أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟














المزيد.....

هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8517 - 2025 / 11 / 5 - 08:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ القرون الأولى للإسلام، نشأ جدل لا ينتهي بين النصّ والممارسة، بين المثال والمجتمع، بين ما نادى به الدين وما آل إليه حال أتباعه.
ومع كل حقبة من الانحطاط أو العنف باسم الإسلام، يتجدد السؤال القديم:
هل المشكلة في المسلمين الذين شوّهوا دينهم، أم في بنية الإسلام نفسه التي حملت بذور الإشكال منذ البداية؟

1. الإسلام كنصّ ومثال

النصّ القرآني قدّم، في سياقه التاريخي، مشروعًا لتحرير الإنسان من عبودية البشر، وتأسيس مجتمع يقوم على العدل والمساواة والتقوى.
لكن النصّ وحده لم يكن يومًا كافيًا لصناعة التاريخ؛ فالتطبيق خضع دومًا لسلطة السياسة، وللصراع بين التأويلات المختلفة.
منذ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، تداخل الدين بالسلطة، وتحوّل الإسلام من رسالة إلى مؤسسة، ومن نصّ مقدس إلى أداة شرعية للحكم.
من هنا بدأت التشوهات لا في الدين ذاته، بل في استخدامه كوسيلة للسيطرة.

2. السلطة والسياسة: من الخلافة إلى الملك العضوض

حين تحوّلت الخلافة الراشدة إلى مُلكٍ وراثي في عهد الأمويين، دخل الإسلام طورًا جديدًا: طور التبرير السياسي باسم الدين.
أُنتجت فتاوى تُحرّم الخروج على الحاكم ولو كان جائرًا، وظهرت مدارس فقهية تؤصّل للطاعة المطلقة.
بهذا المعنى، لم يُشوّه الإسلام من الخارج، بل من داخله، على أيدي من استخدموه لتثبيت سلطتهم.
فالفساد لم يكن في الآية، بل في القراءة؛ ولم يكن في الدين، بل في توظيفه لخدمة دنيوية.

3. الإسلام التاريخي والإسلام المعياري

ينبغي التمييز بين الإسلام كما هو في النصوص والإسلام كما عاشه الناس.
فالإسلام المعياري، في خطابه القرآني، يدعو إلى الرحمة والعقل والحرية:

“لا إكراه في الدين”
“ولقد كرّمنا بني آدم”
لكن الإسلام التاريخي، في ممارسات بعض خلفائه وفقهائه، احتوى على الحروب، التمييز، والجمود العقلي.
وهذا لا يعني أن الإسلام “وُلد مشوّهًا”، بل أن تطبيقه لم يرقَ أبدًا إلى مستوى مبادئه.
فكما يقول المفكر مالك بن نبي: “المشكلة ليست في الإسلام، بل في المسلمين الذين لم يفهموه بعد.”

4. الإسلام اليوم: نسخة “خالٍ من الدسم”

أما الإسلام المعاصر، فقد تحوّل — في كثير من المجتمعات — إلى دين شكلي بلا جوهر.
تُمارس شعائره وتُرفع شعاراته، لكن القيم التي جاء من أجلها غابت: العدل، المساواة، كرامة الإنسان، وحرية العقل.
أصبح الإسلام اليوم — في كثير من الخطابات الدينية والإعلامية — إسلامًا خالي الدسم: مفرغًا من معناه الإنساني، ومختزلًا في الطقوس والمظاهر.

بل إن بعض التيارات حولته إلى أداة لتبرير الإرهاب والظلم؛ فباسمه تُقمع الحريات، وتُبرّر الديكتاتوريات، وتُرتكب الجرائم.
لم يبق من الإسلام القديم إلا قشرته، أما جوهره — ذلك المشروع الأخلاقي الثوري الذي حرّر الإنسان من الخوف والطغيان — فقد تآكل تحت ركام السياسة والجهل.

5. نحو وعي إصلاحي جديد

الإسلام لم يُولد مشوّهًا، لكنه فُقِد في الطريق.
وإصلاحه لا يعني “تجديد الدين” بقدر ما يعني إحياء مقصده الأول: تحرير الإنسان من الاستبداد والجهل والخرافة.
فالله لا يحتاج من يدافع عنه، بل من يُعيد اكتشاف نوره في حياة الناس.
أما الإسلام الحقيقي، فلن يعود بالكلام عن السلف، بل بالعمل على إحياء جوهر الرسالة:

“وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين.”


الإسلام فكرة عظيمة، لكن أتباعه صنعوا منها صورة باهتة، حتى بات الناس ينفرون من الدين لا لأنه قاسٍ، بل لأن من يتحدثون باسمه جعلوه كذلك.
فالدين الذي بدأ بتحرير الإنسان، انتهى بتقييده؛ والذي نزل رحمة، استُعمل أحيانًا كسيف.
الإسلام لم يولد مشوّهًا — بل وُلد نقيًا، ناصعًا، عظيمًا — غير أن أيدي البشر سكبت عليه غبار السلطة والجهل، حتى صار ظله هو الأصل، ونوره استثناءً.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تحالف استراتيجي كردي عربي في وجه المد التركي


المزيد.....




- السودان.. كيف أجهض الإخوان محاولات التحول الديمقراطي؟
- السعودية.. صالح الفوزان يشعل ضجة بحكم زيارة الآثار الفرعونية ...
- ترامب يصف يهود نيويورك ممن يصوتون لممداني بـ-الأغبياء-.. وال ...
- لماذا يخشى الإسلاميون الفراعنة؟
- هل سيضرب ترامب نيجيريا لـ-حماية- المسيحيين؟
- كيف واصل الإخوان توجيه بوصلة علاقات السودان الخارجية؟
- اعتداء رجل أمن على معتمرين في المسجد الحرام
- كيف تبدو أوضاع المسيحيين في نيجيريا ولماذا يهدد ترامب بالتدخ ...
- لعبة الكونغرس الأميركي الخطِرة على المسجد الأقصى
- -الزراعة- توقع اتفاقيات منح تمويلية من الاتحاد الأوروبي في ر ...


المزيد.....

- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟