أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - رولا غانم.. حين ينهض الوطن من بين سطور امرأة














المزيد.....

رولا غانم.. حين ينهض الوطن من بين سطور امرأة


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8525 - 2025 / 11 / 13 - 11:18
المحور: الادب والفن
    


ليست كل امرأة قادرة على أن تكتب وطنًا،

ولا كل كاتبة قادرة على أن تجعل الحبرَ يكتسب هوية،

لكن رولا خالد غانم — تلك القادمة من نبض طولكرم — فعلت الأمرين معًا.

كتبت فلسطين كما تُكتب القصيدة: من وجعٍ نقيّ، من ذاكرةٍ تنزف، ومن حبٍّ يتجاوز الجغرافيا إلى ما هو أعمق — الهوية كوجود، والانتماء كقدر.

ما بين الجرح والورق: امرأة تكتبنا جميعًا


رولا غانم لا تكتب لتُرضي القارئ، بل لتوقظه.

إنها لا تضع اللغة في خدمة الحكاية، بل تجعل الحكاية امتحانًا للغة ذاتها.

في رواياتها، يتقاطع التاريخ بالشخصي، والوطني بالنسوي، والوجع بالكرامة.

بطلاتها لا يشبهن نساء الأساطير، بل نساء الحارات الفلسطينية اللواتي يخبزن الخبز على الجمر ويغزلن الحكايات على شرفات الانتظار.



في روايتها «المخاض»، تنفجر الحياة من رحم المعاناة. لا تكتب عن الولادة البيولوجية فقط، بل عن ولادة الوعي والذاكرة.

كل شخصية فيها هي مرآة لفلسطين — تلك التي تُنجب أبناءها من الألم وتعيدهم إلى الأمل.

أما في «الظل الأبيض»، فتغدو الرواية تأملاً فلسفيًا في الذاكرة، في حدود الإنسان حين يكون ظله أثقل من جسده، وفي معنى الحرية حين تُحاصر الروح داخل جدارٍ من غياب.

كتابات رولا ليست حكايات تُروى، بل أسئلة تُطرح على ضمير القارئ:

هل يمكن للحقيقة أن تُشفى من الوجع؟

هل يمكن للحب أن ينجو من الحرب؟

وهل يمكن لفلسطين أن تستمر إذا لم نكتبها في وجداننا كل يوم؟

كتارا… حين تلتقي الرواية بالخلود


حين فازت الدكتورة رولا غانم بـ جائزة كتارا للرواية العربية، لم يكن ذلك تكريمًا لعمل أدبي فحسب، بل اعترافًا بمدرسة فكرية جديدة تتكوّن في فلسطين — مدرسة تُعيد تعريف الأدب بوصفه مقاومة فكرية.

جاء فوزها كإضاءة في زمنٍ عربيٍّ يزداد عتمة، وكأن كتارا وجدت ضالتها في نصٍّ لا يُهادن ولا يُساوم، نصٍّ يعرّي الوجع ولا يخشى أن يقول الحقيقة.

لقد كتبت رولا في روايتها الفائزة عن فلسطين لا بوصفها مكانًا، بل بوصفها كائنًا حيًا يتنفس بالحبر، ويختزن في ذاكرته خيبات البشر وانتصارات الأرض.

كتبت عن المقهورين الذين ما زالوا يحلمون، وعن أولئك الذين يصنعون من الرماد حياة.

وفي ذلك، جعلت من الأدب أرشيفًا إنسانيًا للكرامة.

فلسطين في عينيها ليست جغرافيا… بل ذاكرة


تستطيع رولا أن تجعل القارئ يلمس فلسطين دون أن يسافر إليها.

في لغتها عطرُ ترابٍ بعد المطر، وفي استعاراتها نحيبُ أمٍّ فقدت ولدها لكنها ما زالت تُعدّ له الطعام.

هي تُعيد إلينا الوطن بوجهه الإنساني لا السياسي، بدموعه لا بخطاباته.

ولهذا، حين تقرأ أعمالها، تدرك أن فلسطين الحقيقية ليست تلك المرسومة على الخرائط، بل تلك التي تسكن القصص والحروف والأحلام.

المرأة التي تحمل الوطن في حقيبة قلبها


رولا غانم ليست روائية فقط، بل أستاذة في الحياة والفكر.

تعلم أن الحرف مسؤولية، وأن التعليم رسالة لا وظيفة.

طلابها لا يخرجون من قاعاتها بشهادات فقط، بل بإيمانٍ بأن الحلم الفلسطيني لا يموت.

هي تؤمن أن الأنثى ليست نصف المجتمع كما يقال، بل هي كلّه حين تختار أن تكتب، أن تعلّم، وأن تحبّ دون خوف.



حين صعدت المنصّة لتُكرَّم في بلدية طولكرم برعاية المحافظ اللواء الدكتور عبد الله كميل، لم تكن مجرد امرأة تُصفّق لها الأيدي،

بل رمزًا يُصفّق له التاريخ.

كانت لحظة تُعيد تعريف التكريم ذاته: أن يُكرَّم النور في زمن العتمة، وأن يُكرَّم الفكر في زمن التبعية، وأن يُكرَّم الجمال في زمن القبح.

بين الأدب والوطن… ميلاد فكرة


رولا غانم تمثل الجيل الجديد من المفكرين العرب الذين لا يفصلون بين الأدب والموقف.

هي لا تكتب لتتجمّل، بل لتُحدث أثرًا.

وحين نقرأها، لا نقرأ نصًا فقط، بل نسمع فلسطين تتحدث بلسان امرأة تعرف أن الحرية تبدأ من الحرف.

لذلك لا غرابة أن يقول القرّاء عن رواياتها إنها “أمكنة للبوح”، وإن صوتها الأدبي يشبه صلاةً تُقال عند الفجر، هادئة لكنها لا تُنسى.

كلمة أخيرة…


في زمنٍ تهاجر فيه القيم كما تهاجر الطيور، تبقى رولا غانم ثابتة في سماء الأدب كغيمةٍ لا تعرف التصحر.

هي ابنة فلسطين التي لم تختر الكتابة ترفًا، بل اختارتها نجاةً.

وكل جائزةٍ تنالها ليست تكريمًا لشخصها، بل تكريمًا لروحٍ جماعية فلسطينية تصرّ أن تبقى حيّة رغم كل شيء.



رولا غانم…

حين تكتب، تُشفى اللغة.

وحين تتحدث، يُصغي الوطن.

وحين تُكرَّم، نشعر جميعًا أن فلسطين ما زالت بخير.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة: حين ينهض الصمت ويقول اسمه
- الإيزيديون… حين تُضيء الكلمة طريق الإنسان
- رواية الحصاد… حين يُزهر الوطن في قلب الطفولة
- 🎭 مسرح لا يسألهم عمّا نقص… بل عمّا يلمع
- قراءة في قصة -مفتاحٌ لا يَصدأ-: للكاتبة رانية فؤاد مرجية  ...
- ليان... حين تقع القلوب في امتحان الإنسانية
- محمد بركة… حين فشل الزعيم في أن يكون بين الناس
- ✨ ما بين جرسٍ وهلال (Between a Bell and a Crescent)
- رنين بشارات… حين يتكلّم الصدق بصوتٍ مسرحيّ
- 🎭 “الحانة تعبانة”… حين يقف الإنسان في البار ليواجه ن ...
- قراءة أدبية في مجموعة -قصص قصيرة جداً- لرانية مرجية بقلم د. ...
- حين تعلّم النور أن يتكلم
- لفراشة كرمز للوعي والعبور قراءة فلسفية تأويلية في كتاب “قالت ...
- ✦ الفراشة كرمز للوعي والعبور قراءة فلسفية تأويلية في ...
- «حين يتكلم الصمت: دروس في الإنسانية من مصنعٍ صغير»
- الكاتبة رانية مرجية تحاور الأديبة الفلسطينية رولا خالد غانم ...
- - أميرة- الرواية التي تلد فلسطين من رحم الذاكرة
- الفتاة التي سرقت الشمس
- تعب الوعي… حين تصبح الروح ساحة حرب
- غزة… حين تنبعث من قلب الرماد


المزيد.....




- BBC تقدم اعتذرا لترامب بشأن تعديل خطابه في الفيلم الوثائقي
- مغني الـ-راب- الذي صار عمدة نيويورك.. كيف صنعت الموسيقى نجاح ...
- أسرة أم كلثوم تتحرك قانونيا بعد إعلان فرقة إسرائيلية إحياء ت ...
- تحسين مستوى اللغة السويدية في رعاية كبار السن
- رش النقود على الفنانين في الأعراس.. عادة موريتانية تحظر بموج ...
- كيف نتحدث عن ليلة 13 نوفمبر 2015 في السينما الفرنسية؟
- ميريل ستريب تلتقي مجددًا بآن هاثاواي.. إطلاق الإعلان التشويق ...
- رويترز: أغلب المستمعين لا يميزون الموسيقى المولدة بالذكاء ال ...
- طلاق كريم محمود عبدالعزيز يشغل الوسط الفني.. وفنانون يتدخلون ...
- المتحف الوطني بدمشق يواصل نشاطه عقب فقدان قطع أثرية.. والسلط ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - رولا غانم.. حين ينهض الوطن من بين سطور امرأة