أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - لواء إسكندرون… الأرض السورية التي ابتلعها الجيران














المزيد.....

لواء إسكندرون… الأرض السورية التي ابتلعها الجيران


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 00:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُعدّ لواء إسكندرون إحدى أكثر القضايا حساسية في الذاكرة السورية الحديثة، فهو قطعة جغرافية ساحلية واسعة، غنية بالموارد، متعددة الثقافات، اقتُطعت من سوريا في واحدة من أكثر اللحظات التاريخية اضطرابًا في الشرق الأوسط. وبينما ترى دمشق أن اللواء “أرض سورية سُلبت بالقوة”، تعتبر أنقرة أن المنطقة جزءٌ لا يتجزأ من سيادتها. وبين الروايتين، تتكوّن الحكاية الكاملة لـ اللواء الضائع.

أولاً: أين يقع لواء إسكندرون؟

يقع اللواء في شمال غرب سوريا (قبل ضمّه)، ويمتاز بـ:

ساحل واسع على المتوسط

مدن كبرى مثل الإسكندرونة وأنطاكية

تنوع سكاني من عرب وتركمان وأرمن وغيرهم

موقع استراتيجي يربط الأناضول بسوريا ولبنان

هذه الجغرافيا جعلت اللواء محطّ أطماع القوى الإقليمية والدولية في مطلع القرن العشرين.

ثانيًا: كيف ضاع اللواء؟ قراءة في البدايات

بعد الحرب العالمية الأولى، خضعت سوريا للانتداب الفرنسي، ومن ضمنها لواء إسكندرون.
عام 1936، ومع توقيع “المعاهدة السورية–الفرنسية”، كان من المتوقع أن تستعيد سوريا استقلالها الكامل بما في ذلك اللواء، لكن التطورات كانت تسير في اتجاه آخر:

1. صعود تركيا الحديثة

كانت أنقرة آنذاك في مرحلة بناء دولة قوية تحت حكم أتاتورك، ورأت في اللواء منطقة حيوية لعمقها الاستراتيجي.

2. الضغوط التركية على فرنسا

استغلت تركيا حاجـة فرنسا لحليفة قوية في أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية، فمارست ضغطًا دبلوماسيًا وسياسيًا كبيرًا لضم اللواء.

3. تناقض المصالح الفرنسية

فرنسا كانت تفضّل كسب تركيا إلى جانبها بدل الدخول معها في نزاع حدودي، فبدأت تليّن موقفها تجاه المطالب التركية.

ثالثًا: 1939… سنة التحوّل الكبير

رغم اعتراض دمشق القوي، قُدّم اللواء إلى تركيا عبر ترتيبات دولية أثارت جدلاً واسعًا:

1. إنشاء “دولة هاتاي” المؤقتة

عام 1938، أُعلنت “دولة هاتاي” ككيان مستقل تحت إشراف فرنسي–تركي مشترك، وهو نوع من التمهيد السياسي لضمّه.

2. استفتاء مثير للجدل

أُجري استفتاء حول مصير اللواء، وسط اتهامات بتغيير الديموغرافيا قبل التصويت عبر إدخال أعداد كبيرة من السكان الأتراك.
النتيجة جاءت لصالح الانضمام إلى تركيا.

3. الضمّ النهائي

في يوليو 1939، أعلنت تركيا ضم اللواء رسميًا، ليصبح محافظة جديدة باسم: هاتاي.

رابعًا: الرواية السورية… لماذا تعتبره دمشق أرضًا محتلة؟

ترى سوريا أن ضم اللواء تم عبر:

ضغط سياسي دولي على حساب الحق التاريخي والجغرافي

إجراءات ديموغرافية غير متوازنة

استغلال ظرف دولي شديد الحساسية

انتهاك لحقوق سكانه الأصليين العرب والأرمن

وتستند دمشق إلى خرائط العهد العثماني والانتداب الفرنسي التي كانت تعتبر اللواء جزءًا من سوريا الطبيعية.

خامسًا: الرواية التركية… لماذا تصرّ أنقرة على أن اللواء تركي؟

تقول تركيا إن:

للمنطقة روابط تاريخية وثقافية وسياسية مع الأناضول

سكانًا أتراكًا عاشوا فيها قرونًا طويلة

معاهدة 1939 كانت اتفاقًا دوليًا مكتمل الأركان

استفتاء “هاتاي” منح الشرعية لضمّها

وترى أن الملف حُسم نهائيًا قبل الحرب العالمية الثانية.

سادسًا: أثر القضية على العلاقات السورية–التركية

شكل اللواء ملفًا شائكًا بين البلدين لعقود:

بقيت سوريا تضعه ضمن خرائطها الرسمية حتى التسعينيات

توترات متكررة خلال الحرب الباردة

تهدئة نسبية في عهد الانفتاح بين 2004–2010

عودة التوتر الكبير بعد الأزمة السورية منذ 2011

إعادة بروز الملف في الخطاب الشعبي والسياسي السوري

القضية أصبحت رمزًا للذاكرة الوطنية السورية وورقة سياسية حساسة في العلاقات الإقليمية.

سابعًا: هل يمكن أن يعود اللواء؟

من الناحية الواقعية، تبدو إمكانية عودة اللواء إلى سوريا ضعيفة في المدى المنظور، لأسباب عدة:

استقرار الوجود التركي منذ 85 عامًا

الاعتراف الدولي الضمني بالحدود الحالية

غياب مفاوضات مباشرة

ظروف الحرب السورية التي أجّلت أي نقاش حدودي

لكن من الناحية التاريخية والشعبية، يظل اللواء قضية مفتوحة في الوعي السوري، تمامًا كما بقيت بعض القضايا الحدودية حيّة رغم مرور عقود.

خاتمة: لواء إسكندرون… جرح الجغرافيا الذي لا يندمل

سواء اعتُبر “لواء إسكندرون”، أو “هاتاي”، أو “الأرض السورية التي ابتلعها الجيران”، فإن الحقيقة الثابتة أن هذه البقعة كانت وما تزال جزءًا من توازنات دولية معقدة غيّرت مصيرها.
وما دام الشرق الأوسط يعيش دورات متتالية من التحولات الكبرى، فإن قضية اللواء ستبقى حاضرة في الذاكرة والوجدان، شاهدة على مرحلة تاريخية تشكّلت فيها الحدود بقوة السياسة أكثر من قوة الحق.



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهيار الدولة التركية… هل هو حلم أوروبا أم كابوسها؟
- الدولة العميقة في تركيا… خطر يهدد المنطقة
- القضاء التركي أعمى عندما يتعلق الأمر بالسوريين
- سوريا بين مطرقة تركيا وسندان اسرائيل
- الدولة العثمانية… لعنة أصابت العالم لسبعمئة عام
- هل يقبل الأتراك برئيس كردي يأتي عبر صناديق الاقتراع؟
- وزارة الخارجية التركية تسرق السوريين باسم الفيزا
- هل فتح الله غولن ارهابي ،، ام رجل دين ،، ام كلاهما
- لماذا لا احد يحب تركيا؟ كيف تحولت سياسة صفر مشاكل الى صفر اص ...
- صراع الدين والعلمانية في تركيا .... هل انهزم الاثنان؟
- تركيا والاتحاد الأوروبي: حب من طرف واحد
- المسلمون في أوروبا: جعجعة بلا طحين
- انهيار الليرة التركية: هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قا ...
- الحزب القومي التركي والذئاب الرمادية: الوجه الخفي للارهاب ال ...
- هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذ ...
- بعد نجاح تجربة أربيل: هل حان الوقت لدولة كردية جديدة في المن ...
- بين الاحتلالين الإسرائيلي والتركي: لماذا يغضّ المسلمون الطرف ...
- كمال اتاتورك اراده الاتراك يسوعا فحصلوا على هولاكو
- هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟
- نحو تحالف استراتيجي كردي عربي في وجه المد التركي


المزيد.....




- مصر: توقيع مشروع تجاري فندقي في القاهرة الجديدة.. وخبراء يعل ...
- إحباط بين جماهير ليفربول بعد سلسلة هزائم، وتساؤلات حول مستقب ...
- فيديو يظهر مقتل فلسطينيين في وضعية الاستسلام على ما يبدو وال ...
- غزة مباشر.. غارات في القطاع وإعدامات بالضفة
- شاهد.. جيش الاحتلال يعدم شابين من جنين بعد استسلامهما
- إدارة ترامب تعلن إعادة النظر في بطاقات -غرين كارد- الممنوحة ...
- دول أوروبية تدين تصاعد عنف المستوطنين ضدّ الفلسطينيين في الض ...
- -لدي معطيات لن أكشفها حفاظا على البلد-.. رياض سلامة يخرج عن ...
- غينيا بيساو تدخل مرحلة انتقالية جديدة.. قائد القوات البرية ي ...
- تونس: رملة الدهماني شقيقة سنية الدهماني المفرج عنها تتحدث لف ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - لواء إسكندرون… الأرض السورية التي ابتلعها الجيران