أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - ما معنى أن تكون صحفيًا محايدًا؟














المزيد.....

ما معنى أن تكون صحفيًا محايدًا؟


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 15:37
المحور: قضايا ثقافية
    


في عالمٍ يشتد فيه الضجيج، وتتعالى فيه الأصوات حتى تضيع الحقيقة بين الصدى والغبار، يصبح الصحفي المحايد مثل نعمةٍ نادرة، مثل ماءٍ صافٍ في زمن كثرت فيه العواصف وتعكّر فيه النهر.

الحياد ليس كلمة تُقال للتجمّل، بل مسؤولية تُحمل على الكتف مثل أمانة، لا يُسقطها إلا من فقد صوته الداخلي… ذلك الصوت الذي يسمّيه البعض ضميرًا، ويسمّيه آخرون نورًا.



الصحفي المحايد لا يركض خلف الإثارة، ولا يبيع الخوف في عنوانٍ عريض.

هو يعرف أن الناس تستحق الحقيقة، لكنها تستحق أيضًا أن تُروى الحقيقة بكرامة، بلا تهويل، بلا تشويه، بلا انتقاء لما يناسب عاطفة الصحفي أو موقف المؤسسة أو رغبة الجمهور.



فالحياد ليس جمودًا، بل هو حركة داخلية دقيقة:

حركة قلبٍ يرى البشر قبل المواقف،

وحركة عقلٍ يزن الكلمات كما يزن الصائغ الذهب،

وحركة ضميرٍ يعرف أن كل خبر قد يصبح جسرًا أو حاجزًا، نورًا أو ظلامًا.



الحياد… مساحة آمنة بين الألم والحقيقة


ليس صحيحًا أن الحياد هو الوقوف في المنتصف.

الحياد ليس مكانًا في الخريطة، بل هو طريقة في النظر.

هو قدرة على تمييز التفاصيل التي يبتلعها الانحياز،

وقدرة على رؤية الإنسان الذي يختبئ وراء الخبر.



فالصحفي المحايد لا يساوي بين الجلاد والضحية،

بل يساوي بين القصة والقارئ.

يعطي لكل طرف صوته، لكنه لا يسمح لأي صوت أن يخنق الآخر.

يحفظ كرامة الجميع، لا لأنه بلا موقف، بل لأنه يعرف أن العدالة تبدأ من الكلمة الصادقة.



وفي كل مرة يضع قلمه على الورق، يسأل نفسه بصوت خافت:

هل نقلت الحقيقة كما هي؟

هل أضفت من نفسي شيئًا لم يكن يجب أن أضيفه؟

هل حذفت ما لا يجوز حذفه؟



هذا السؤال اليومي… هو ما يجعل الحياد فعلًا أخلاقيًا قبل أن يكون خيارًا مهنيًا.



بين المهنية والإنسانية… معركة صامتة يعيشها الصحفي


أن تكون صحفيًا محايدًا يعني أن تخوض معركة صامتة كل يوم.

معركة بين ما تراه بعينك وما يُطلب منك أن تراه،

بين ما تسمعه وما يُسمح لك أن تقوله،

بين الأمانة المهنية والضغوط التي تأتي من كل الاتجاهات.



ومع ذلك، يظل الصحفي المحايد واقفًا مثل شجرة زيتون قديمة:

لا تُسقطها الرياح، ولا تُغريها العواصف،

تعطي ظلًا للجميع…

لكن جذورها تشهد أنها ثابتة، صادقة، غير قابلة للبيع.



لماذا يصبح الحياد ضرورة وليس مجرد فضيلة؟


لأن الناس اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى من يروي لهم ما يحدث دون أن يُدخلهم في معركة ليست لهم.

بحاجة لمن يحترم عقولهم قبل مشاعرهم.

بحاجة لمن يكتب كما يُنصت…

ومن يُنصت كما يتنفس، بلا صراخ، بلا خوف، بلا انفعال مصطنع.



فالخبر ليس ملكًا للصحفي،

ولا ملكًا للمؤسسة،

بل هو ملك للقارئ…




خاتمة: الحياد… رسالة لا ينجزها إلا من يحمل نورًا داخليًا


أن تكون صحفيًا محايدًا يعني أن تكون شاهدًا أمينًا لا تابعًا،

وإنسانًا يرى في كل وجه حكاية،

وفي كل حكاية حقًا في أن تُروى بعدل.



الحياد ليس مهنة،

ليس منصبًا،

وليس تقنية تُدرّس في الجامعات.



الحياد روح،

وإن لم يحملها الصحفي في قلبه،

فلن يجدها في قلمه.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتراف ناقص قصة قصيرة
- يومياتي – الصفحة التي لم أتجرأ على كتابتها من قبل
- 🌿 الذين باركوا القتل – قصة قصيرة
- قراءة نقدية في قصيدة «لستُ أنثى من رخام» للشاعرة نادرة عبد ا ...
- الأدب النسوي: كتابةٌ في فضاء الجسد والذاكرة…
- **حين تُصبح اللغة بيتًا للروح:
- صوتٌ يوقظُ المعنى: قراءة نقدية معمّقة في “ليلة القبض على الد ...
- **قصيدة: “تأملات امرأة تتفاوض مع الضوء”
- في القطار من الرملة إلى حيفا… وفي الذاكرة من اللد إلى رام ال ...
- الأمهات في السماء حاضرات
- ✒️ كيف نواجه أوجاعنا؟ رؤية إنسانية عميقة من زا ...
- ✦ قراءة وارفة في رواية “أنا من الديار المقدّسة” للفتي ...
- المرأة العربية… حين يصبح الأمان ترفًا والعدالة معركة
- قراءة نقدية موسّعة لرواية “الخطّ الأخضر” بين السرد والذاكرة… ...
- **استراتيجية القراءة والكتابة
- يزن… ذلك الجزء من الأم الذي لم يغِب يومًا
- حين تنحرف السياسة عن الإنسان… وتخسر الدول معناها
- تركتُ كلّ شيءٍ خلفي… واتّبعتُ ضميري وقلبي
- يا موت… مهلًا، ألا تتعب؟
- ما نتعلّمه حين نتوقف عن الهرب من الحقيقة


المزيد.....




- بعد هجوم بيت جن.. نتنياهو يكشف شرط إسرائيل للتوصل لاتفاق سلا ...
- -تجاهلوا قواعد الاشتباك-.. من العراق إلى الكاريبي: وزير الحر ...
- في يومهم اليوم العالمي ما تحديات ذوي الإعاقة في العالم العرب ...
- وفاة رضيع جزائري بسبب الكحل التقليدي تدق جرس خطره على الأطفا ...
- فيديوهات مصطفى الصيني تُوقع بتاجر مصري في قبضة الأمن بعد اته ...
- في -سبيل المجد والأوطان- بديلاً لـ -حماة الديار- كنشيد وطني ...
- سرقة شحنة ذخائر كبيرة تابعة للجيش الألماني في ظروف غامضة!
- مادورو يقسم على -الولاء المطلق- للشعب الفنزويلي
- تونس: الشرطة تعتقل المعارض العياشي الهمامي لتنفيذ حكم بالسجن ...
- محكمة إيرانية تطالب واشنطن بدفع 22 مليار دولار بدعوى -دعمها- ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رانية مرجية - ما معنى أن تكون صحفيًا محايدًا؟