أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - لماذا لا احد يحب تركيا؟ كيف تحولت سياسة صفر مشاكل الى صفر اصدقاء














المزيد.....

لماذا لا احد يحب تركيا؟ كيف تحولت سياسة صفر مشاكل الى صفر اصدقاء


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 04:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن تركيا قبل عقدين فقط موضع استياء إقليمي ودولي كما هي اليوم. بل إن سياسة “صفر مشاكل مع الجيران”، التي أطلقها أحمد داود أوغلو في السنوات الأولى لحكم حزب العدالة والتنمية، اعتُبرت آنذاك نموذجًا دبلوماسيًا ناجحًا، استطاعت أن تحوّل تركيا إلى لاعب إقليمي محبوب وموثوق. لكن هذا النموذج انهار تدريجيًا، حتى أصبح كثيرون يرون أن تركيا انتقلت من صفر مشاكل إلى صفر أصدقاء.
فلماذا حدث ذلك؟ ولماذا يبدو أن تركيا فقدت الكثير من رصيدها الشعبي والسياسي لدى جيرانها وحلفائها؟

سياسة “صفر مشاكل”: لحظة الأمل

في بداية الألفية، حاولت تركيا بناء نموذج يستند إلى:

تحسين العلاقات مع سوريا والعراق وإيران

تخفيف التوتر مع اليونان وقبرص

الانفتاح على العالم العربي

تعزيز الدور التركي في أوروبا والناتو

تقديم صورة دولة مستقرة ومعتدلة اقتصاديًا وسياسيًا


كانت الفكرة بسيطة: إذا تحسنت العلاقات، ستتحسن التجارة، وستزداد النفوذ التركي بسلاسة، دون دخول في صراعات مكلفة.
وفي تلك المرحلة، نجحت تركيا في أن تصبح قوة ناعمة لها جاذبية، خصوصًا في العالم العربي.


---

منعطف الربيع العربي: اللحظة التي غيرت كل شيء

لم تستطع تركيا الحفاظ على تلك السياسة بعد 2011. فقد رأت أن الربيع العربي فرصة لتوسيع نفوذها عبر دعم حركات إسلامية قريبة منها. وهنا بدأ التصادم:

مع سوريا بسبب دعم المعارضة المسلحة

مع مصر بسبب الموقف من الإخوان بعد 2013

مع السعودية والإمارات بسبب التنافس على قيادة العالم السني

مع إسرائيل بعد أزمة سفينة مرمرة

مع أوروبا بسبب ملف اللاجئين والديمقراطية

مع الولايات المتحدة بسبب الأكراد ومنظومة S-400 الروسية


هكذا تحولت تركيا، من وسيط بين المتخاصمين، إلى طرف غير محايد في جميع النزاعات.


---

أسباب تدهور العلاقات: لماذا لا يحب أحد تركيا؟

1. الإفراط في الطموح الإقليمي

تحولت السياسة التركية من “شراكات” إلى “تنافس” مع الجميع.
أرادت تركيا أن تقود الشرق الأوسط، فوجدت أن القوى التقليدية — السعودية، مصر، وإيران — تقف ضد هذا الطموح.

2. المزج بين الأيديولوجيا والسياسة الخارجية

دخلت تركيا في صراعات بناءً على الانتماءات الإسلامية — لا المصالح الواقعية.
هذا جعل علاقاتها هشة، وأحيانًا متناقضة، وأفقدها حيادها السابق.

3. التوتر مع الغرب

تركيا عضو في الناتو، لكنها اشترت الدفاعات الروسية، وهاجمت سياسات الاتحاد الأوروبي، وهددت مرارًا باستخدام ورقة اللاجئين.
الغرب أصبح يرى أن تركيا “شريك غير موثوق”.

4. الخلافات مع الجيران

سوريا أصبحت ساحة حرب مباشرة

العراق يتهم تركيا بانتهاك سيادته

اليونان وقبرص تتهمانها بالتصعيد في المتوسط

أرمينيا تحملها مسؤولية الماضي والنزاع في قره باغ


تركيا دخلت في نزاعات متوازية مع دول كان يمكن أن تكون شريكة.

5. تراجع الاقتصاد التركي

القوة الناعمة لا تزدهر مع الأزمة الاقتصادية.
فعندما تراجعت الليرة، وارتفعت البطالة، وأصبحت تركيا أقل استقرارًا، اهتزت صورتها عالميًا.


---

النتيجة: عزلة غير مسبوقة

بحلول منتصف العقد الماضي، وجدت تركيا نفسها في حالة شبه عزلة:

علاقات متوترة مع العرب

علاقات شائكة مع الغرب

توتر دائم مع اليونان وقبرص

علاقة غير مستقرة مع روسيا

فقدان التأثير في البلقان والقوقاز

صورة دولية مرتبكة


لم يعد أحد يرى تركيا كجسر بين الشرق والغرب، بل كدولة ذات طموحات مُقلِقة.


---

محاولات العودة: من “صفر أصدقاء” إلى “إعادة التطبيع”

منذ 2021، بدأت تركيا في إعادة بناء علاقاتها:

مصالحة مع السعودية والإمارات

تقارب مع مصر

تطبيع مع إسرائيل

تحسين العلاقات مع أوروبا

تخفيف التوتر في المتوسط

الانفتاح على سوريا عبر روسيا


لكن هذه العودة بطيئة وهشة، لأن الشكوك المتبادلة ما زالت قوية، وحتى الآن لا تزال التحالفات غير مستقرة.


---

هل لا يحب أحد تركيا؟

السؤال مجازي بالطبع.
تركيا دولة كبيرة ومهمة، ولا يمكن “كرهها” بالكامل. لكن ما حدث هو:

تراجع ثقة حلفائها التقليديين

قلق جيرانها من نفوذها

صدامها مع منافسين إقليميين

اهتزاز صورتها في الإعلام الدولي


تركيا لم تُهزَم، لكنها دفعت ثمن سياسة خارجية حاولت أن تكون أكبر من قدرتها الحقيقية.


---

الخلاصة: من صفر مشاكل إلى صفر أصدقاء

لم تكن المشكلة في أن تركيا طموحة، بل في أنها:

لم تُوازن بين الأيديولوجيا والمصالح

دخلت نزاعات كثيرة في وقت واحد

غيّرت مواقفها بشكل حاد ومتكرر

لم تحافظ على صورة الوسيط المحايد


والنتيجة كانت عزلتها، ثم محاولتها — المتأخرة — للعودة إلى الواقعية السياسية.

تركيا اليوم أمام خيارين:
إما الاستمرار في طموحها الصدامي،
أو العودة إلى الدبلوماسية الهادئة التي صنعت نجاحها يومًا.



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع الدين والعلمانية في تركيا .... هل انهزم الاثنان؟
- تركيا والاتحاد الأوروبي: حب من طرف واحد
- المسلمون في أوروبا: جعجعة بلا طحين
- انهيار الليرة التركية: هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قا ...
- الحزب القومي التركي والذئاب الرمادية: الوجه الخفي للارهاب ال ...
- هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذ ...
- بعد نجاح تجربة أربيل: هل حان الوقت لدولة كردية جديدة في المن ...
- بين الاحتلالين الإسرائيلي والتركي: لماذا يغضّ المسلمون الطرف ...
- كمال اتاتورك اراده الاتراك يسوعا فحصلوا على هولاكو
- هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟
- نحو تحالف استراتيجي كردي عربي في وجه المد التركي


المزيد.....




- افتتاح منتزه -بيست لاند- الترفيهي في السعودية
- ميشيل يوه تلفت الأنظار بإطلالة -مستقبلية- في سنغافورة
- رغم تدمير معظم مستشفيات غزة.. إسرائيل تخطط لترحيل مرضى فلسطي ...
- الإمارات تعلن نتائج تحقيقات بقضية محاولة -تمرير عتاد عسكري- ...
- نائب رئيس -المؤتمر-: التاريخ يبرر -مخاوف التطرف- في السودان ...
- إحباط محاولة اغتيال مسؤول روسي رفيع في مقبرة.. أجهزة الأمن ا ...
- اقتحم السجادة الحمراء.. معجب يندفع فجأة نحو أريانا غراندي وس ...
- كيت بلانشيت تدعم الموضة المستدامة بإطلالة -ريش نباتي- في ميو ...
- سامي حمدي الصحفي البريطاني الذي احتجزته دائرة الهجرة بأمريكا ...
- ليس عملاً سهلاً… لماذا قد يرغب أي شخص في أن يصبح المدير العا ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - لماذا لا احد يحب تركيا؟ كيف تحولت سياسة صفر مشاكل الى صفر اصدقاء