أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - منصور رفاعي اوغلو - انهيار الليرة التركية: هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قادمة؟














المزيد.....

انهيار الليرة التركية: هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قادمة؟


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 16:52
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


شهدت تركيا خلال العقدين الأخيرين تحولات اقتصادية كبرى رافقت حكم رجب طيب أردوغان، الذي قدّم نفسه كمهندس “المعجزة الاقتصادية التركية”. لكن هذه المعجزة التي كانت يومًا فخر الأتراك، تحوّلت اليوم إلى كابوس من التضخم والبطالة وانهيار العملة. فبعد أكثر من 20 عامًا من السياسات الاقتصادية الشعبوية، يبدو أن أردوغان لم يبنِ اقتصادًا قويًا، بل قام بتأجيل الانفجار حتى وقع دفعة واحدة.

من المعجزة إلى الأزمة

في بداية حكمه مطلع الألفية، استفاد أردوغان من إصلاحات ما بعد أزمة 2001، ومن انفتاح الأسواق الأوروبية، واستقرار نسبي جذب الاستثمارات.
لكن مع مرور الوقت، بدأ يعتمد على نمو مصطنع قائم على القروض والإنفاق الحكومي بدل الإنتاج الحقيقي.
ولمّا انقلبت الظروف العالمية، وتراجعت ثقة المستثمرين بسياساته، بدأت الليرة التركية تتهاوى تدريجيًا، لتفقد أكثر من 90% من قيمتها منذ عام 2013.

الليرة تحت المقصلة

بلغت الليرة التركية مستويات قياسية من الانهيار، حيث تجاوز سعر الدولار أكثر من 35 ليرة، بعد أن كان أقل من ليرتين قبل عقدين.
هذا الانهيار لم يكن مجرد رقم في البورصات، بل أصاب حياة المواطن التركي في صميمها:

تضاعفت أسعار المواد الغذائية والإيجارات والخدمات.

تآكلت الرواتب والمدخرات.

ارتفعت ديون الأسر إلى مستويات غير مسبوقة.

فما كان يُعتبر دخلًا مريحًا قبل سنوات أصبح اليوم بالكاد يغطي احتياجات الأسبوع، فيما أصبحت الطبقة المتوسطة — التي كانت فخر تركيا الحديثة — طبقة فقيرة جديدة.

سياسات أردوغان… الشعبوية أولًا

المشكلة ليست في الأزمة العالمية ولا في الحرب الأوكرانية كما يزعم الإعلام الرسمي، بل في إصرار أردوغان على سياسات نقدية غير منطقية.
فبينما كانت كل البنوك المركزية في العالم ترفع الفائدة لكبح التضخم، كان أردوغان يُخفضها، متذرعًا بأن “الفائدة أمّ الشرور” — وهي رؤية دينية أكثر منها اقتصادية.
نتيجة ذلك كانت كارثية: انهارت الليرة، وارتفع التضخم إلى أكثر من 70%، بينما فقد المواطن الثقة في العملة المحلية.

أردوغان فضّل إنقاذ صورته السياسية على حساب استقرار الليرة، واستخدم البنك المركزي كأداة سياسية، يعيّن رؤساءه ويقيلهم حسب الولاء لا الكفاءة.

تركيا اليوم… اقتصاد في العناية المركزة

تعيش تركيا اليوم على المساعدات الخليجية، وودائع قصيرة الأجل من دول صديقة، واستثمارات ساخنة تبحث عن ربح سريع.
وهذه المصادر المؤقتة لا تبني اقتصادًا، بل تجعل البلاد رهينة تقلبات السياسة والديون الخارجية.
في الوقت نفسه، يعتمد الاقتصاد التركي على استيراد الطاقة والمواد الخام، ما يعني أن أي تراجع في سعر الليرة يرفع الأسعار داخليًا بصورة جنونية.

ورغم كل ذلك، لا يزال أردوغان يكرر خطاب “الصبر من أجل النصر الاقتصادي”، بينما الأتراك يفقدون قدرتهم على الصبر أمام ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة.

الأثر الاجتماعي والسياسي

النتيجة المباشرة للأزمة هي تآكل الثقة بالنظام السياسي، خصوصًا في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة، حيث أصبح الغضب الشعبي ملموسًا.
فشباب تركيا الذين كبروا في عهد أردوغان يجدون أنفسهم اليوم عاجزين عن شراء منزل أو حتى الزواج، في وقت يتباهى فيه الإعلام الحكومي بإنجازات “النهضة العثمانية”.
يتحدث أردوغان عن “الاستقلال الاقتصادي”، لكنّ الواقع يُظهر أن تركيا أصبحت أكثر تبعية من أي وقت مضى للديون، ولرضا الأسواق الدولية التي ينتقدها علنًا ويتودد إليها سرًا.

هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قادمة؟

من الناحية الاقتصادية البحتة، نعم.
فالديون الخارجية الضخمة، وانهيار الثقة بالمؤسسات النقدية، وتآكل الادخار الوطني، كلها عوامل لا يمكن إصلاحها في سنوات قليلة.
حتى لو بدأت الحكومة بإصلاحات جادة اليوم، فإن تعافي الليرة والقدرة الشرائية سيستغرق عقدين على الأقل، وهو ما يعني أن جيلًا كاملًا من الأتراك سيدفع ثمن سياسات أردوغان.

أردوغان لم يُفقر الأتراك فقط بالمال، بل أفقرهم بالثقة والأمل، حين جعل الاقتصاد أداة للدعاية السياسية بدل أن يكون ركيزة للاستقرار.

خاتمة

انهيار الليرة ليس حادثًا عابرًا، بل نتيجة منطقية لمسار طويل من التديين السياسي للاقتصاد، وتقديس الزعيم بدل احترام المؤسسات.
ربما ينجح أردوغان في البقاء في الحكم، لكنه سيترك وراءه اقتصادًا محطمًا، وطبقة وسطى مفقودة، وشعبًا يقتات على الذكريات.
فبعد عشرين عامًا من “النهضة”، يجد الأتراك أنفسهم أمام السؤال المؤلم:
هل كانت نهضة أردوغان طريقًا إلى المجد، أم إلى الفقر المزمن؟



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب القومي التركي والذئاب الرمادية: الوجه الخفي للارهاب ال ...
- هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذ ...
- بعد نجاح تجربة أربيل: هل حان الوقت لدولة كردية جديدة في المن ...
- بين الاحتلالين الإسرائيلي والتركي: لماذا يغضّ المسلمون الطرف ...
- كمال اتاتورك اراده الاتراك يسوعا فحصلوا على هولاكو
- هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟
- نحو تحالف استراتيجي كردي عربي في وجه المد التركي


المزيد.....




- إطلاق سراح هانيبال القذافي بعد 10 سنوات من السجن في لبنان
- العراق يرد على تصريحات إيرانية رسمية -مستفزة- بشأن الانتخابا ...
- عباس في الإليزيه غداً.. ملفات غزة من خطة السلام إلى الأمن وا ...
- محمد ثروث حسن: عالم مصري يبتكر ضوءا لا يخترق
- شتاينماير يناشد تبون العفو عن بوعلام صنصال لأسباب إنسانية
- الحنين يعود بميسي إلى برشلونة .. زيارة كامب نو تثير التكهنات ...
- القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ...
- كيف بدت الصور الأولى لإعصار فونغ وونغ الذي ضرب الفلبين؟
- انطلاق حملة التلقيح التعويضية للأطفال في قطاع غزة
- ساركوزي يغادر السجن بعد أمر محكمة فرنسية بإخلاء سبيله


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - منصور رفاعي اوغلو - انهيار الليرة التركية: هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قادمة؟