رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 15:42
المحور:
الادب والفن
هناك لحظة،
تجيء متأخرة أحيانًا…
لحظة لا تشبه شيئًا مما قبلها،
يقف فيها الإنسان أمام نفسه
دون أقنعة،
ودون الأعذار التي ربّاها طوال العمر ليحتمي بها.
في تلك اللحظة،
تفقد الكلمات بريقها،
وتفقد المواقف صلابتها،
ويصبح كل ما بنيناه فوق طبقات من الكبرياء
أخفّ من أن يبقى.
هناك فقط…
نكتشف أن الغضب لم يكن يومًا قوّة،
بل خوفًا يتنكر بصوت مرتفع.
وأن القسوة ليست طباعًا،
بل درعًا يرتديه قلبٌ
ما عاد يعرف كيف يُقال: “لقد تألمت.”
في عمق التجربة،
حيث تنكشف الحقائق بلا تردد،
نفهم أنّ الإنسان كائن هشّ
يقف بين رغبتين متصارعتين:
رغبة في أن يُحبّ،
ورغبة في ألا ينكسر مرّة أخرى.
ولهذا،
كل خلاف صغير نحمله معنا
ليس إلا انعكاسًا لجرح قديم
لم نجد له اسمًا بعد.
وكل صرخة غضب
هي محاولة—مرتبكة وصامتة—
كي يسمعنا أحد
قبل أن نتفتت من الداخل.
الغفران،
في صورته الأكثر عمقًا،
ليس قرارًا يتعلّق بالآخرين،
بل قرارًا يتعلّق بما نريده لأنفسنا:
هل نريد أن نبقى سجناء اللحظة التي أوجعتنا؟
أم نريد أن نستعيد القدرة
على التنفّس بلا ثِقل،
وعلى النظر إلى المرآة
دون أن نحمل أعباء الأمس معنا؟
أما المحبة…
فليست شعورًا يُقال،
بل ممارسة يومية
تشبه إعادة تخطيط القلب؛
أن نتعلّم أن نكون لطيفين مع من نحب
حتى حين نكون متعبين،
وأن نمدّ يدًا
حين نظنّ أننا لا نملك شيئًا لنمنحه،
وأن نبقى
في اللحظة التي يسهل فيها الهرب.
ولعلّ أصدق ما نصل إليه
بعد كل هذا العناء،
هو أن الإنسان لا يحتاج إلى إنسان كامل،
بل إلى إنسان صادق؛
يرى كثافة خوفك
ولا يرتبك،
يرى ظلّ جرحك
ولا يبتعد،
يرى ارتباكك
ولا يفسّره ضعفًا،
ويرى حاجتك إلى الطمأنينة
فيضع يده فوق قلبك
وكأنه يضعها فوق قلبه هو.
وحين نعرف هذا…
نتغير.
لا نصبح ألطف مع الآخرين فقط،
بل ألطف مع أنفسنا أيضًا.
نفهم أن كل شخص التقيناه
كان جزءًا من تدريبٍ طويل
لكي نصل إلى هذه اللحظة:
لحظة نرى فيها نورنا
وقد نجا…
رغم كل ما مرّ علينا.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟