أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - المسلمون في أوروبا: جعجعة بلا طحين














المزيد.....

المسلمون في أوروبا: جعجعة بلا طحين


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8524 - 2025 / 11 / 12 - 03:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ أكثر من نصف قرن والمسلمون يعيشون في أوروبا كمجتمعات مهاجرة تبحث عن موطئ قدم، بين وعود الاندماج وأوهام “الهوية المستقلة”. ومع مرور الوقت، لم تعد المشكلة في تعامل المجتمعات الأوروبية معهم بقدر ما أصبحت في غياب المشروع الحقيقي للمسلمين أنفسهم.
لقد تحولت الجالية المسلمة في كثير من الدول الأوروبية إلى حالة من الضجيج الخطابي دون إنجاز فعلي؛ شعارات عن الهوية، وعن الدفاع عن الإسلام، وعن “التمييز”، دون أن يرافقها أي بناء حقيقي لمؤسسات أو فكر أو نموذج ناجح للوجود الإسلامي في الغرب.

بين الضحية والداعية

جزء كبير من المسلمين في أوروبا يعيشون بين دورين متناقضين:
الأول هو دور الضحية، الذي يحمّل المجتمع الغربي مسؤولية كل فشل أو صعوبة في الاندماج، والثاني هو دور الواعظ الذي يتحدث عن تفوق القيم الإسلامية على الحضارة الغربية.
لكن في كلا الدورين، يغيب الفعل الحقيقي: لا نرى جامعات مسلمة قوية، ولا مراكز بحثية محترمة، ولا إعلامًا مؤثرًا، بل مئات الجمعيات الصغيرة التي تتنافس على التبرعات وتعيد إنتاج الخطاب ذاته منذ عقود.

إسلام بلا فكر ولا إنتاج

أوروبا فتحت للمسلمين حرية المعتقد والتعبير والعمل، لكن كثيرًا منهم تعاملوا مع هذه الحريات كفرصة للدعوة الشكلية، لا للتفكير النقدي والإبداع الحضاري.
المساجد ملأى بالخطابات العاطفية، لكن فارغة من مشاريع النهضة.
الحديث عن “الإسلام الجميل” لا يُترجم إلى مؤسسات تعليمية أو طبية أو إعلامية محترفة تمثل القيم التي يُفترض أن يدافعوا عنها.
لقد أصبح الإسلام في أوروبا هوية صوتية أكثر منه نموذجًا اجتماعيًا حيًا — جعجعة بلا طحين.

الوعي السياسي الغائب

في القضايا السياسية، يظهر الخلل أوضح. فبينما تتحدث الأقليات الأخرى بلغة الحقوق والقانون والمصالح، ما زال كثير من المسلمين يكتفون بخطاب المظلومية أو بالانتظار السلبي.
لا توجد لوبيات قوية، ولا تمثيل فاعل في المؤسسات الأوروبية، رغم مرور أجيال كاملة على وجودهم هناك.
وفي المقابل، تملأ بعض الجماعات المتشددة الفراغ بخطاب ديني منغلق، فيضرّون بصورة المسلمين أكثر مما يخدمونهم.
هكذا، بدل أن يكون الوجود الإسلامي في أوروبا إضافة ثقافية، أصبح عبئًا سياسيًا وأمنيًا في نظر كثيرين، بسبب غياب القيادة الفكرية والتنظيمية الرشيدة.

جيل ضائع بين ثقافتين

أما الجيل الجديد من أبناء المهاجرين، فهو يعيش حالة انفصام ثقافي: لا هو مندمج تمامًا في المجتمع الأوروبي، ولا هو مرتبط بعمق ببلاد آبائه.
المدارس لا تُعطيه شعور الانتماء الكامل، والمساجد لا تخاطب عقله الحديث، والبيت يعيش على حنين قديم لوطنٍ لم يره.
والنتيجة أن كثيرًا من الشباب المسلم يشعر بأنه “غريب في وطنين”، لا يعرف أي طريق يسلك، ما يجعله عرضة إما للتطرف أو للذوبان الكامل.

لماذا لا يتقدم المسلمون في أوروبا؟

لأنهم ما زالوا يعيشون بعقلية “الضيف”، لا بعقلية “الشريك”.
ما زالوا يطالبون بالاحترام دون أن يقدّموا إنجازًا يستحقه.
ولأن المؤسسات الإسلامية الكبرى هناك تدار بعقلية الزعامة لا الإدارة، وتهتم أكثر بالخطابة والرموز من بناء الإنسان والعلم والعمل.
إن أوروبا، على ما فيها من تحديات، وفرت للمسلمين فرصًا لا يجدونها في كثير من بلدانهم الأصلية: حرية الفكر، التعليم، والمشاركة. لكنّ القليل فقط استفاد من تلك الفرص، فيما انشغل الباقون بالشعارات والشكوى.


المشكلة ليست في الإسلام كدين، بل في الطريقة التي يمارس بها المسلمون دينهم في المجتمعات الحديثة.
لقد اختزلوا الإسلام في مظهر، وفي دفاع مستمر عن الذات، بدل أن يحولوه إلى طاقة عمل وإبداع.
وحين يُقاس تأثيرهم الحقيقي في أوروبا، نجد الكثير من الكلام، والقليل من الفعل؛ الكثير من الجمعيات، والقليل من المشاريع؛ الكثير من الغضب، والقليل من الفكر.
إن المسلمين في أوروبا لن يحققوا احترامًا حقيقيًا إلا عندما يتحولون من أمة تشتكي إلى أمة تُنتج، ومن جالية صاخبة إلى مجتمع فاعل.
حتى ذلك الحين، سيبقى المشهد كما هو:
جعجعة بلا طحين.



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهيار الليرة التركية: هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قا ...
- الحزب القومي التركي والذئاب الرمادية: الوجه الخفي للارهاب ال ...
- هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذ ...
- بعد نجاح تجربة أربيل: هل حان الوقت لدولة كردية جديدة في المن ...
- بين الاحتلالين الإسرائيلي والتركي: لماذا يغضّ المسلمون الطرف ...
- كمال اتاتورك اراده الاتراك يسوعا فحصلوا على هولاكو
- هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟
- نحو تحالف استراتيجي كردي عربي في وجه المد التركي


المزيد.....




- ادعاء -طلب السعودية دعم أمريكا ضد صدام حسين-.. جدال فقهي بين ...
- المنتخب الايراني لكرة الصالات يتوج ببطولة دورة الالعاب الاسل ...
- سيطبق على العرب دون اليهود.. الكنيست يقر القراءة الأولى لمشر ...
- محافظة القدس: اقتحام مقبرة باب الرحمة محاولة لطمس الهوية الإ ...
- تفاقم الصراع بين الكنيسة والحكومة إلى أين يقود أرمينيا؟
- فتوى للتعامل مع أمريكا.. مفتي هيئة تحرير الشام: داعش خوارج و ...
- حرس الثورة الإسلامية يعرض انجازاته في مجال الجوفضاء
- سلفيت: إطلاق الفعالية المركزية لإحياء الذكرى الـ21 لاستشهاد ...
- مجلس الإفتاء يدعو لتحرك عاجل لحماية مقبرة باب الرحمة بالقدس ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى ويدنسون باحاته


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - المسلمون في أوروبا: جعجعة بلا طحين