أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رانية مرجية - حين تنحرف السياسة عن الإنسان… وتخسر الدول معناها














المزيد.....

حين تنحرف السياسة عن الإنسان… وتخسر الدول معناها


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس أصعب على الإنسان العربي اليوم من الشعور بأنه حاضرٌ في كل خطاب، وغائبٌ عن كل قرار.
تتردد كلمة الإنسان في المؤتمرات، تُرفَع في الحملات، تُستَخدم في الافتتاحيات… لكنها نادرًا ما تجد طريقها إلى جوهر السياسات التي تُدير حياته.
هكذا يتحول “الإنسان أولًا” من مبدأ أخلاقي إلى جملة تزين الواجهة، فيما يبقى الواقع معلّقًا على مفارقة موجعة: كل شيء يُذكر باسم الإنسان… إلا الإنسان نفسه.

السياسة بلا إنسان… إدارة أزمة لا بناء دولة
السياسة وُجدت لتصنع حياةً عادلة، لا لتصنع سلطةً أبدية.
لكن جزءًا كبيرًا من الممارسة السياسية العربية انشغل بترتيب السلطة أكثر مما انشغل بترتيب الحقوق، وبتفسير الولاء أكثر مما انشغل بفهم الاحتياجات.

حين يُقصى الإنسان عن صناعة القرار، يصبح الوطن بناءً هندسيًا لا بناءً إنسانيًا؛ ويصبح الاستقرار أشبه بسطحٍ هادئ يخفي تحته مياهًا مضطربة.
لأن الدولة التي لا يشعر مواطنوها بأنها لهم، تتحول من فضاء انتماء إلى فضاء ضرورة فقط.

الإعلام… بين الحقيقة التي تُخفى والإنسان الذي يُنسى
الإعلام العربي يمتلك قدرةً هائلة على إعادة الإنسان إلى قلب المشهد، لكنه في كثير من الأحيان يتحول إلى وسيط ينقل ما يراد له أن ينقل، لا ما يجب أن ينقل.
حين تُختزل القضايا الإنسانية الكبرى إلى عناوين عاجلة، وحين يُدار الوجع بمنطق الترفيه أو الدعاية، يفقد الإعلام عقده الأخلاقي مع المجتمع.

الإعلام الذي لا يُسائل لا يحمي.
والإعلام الذي يكتفي بالعرض لا يؤدي دوره في البناء.

تحولات عالمية… وإنسان عربي يدخلها بلا حماية سياسية كافية
العالم اليوم يعيد تشكيل نفسه:
قوى اقتصادية تصعد، أقطاب تتنافس، مفاهيم السيادة والحدود تعاد صياغتها.
ومع ذلك، يدخل المواطن العربي هذه التحولات وهو بلا ضمانات حقيقية—لا منظومات تشاركية راسخة، ولا مؤسسات مستقلة تحميه، ولا سياسات تستشرف المستقبل بدل الاستجابة المتأخرة له.

إن أخطر ما تواجهه المنطقة ليس الأزمات نفسها، بل تطبيع الأزمات، واعتياد الشعوب على أن تتعايش مع ما لا ينبغي التعايش معه.

إعادة الإنسان إلى مركز السياسة… ليست رفاهية بل ضرورة بقاء
لا يمكن لأي دولة أن تزدهر بينما يفقد المواطن ثقته في العدالة، أو في مؤسسات الرقابة، أو في إمكانية التغيير السلمي.
الإصلاح الحقيقي يبدأ حين تعترف السياسة بأن الإنسان ليس تابعًا، بل شريكًا، وأن التنمية ليست أرقامًا، بل كرامة، وأن الأمن الحقيقي يبدأ في صدور الناس قبل أن يبدأ عند حدود الدول.

الإصلاح المطلوب لا يكلّف خرائط جديدة، بل نوايا جديدة:

مشاركة فعلية يصنع فيها الناس مصيرهم.

قانون عادل يحمي الجميع بلا تمييز.

إعلام مهني يستعيد دوره كسلطة رابعة لا كصدى للسلطة.

الخلاصة… الإنسان ليس عنوانًا بل جوهرًا
الدولة التي تحمي إنسانها تكسب قوتها من داخله، لا من فوقه.
أما الدولة التي تنظر إلى الإنسان باعتباره قابلًا للاستبدال، فإنها تفرّغ نفسها من معناها مهما بدت متماسكة.

لسنا بحاجة إلى معجزات، بل إلى إعادة ترتيب الأولويات:
أن يعود الإنسان مركز السياسة لا هامشها، هدفها لا وسيلتها، بوصلة القرار لا تفصيله.
فحين تستعيد السياسة إنسانيتها… تستعيد المجتمعات قدرتها على العيش، لا مجرد البقاء.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركتُ كلّ شيءٍ خلفي… واتّبعتُ ضميري وقلبي
- يا موت… مهلًا، ألا تتعب؟
- ما نتعلّمه حين نتوقف عن الهرب من الحقيقة
- قصيدة: بيتُ لحم… حين تنهض الأرض بوجوه النساء
- **قراءة نقدية في كتاب «أسلاك كهرباء مكشوفة للريح والمطر» ليا ...
- “سامر… حين اكتشف أن الظلّ ليس قدرًا”
- إيمان خطيب ياسين… امرأة صنعت حضورها بالصدق لا بالمنصب
- حين يحمل الجسدُ الوطن ملحمة إنسانية عن الذين هُجِّروا كي لا ...
- إنسان للإنسان إنسانإنسان للإنسان إنسان
- اسمع مني… إذا بدك تكون محبوب عند “شلل” الأحزاب العربية
- مقال: فلسطين… بين مطر غزة ونار الضفة، والعالم يواصل صمته الم ...
- آدم: موسيقى خرجت من قلبٍ كان يظنّه العالم خطراً
- لا تُقارن نفسك بأحد… لأنّ لكلّ روح طريقها
- فلسطينيو الداخل: وجعٌ يحاور العالم
- الخيط الذي لم ينقطع: قصة فتاة أعادت اختراع معنى النجاة
- وطنٌ يعلّم أبناءه الحلم… ثم يجرّدهم من حقّ الحلم
- طولكرم… مدينةٌ تعلّم القلب كيف يقف دون خوف
- مار جريس… الفارس الذي يفضح خوف العالم
- الامتنان… فلسفة حياة ومرآة للروح الإنسانية
- لقاء لا يُنسى مع المناضلة الفلسطينية ليلى خالد


المزيد.....




- -كان مثل نودلز مبللة-.. أم تروي كابوس اختناق رضيعها وفيديو ي ...
- حادثة تهز نيجيريا وتثير قلقًا دوليًا.. اختطاف مئات الطلاب من ...
- البرهان يرفض ورقة مسعد بولس ويهاجم الإمارات.. كيف يبدو المشه ...
- رفع الأنقاض بعد أول غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبير ...
- شابانا محمود -قدّمت عرضاً مسرحياً مُبهراً مع القليل من الإجر ...
- النيجر.. أول فشل أوروبي في توحيد سياسات الهجرة؟
- أوكرانيا- اتفاق أولي على -إطار سلام منقح- وسط ضغوط ترامب وتق ...
- الاتحادان الأوروبي والأفريقي يجتمعان في أنغولا لتعزيز الشراك ...
- قمة العشرين تشدد على أهمية التعدّدية وتنتهي بسجال دبلوماسي ب ...
- هجوم 7 أكتوبر... إسرائيل تقيل ضباطا رفيعي المستوى في جيشها و ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رانية مرجية - حين تنحرف السياسة عن الإنسان… وتخسر الدول معناها