أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - صراع الدين والعلمانية في تركيا .... هل انهزم الاثنان؟














المزيد.....

صراع الدين والعلمانية في تركيا .... هل انهزم الاثنان؟


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 02:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُعدّ المشهد التركي واحدًا من أكثر المشاهد تعقيدًا في العالم الإسلامي عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين الدين والعلمانية. فمنذ تأسيس الجمهورية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1923، وضعت تركيا نفسها في قلب صراع طويل بين إرثها العثماني الإسلامي من جهة، ومشروعها القومي العلماني الحداثي من جهة أخرى. ومع مرور عقود، تَحوّل هذا الصراع من مواجهات مؤسسية إلى جدل اجتماعي وثقافي وسياسي مستمر. لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل انتصر طرف على الآخر؟ أم أنهما معًا قد وصلا إلى لحظة أزمة أو حتى هزيمة؟

العلمانية التركية: نموذج خاص لا يشبه أحدًا

العلمانية في تركيا لم تكن مجرد فصل بين الدين والدولة، بل كانت مشروعًا جذريًا لإعادة تشكيل المجتمع. فقد سعت الدولة الكمالية إلى تقييد الدين في المجال الخاص، والسيطرة على مؤسساته عبر "رئاسة الشؤون الدينية" (ديانت)، ومنع الرموز الدينية في الجامعات والإدارة العامة، وفرض نمط ثقافي غربي في المظهر والعادات.

هذا النموذج لم يكن مجرد علمانية؛ بل علمنة قسرية جعلت الدين تحت سلطة الدولة. ومع ذلك، لم يختفِ الدين من المجتمع التركي، بل بقي متجذرًا في الحياة اليومية، ما جعل المواجهة بين الطرفين حتمية مع أي انفتاح سياسي.


صعود الإسلام السياسي: من الهامش إلى مركز السلطة

منذ السبعينيات بدأت الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بالظهور، إلى أن جاء حزب العدالة والتنمية عام 2002 ليقلب المعادلة. لم يكن الصعود مجرد انتصار انتخابي، بل كان تحوّلًا اجتماعيًا:

رفع القيود عن الحجاب

توسع المدارس الدينية

خطاب سياسي ذي حمولة دينية

إعادة الاعتبار للذاكرة العثمانية


لكن هذا الانتصار لم يكن فقط انتصارًا للدين على العلمانية، بل كان إعادة تشكيل العلمانية ذاتها. فقد تحولت تركيا إلى نموذج “العلمانية المرنة”، حيث الدين موجود بقوة في المجال العام، ولكن ضمن إطار دولة مركزية قوية.


---

الهزيمة المتبادلة: كيف خسر الطرفان؟

رغم ما يبدو من وصول الإسلام السياسي إلى ذروة القوة، ورغم استمرار الدولة في فرض بعض منطق العلمانية، إلا أن الطرفين يواجهان في الواقع أزمة عميقة.

1. العلمانية التركية خسرت مشروعها التاريخي

لم يعد ممكنًا فرض التحديث بالقوة

انفصلت الدولة عن جزء كبير من المجتمع المحافظ

تراجع تأثير النخب الكمالية

تراجع بريق النموذج الغربي في العيون التركية


وهكذا، أصبحت العلمانية في نظر كثيرين مشروعًا نخبويًا منعزلًا، لا يعبر عن المجتمع التركي المتنوع.

2. الإسلام السياسي خسر لحظة التمكين

رغم قوته السياسية، واجه المشروع الديني تحديات كبرى:

تسييس الدين أضعف مصداقيته

الصراعات الداخلية (مثل أزمة غولن) أظهرت هشاشة الخطاب الأخلاقي

الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية عمّقت الشكوك حول قدرة الإسلام السياسي على تقديم حلول

تحوّل الهوية الدينية إلى أداة في الصراع السياسي، بدل أن تكون مصدرًا للقيم المشتركة


وبذلك، يبدو أن الإسلام السياسي، بعد سنوات من الحكم، خسر جزءًا من جاذبيته الأخلاقية والشعبية، وواجه نتائج "التدين المؤدلج".


تركيا اليوم: ما بعد الصراع التقليدي

تركيا اليوم ليست دولة علمانية بالكامل ولا دينية بالكامل. إنها تقف في منطقة رمادية، جديدة ومربكة، لكنها واقعية:

المجتمع أكثر تنوعًا من أي وقت مضى

الدين موجود بقوة، لكن ليس كمرجعية سياسية موحدة

العلمانية موجودة دستورياً، لكنها لم تعد قادرة على إقصاء الدين

الأجيال الجديدة أقل اهتمامًا بالصراع الأيديولوجي وأكثر اهتمامًا بالاقتصاد والحريات والحياة اليومية


إنها تركيا ما بعد الاستقطاب الأيديولوجي، حيث لم يعد السؤال:
"من ينتصر؟ العلمانية أم الدين؟"
بل أصبح:
"كيف نعيش معًا رغم الاختلاف؟"


---

هل انهزم الاثنان؟

الإجابة المعقولة هي: نعم، بمعنى ما.

العلمانية انهزمت لأنها فقدت احتكارها للدولة والهوية.

والدين السياسي انهزم لأنه أثبت أنه ليس قادرًا وحده على إدارة مجتمع شديد التعقيد.


لكن هزيمتهما ليست نهاية، بل فرصة لبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على:

حرية الفرد

احترام التعددية

توازن بين الدين والدولة

فصل الدين عن الصراع السياسي، لا عن الحياة العامة


ربما تكون تركيا اليوم أمام لحظة نادرة: ليس انتصار طرف على آخر، بل إعادة تعريف العلاقة بينهما بطريقة تتجاوز ميراث الصراع.



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا والاتحاد الأوروبي: حب من طرف واحد
- المسلمون في أوروبا: جعجعة بلا طحين
- انهيار الليرة التركية: هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قا ...
- الحزب القومي التركي والذئاب الرمادية: الوجه الخفي للارهاب ال ...
- هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذ ...
- بعد نجاح تجربة أربيل: هل حان الوقت لدولة كردية جديدة في المن ...
- بين الاحتلالين الإسرائيلي والتركي: لماذا يغضّ المسلمون الطرف ...
- كمال اتاتورك اراده الاتراك يسوعا فحصلوا على هولاكو
- هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟
- نحو تحالف استراتيجي كردي عربي في وجه المد التركي


المزيد.....




- خطيب المسجد الأقصى لـ الشروق: اعتداءات المتطرفين على مقبرة ب ...
- المدرسة الفارسية.. صرح مملوكي في المسجد الأقصى
- المستوطنون يعيثون فسادا في الضفة.. وإدانات لعملية إحراق المس ...
- غوتيريش يدين هجوم المستعمرين على مسجد الحاجة حميدة بمحافظة س ...
- -التعاون الإسلامي- تدين جريمة إحراق مسجد في محافظة سلفيت
- إحراق مستوطنين لمسجد في سلفيت: تحريض على الكراهية الدينية
- وفاة رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية بالقدس عبد العظيم سلهب
- -الرئاسية العليا- تُدين جريمة المستعمرين بإحراق مسجد في سلفي ...
- وفاة رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية بالقدس عبد العظيم سلهب
- كل أجراس الكنائس تقرع في باريس بوقت واحد تكريما لضحايا 13 نو ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - صراع الدين والعلمانية في تركيا .... هل انهزم الاثنان؟