أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رانية مرجية - لقاء لا يُنسى مع المناضلة الفلسطينية ليلى خالد














المزيد.....

لقاء لا يُنسى مع المناضلة الفلسطينية ليلى خالد


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 09:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


خرجتُ من الفندق في صباح الخامس عشر من حزيران 2010، وأنا أحمل داخلي شعورًا بأن اليوم لن يشبه أي يوم آخر.

كان الهواء خفيفًا، لكنه مشبعٌ بإحساس موعدٍ كبير ينتظرني.

لم أكن وحدي—إلى جانبي كان الشاعر والصديق رامي ياسين، الذي لم يكتفِ بمرافقتي، بل كان هو من رتّب هذا اللقاء المرتقب، ومن فتح لي بابًا نحو امرأة حملت فلسطين في ملامحها وفي خطواتها وفي نظراتها… نحو المناضلة ليلى خالد.



كان رامي يسير بجانبي بصمتٍ جميل، كأنه يعرف أن اللحظة أثقل من الكلام، وأن الطريق إلى ضاحية الحسين ليس مجرد مسافة، بل عبور نحو ذاكرة وطن كامل.



الطريق إلى ضاحية الحسين… الطريق إلى حيفا في القلب


انطلقت السيارة، وكان كل متر نقتربه يشعرني كأنني أقترب من شيء أعمق من لقاء صحفي؛ كنتُ أقترب من جذور روحي، من قصة بدأت قبل ولادتي، من حكاية امرأة جعلت العالم كله يلتفت إلى وجعنا وحقنا واسمنا.



كان رامي يشير إلى الطريق وكأنه يرشدني إلى شيء مقدس،

وكان الصمت بيننا يشبه صلاة قصيرة…

صلاة تليق بامرأة جعلت فلسطين تكبر في قلوبنا.



وحين وصلتُ إلى بيتها، وخرجت ليلى خالد لاستقبالنا بضحكتها الواسعة التي تسع نصف التاريخ ونصف الوجع، نظرتُ إلى رامي وتأكدتُ أن ترتيبه لهذا اللقاء لم يكن ترتيب موعد… بل ترتيب قدر.



بيت يشبه فلسطين… حيث الجدران تتنفس ذاكرة


دخلنا منزلها فوجدناه يشبه حضن الوطن في بيت واحد:

صور جورج حبش على الجدران،

وصورة أبو علي مصطفى تحتضن المكان،

وتحف فلسطينية تنهض من الرماد كأنها تقول:

“نحن لم نُمحَ… نحن فقط تغيرنا أماكنًا.”



لكن أكثر ما هزّ قلبي كان حجر قرميد أحمر من بيتها في حي الهدار بحيفا.

حجرٌ حمله لها صحفي أجنبي، لكنه عاد إلى صاحبته كما تعود الذكرى إلى القلب…

كان الحجر صامتًا، لكنه يصرخ:

“نحن هنا… ما يزال هذا الوطن يعيش في أصغر قطعك.”



حديثٌ لا يشبه الحوارات… كان اعترافًا وولادةً جديدة


جلست أمام ليلى، وإلى جانبي رامي ياسين، الذي كان منصتًا مثل طفل أمام حكمة أم كبيرة، وسألناها… لا بأسئلة صحفية، بل بأسئلة الروح.



عن نضال المرأة…


قالت ليلى بصوتٍ يعرف الجبهات والجبال والدموع:

“نضال المرأة ليس هامشًا… إنه قلب الحكاية.

المرأة تناضل ضد الاحتلال،

وضد الظلم الاجتماعي،

وضد الشرخ السياسي…

ومع ذلك لا تزال واقفة.”



سردت قصصًا لا تُنسى:

امرأة تقف أمام دبابة دون سلاح،

أم كامل الكردي التي رفضت الملايين وفضّلت خيمتها،

أسيرات يرسمْن حريتهن على جدار الزنازين،

نساء يقدن الهتاف في الناصرة وغزة والقدس وبلعين.



عن العودة… اليقين الذي لا يموت


قالت ليلى وهي تستعيد البحر في عينيها:

“أنا أرى حيفا كما أراك الآن.

العودة ليست حلمًا… هي موعد مؤجل.

إن لم نعد نحن، سيعود أولادنا… أو أحفادنا.

المقاومة لم تكن خطة، بل ضرورة،

والعودة ستكون كذلك.”



عن رفضها للعودة وحدها


سألتها لماذا رفضت العودة حين سُمح لها، فقالت كأم لا كمقاتلة:

“زوجي مبعد، وأولادي محرومون.

لا أعود إلى الوطن وحدي…

الوطن لا يُعاش فرادى.

إمّا أن نعود معًا… أو نبقى معًا.”



عن الكنيست


قالت بصوتٍ يشبه ثبات جذع زيتونة قديمة:

“الكنيست ليس منبر الفلسطيني.

الحقوق تُنتزع من الشارع،

من الشعب…

لا من برلمان بُني على نفي وجودنا.”



رسالتها لأبناء الداخل


ثم التفتت إلينا كأنها تخاطب كل المدن التي بقيت تحت الاحتلال:

“يا أبناء حيفا ويافا واللد وأم الفحم والناصرة وعكا…

هذه أرضكم. حافظتم على الذاكرة وعلى اللغة وعلى الوجدان.

لا تخافوا.

الجنسية لا تلغي الهوية،

وأنتم أكبر دليل.”



وأضافت:

“ما ينقصنا قيادة موحدة… أما الشعب، فهو الأقوى.”



ثم قالت كلمات لا تنسى:

“أنا لبنانية الأصل…

لكن فلسطين هي وطني كما هي وطن العالم.

وكما قال جيفارا:

حيث يكون الظلم… فذلك هو وطني.”

في الختام… سلامتك يا ليلى، يا قلب فلسطين


خرجتُ من بيتها وأنا أشعر أنني خرجت من فلسطين نفسها،

وكان رامي ياسين يمشي بجانبي بصمتٍ يعرف أن الكلمات تضعف أمام هذه اللحظة.



وحين أغلقت ليلى الباب خلفنا، شعرتُ أن التاريخ أغلق بابًا صغيرًا،

وفتح في القلب بابًا أكبر.



يا ليلى…

سلامتكِ من كل وجع.

عودي إلى صحتك كما يعود الضوء إلى الفجر.

نحن بحاجة إلى صوتك،

إلى حكمتك،

إلى حضورك الذي يشبه وطنًا كاملًا.



سلامتكِ… يا وجهًا يشبه الكرمل،

وروحًا تشبه حكايات العودة،

وابتسامة تحمل نصف تاريخنا ونصف حلمنا.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين عدتُ من الموت… أدركتُ الحقيقة التي يخشاها الجميع
- رولا غانم.. حين ينهض الوطن من بين سطور امرأة
- قصة: حين ينهض الصمت ويقول اسمه
- الإيزيديون… حين تُضيء الكلمة طريق الإنسان
- رواية الحصاد… حين يُزهر الوطن في قلب الطفولة
- 🎭 مسرح لا يسألهم عمّا نقص… بل عمّا يلمع
- قراءة في قصة -مفتاحٌ لا يَصدأ-: للكاتبة رانية فؤاد مرجية  ...
- ليان... حين تقع القلوب في امتحان الإنسانية
- محمد بركة… حين فشل الزعيم في أن يكون بين الناس
- ✨ ما بين جرسٍ وهلال (Between a Bell and a Crescent)
- رنين بشارات… حين يتكلّم الصدق بصوتٍ مسرحيّ
- 🎭 “الحانة تعبانة”… حين يقف الإنسان في البار ليواجه ن ...
- قراءة أدبية في مجموعة -قصص قصيرة جداً- لرانية مرجية بقلم د. ...
- حين تعلّم النور أن يتكلم
- لفراشة كرمز للوعي والعبور قراءة فلسفية تأويلية في كتاب “قالت ...
- ✦ الفراشة كرمز للوعي والعبور قراءة فلسفية تأويلية في ...
- «حين يتكلم الصمت: دروس في الإنسانية من مصنعٍ صغير»
- الكاتبة رانية مرجية تحاور الأديبة الفلسطينية رولا خالد غانم ...
- - أميرة- الرواية التي تلد فلسطين من رحم الذاكرة
- الفتاة التي سرقت الشمس


المزيد.....




- مصرف لبنان المركزي يفرض -إجراءات وقائية- على تداول العملات ا ...
- تقرير صحافي: إسرائيل تتحضّر لعمل عسكري ضد حزب الله في بيروت ...
- الحرِّيَّةُ لإبراهيم شريف
- جنود إسرائيليون يعترفون باستعمال الفلسطينيين كدروع بشرية في ...
- ليلة مرعبة في العاصمة الأوكرانية كييف جراء هجوم روسي -هائل- ...
- -بلو أوريجين- التابعة للأمريكي جيف بيزوس تنجح بإطلاق صاروخها ...
- حرب النجوم.. في وجه التهديد الروسي، جيشٌ فضائي فرنسي يُدشن م ...
- أوضاع مأساوية صعبة للنازحين السودانيين بمدينة طينة الحدودية ...
- الصين تحتج على تصريحات لرئيسة وزراء اليابان بشأن تايوان
- ماذا وراء حظر ألمانيا جمعية -مسلم إنتر أكتيف-؟


المزيد.....

- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رانية مرجية - لقاء لا يُنسى مع المناضلة الفلسطينية ليلى خالد