أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رانية مرجية - فلسطينيو الداخل: وجعٌ يحاور العالم














المزيد.....

فلسطينيو الداخل: وجعٌ يحاور العالم


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 14:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زمنٍ تتسارع فيه التحولات الكبرى، وتضيق فيه المساحات التي تُمنح للأقليات كي تتنفس، تقف قضية فلسطينيي الداخل عام 1948 ليس باعتبارها ملفًا محليًا فحسب، بل كمرآة تعكس جوهر الصراع العالمي حول الهوية والعدالة وحق الإنسان في الحياة الكريمة.
إنها قصة شعب بقي في وطنه، لكنه وجد نفسه محاصرًا بين سياسات الإقصاء ورغبة لا تهدأ في البقاء.

هوية لا تخضع للمحو

بالنسبة لفلسطينيي الداخل، الهوية ليست ترفًا ثقافيًا، بل فعل مقاومة يومي.
إنها معركة تبدأ من حماية اللغة وترتفع إلى حماية الذاكرة، وتنتهي عند حق الإنسان بأن يُرى كما هو، لا كما يريد الآخرون أن يكون.
هذا الصراع يتقاطع اليوم مع تجارب شعوب أصلية في القارات الخمس، ومع مجموعات بشرية تواجه سياسات تمييز رسمية ومجتمعية تسعى لتذويبها.

لكن الفلسطيني، بما يعيشه داخل دولة تُعيد صياغة المواطنة بطريقة انتقائية، يواجه نسخة أكثر حدّة من هذا الصراع، نسخة تضع وجوده نفسه محل سؤال.

اقتصاد متعثر يختبر قدرة الصمود

التفاوت الاقتصادي بين البلدات العربية واليهودية ليس مجرد فجوة، بل سياسة ممتدة.
مدارس بموارد أقل، وبنى تحتية مهملة، ومناطق صناعية نادرة، وفرص محدودة للشباب.
هذه ليست أرقامًا بل تفاصيل يومية ترسم ملامح الوجع المعاصر.

ورغم أن الصورة محلية، إلا أنها تتكرر عالميًا في الأحياء الفقيرة في الولايات المتحدة، وفي مدن أوروبا الجنوبية، وفي القرى الطرفية حول العالم.
العنوان واحد: حين يُحرم الإنسان من الموارد، يُحرم من المستقبل.

العنف: جرح اجتماعي مفتوح

العنف داخل المجتمع العربي لم يعد حدثًا عابرًا، بل أصبح أزمة تهدد البنية الاجتماعية نفسها.
الانتشار الواسع للسلاح، وانعدام الثقة بالمؤسسات الرسمية، وغياب خطط حقيقية للحد من الجريمة — كلها عوامل صنعت بيئة يختلط فيها الخوف بالحزن.

هذا المشهد ليس حكرًا على الداخل الفلسطيني؛ إنه جزء من موجة عالمية تضرب المجتمعات المهمشة التي تُترك وحدها في مواجهة الجريمة.

النساء: الوجع الذي لا يُسمع

لا يمكن فهم معاناة الفلسطينيين في الداخل دون الإصغاء إلى النساء.
فالمرأة هنا تتحمل ثقلًا مركّبًا: تمييزًا رسميًا، واقتصادًا هشًا، وعنفًا مجتمعيًا، ومسؤوليات عائلية لا تنتهي.
إنه المشهد نفسه الذي تعيشه ملايين النساء حول العالم، لكن داخل واقع سياسي مضغوط يجعل الوجع أكثر حدّة.

إنهن الحارسات الصامتات، اللواتي ينهض عليهن نصف الوطن — وربما أكثر.

انتماء معلّق بين وطنٍ وواقع

أصعب ما يواجهه فلسطينيو الداخل هو هذا الازدواج الوجداني:
أن تنتمي إلى وطنك كاملًا، بينما يراك قانون الدولة نقصًا يجب احتواؤه، أو خطرًا يجب تقييده.
هذا الانقسام الداخلي يتكرر عالميًا لدى المهاجرين والأقليات، لكنه لدى الفلسطيني يتحول إلى جزء من تركيبة الهوية نفسها.

إنه انتماء معطّل، لكنه ثابت… ينهار أحيانًا، لكنه لا يسقط.

ضوء لا ينطفئ

ورغم كل هذا، يبرز فلسطينيون في مجالات الطب، والبحث العلمي، والهندسة، والفن، والأدب، وريادة الأعمال.
نجاحهم ليس نتاج امتياز، بل نتاج إرادة.
إنه دليل على أن الشعوب التي تتعرض للضغط الشديد هي ذاتها القادرة على إنتاج أكبر موجات الإبداع حين ترفض الانكسار.

خاتمة

قضية فلسطينيي الداخل ليست قصة طرفٍ مهمل في الشرق الأوسط.
إنها جزء من الحراك العالمي الذي يعيد طرح الأسئلة الكبرى:
من يستحق العدالة؟
من يملك الحق في الهوية؟
ومن يحمي كرامة الإنسان حين تتعرض للنفاذ؟

إن أوجاعهم لا تخصهم وحدهم، بل تخصّ البشرية كلها، لأنها تقول شيئًا واحدًا بوضوحٍ لا يلين:
لا يمكن لأي قوة أن تمحو شعبًا يعرف كيف يحوّل وجعه إلى حياة.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيط الذي لم ينقطع: قصة فتاة أعادت اختراع معنى النجاة
- وطنٌ يعلّم أبناءه الحلم… ثم يجرّدهم من حقّ الحلم
- طولكرم… مدينةٌ تعلّم القلب كيف يقف دون خوف
- مار جريس… الفارس الذي يفضح خوف العالم
- الامتنان… فلسفة حياة ومرآة للروح الإنسانية
- لقاء لا يُنسى مع المناضلة الفلسطينية ليلى خالد
- حين عدتُ من الموت… أدركتُ الحقيقة التي يخشاها الجميع
- رولا غانم.. حين ينهض الوطن من بين سطور امرأة
- قصة: حين ينهض الصمت ويقول اسمه
- الإيزيديون… حين تُضيء الكلمة طريق الإنسان
- رواية الحصاد… حين يُزهر الوطن في قلب الطفولة
- 🎭 مسرح لا يسألهم عمّا نقص… بل عمّا يلمع
- قراءة في قصة -مفتاحٌ لا يَصدأ-: للكاتبة رانية فؤاد مرجية  ...
- ليان... حين تقع القلوب في امتحان الإنسانية
- محمد بركة… حين فشل الزعيم في أن يكون بين الناس
- ✨ ما بين جرسٍ وهلال (Between a Bell and a Crescent)
- رنين بشارات… حين يتكلّم الصدق بصوتٍ مسرحيّ
- 🎭 “الحانة تعبانة”… حين يقف الإنسان في البار ليواجه ن ...
- قراءة أدبية في مجموعة -قصص قصيرة جداً- لرانية مرجية بقلم د. ...
- حين تعلّم النور أن يتكلم


المزيد.....




- فيديو متداول لحادث -تصادم شاحنة وقود بحافلة معتمرين من الهند ...
- الحكومة الأردنية تعلن استدعاء مُكلفي -خدمة العلم- الجدد -قري ...
- معرض دبي للطيران: طائرات استعراضية تقدم عرضا جويا مع مشاركة ...
- بعد شهرين في السجن.. جورجيا تفرج عن -محتال تيندر- الإسرائيلي ...
- رينيه زيلويغر تزيح الستار عن تمثال جديد لشخصية -بريدجيت جونز ...
- تقرير حقوقي: أكثر من 98 فلسطينيًا قضوا في السجون الإسرائيلية ...
- الجيش السوداني يستعيد -أم سيالة- والنازحون يروون فصول المأسا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفذ توغلين في ريف القنيطرة
- الادعاء بالجنائية الدولية يطلب المؤبد للسوداني علي كوشيب
- مطالبات بكشف مصير 3 صحفيين اعتقلتهم إسرائيل من غزة صبيحة 7 أ ...


المزيد.....

- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رانية مرجية - فلسطينيو الداخل: وجعٌ يحاور العالم