أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض قاسم حسن العلي - العقل بين الازدهار والانكسار: مسار المعرفة في الحضارة الإسلامية من الشغف إلى الانكماش















المزيد.....



العقل بين الازدهار والانكسار: مسار المعرفة في الحضارة الإسلامية من الشغف إلى الانكماش


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 16:51
المحور: قضايا ثقافية
    


يُقرأ تاريخ الحضارة الإسلامية كحركة مركّبة يتجاور فيها البناء والتهدّم، والانفتاح والانغلاق، والخيال العلمي واليقين الدفاعي. فالعقل، الذي شكّل في لحظاتٍ معينة مركز الثقل في مشروع حضاري واسع، تعرّض لتحولات عميقة أعادت تعريف وظيفته ومنزلته داخل الثقافة. ومن خلال تتبّع مسار المعرفة عبر القرون، يتبدّى لنا أن العقل كان نتاج شروط سياسية ومؤسسية واجتماعية، يتسع حين تتسع أفق الحضارة، وينكمش حين يضيق المجال العام.
لقد شهد العالم الإسلامي في عصره الذهبي لحظة نادرة من التلاقي بين الدولة، والمؤسّسات، والخيال العلمي، والشغف الشعبي بالمعرفة، فانبثقت منظومة معرفية تعددية، جمعت الترجمة بالإبداع، والمنطق بالتجريب، والفلسفة بالعلوم الطبيعية. غير أن هذا الزخم لم يلبث أن تعرّض لاختبار قاسٍ بعد الكارثة المغولية، حين انهارت البنى التي كانت تمنح العقل شرعيته ومادة اشتغاله. ومع هذه الصدمة، تبدّلت الوظائف الرمزية للمعرفة، وتحول السؤال الفلسفي من أداة توسّع إلى مصدر قلق، وتراجعت الفضاءات التي كانت تنتج البرهان لصالح أنماط معرفية تمنح يقينًا سريعًا في زمن يبحث فيه المجتمع عن الحماية قبل الحقيقة.
ويشكّل خطاب ابن تيمية نموذجًا مفصليًا لهذا التحول: إذ كان مشروعًا لإعادة رسم حدود العقل داخل الثقافة الإسلامية، ونقل مركز الثقل من البرهان العقلي إلى البيان الشرعي، بما يعكس التحوّل الأوسع في المزاج الاجتماعي بعد سقوط بغداد. وهكذا تكشف التجربة الإسلامية عن جدلية دقيقة: ازدهار العقل يتحقق فقط بوجود مؤسّسات، ورعايات سياسية، وشروط اجتماعية تتيح للمجتمع أن يثق بالعقل ويستثمر فيه.
من هنا لابد من قراءة مسار العقل الإسلامي باعتباره ظاهرة حضارية شاملة، تتداخل فيها المعرفة بالسياسة، والخيال بالواقع، والبحث العلمي بالتحولات النفسية والاجتماعية. إنها محاولة لفهم كيف انتقل العقل من فضاء الازدهار إلى دوائر الانكماش، وكيف أعادت الكوارث العسكرية والرمزية تشكيل علاقة الثقافة بالعلم، وإلى أي مدى يمكن لهذا المسار أن يُضاء اليوم لإعادة التفكير في شروط نهضة معرفية جديدة.

● المرتكز الحضاري للشغف المعرفي

يحتلّ الشغف بالمعرفة موقعًا محوريًا في فهم بنية الحضارة الإسلامية فهو طاقة تأسيسية لا مجرد ظاهرة عابرة. فمنذ اللحظات الأولى لظهور الدولة الإسلامية، تشكّلت علاقة فريدة بين المجتمع والمعرفة، تقوم على تصورٍ للعلم باعتباره رافعةً للوجود الإنساني وأداةً لتنظيم العمران. وقد ترافق هذا الوعي المبكر مع تطوّر مؤسّسات سياسية واجتماعية سمحت بخلق بيئة ثقافية تتحوّل فيها المعرفة إلى قيمة عامة، وإلى عنصر من عناصر الهيبة الحضارية.
بين القرنين الثالث والخامس الهجريين، بلغ هذا الشغف المعرفي مرحلة نضج غير مسبوق. ويشير جورج سارتون، مؤرّخ العلم المعروف، إلى أن العلماء المسلمين في تلك الفترة أنتجوا ما يقرب من ثلثي النتاج العلمي العالمي، وهي نسبة تُظهِر مدى التمركز العلمي الذي احتلّه العالم الإسلامي في تلك المرحلة. هذا الإنتاج كان نتيجة تراكم منهجي شاركت فيه الدولة، النخبة، والمؤسّسات العلمية على حد سواء.
لقد قامت بنية العلم في تلك القرون على مؤسّسات مترابطة: مدارس، مكتبات، مراكز ترجمة، ودوائر علمية تدعمها الدولة. كان بيت الحكمة في بغداد نموذجًا رائدًا، ليس لكونه مكتبة ضخمة فحسب، لكن بوصفه فضاءً علميًا متعدد اللغات والاختصاصات، احتضن حركة ترجمة واسعة شملت النصوص اليونانية والسريانية والفارسية والهندية. لم تقتصر هذه الحركة على حفظ التراث، أنما أعادت إنتاجه عبر اشتباك نقدي مع المناهج القديمة، وإعادة قراءتها بعيون جديدة، ما أتاح ولادة تقاليد علمية أصيلة في الفلسفة والطب والرياضيات والفلك والفيزياء.
وفي مدن مثل بخارى، نيسابور، الري، الأندلس، والقاهرة، تكاملت أجهزة الدولة والمجتمع في دعم العلماء. فُرضت موارد مالية ثابتة من الضرائب لتمويل حلقات العلم، وصارت الرواتب العلمية أداة لاستقطاب الكفاءات من مناطق مختلفة. وقد خلق هذا الدعم انتظامًا ثقافيًا جعل المعرفة جزءًا من الحياة اليومية، حتى غدت مباحث المنطق والطب والفلسفة موضوعًا للنقاش العام، لا شأنًا نخبويا أو محصورًا في طبقة محددة.
تبلورت نتيجة ذلك تقاليد علمية تُعلي من قيمة العقل وتؤمن بالقدرة على إعادة قراءة الطبيعة. وفي هذا السياق، مثل ظهور علماء كبار مثل ابن الهيثم، الفارابي، ابن سينا، والبيروني حدثًا استثنائيًا، تتويجًا لمسار تاريخي طويل. فقد صاغ هؤلاء منظومات معرفية تتفوق على ماضيها وتؤثر في مستقبل الفكر الإنساني. كتاب المناظر لابن الهيثم، على سبيل المثال، كان إعلانًا عن منهج تجريبي جديد يقوم على الفرضية والملاحظة ومبدأ الشك. وكذلك وضع الفارابي أسسًا فلسفية أمدّت الفكر الوسيط في الشرق والغرب بأدوات التحليل المنطقي. أما ابن سينا والبيروني فقد مهّدا لقيام رؤية علمية تتجاوز حدود العالم الإسلامي، وتمتد لاحقًا إلى أوروبا اللاتينية.
إنّ هذه اللحظة من الازدهار كانت رؤية للعالم. فقد تشكّل وعيٌ حضاري يرى العلم امتدادًا لمشروع إنساني أشمل، ويضع العقل في مركز عملية الفهم والتأويل. لقد كانت المعرفة، في تلك القرون، جزءًا من هوية المجتمع، وعنصرًا أساسيًا في تشكيل مكانته الجيوسياسية وحضوره الثقافي.
إن الحديث عن هذا العصر بوصفه "عصرًا ذهبيًا" يعد قراءة تاريخية تعمل على استعادة اللحظة التي التقت فيها الدولة، والمؤسسات، والمجتمع، والنخبة العلمية، على مشروع واحد: بناء حضارة قائمة على المعرفة بوصفها قيمة عليا. وهذا التلاقي بين البنية المؤسسية والشغف الشعبي بالعلم هو ما جعل تلك المرحلة علامة فارقة في تاريخ العقل الإنساني.

● بنية العلم في العصر الذهبي: المؤسّسات، الترجمة، وازدهار العلوم الطبيعية

لا يمكن فهم المنجز العلمي في العصر العباسي من دون إدراك البنية المعرفية والمؤسسية التي جعلت هذا الازدهار ممكنًا. فقد نشأت في ظل الدولة العباسية منظومة علمية معقّدة ومتشعّبة، تشكّلت من مؤسسات تعليمية جديدة، وبرامج ترجمة واسعة، وممارسات بحثية قوامها التجربة والملاحظة والمنطق العقلي.

أولًا، شهدت حواضر مثل بغداد والري وسامراء ودمشق ظهور بنى مؤسسية غير مسبوقة، أهمها بيت الحكمة الذي جمع بين مكتبة ضخمة، ومركز ترجمة، وفضاء للبحث والنقاش العلمي حيث تحول العلم إلى حرفة معرفية تتطلب تفرّغًا ونسخًا ورعاية مالية، ما أنتج ما يمكن وصفه بـ"الاقتصاد العلمي" داخل الدولة. أسهم الخلفاء والوزراء—خصوصًا من أسرة البرامكة—في تمويل العلماء، وتوفير الورّاقين، وضمان تدفق النصوص الأجنبية.

ثانيًا، أطلقت حركة الترجمة الانفتاح الأكبر على ذخيرة الفلسفة والعلوم اليونانية والفارسية والهندية. فترجمت كتب أرسطو وأفلاطون وهيبوقراط وأرخميدس وإقليدس، ودُفعت المعرفة نحو سياقات جديدة أعادت تشكيلها بلغات ومفاهيم إسلامية ،كانت الترجمة إعادة بناء للمعرفة داخل إطار ثقافي جديد، حيث امتزجت الفلسفة اليونانية بعلم الكلام، واندمج المنطق الأرسطي مع أصول الفقه، وتداخلت الهندسة الإغريقية مع علم الفلك الإسلامي.

ثالثًا، أفرز هذا الاندماج حقلًا واسعًا من العلوم الطبيعية والتطبيقية، يقوده علماء جمعوا بين التجريب والنظر، وبين العقل البرهاني والمجادلات الفلسفية.
ففي البصريات ابتكر ابن الهيثم المنهج التجريبي القائم على الفرضية والاختبار، مؤسِّسًا لعلم جديد تجاوز النظريات اليونانية، وممهّدًا الطريق لمنهجية علمية لاحقًا ستصبح جوهر النهضة الأوروبية.
وفي المنطق والفلسفة طوّر الفارابي تصورًا شاملاً للعقل وللمدينة الفاضلة، وعمِل على صياغة جهاز مفاهيمي يربط بين المنطق الأرسطي والفكر الإسلامي.
أما ابن سينا فوحّد الطب والفلسفة في نسق شامل قائم على ملاحظة دقيقة للمرض، وتفسير نظري للوجود، جامعًا بذلك بين العقل الطبي والعقل الميتافيزيقي.
وفي العلوم الطبيعية والجغرافيا درس البيروني حركة الأرض، وتحدّث عن إمكانية دورانها، وكتب في المعادن والفروق الثقافية والجغرافية بين الشعوب، مستعملًا المقارنة أداةً للمعرفة.

إن تنوّع هذه النماذج يعكس طبيعة العلم في العصر الذهبي، الذي لم يعرف الفصل الحاد بين الفلسفة والعلوم، ولا بين التجربة والنظرية. فالفكر العلمي كان قائمًا على تكامل معرفي يسمح للباحث بأن يكون فيلسوفًا وطبيبًا ورياضيًا ومتكلمًا في آن واحد. ومن خلال هذا التكامل نشأ مشروع علمي شامل مرّ بثلاث طبقات:
1. الاستيعاب: ترجمة المعرفة الوافدة وفهمها.
2. التمثّل: إدماجها في الأطر الكلامية والمنطقية الإسلامية.
3. الإبداع: تقديم إضافات أصلية، سواء في المنهج أو في النتائج العلمية.

لقد شكّل هذا كله نواة ما نسمّيه اليوم "العصر الذهبي"، كمرحلة تأسيسية في تاريخ العلوم، ساهمت في بناء الجسور بين الثقافات، وفي بلورة عقل علمي قادر على طرح الأسئلة وصياغة الفرضيات ومساءلة الموروث والوافد معًا.

●لحظة الانكسار: الغزو المغولي وتفكك البنى المعرفية

يمثّل القرن السابع الهجري منعطفًا حادًا في التاريخ الإسلامي بسبب الحدث العسكري المتمثّل في سقوط بغداد سنة 656هـ، وما ترتّب عليه من انهيار شامل للمنظومات التي شكّلت الإطار الحاضن للمعرفة طوال قرون. فالعاصمة التي كانت مركزًا للدولة، وملتقى العلم والترجمة والفلسفة والنقاش، تعرضت لدمار طال البنية المؤسسية التي استقرت فيها الثقافة والبحث العلمي ودوائر التأليف.
انهارت أنماط الرعاية التي كانت تُقدّم للعلماء، وتشتّتت الشبكات التي كانت تربط المراكز العلمية بعضها ببعض. فبيت الحكمة، والمكتبات الكبرى، ومجالس الدرس كانت بنى معرفية تنتج السلطة العلمية، وتنظم العلاقات بين العلوم، وتضمن تكوين الأجيال الجديدة من الباحثين. ومع ضرب هذه البنى، وجد العلماء أنفسهم أمام فراغ مؤسسي لا يمكن تعويضه بسهولة، خصوصًا في سياق التمزق السياسي بين الدويلات الناشئة بعد الانهيار العباسي.
هذا التفكك أصاب الخيال العلمي والفلسفي الذي كان يتطلّب مناخًا مستقرًا، ووقتًا طويلاً للتفرغ والتأمل. فالمعرفة البنيوية—الرياضيات، الفلسفة، الفلك، المنطق—تحتاج إلى فضاء هادئ ومستمر، بينما لم يعد الواقع يسمح إلا بالمعارف التي تقدّم فائدة سريعة، أو تعيد إنتاج الشعور بالتماسك الاجتماعي. كانت المجتمعات المنكوبة تبحث عن يقين عاجل، يرمّم الذات الجريحة، ويُعيد قراءة الكارثة في ضوء يبدّد الحيرة.
في هذا السياق ظهر خطاب ديني وأخلاقي أكثر مباشرةً ويقينًا، يستجيب لحاجات الناس النفسية والثقافية بعد الهزيمة. فمع انهيار مركزية الدولة، برزت نزعة نحو التبسيط، وتفضيل التفسيرات التي تمنح معنى واضحًا للخسارة، حتى لو كان هذا المعنى يقوم على استدعاء نصوص أو تأويلات تحاصر الأسئلة بدل أن توسّعها. ومن جهة أخرى، لجأ الناس إلى التصوف بوصفه ملاذًا روحانيًا، يقدم عزاءً داخليًا في مواجهة عالم فقد توازنه.
هذا التراجع كان تعبيرًا عن صدمة حضارية هزّت الأسس الرمزية للثقافة، ودفعَت الفكر نحو الانغلاق النسبي، بعد قرون من الانفتاح على الترجمة والعقلانية والجدل. بعبارة أخرى، لم يكن الانهيار عسكريًا وسياسيًا فحسب، أنما معرفيًا أيضًا، إذ تغيّر تصور الإنسان للعالم، وللمعرفة، ولمكانته في التاريخ.
لقد تركت تلك اللحظة ندبة عميقة في الوعي الجمعي، وأعادت صياغة شروط إنتاج العلم، ووجّهت الاهتمام نحو ضمان البقاء الثقافي والروحي، بدل مواصلة المشروع العقلي الذي ميّز العصر الذهبي. ومن هنا نفهم أن التراجع يمثل انتقالًا إلى مرحلة جديدة تحكمها الحاجة إلى النجاة، أكثر مما يحكمها الطموح إلى الإبداع.

●خطاب ابن تيمية: استبعاد المنطق وإعادة تعريف المعرفة

في أعقاب الاضطرابات التي مزّقت العالم الإسلامي في القرن السابع الهجري، برزت حاجة جماعية إلى إعادة تنظيم الحقول المعرفية، وترتيب علاقتها بالسلطة الدينية والاجتماعية حيث ظهر خطاب نقدي شديد تجاه الفلسفة والمنطق اليونانيين، وكانت شخصية ابن تيمية أحد أبرز وجوه هذا التحوّل الذي يمكن النظر إليه بوصفه إعادة تعريف للمعرفة أكثر من كونه مجرد رفض لأدوات عقلية معينة.
ففي أعماله الكبرى مثل الرد على المنطقيين، سعى ابن تيمية إلى تفكيك الجهاز المفاهيمي الذي اعتمدته المدارس الفلسفية والكلامية لأكثر من ثلاثة قرون. نقده كان مشروعًا متكاملًا يستهدف إعادة مركزية الوحي بوصفه المصدر الأعلى للمعرفة، وتقييد الصلاحيات التأويلية التي اكتسبتها الفلسفة والمنطق تدريجيًا. فقد رأى أن المنطق الأرسطي، الذي مثّل لقرون أداة للبرهنة والتنظيم العقلي، ليس سوى بناء لغوي معقد لا يضيف إلى المعرفة الواقعية شيئًا، أنما يؤدي إلى إرباك المفاهيم وإبعاد العقل عن فطرته المباشرة.
تحوّل نقد المنطق عنده إلى هجوم منهجي على فكرة “العقل الكوني” الذي بشّرت به الفلسفة الإسلامية الكلاسيكية. فبينما كان الفارابي وابن سينا ينظران إلى العقل بوصفه أفقًا مشتركًا بين الإنسان والعالم، يعمل وفق قوانين ثابتة، أعاد ابن تيمية تعريف العقل باعتباره قدرة بشرية مقيّدة بالسياقات اللغوية والشرعية، ولا يمكن أن يستقلّ بمعرفة اليقينيات دون الرجوع إلى النص. من هنا، اتهم الفلسفة بأنها “ضلال بيّن” لأنها تفترض وجود نسق معرفي يعلو على الوحي، ويستطيع تفسير الوجود بعيدًا عن المرجعية الشرعية.
هذا التحول حمل نتائج معرفية بعيدة المدى. فقد تراجع مفهوم البرهان العقلي الذي كان محورًا في المناهج الفلسفية منذ الكندي والفارابي، وحلّ محلّه تدريجيًا مفهوم يقوم على الاستدلال الشرعي و“البيان اللفظي”، ما ضيّق المساحة التي كانت الفلسفة تتحرك فيها. كما أعاد الخطاب التيماوي ترتيب العلاقة بين النقل والعقل، واضعًا العقل في موقع الأداة المساعدة التي تتحقق وظيفتها داخل حدود النص، لا خارجه.
ومع الانتشار الواسع لأتباعه لاحقًا، أسهمت هذه الرؤية في انكماش الفضاء الفلسفي، وتحوّل العلوم العقلية من مشاريع تأمّل وبحث نظري إلى حقول دفاعية تهدف أساسًا إلى حماية العقيدة. لم يتوقف الفكر النقدي في العالم الإسلامي، لكنه فقد الكثير من مؤسساته وشرعيته. ومن ثم أصبحت الفلسفة تُقرأ بوصفها خطابًا دخيلًا أو خطرًا محتملًا، بدل كونها أداة لبناء المفاهيم، كما كانت في القرون العباسية الأولى.
بهذا يمكن القول إن خطاب ابن تيمية كان إعادة بناء للحدود المعرفية داخل الثقافة الإسلامية، أعادت الوحي إلى المركز، وقلّصت مساحة التفكير البرهاني. وقد جاء ذلك في لحظة تاريخية تبحث فيها المجتمعات عن اليقين والحماية، فانسجم هذا التحول مع حاجات عصر مضطرب، لكنه مثّل في الوقت ذاته إحدى نقاط الانعطاف الكبرى التي أعادت تشكيل الذهنية العلمية والفلسفية لقرون لاحقة.

● الاستجابة الاجتماعية: مناخ ما بعد السقوط والبحث عن يقين

لا يمكن فهم الحضور الواسع للخطابات التي أعادت مركزية النص وضيّقت فضاء العقل من دون قراءة الخلفية الاجتماعية والسياسية التي تشرّبتها. فالقرنان السابع والثامن الهجريان شكّلا طورًا تاريخيًا مضطربًا؛ العالم الإسلامي خرج من صدمة الغزو المغولي مثقلاً بإحساس جماعي بالهزيمة، وبانهيار المرجعيات التي شكّلت سابقًا إطارًا للمعنى والأمن. في مثل هذا السياق لم يعد السؤال الفلسفي، بصورته العميقة والمتشعبة، قادرًا على تلبية الاحتياجات النفسية والعملية لمجتمع يبحث بالدرجة الأولى عن ثبات سريع يرمّم ذاته.
انهيار بغداد كان انهيارًا للبنية الرمزية التي بُني عليها الخيال الاجتماعي. كانت المدينة مركزًا لمكتبات، ومجالس علم، ودوائر نقاش، ومؤسسات قضاء وتعليم. وحين فقدت هذه البنى، فقد المجتمع الأرض التي يقف عليها، فتولّد شعور بأن أساليب التفكير المنفتحة والمركبة—التي ميّزت العصر الذهبي—لم تعد مناسبة لزمن يعاني من خواء سياسي واضطرابات اقتصادية وأوبئة وتفكك في السلطة.
في هذا المناخ، أصبحت الحاجة إلى أنماط تبسيطية من المعرفة أمرًا وجوديًا. الناس لم يعودوا يبحثون عن بناء فكري يتطلّب زمنًا طويلاً وهياكل تعليمية مستقرة، لكن عن خطاب يمنح المعنى فورًا، ويقدّم تفسيرًا للمأساة، ويوفّر أدوات عملية لتنظيم الحياة اليومية. وصار اليقين—بوصفه ردًّا نفسيًا على الفوضى—وسيلة لإعادة تشكيل عالم انفرط عقده. لذلك تلقّى الناس الخطابات التي تربط المعرفة بالنص مباشرة، وتتعامل بحذر مع العقل المجرد، لأنها بدت أكثر بساطة ووضوحًا، وأكثر قدرة على حماية الوعي من الانهيار.
وبهذا افتُتحت مرحلة جديدة في الذهنية العامة، مرحلة بات فيها السؤال نفسه موضع ريبة. فالسؤال الفلسفي، الذي كان طوال القرون السابقة مدخلًا إلى التوسّع المعرفي، تحوّل إلى علامة على التمرّد وعدم الانضباط. أما الجدل والمناظرة—التي كانت جزءًا من الحياة الفكرية في بغداد وقرطبة ودمشق—فأصبحت تُرى كترف لا يُلائم زمنًا يطلب من الناس الانصراف إلى النجاة. تراجع إذن نموذج "العقل البرهاني" ليحل محله نموذج معرفي يقوم على الإجماع، والحدود الشرعية، ووضوح المسلّمات، وتفضيل الاستقرار على المغامرة الفكرية.
كما ساهمت البنية السياسية الجديدة، القائمة على السلطنة العسكرية، في تكريس هذا التحول. فالسلطات التي نشأت بعد السقوط كانت تحتاج إلى خطاب يرسّخ الطاعة، ويحدّ من النزعات الجدلية التي قد تهدد استقرارها. ومن ثم تلاقت حاجات المجتمع النفسية مع مصالح السلطة السياسية في إنتاج فضاء معرفي محكوم باليقين، محدود بتفسير واحد، ومتشدد تجاه كل محاولة لفتح الأسئلة الكبيرة من جديد.
بهذا يصبح انتشار الخطاب الذي يقدّم النص على العقل استجابة اجتماعية وسياسية ونفسية لمرحلة مأزومة، أعادت تشكيل العقل الثقافي، وخفّضت من مكانة الفلسفة والعلوم العقلية، ودفعت نحو نظام معرفي يثمّن الوضوح السريع، ويشكّ في أدوات التحليل التي كانت في زمن سابق جزءًا من هوية الثقافة الإسلامية.

● أوروبا واستعادة التراث الإسلامي: من الترجمة إلى الثورة العلمية

في الوقت الذي كان فيه العالم الإسلامي يعيد ترتيب أولوياته المعرفية تحت ضغط الاضطراب السياسي والهزّات التاريخية، كانت أوروبا الغربية تدخل تدريجيًا طورًا جديدًا من التكوين العلمي. فمنذ القرن الثاني عشر بدأت حركة ترجمة واسعة من العربية إلى اللاتينية، شملت الفلسفة والطب والرياضيات والبصريات والفلك. وقد مثّلت هذه الحركة بالنسبة لأوروبا نقطة ارتكاز معرفية انطلقت منها نحو ما أصبح لاحقًا المشروع العلمي الحديث.
فأعمال ابن سينا، وعلى رأسها القانون في الطب والشفاء أصبحت جزءًا من البنية المؤسسية للجامعات الأوروبية الناشئة آنذاك، مثل باريس وبولونيا ومونبلييه. وظل القانون النصَّ الطبي الأكثر تداولًا لخمسة قرون لأنه كان يعرض الطب ضمن نسق فلسفي منهجي، يجمع بين الملاحظة والتجريب والقياس المنطقي.
لقد دخل الفكر الإسلامي أوروبا بوصفه نظامًا معرفيًا محدد الملامح.
أما كتب البصريات، وعلى رأسها المناظر لابن الهيثم، فقد شكّلت ثورة حقيقية في فهم الضوء والرؤية. وحين وصل هذا العمل إلى أوروبا، وجد فيه علماء عصر النهضة نموذجًا مختلفًا عن التقليد الإغريقي. فالمنهج التجريبي الذي أصر عليه ابن الهيثم—القائم على الفرضية والاختبار والبرهان التجريبي—كان أكثر توافقًا مع التحولات التي كانت أوروبا تشهدها. ولم يكن غريبًا أن يرى كبلر في أعماله امتدادًا لمشروع ابن الهيثم، وأن يعتمد عليها في تطوير نظريته عن الإبصار، التي أصبحت لاحقًا جزءًا من الأساس النظري للثورة العلمية.
وفي مجال الفلسفة، جاءت شروح الفارابي وابن رشد لتمد أوروبا بالمنطق الأرسطي في صياغته الأكثر نضجًا. فقد مثّلت الفلسفة المدرسية (السكولاستيكية) في العصور الوسطى تفاعلًا عميقًا مع هذه الشروح، وأصبح الجدل بين “الرشدية اللاتينية” وخصومها جزءًا من تشكيل العقل الأوروبي. هذا التفاعل أسهم في بناء ثنائية الإيمان والعقل، وفي صياغة المناهج المدرسية التي ستصبح فيما بعد الأرضية التي انطلقت منها علوم الطبيعة الحديثة.
واللافت أن أوروبا استثمرت هذا التراث الإسلامي في بناء نموذج معرفي جديد. فمع القرن السادس عشر والسابع عشر بدأت تظهر ثمار هذا التفاعل: غاليليو، ديكارت، كبلر، نيوتن. جيل كان يعمل على أسس تجريبية ورياضية وفلسفية تشكلت على مدى أربعة قرون من الاحتكاك المستمر بالعلوم الإسلامية، ثم أعاد صياغتها في إطار جديد يقوم على التحقق التجريبي والرياضية والمنهج الفرضي-الاستنباطي.
بهذه الطريقة، دخل التراث العلمي الإسلامي في نسيج النهضة الأوروبية كجزء من البنية التأسيسية التي مهدت لظهور العلم الحديث. وفي الوقت الذي كانت فيه مؤسسات العلم في العالم الإسلامي تنكمش، كانت الجامعات الأوروبية تتحول إلى فضاءات للنقاش والبحث، تتمأسس فيها المناهج التي أسهم المسلمون أنفسهم في صياغتها خلال العصر الذهبي.
وهكذا يمكن القول إن مسارات المعرفة سلكت اتجاهين متعاكسين: انغلاق نسبي في المشرق بعد سقوط بغداد، في مقابل توسّع كبير في أوروبا التي وجدت في التراث العلمي الإسلامي مادة خامًا لبناء مشروعها العلمي، وانتهت إلى ما نعرفه اليوم بالثورة العلمية الحديثة.

●الاختلاف في المسار التاريخي: العقل البرهاني مقابل الأحادية الفكرية

تظهر المقارنة بين التاريخين الإسلامي والأوروبي، منذ أواخر العصور الوسطى وحتى بدايات العصر الحديث، اختلافًا واضحًا في المسارات التي سلكها العقل العلمي. فبينما راحت أوروبا تشيّد منظومة معرفية جديدة ترتكز على التجريب المنهجي، والرياضيات بوصفها لغة الطبيعة، والشكّ المنظم الذي تبناه ديكارت وغاليليو لاحقًا، كان العالم الإسلامي يعيش تحولات فكرية عميقة تجاه العقل ذاته. الأدوات التي شكّلت في السابق عماد العصر الذهبي—البرهان المنطقي، التحليل الفلسفي، البحث العلمي التجريبي—بدأت تتراجع لصالح نموذج أكثر إحكامًا يقوم على المسلّمات ووضوح اليقين، واتسعت فيه مساحة الشكّ في الجدل العقلي.
لا يعني هذا أن العقل الإسلامي توقّف عن التفكير، بقدر ما إن البيئة الثقافية تغيّرت بصورة جعلت الأسئلة الكبرى ذات الطابع الكوني—كما ظهرت في أعمال الفلاسفة والعلماء الكلاسيكيين—تفقد مركزيتها. في المقابل، أخذت تتقدّم أسئلة تتصل بالدفاع عن العقيدة، أو ضبط السلوك الاجتماعي، أو استعادة الانسجام النفسي بعد انهيارات سياسية كبرى. وهكذا بدا أن الثقافة تتحرك من نموذج تشجّع فيه الدولة والمؤسسات الاجتهاد والبحث المفتوح إلى نموذج يجعل وحدة الفكر ووضوح العقيدة إطارًا أوليًا للمعرفة.
في أوروبا، جاءت الجامعات الوليدة—بولونيا، باريس، أكسفورد، بادوفا—لتؤسس بنية تسمح بتراكم الخبرة العلمية عبر الأجيال، وإعادة قراءة النصوص القديمة بطريقة نقدية. فالتجارب تُؤخذ كحلقات في سلسلة طويلة من التحقق المستمر. ومن هذا الإيقاع المعرفي المتجدد ولدت الفيزياء الحديثة، وعلوم الفلك، والكيمياء، والرياضيات التحليلية.
أمّا في العالم الإسلامي، فإن تقييد الأدوات العقلية لم يكن العامل الوحيد في تراجع العلوم العقلية، لكنه كان من أهم العوامل التي منعت تجدد الفلسفة والعلوم الطبيعية بالسرعة التي شهدتها أوروبا. فالتحوّل من العقل البرهاني إلى نموذج معرفي يقوم على الإجماع والسلطة التفسيرية حدّ من القدرة على إنتاج أسئلة جديدة، بينما كانت أوروبا تعمل على توسيع حدود الممكن معرفيًا. ومع مرور القرون، اتسعت الهوّة بين المسارين: مسار يحتضن الشكّ ويرى فيه أداة للمعرفة، ومسار ينظر إليه بعين الحذر لأنه قد يُربك استقرار المنظومة الرمزية.
هكذا نشأ التفاوت: بيئة أوروبية بنت مشروعًا علميًا على أساس حركة مستمرة من النقد والتجريب، وبيئة أخرى مالت تدريجيًا إلى الأحادية الفكرية باعتبارها استجابة تاريخية لسلسلة من الصدمات. وبذلك، لم تعد المشكلة في غياب العقل، لكن في ضيق الهامش الذي يُسمح له بالتحرك فيه، الأمر الذي جعل التراكم العلمي أبطأ وأقل اتساقًا قياسًا بما حدث في الغرب.

●سؤال العقل في مشروع النهوض الحضاري

يقدّم هذا المسار التاريخي الطويل درسًا بالغ الوضوح في طبيعة ازدهار الحضارات وانحسارها: لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض من دون فضاء يسمح بطرح الأسئلة الجذرية، ويمتلك استعدادًا لقبول الشكّ بوصفه أداة معرفية، لا تهديدًا لهويته. فالحضارة التي تتصالح مع السؤال الفلسفي، ومع النقد، ومع التجريب، هي الحضارة التي تملك القدرة على إعادة إنتاج ذاتها وتحديث أدواتها بما يتوافق مع تغيرات الزمن.
لقد دلّ تاريخ الفكر الإسلامي في أوج ازدهاره على أن التفاعل الخلّاق بين العقل والنص بوصفهما مصدرين متكاملين للمعنى كان هو الشرط الذي أتاح ظهور علوم الطبيعة والرياضيات والطب والفلسفة في العصر الذهبي. ففي ظل هذا التفاعل كانت الثقافة الإسلامية قادرة على استيعاب المنجزات العلمية السابقة، وإعادة تفسيرها، والانطلاق منها نحو آفاق معرفية جديدة.
العقل كان جزءًا من بنية الوعي، وحاضرًا في التأويل، وفي الطب، وفي الرياضيات، وفي النظر الفلسفي.
ومع التحولات التي رافقت سقوط البنى السياسية وانكماش المؤسسات العلمية، تغيّر موقع العقل، وتقلّصت دائرة البحث البرهاني لصالح نموذج معرفي يميل إلى الأحادية. هذا التحول هو تراكب لضغوط تاريخية واجتماعية ونفسية أعادت تشكيل العلاقة بين المجتمع والمعرفة. غير أن النتيجة كانت واضحة: تراجع التراكم العلمي، وتباطؤ الابتكار، وانسحاب تدريجي من المسار الحضاري العالمي.
إن استعادة دور العقل تأسيس لشرط إمكان مستقبلٍ قادر على إنتاج المعرفة. فالمجتمعات التي تتقدّم اليوم هي تلك التي تجعل الاختبار العلمي، والبرهان، والبحث الحرّ، والجدل المنهجي جزءًا من بنيتها المؤسسية والتعليمية. ومن دون إعادة الاعتبار لهذه العناصر، يظل مشروع النهوض الحضاري ناقصًا، مهما تبدّلت السياسات أو تغيّرت الشعارات.
بهذا المعنى، يصبح سؤال العقل سؤالًا سياسيًا وثقافيًا وتاريخيًا: هل نستطيع إعادة بناء فضاء تتجاور فيه ثقة النص مع أسئلة الفلسفة، ويعمل فيه العقل البرهاني جنبًا إلى جنب مع الإيمان، ويُنظر فيه إلى الشكّ لا بوصفه تهديدًا، بل بوصفه لحظة تأسيس للمعرفة؟
ذلك هو الشرط الأول لأي نهضة حقيقية، وكلّ ما عداه يظلّ إعادة إنتاج لأزمات قديمة بثياب جديدة.



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان على حافة الهاوية: بين ذئابية هوبز وألوهية فويرباخ – ...
- تجربة ابن سينا مع كتاب -ما بعد الطبيعة- لأرسطو
- الفلسفة وقيمة السؤال: نحو فهم جديد لمعنى التفكير الفلسفي
- انطباع ضد الموضوعية: دفاع عن الذات القارئة
- السرد، القارئ، والأنطولوجيا الإنسانية
- باروخ سبينوزا: الفيلسوف الذي عاش منفياً من معابد البشر
- عودة إلى سبينوزا مرة أخرى ورؤيته في علم الأخلاق
- الفردية والإيديولوجيا: قراءة فلسفية ونفسية في فكر كارل يونغ
- أفول أوروبا: بين النقد الجذري لأونفراي والسخرية الاستراتيجية ...
- القنفذ والشعر: دريدا وبلاغة المأزق
- حين تتحول الكلمات إلى أصنام: رؤية فلسفية للغة والفكر
- التسعينات: نوستالجيا الخراب هوامش غير مكتملة
- رافاييل: الجمال والانسجام
- وهم الاختيار في الديمقراطية المعاصرة
- الإنسان المعاصر بين الواقع والواجهة
- حين يستحم النص: لعبة ما بعد الحداثة في -حمّام النساء- لندى س ...
- الموضوعية والذاتية: إشكالية الفكر بين الحياد والانحياز
- في نقد الإيديولوجية النسوية
- الوطن بين الاسلام السياسي والماركسية والقومية والاستعمار / ر ...
- الصداقة في الجامعة والجيش والسجن


المزيد.....




- وفاة 4 بعائلة واحدة بإسطنبول خلال عطلة والشرطة تحقق.. ماذا ن ...
- دونالد ترامب سـ-يُشجّع- عمدة نيويورك: أبرز النقاط من لقاء ال ...
- ترامب وممداني.. ترحاب مجاملات بعد اجتماع بالبيت الأبيض
- بعد التصريحات المثيرة للجدل لرئيس أركان الجيش... هل تواجه فر ...
- فرنسا: مجلس النواب يرفض أجزاء من مشروع موازنة 2026
- أحد آباء الذكاء الاصطناعي يترك -ميتا- ليؤسس شركته الخاصة
- الشرطة البرازيلية تعتقل بولسونارو
- هجمات روسية أوكرانية متبادلة بالمسيرات وبوتين يمتدح خطة ترام ...
- من الشاشات إلى جوائز الغرامي.. صعود أسطوري لفرقة -كاتساي- ال ...
- أربعة صغار فهود تبصر النور في حديقة حيوانات سميثسونيان الوطن ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض قاسم حسن العلي - العقل بين الازدهار والانكسار: مسار المعرفة في الحضارة الإسلامية من الشغف إلى الانكماش