أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الصين والولايات المتحدة ومكانة الدّولار والصناعة والتكنولوجيا...















المزيد.....

الصين والولايات المتحدة ومكانة الدّولار والصناعة والتكنولوجيا...


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 15:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُسْتَخْدَمُ الدّولار كعملة احتياطية من قِبَلِ المصارف المركزية، فضلا عن تقويم أسعار النفط والمواد الخام بالدّولار، أَيْ إن الطّلب يرتفع على الدّولار كلما اشترى أحدنا ( أفرادًا وشركات ودُوَل) بنزينًا أو معدنا مُقوما بالدّولار، كما إن الولايات المتحدة تُسيطر على شبكة سويفت ( رغم عنوانها الرسمي في بلجيكا) للتحويلات المالية الدّولية وعلى شبكات الإتصال الإلكتروني ( إنترنت)، وهي جملة من الإمتيازات التي جعلت العملة الأمريكية سائدة في العالم ومكّنت الولايات المتحدة من التّمادي في هيمنتها، رغم تدهور الإنتاج الصناعي الأمريكي، لكن الدّولار يستند كذلك إلى القوة العسكرية الأمريكية الضّخمة، ومن ضمن الإمتيازات الهامة الأخرى طباعة الدّولار بلا حساب ( خصوصًا بعد فك الإرتباط بين الدّولار والذهب - حيث كان يمكن استبدال 35 دولارا بأوقية ذهب – سنة 1971 خلال رئاسة رتشارد نيكسون ) لتزويد المصارف المركزية الدّولية بالإحتياطي الذي تطلبه وكذلك لشراء السّلع من دول العالم، وقد تؤدّي زيادة الطلب على الدّولار إلى تضخم قيمته وإلى توسيع العجز التجاري الأمريكي، كما تؤدّي كذلك إلى إجبار الدول الأخرى على الخضوع لإرادة الولايات المتحدة القادرة ( بفعل هيمنة الدّولار والسيطرة على التحويلات المالية والقوة العسكرية الضخمة) على فرض الحظْر والعقوبات على ما لا ترضى عنه.
بدأت هيمنة الدّولار تتراجع قليلاً وبِبُطْءٍ شديد، بفعل محاولات بعض الدّول على استخدام العملات المحلية لإنجاز المعاملات التجارية، ومحاولات مجموعة البريكس استخدام عُمْلَة بديلة، بالإضافة إلى استخدام العُملات المُشَفّرَة، ويتزامن تراجع هيمنة الدّولار مع تراجع الإنتاج الصناعي وتراجع الهيمنة الأمريكية على مجالات البحث العلمي وقطاعات التكنولوجيا والأدوية وغيرها من المجالات التي تَطَوّرت في الصّين وأصبحت تنافس الولايات المتحدة...
يرى بعض النّافِذِين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، مثل ستيفن ميران وسكوت بيسنت ( وزير الخزانة) إن بعض مشاكل الاقتصاد الأمريكي ناتجة عن الدور المهيمن للدّولار في الإقتصاد العالمي، ولا يعترضون على وجود عملات أخرى في المعاملات التجارية الدّولية، دون إضعاف الدولار كعملة عالمية، أي الحفاظ على جوهر وفاق واشنطن ونظام بريتون وودز، لأن الدولار الأمريكي هو المحور الأساسي لهذَيْن الحَدَثَيْن المالِيّيْن اللَّذَيْن فَرَضَ الهيمنة النّقدية الأمريكية، في ظل توَسُّعِ القطاع المالي على حساب الاقتصاد الحقيقي، خصوصًا منذ بداية القرن الواحد والعشرين، وفي ظل التهديد المُستمر للمنافسين والخُصُوم بالحصار والحَظْر والعقوبات وتجميد الأُصُول، بفعل هيمنة الدّولار...
تتمتع الولايات المتحدة بامتياز استثنائي يتمثل في عدم إمكانية تعرضها لأزمة في الميزان التجاري أو ميزان المدفوعات، لأن عملتها هي العملة الاحتياطية للعالم، كما لم تتأثر الولايات المتحدة كثيرًا بارتفاع الديون الإتحادية من 31% من الناتج المحلي الإجمالي في بداية ثمانينيات القرن العشرين إلى أكثر من 125% من الناتج المحلي الإجمالي، منتصف سنة 2025.
ولا تزال هيمنة الدولار مستمرة لأنه لا يزال عملة التجارة والمبادلات والتحويلات المالية الدولية وعملة الاحتياطي النقدي في العالم، بسبب عدم وجود بديل عن الدولار لحدّ الآن، ولا يزال الدّولار كما الذّهب ملاذًا آمنا خلال فترة الأزمات في الإقتصاد العالمي، رغم الأزمات، لأن الدّولة الأمريكية تتدخّل وتضخّ مبالغ كبيرة من المال خلال الأزمات، لضمان الإستقرار المالي، كما حصل خلال أزمة الرّهن العقاري ( 2008) وأزمة انتشار وباء كوفيد-19... أما الصين فلا يبدو إنها تريد أن تهيمن عملتها مثل الدّولار، بل تريد زيادة حصة عملتها ( يُوَانْ) في التجارة الدّولية وتنويع مخزون الإحتياطي النّقدي العالمي من العملات الأجنبية، ولا تتطلّع الصين إلى إحلال اليوان محل الدولار، لأن الصين لا تريدالتّخلِّي عن سياساتها الإقتصادية الحالية.
أسْفَرَت العولمة الإقتصادية عن تسهيل حركة رؤوس الأموال من الدّول الإمبريالية ( المَرْكَز) إلى دُوضل "المُحيط" أو "الأَطْراف" لاستغلال فائض العمل الموجود في تلك الدول، وتحقيق شركاتها هوامش رِبْح ضخمة، وتضمن عملية اتساع العولمة إلى الصين والهند وغيرها زيادة حصة الديون والقطاع المالي مقارنة بالإقتصاد الحقيقي، وضمان ترحيل الفوائض المالية المتكوّنة في "الجنوب"، واستثمارها حيث يكون الرّبْح وفيرًا سواء في الصين أو في المركز الرأسمالي،
رسخت العولمة والأمولة المتزايدة من الوضعية الاستثنائية للدولار، والذي أصبح الأساس لتقييم معظم الأصول المالية المستقرة في العالم، كان تفسير بن
يعتقد بن برنانكي، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي، إن السندات الأمريكية والدولار توفِّر استثمارًا آمنا ل"تخمة الإدخار العالمي" (Global Saving Glut) لدى الأثرياء والشركات والدّول وتستفيد الولايات المتحدة من "تخمة الإدخار العالمي" لأن الفوائض تبحث عن ملاذ آمن للإستثمار مما يمكّن الولايات المتحدة من الحفاظ على عجز مستمر في الحساب الجاري وفي الميزان التجاري، مع الحفاظ على الدولار كعملة قوية، بفعل "مصداقية" السندات الأمريكية كملاذ آمن للإستثمار، مما جعل رأس المال السوقي لسوق الأسهم الأمريكي يمثل أكثر من 45% من قيمة أسواق الأسهم في العالم، بينما لا يمثل الناتج المحلي الأمريكي سوى 20% من الاقتصاد العالمي، وتستوعب سوق المال الأمريكي فائض الإدخار العالمي بفعل المكانة الخاصة للدّولار...
تتمتع الصين بامتياز هام يتمثل في الإستثمار في الإقتصاد الحقيقي، وفي زراعة وصناعة معظم ما تحتاجه وتمكنت من تطوير الطاقات البديلة ليقل اعتمادها على السلع المستورَدة، وتملك أكبر احتياطي عالمي من العملات الأجنبية، وليست لها ديون مرتفعة، مما يقلل من مخاطر التضخم والتأثر بارتفاع الدولار، ومع ذلك اضطر المصرف المركزي الصيني أحيانًا لخفض سعر العملة للحفاظ على تنافسية الصادرات الصينية في ظل ارتفاع الدولار، وخلافًا لما يحدث في الدّول الأخرى، لا يؤدّي انخفاض اليُوَان إلى ارتفاع نسبة التضخم أو انخفاض في القدرة الشرائية للمواطنين، بفضل إنتاج الصين ما تحتاجه، ولهذه الأسباب نما الناتج المحلي الإجمالي الصيني بين سَنَتَيْ 2008 و2021 بنسبة 399%، ليبلغ 17,7 تريليون دولار، بينما نما الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الفترة نفسها بأقل من 60% ليبلغ 23 تريليونًا، ونمت سوق الأسهم الأمريكية خلال نفس الفترة بنسبة 315%، فيما نمت سوق الأسهم الصينية بنسبة 50% أي إن أقلية من الرأسماليين الأمريكيين تزداد ثراء على حساب الجزء الأكبر من الكادحين والفُقراء والجزء الأكبر من الشعب الأمريكي، خلافًا للصين التي تعمقت فيها الفجوة الطبقية لكن لا يزال الإقتصاد يُوفر الوظائف وينتج ما يحتاجه المواطنون ويُحقق التنمية...
"إن الدّولة التي تريد أن تصبح عملتها عملة احتياطي عالمي عليها أن تحافظ على عجز مستمر في الميزان التجاري، وأن تستورد أكثر مما تُصَدّر، من أجل الحفاظ على تدفق عملتها للمصارف المركزية حول العالم من أجل مراكمته كاحتياطي، ولكن مع تفاقم عجز الميزان التجاري..." وفق الخبير الإقتصادي الأمريكي- البلجيكي "روبرت تريفن" ( 1911 – 1993) الذي عبّر في شهادته أمام الكونجرس الأمريكي سنة 1960 عن مشكلة جوهرية في النظام النقدي الدولي، فإذا توقفت الولايات المتحدة عن تسجيل عجز في ميزان المدفوعات، ستفقد الدّول الأخرى أكبر مصدر لزيادة احتياطياته ، وسميت هذه الفَرَضِيّة "معضلة تريفن" ( The Triffin Dilemma ) واقترح روبرت تريفين، في رؤيته الإصلاحية، استبدال هيمنة الدولار في الاحتياطيات العالمية بعملات أخرى، أو بلورة أصول احتياطية جديدة مستقلة عن أي دولة أو عملة بعينها.

الدَّوْر الأوروبي
تختلف مصالح الإتحاد الأوروبي كَكُتْلَة مع مصالح الولايات المتحدة، فهما يتنافسان على الأسواق، ومع ذلك نَفّذ الإتحاد الأوروبي خطط الولايات المتحدة سواء إزاء اليابان، قبل أكثر من ثلاثة عقود (كان اسمها السوق الأوروبية المُشتركة قبل تأسيس الإتحاد الأوروبي) أو إزاء روسيا مما حَرَمَ أوروبا من الغاز الرّخيص، واليوم إزاء الصّين، فضلا عن تورّط أوروبا في كافة الحروب العدوانية الأمريكية وعَسْكَرَة السياسة الخارجية وزيادة الإنفاق العسكري...
بخصوص الصّين يُشارك الإتحاد الأوروبي بنشاط في الحرب الإقتصادية والتجارية ضدّ الصين، وأعلن قادة الإتحاد الأوروبي إنهم بصدد إعداد قانون "تسريع التنمية الصناعية" وهو عبارة عن مجموعة قواعد تهدف إجبار الشركات الأجنبية، وخاصة الصينية، على نقل التكنولوجيا مقابل الحصول على إذن للوصول إلى أسواق السيارات الكهربائية والبطاريات في أوروبا، ويشمل هذا الإجْراء (نقل التكنولوجيا) الاستخدام الإلزامي للمكونات والعمالة من الاتحاد الأوروبي، وموقع الإنتاج داخل القارة، وخلق قيمة مضافة في أوروبا، ويطرح المخطط الأوروبي بديلا يتمثل في إنشاء مشاريع مشتركة، بهدف الحدّ من تراجع القطاع الصناعي الأوروبي، بعد ظهور حُدُود الحصار والعقوبات والرسوم الجمركية المفروضة على الصين، والتي لم تمنع الرّكود في ألمانيا ودول أوروبية، ويُبرّر قادة الإتحاد الأوروبي إصدار قانون "تسريع التنمية الصناعية" ( قبل نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2025) بحماية أوروبا من المنافسة الصناعية الصينية، لا سيما في ظل ضعف النمو الاقتصادي والاستثمار، وفي ظل ركود الإقتصاد الألماني، "محرك الإقتصاد الأوروبي" القديم، وفْقَ لارس راسموسن، وزير الخارجية الدنماركي الذي صرّح: "الأمر لا يقتصر على التجارة الحرة، فهناك شركات صينية عملاقة مثل ( BYD ) التي تستثمر في المجر و (CATL ( التي تستثمر في إسبانيا حوالي أربع مليارات يورو، ونحن نرحب بالإستثمارات الصينية لكننا نطلب منها الآن المساهمة بنقل التكنولوجيا..." وكانت الصين قد اشترطت على الشركات الأجنبية نَقْلَ التكنولوجيا، قبل ثلاثة عُقُود، عندما كانت الصناعة والتكنولوجيا الصينية متخلفة، مقارنة باليابان والولايات المتحدة وأوروبا، فهل يُمثل إجراء الإتحاد الأوروبي اعترافًا بالتّخلّف التكنولوجي عن الصين؟
لقد أصبحت الصين رائدة عالميًا في مجال الصناعة، وتساهم بنحو 30% من القيمة المضافة الصناعية العالمية، وحوالي ثُلُثَيْ الناتج المحلي الإجمالي في قطاعات مثل بناء السفن والمركبات الكهربائية وبطاريات الليثيوم والطائرات التجارية بدون طيار والألواح الشمسية والطّاقة النظيفة، وأصبحت الصّين أكبر مُصدّر للسيارات، متجاوزة اليابان وألمانيا والولايات المتحدة، حيث تراجع إنتاج وتصدير السيارات في هذه المناطق وتم إغلاق مصانع وتسريح عشرات الآلاف من العاملين، وتمكّنت الشركات اليابانية لصناعة السيارات سنة 2023 من تصدير 4,42 مليون مركبة (سيارات وشاحنة وحافلات)، بزيادة قدرها 16% مقارنة بالعام السابق ( 2022)، لكن الشركات الصينية صَدَّرَت 4,91 مليون مركبة، بزيادة قدرها 57,9% عن العام السابق ( 2022)، وتدّعي اليابان والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إن حكومة الصين تدعم المُصَنّعين لتمكينهم من إنتاج سيارات رخيصة، وفرض أسعار لا تُضاهى على السوق العالمية، وهو ما تفعله كافة حكومات الدّول الرأسمالية من خلال الحوافز والتخفيضات أو الإعفاءات الضريبية والقروض المُيسّرة ومِنَح تحفيز الصادرات، وهي إجراءات فنّدت نظرية تعديل السوق بواسطة "اليد الخفية " التي تُعيد التوازن إلى السوق دون حاجة لتدخل الدّولة، كما عملت الولايات المتحدة وأوروبا على عرقلة تطور الصناعة والتكنولوجيا في الصين، من خلال فَرْض العقوبات التي حفّزت الشركات الصينية على الإبتكار – بدعم من الدّولة – والبحث عن أسواق جديدة، فقد تطورت العلاقات مع إيران، وارتفعت صادرات السيارات من الصين إلى روسيا، منذ حرب أوكرانيا، وتتميز الصناعة والصادرات الصينية بأنها من إنتاج مصانع تمتلكها شركات صينية أو أجنبية في الصين، ، وعلى سبيل المثال صدّرت شركة تيسلا الأمريكية التي يمتلكها إيلون ماسك، ما لا يقل عن تسعين ألف سيارة من الصين إلى أسواق أخرى، ما يجعلها العلامة التجارية الأكثر زيادة في شحناتها بين جميع الشركات المصنعة في الصين.

مفارقات بين النموذج الأمريكي والصيني
في مجال التكنولوجيا، يوجد بالصين أكثر من ثلاثين ألف مصنع "ذَكِي"، منها مصانع ذاتية التشغيل تعمل على مدار الساعة دون إضاءة أو موظفين، تستخدم الصين تقنيات متطورة، وأنتجت أكثر من نصف الروبوتات الصناعية المُركّبة في العالم، سنة 2024، واستفادت شركة تيسلا من هذه التقنيات ويُنتج مصنعها العملاق في شنغهاي ضعف عدد المركبات لكل عامل مقارنةً بمصانعه في كاليفورنيا.
تُعدّ الصين رائدة عالميًا من حيث الناتج الصناعي وكذلك من حيث إنتاجية العمل ( التي تُقاس بالقيمة المضافة التي يُنتجها كل عامل، والقيمة المضافة هي الدخل مطروحًا منه تكلفة الاستهلاك الوسيط) في معظم قطاعات الإنتاج، من الأثاث إلى تكنولوجيا المعلومات، وتحاول الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي عرقلة هذا المسار الصيني من خلال الحصار والحَظْر وزيادى الرّسوم الجمركية وما إلى ذلك...
أظهرت دراسة أمريكية لمقارنة إنتاجية العمل سنتَيْ 2023 و 2024، في خمسة قطاعات صناعية في الولايات المتحدة والصين (بناء السفن وإنتاج الصلب المتكامل والمركبات الكهربائية والوحدات الكهروضوئية والشمسية والأسمنت) وكانت إنتاجية العمل الصناعي في الصين، المُقاسة بالإنتاج المادي للعامل الواحد، أعلى بمتوسط 2,4 مرة من مثيلتها في الولايات المتحدة، وتؤدي الحواجز التجارية والرسوم الجمركية إلى انخفاض الإنتاجية من خلال تقليل حوافز الابتكار والكفاءة وإعادة تخصيص الموارد، وفق دراسة نشرها صندوق النقد الدّولي سنة 2029، وهو موقف إيديولوجي يهدف الترويج "للتجارة الحرة التي تُحفز النمو والدخل من خلال تحسين الإنتاجية، بينما تُحدث الحمائية تأثيرًا معاكسًا"، مع الإشارة إلى إن القوة الشرائية للدولار في الصين تعادل ضعف القوة الشرائية في الولايات المتحدة، لأن "اليد الخفية" رفعت الأسعار وأضرت بالكادحين والفُقراء في الولايات المتحدة، حيث أسعار الأدوية أعلى بثلاثة إلى عشرة أضعاف أسعارها في دول أخرى، وعلى سبيل المثال يُباع دواء "لوكتورزي" لعلاج السرطان الذي طورته شركة شنغهاي جونشي للعلوم البيولوجية، بسعر 280 دولارًا للجرعة في الصين، مقارنةً بـ 8892 دولارًا في الولايات المتحدة، أي بفارق 30 ضعفًا، وتحصل شركة كوهيرس، الموزع الأمريكي، والتي تُعتبر الشركة المصنعة، على 80% من هذا الفرق، بعد خصم 20% رسوم الترخيص، ولا تمثل هذه الأمثلة سوى نماذج قليلة من الفوارق بين الصين والولايات المتحدة.
تمنع الحواجز التجارية المنتجات الصينية من الوصول إلى السوق الأمريكية والأوروبية وتساهم في ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة مقارنةً بالصين، وعلى سبيل المثال تُنتج مصانع تيسلا العملاقة في شنغهاي وكاليفورنيا سيارات متطابقة، وأنتجت شنغهاي – سنة 2024 - مليون سيارة بجهود 20 ألف عامل، بينما أنتجت كاليفورنيا 464 ألف سيارة بجهود 22 ألف عامل، وكانت إنتاجية عمال تيسلا في شنغهاي ضِعْفَ إنتاجية نظرائهم الأمريكيين، وفي قطاع وحدات الطاقة الشمسية، حيث تهيمن الصين على السوق العالمية بحصة سوقية تبلغ 80% وإنتاج طاقة يفوق إنتاج الولايات المتحدة بـ 70 مرة، كان من المتوقع أن يكون إنتاج الطاقة لكل عامل في الصين ضعف إنتاج الولايات المتحدة سنة 2024، مقارنة بثلاثة أضعاف تقريبًا سنة 2023...
إن ارتفاع الإنتاجية الصناعية في الصين وارتفاع الأجور في الولايات المتحدة يحفز الشركات الأمريكية على نقل إنتاجها إلى الصين، ولا يُتوقّع أن تنجح سياسات إعادة التصنيع الأمريكية، مثل الضغط على شركة آبل لتجميع هواتف آيفون في الولايات المتحدة، لأن تطبيقها يُؤدي إلى انخفاض الدخل القومي من خلال تهميش العمال الأمريكيين في وظائف أقل إنتاجية، وبالتالي توليد قيمة مضافة أقل من نظرائهم الأجانب، بينما أصبح إنتاج الصين يفوق إنتاج الولايات المتحدة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، كما تعمل الصين على تحسين كفاءة إنتاجها من خلال اعتماد الأتمتة والثورة الصناعية الرابعة، بفضل الذكاء الاصطناعي، وفق
يطمح كلا البلدين إلى آفاق أفضل لاقتصاديهما الصناعيين. تعتمد آفاق الصين على قوتها الصناعية. لا يمكن لإعادة التصنيع الأمريكية أن تنجح على المدى الطويل إلا إذا ركزت على الإنتاج ذي القيمة المضافة العالية والتكنولوجيا المتطورة التي لا تتطلب حمائيّة تجارية. تتيح العولمة لكلا البلدين تعظيم مزاياهما النسبية. يحمل الانفصال خطر تحقيق نتائج اقتصادية دون المستوى الأمثل لكليهما، وخاصةً الولايات المتحدة، التي فقدت الميزة التنافسية التي كانت تتمتع بها سابقًا في القطاع الصناعي، وفق موقع ( research. gavekal ) بعنوان "كشف مفارقة الإنتاجية في الصّين" ( unraveling chinas productivity paradox ) بتاريخ العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2025



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُتابعات – العدد الخمسون بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من تشر ...
- عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-
- بإيجاز - حق تقرير المصير
- الأزمة = شطب وظائف
- عام من رئاسة دونالد ترامب
- مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن ...
- أوروبا – بعض مظاهر الدّيمقراطية الزّائفة
- العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين
- مُتابعات – العدد الثّامن والأربعون بعد المائة بتاريخ الأول م ...
- تَسْلِيع قطاع الصّحّة
- الذّكاء الإصطناعي واستخداماته في الإقتصاد والحياة اليومية
- الأرجنتين – النّهب بواسطة الدُّيُون
- تونس – التلوث واحتجاجات المواطنين في مدينة قابس
- ألمانيا - جوانب من الإِرْث النّازي
- الولايات المتحدة – بين -مبدأ- الرئيس جيمس مونرو وعَرْبَدة دو ...
- مُتابعات – العدد السّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الخامس ...
- الحرب على جبهات متعدّدة
- الولايات المتحدة – الإستبداد في الدّاخل، وعسكَرَة الدّبلوماس ...
- من الحرب التجارية إلى الحرب التكنولوجية
- عرض كتاب - الصهيونية والإستعمار الإستيطاني من 1917 إلى 1949


المزيد.....




- -الضغط لتوريث الحكم لابنها-.. علاء مبارك يشعل تفاعلا برده عل ...
- سباق المليون مسيّرة: هل يواجه الجيش الأميركي مهمة تفوق طاقته ...
- عراقجي: لم نعد نخصب اليورانيوم ولا نقبل تفاوض -الإملاءات-
- أزمة المياة في إيران ـ كارثة وشيكة في ظل غياب الإرادة السياس ...
- مباراة كرة قدم تحمل أمل السلام والحرية
- تشيلي: انتخابات رئاسية واهتمام الناخبين يراوح بين الجريمة وا ...
- أمريكا: احتجاجات بسبب تجاوزات قوات مكافحة الهجرة
- دبابة إسرائيلية تطلق النار على قوات اليونيفيل بجنوب لبنان وإ ...
- دراستان: هذا ما يحدث عندما تختفي الصحف
- حماس تتسلم قائمة بأسماء 1468 أسيرا من غزة وتدعو للضغط على إس ...


المزيد.....

- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الصين والولايات المتحدة ومكانة الدّولار والصناعة والتكنولوجيا...