أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - طولكرم… مدينةٌ تعلّم القلب كيف يقف دون خوف














المزيد.....

طولكرم… مدينةٌ تعلّم القلب كيف يقف دون خوف


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


ثمة مدنٌ

يظنّها المرء بعيدة،

حتى إذا وصلها

اكتشف أنها كانت أقرب إليه

من أماكن كثيرة عاش فيها سنوات طويلة.

هكذا كانت طولكرم بالنسبة لي:

مدينة لا تستقبل الزائر،

بل تستقبل روحه أوّلًا،

كأنها تعرف ما أنهكه

قبل أن يبوح.



دخلتها—أنا وصديقتي الكاتبة سيما صيرفي—

وفي القلب انتظارٌ هادئ

لبلدةٍ يُقال إنها تحمل طيبةَ أهلها

كرايةٍ لا تنكس.

لكنّ الحقيقة كانت أبعد من ذلك بكثير:

طولكرم لا تقدّم الوداعة،

بل تقدّم قوةً هادئة

تُشبه امرأةً وقفت طويلًا أمام الريح

ولم تنحنِ.



مدينة تحفظ ذاكرة ناسها كما تحفظ الأمّ آخر صورة لطفلها


في شوارعها

لا شيء مرتّب على طريقة المدن الكبيرة،

ومع ذلك

كلّ شيء في مكانه الدقيق:

المارة الذين يبتسمون دون سبب،

رائحة الخبز التي تسبق الظهيرة،

والأبواب القديمة

التي ترفض الاعتزال

لأن داخل هذه البيوت

ما زال هناك من يؤمن بالدفء.



طولكرم مدينةٌ

تتحمّل صمتها كما تتحمّل ضجيجها،

وتعرف أن الكرامة

ليست ادعاءً،

بل أسلوب حياة

لناسٍ لم يسمحوا للوجع

أن يشوّه وجوههم.



زيارة رولا غانم… حين تتحوّل الكلمة إلى مكان آمن


حين وصلنا إلى بيت الكاتبة رولا غانم،

كان المشهد أبعد من لقاء ودّي.

كان دخولًا إلى مساحة إنسانية محفوظة

لا يدخلها إلا من يعرف قيمة الحكاية.



رولا استقبلتنا

بهدوء امرأة

تعرف أنها لا تواجه العالم بالكلام،

بل بمخزونٍ من الإيمان العميق

بأن الأدب

ليس ترفًا

ولا غاية،

بل وسيلة للبقاء.



كلماتها لم تكن خطبًا،

ولا مواعظ،

كانت جملةً تخرج كنبضة،

وأخرى تهبط كطمأنينة،

وثالثة تُعيد ترتيب شعورك

لأنك تسمع الحقيقة

من منبعها الأول:

من امرأة لا تكتب لتُدهش،

بل لتشهد،

وتشهد بصدق.



سيما إلى جانبي

كانت تجمع الكلام

كما تجمع الأمّ

قطع الضوء المتناثرة في غرفة طفلها،

وأنا كنت أعلم

أن ما يُقال في هذا البيت

لن يبقى في البيت،

بل سيخرج معنا

كما تخرج البركة

مع الضيف الذي يُستقبل بمحبة.



طولكرم… مدينة لا تُغادر الزائر


عند الغروب،

وحين غادرنا،

لم يكن الطريق عودة،

بل استمرارًا لحالة وجدانية

بدأت هناك

ولم تنتهِ عند باب السيارة.



طولكرم لا تقول لك “ارجع”،

ولا تقول “ابقَ”،

هي تقول شيئًا أعمق:

“خذني معك بالطريقة التي تشاء.”



ومثل كل المدن التي تُشبه الأمّ،

فإنها تظلّ في اليد

وفي الجيب

وفي الذاكرة

وفي تلك المساحة الدقيقة من الروح

التي لا يجرؤ عليها أحد.



ولأن المدن الكبيرة تتعب،

والعالم يعلو صوته،

يبقى للمدن التي تتكلّم بالبساطة

وبالصدق

وبالإيمان بالإنسان

مكانٌ لا يزاحمها فيه أحد.



وطولكرم

هي إحدى هذه المدن النادرة:

مدينة لا تستعرض قوتها،

بل تمارسها…

وتعلّمك

أن الوقوف على قدميك

أمرٌ يحتاج أحيانًا

إلى مدينة

تمنحك قلبها أولًا

قبل أن تمنحك طريقها.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مار جريس… الفارس الذي يفضح خوف العالم
- الامتنان… فلسفة حياة ومرآة للروح الإنسانية
- لقاء لا يُنسى مع المناضلة الفلسطينية ليلى خالد
- حين عدتُ من الموت… أدركتُ الحقيقة التي يخشاها الجميع
- رولا غانم.. حين ينهض الوطن من بين سطور امرأة
- قصة: حين ينهض الصمت ويقول اسمه
- الإيزيديون… حين تُضيء الكلمة طريق الإنسان
- رواية الحصاد… حين يُزهر الوطن في قلب الطفولة
- 🎭 مسرح لا يسألهم عمّا نقص… بل عمّا يلمع
- قراءة في قصة -مفتاحٌ لا يَصدأ-: للكاتبة رانية فؤاد مرجية  ...
- ليان... حين تقع القلوب في امتحان الإنسانية
- محمد بركة… حين فشل الزعيم في أن يكون بين الناس
- ✨ ما بين جرسٍ وهلال (Between a Bell and a Crescent)
- رنين بشارات… حين يتكلّم الصدق بصوتٍ مسرحيّ
- 🎭 “الحانة تعبانة”… حين يقف الإنسان في البار ليواجه ن ...
- قراءة أدبية في مجموعة -قصص قصيرة جداً- لرانية مرجية بقلم د. ...
- حين تعلّم النور أن يتكلم
- لفراشة كرمز للوعي والعبور قراءة فلسفية تأويلية في كتاب “قالت ...
- ✦ الفراشة كرمز للوعي والعبور قراءة فلسفية تأويلية في ...
- «حين يتكلم الصمت: دروس في الإنسانية من مصنعٍ صغير»


المزيد.....




- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - طولكرم… مدينةٌ تعلّم القلب كيف يقف دون خوف