أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رانية مرجية - يزن… ذلك الجزء من الأم الذي لم يغِب يومًا














المزيد.....

يزن… ذلك الجزء من الأم الذي لم يغِب يومًا


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 18:11
المحور: حقوق الانسان
    


لا تحتاج كلمات د. رولا غانم عن ابنها يزن إلى كثير من الشرح كي تصل إلى القارئ؛ فهي كلمات تنبع من مكانٍ لا يخطئه الإحساس. في كل مرة تكتب فيها عن ابنها، يتجاوز النص حدود السرد الشخصي، ليصبح شهادة حيّة على معاناة الأمهات الفلسطينيات، وعلى العمق الإنساني الذي لا يلتقطه الإعلام كفاية في زحمة الخطابات السياسية.

وجع الأم… الحكاية التي تُختصر ولا تُختزل

حين تتحدث د. رولا غانم عن يزن، فهي لا تنطق بلسانها وحدها. في صوتها تمتزج أصوات آلاف الأمهات اللواتي يعشن على طرف الانتظار، دون يقين واضح ولا مواعيد قريبة. يزن بالنسبة لها ليس غائبًا؛ إنه حاضرٌ في كل تفصيلة. الغياب هنا لا يشبه الغياب العابر، بل هو غيابٌ يعيد تشكيل القلب، ويضع الأم في مواجهة يومية مع ما لا تستطيع السيطرة عليه.

ومع ذلك، تكتب د. رولا من موقع القوة الهادئة لا من موقع الانكسار. هي أمّ تعرف أن ضعفها جريمة يرتكبها الألم، لذلك تقاومه بالصبر، وبإعادة تعريف الأمومة في ظروف لا تشبه شيئًا من الطبيعي.

الانتظار… ذاكرة لا تمحى

غياب الابن خلف جدار غير معلوم يخلق زمنًا مختلفًا. الانتظار يصبح طريقة في العيش، والشوق يتحول إلى لغة ثانية للأم. لم تُخفِ د. رولا هذا التحول، بل وثّقته بكلماتها، وكأنها تقول إن الأم التي يبتعد عنها ابنها لا تنام كما ينام الآخرون، ولا تعيش كما يعيش الآخرون.

هي تستنشق الهواء وكأن في رئتيها ثِقلاً ليس مرئيًا. تفتح النوافذ لا لتغيّر الهواء، بل لعل نسمة تأتي من جهة يزن. هكذا يتحوّل الغياب إلى حضورٍ مضاعف، وإلى اختبار يومي للإنسانية.

الاتكال على الله… المقاومة التي لا تُلتقط بالكاميرا

قد يظن البعض أن الاتكال على الله أمرٌ عاطفيّ، لكنه بالنسبة للأمهات اللواتي فقدن أبناءهن أو انتُزعوا منهن، هو شكلٌ من أشكال المقاومة. د. رولا غانم تفهم ذلك جيدًا. في دعائها تجد قوتها، وفي يقينها بالله تجد الطريق الوحيد الممكن لمواجهة هذا الثقل.

هي لا تكتب لتثير الشفقة؛ بل لتعلن أن الدعاء ليس انسحابًا من الواقع، بل حضورًا كاملًا فيه، ومحاولة لحماية ما تبقى من الروح.

يزن… مرآة لوجع جماعي

قصة يزن ليست حالة فردية؛ إنها مرآة تُظهر الوجه الإنساني للقضية الفلسطينية، الوجه الذي كثيرًا ما يختفي خلف الضجيج السياسي.
في كلمات د. رولا نلمس بوضوح أن المعاناة الفلسطينية ليست أرقامًا تُذكر في التقارير، بل وجوه، وقلوب، وأمهات ينتظرن بصبرٍ يُشبه المعجزة.

يزن هو جزء من هذه الحكاية؛ ابنٌ غاب قسرًا، لكنه ظلّ حاضرًا في ذاكرة أمه وفي وجدان كل من يقرأ كلماتها بصدق.

خاتمة: الأم ليست الهامش

تكتب د. رولا غانم لأن الصمت خيانة، ولأن الأم، مهما اشتدّ عليها الألم، تظلّ نقطة الارتكاز الأولى في روايتنا الفلسطينية.
وما دامت الأمهات يرفعن أسماء أبنائهن في الدعاء، فإن الأمل يبقى قائمًا، والضوء لا ينطفئ، والعودة تظلّ ممكنة مهما طال الطريق.

يزن… ذلك الجزء من الأم الذي لم يغِب يومًا، وسيظلّ حاضرًا بصبرها، وبقوة دعائها، وبإيمانها بأن الله لا يترك قلبًا ينتظر بالحق.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تنحرف السياسة عن الإنسان… وتخسر الدول معناها
- تركتُ كلّ شيءٍ خلفي… واتّبعتُ ضميري وقلبي
- يا موت… مهلًا، ألا تتعب؟
- ما نتعلّمه حين نتوقف عن الهرب من الحقيقة
- قصيدة: بيتُ لحم… حين تنهض الأرض بوجوه النساء
- **قراءة نقدية في كتاب «أسلاك كهرباء مكشوفة للريح والمطر» ليا ...
- “سامر… حين اكتشف أن الظلّ ليس قدرًا”
- إيمان خطيب ياسين… امرأة صنعت حضورها بالصدق لا بالمنصب
- حين يحمل الجسدُ الوطن ملحمة إنسانية عن الذين هُجِّروا كي لا ...
- إنسان للإنسان إنسانإنسان للإنسان إنسان
- اسمع مني… إذا بدك تكون محبوب عند “شلل” الأحزاب العربية
- مقال: فلسطين… بين مطر غزة ونار الضفة، والعالم يواصل صمته الم ...
- آدم: موسيقى خرجت من قلبٍ كان يظنّه العالم خطراً
- لا تُقارن نفسك بأحد… لأنّ لكلّ روح طريقها
- فلسطينيو الداخل: وجعٌ يحاور العالم
- الخيط الذي لم ينقطع: قصة فتاة أعادت اختراع معنى النجاة
- وطنٌ يعلّم أبناءه الحلم… ثم يجرّدهم من حقّ الحلم
- طولكرم… مدينةٌ تعلّم القلب كيف يقف دون خوف
- مار جريس… الفارس الذي يفضح خوف العالم
- الامتنان… فلسفة حياة ومرآة للروح الإنسانية


المزيد.....




- الأونروا: 90 بالمئة من أهالي غزة بلا غذاء كاف ونحذر من شلل ا ...
- -الأونروا-: الوضع في غزة -بائس- رغم وقف النار.. والاحتلال يح ...
- الأونروا: تكدس 6 آلاف شاحنة غذائية عند المعابر
- -الأونروا-: 90% من سكان غزة يعتمدون على الإغاثة ووجبة واحدة ...
- الاعتداء على سيدتين واعتقال شقيقين خلال اقتحام منزل في كفر ق ...
- الأونروا: كثيرون في غزة لا يحصلون إلا على وجبة واحدة كل 24 س ...
- آلاف يتظاهرون في مرسيليا للتنديد بعنف المخدرات بعد مقتل شقيق ...
- مركز حقوقي إسرائيلي يندد بـ-التطهير العرقي- في الضفة
- هآرتس: هل يحول بن غفير إعدام الفلسطينيين إلى حدث احتفالي علن ...
- مركز حقوقي إسرائيلي يندد بـ-التطهير العرقي- في الضفة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رانية مرجية - يزن… ذلك الجزء من الأم الذي لم يغِب يومًا