في أصغر التفاصيل، لتتحول جدولة الزمن العادي إلى إعادة إنتاج لآليات السيطرة. في هذا السياق، يبدو التكرار الشعري تعبيراً عن مفارقة وجودية: عبث الزمن من جهة، وحنين الإنسان إلى معنى متجاوز من جهة أخرى. ----------------- حمّامُ النساء
في المساء تجلِسُ أُمي وجاراتُها المتقاعدات على طاولةِ المكائِد يتَّفِقنَ للذهابِ إلى السوقِ الكبيرِ في المدينة ودفعِ أُجرةِ تاكسي مضاعَفة لشراءِ قرّاصاتِ شعرٍ على شكلِ فراشاتٍ مُلوَّنةٍ للحفيدات بعدَ دقائق... تتغيَّرُ الخِطة يَتَّفِقنَ هذه المرة لزيارةِ عيادة الأسنان لإدامةِ قوالِبِ الأسنان المتحركة بعدها بقليل... تتغيرُّ الخِطة (سنذهبُ إلى حمّامِ النساء) ..................................... أجلسُ بينهُنّ... أتصفحُ الفيسبوك مازالَ حمّامُ النِساء يتصدَّرُ قائمةَ الأولويات المكانُ الذي يُمكِنُ أن تندلعَ منهُ.. ثورةٌ برائحة البرتقال شتاءاً أو ثورةً صيفيةً برائحة البطيخ لا يهُم.. ما يهُمُّ الآن أنَّ العرضَ قائم تقودُهُ رغباتُ نساءٍ ستينيات أخذَت منهُنَّ الحياةُ أزواجاً كأشجارِ السنديان ومنحتهُنَّ بالمُقابِلِ حفنةَ أحفاد يعبثونَ بسجّادةِ الصلاة ، والمِسبحة، وطقمِ الأسنان المتحركة يبحثونَ في الجزادينِ الصغيرة عن (جكليتة) زهيدةِ الثمن لها طعمُ الجدة ودفءُ صوتِها وخشونةُ كفّيها ................... أتصفحُ الفيسبوك أقرأُ خبراً عن مسبحٍ نسائي يفتحُ أسرارهُ للنساء كُلَّ سبتٍ وثُلاثاء أقترحُ عليهِنَّ الفكرة يرفُضنَ بشدة بحُجةِ أنَّ البُقجةَ ممنوعة وأنَّ حارساتَ الأمنِ بغيضات سيمنعنَ أمّي وجاراتِها من إدخالِ الكرزاتِ والحلقوم ولا يتمتَّعنَ بالإتيكيت كالمُدَّلِكةِ ذاتِ الوجهِ المُدور زوجةُ الشهيدِ الذي قضى في حربِ الثمان سنوات حارساتُ الأمنِ لا يسرِدنَ القصص ويضحكنَ بلؤم ويسخرنَ من العجائز أمّا المُدَّلِكة.. فبنتُ الحي نعرِفُها وتعرِفُنا ..................... صباحاً تُنهي أمي وجاراتُها فطورهن يُعلنُ السائقُ وصوله يحمِلنَ البُقجة والجزادينِ الصغيرة تبدأُ المغامرةُ لمطاردةِ أحلامِ الصِبا المنسية على عتباتِ العمر رائحةُ البرتقالِ مصدرُ حُزن ... ستبكي أُمي وهي تُقشِّرهُ، كما كانَ يفعلُ أبي لأجلها ستتذكّرُ هي وجاراتُها كُلَّ شيء تُشاركُهُنَّ المُدَّلِكة... ذاتِ الوجهِ المُدوّر زوجةَ الشهيدِ الذي قضى وهو يبحثُ عن طريقٍ للعودةِ إلى جديلتِها
#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموضوعية والذاتية: إشكالية الفكر بين الحياد والانحياز
-
في نقد الإيديولوجية النسوية
-
الوطن بين الاسلام السياسي والماركسية والقومية والاستعمار / ر
...
-
الصداقة في الجامعة والجيش والسجن
-
نساء الخلفاء: وثيقة عن الحريم والسلطة وتحولات النفوذ النسائي
...
-
مجرد ذكرى يمحمد
-
هد وانا اهد
-
يمحمد
-
منقذي من الظلال
-
في ذكرى الغزو ...رواية جديدة لا يعرفها احد
-
في ذكرى غزو الكويت: سردية الدولة بين النشأة والمحو
-
التزوير في التاريخ الإسلامي: سلطة الرواية واغتيال الذاكرة
-
دمٌ يُضيء الطريق: الطف بوصفه سفر المعنى
-
الدنيا رطب عالي
-
الكتب التي لا ينبغي قراءتها: عن بروست، الذائقة، والنقد الذي
...
-
الترجمة كجسر للتواصل الثقافي عبر التاريخ: نحو فهم نظري وتاري
...
-
الشرق شرق والغرب غرب-: تحليل لخطاب الثنائية في ضوء النقد ما
...
-
النقد الانطباعي: تأملات في التجربة الجمالية والوعي الذاتي
-
تأثير النقد الغربي في الأدب العربي: من الترجمة إلى التمثّل
-
من يكتب التاريخ؟ في أنماط السرد، ومحو الآخر، ومقاومة النسيان
المزيد.....
-
باراماونت تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة شركات سينمائية إسرائيلية
...
-
إنقاذ كنز أثري من نيران القصف الإسرائيلي على مدينة غزة
-
يُرجح أنه هجوم إيراني.. عشرات الممثلين الإسرائيليين يقعون ضح
...
-
غزة... حين تعلو نغمات الموسيقى على دوي الانفجارات والرصاص
-
غزة: الموسيقى ملاذ الشباب الفلسطيني وسط أجواء الحرب والدمار
...
-
سياسي من ديمقراطيي السويد يريد إيقاف مسرحية في مالمو – ”تساه
...
-
وزير الثقافة الإيراني: سيتم إعداد فهرس المخطوطات الفارسية في
...
-
رشيد حموني يساءل السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل حول أدو
...
-
-الحياد ليس خيارا-: لماذا يتحدث عدد كبير من الفنانين الآن عن
...
-
فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يطالب بعقد اجتماع للجنة
...
المزيد.....
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
المزيد.....
|