أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-















المزيد.....

عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 14:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتاب عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث - نعومي كلاين
The Shock Doctrine: The Rise of Disaster Capitalism - Naomi Klein - 2007

مقدّمة
يعود أَصْل عقيدة الصدمة والترويع shock and awe)) إلى التكتيك الحربي الهادف إلى الهيمنة السريعة على الجبهة، باعتماد المفاجأة والاستعراض المذهل للقوة لإرباك العدو وهزيمته نفسانيا ليقتنع بعبَثِيّة أي محاول للقتال، وابتكرت جامعة الدفاع القومي الأمريكية هذه العقيدة العسكرية التي تجاوز مجال تطبيقها المجال العسكري ليتلقّفها مُنظِّرُو الإقتصاد النيوليبرالي والسلطات السياسية التي تدافع عن مصالحهم...
صاغ المُنَظِّر الاقتصادي اليميني الأمريكي ميلتون فريدمان ( 1912 – 2006) عبارة علاج الصدمة الاقتصادي، وتتلخص فكرة سياسة "المعالجة بالصدمة" في استغلال الحروب والأزمات والكوارث لِفَرْضِ إجراءات اقتصادية مؤلمة، وإخضاع الأفراد والقوى التي لم تخضع وتحاول مقاومة هذه السياسات، بهدف إحداث صدمة قوية تبقى محفورة في الذّاكرة الجَمْعِيّة للطبقات والشّعوب لتشُلّ قُدْرَتهم على الصّمود والحركة والمقاومة وعلى المطالبة بحقوقهم، مثل الحق في العمل والرواتب المجزية ومجانية التعليم والرعاية الصحية والرقابة على الأسعار وتوفير مساكن لائقة وبإيجار مناسب، وتلجأ الحكومات – في إطار استراتيجية الصدمة أو عقيدة الصدمة - إلى أساليب عديدة ومن ضمنها اتهامنا جميعا ( أثرياء وفقراء، عاملون وأربا عمل، حُكّام ومحكومين...) إن سبب الأزمات هو إننا "عشنا فوق طاقتنا"، بينما في الواقع، كانت الإمكانيات المتاحة لمن هم في أدنى مستويات الدخل أدنى بكثير من مستوى الحياة الكريمة، كما يتضح من انخفاض الأجور ونقص الموارد الأساسية كالسكن.

رَاسمالية الكوارث وِفْقَ ناعومي كلاين
تُشير الكاتبة الكندية ناعومي كلاين في كتابها عقيدة الصدمة وصعود رأسمالية الكوارث إلى استخدام الصدمة ( وفق التعريف الوارد في الفقرة السابقة) من قِبَلِ السّلطات ( السياسية والإقتصادية والإعلامية...) لتبرير سياسات الخصخصة وحرية تحديد الأسعار، ومجمل السياسات التي فاقمت التفاوت بين أقلية الأثرياء وأغلبية الشعوب داخل كل بلد وعلى مستوى عالمي...
يمكن تعريف رأسمالية الكوارث أو عقيدة الصّدمة بأنها استراتيجية عسكرية تهدف إلحاق الهزيمة بالجيوش المُعادية، يتم تكييفها وتطبيقها في مجال الإقتصاد لإلحاق الهزيمة الساحقة بالعُمّال والكادحين والشعوب الواقعة تحت نير الإضطهاد، وتم تطبيق رأسمالية الكوارث في تشيلي بعد الإنقلاب العسكري الدّموي ( 11 أيلول/سبتمبر 1973) على نظام تم انتخابه ديمقراطيا، وكانت الولايات المتحدة وراء الإنقلاب وما تلاه من مجازر واعتقالات وإقامة حكم دكتاتوري عسكري بقيادة الجنرال أوغوستو بينوشيه، وتصميم وتنفيذ سياسة الصّدمة الإقتصادية وتحويل البلاد إلى مختبر من قبل ميلتون فريدمان ومُرِيدِيه من مجموعة ( شيكاغو بويز)، فتم إلغاء أو تقليص دور الدّولة في مراقبة عقود العمل والأجور والأسعار، وتسريع الخصخصة وتحرير الأسعار والتجارة والأسواق، وتشديد القبضة العسكرية على المجتمع، وحلّ الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، وتعميم ممارسة التعذيب والقتل والخَطْف، وتم تعميم هذه السياسات بالقوة العسكرية في العديد من بلدان أمريكا الجنوبية، قبل أن يتبَنّى صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي ( اللّذَيْن تهيمن عليهما الولايات المتحدة وحلفاؤها)، خلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين، علاج الصدمة النيوليبرالي، وفَرْض تطبيقه كشرط لحصول بلدان "الجنوب" على قُروض، وتم ابتكار مصطلح "برامج الإصلاح الهيكلي" ( أو التّكَيُّف الهَيْكَلِي) وفَرْض تنْفيذه في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وتم قمع الإحتجاجات الشعبية على تدهور الوضع المعيشي وارتفاع أسعار السلع الإستهلاكية والخدمات الأساسية بعد خفض أو إلغاء الدّعم الحكومي، بالتوازي مع انخفاض أسعار المواد الأولية التي تُصدّرها هذه البلدان، ولا تزال الدّيون في ارتفاع مستمر، ليستمر معها تدهور معيشة النّاس منذ عقد الثمانينيات.
يطرح كتاب عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث لنعومي كلاين، رؤية وتحليلا للتاريخ الاقتصادي للعقود الخمسة الماضية التي تزامنت مع تطبيق الأصولية السوقية الحرة ( أو اللليبرالية الجديدة ) في بريطانيا والولايات المتحدة، ثم في بقية بلدان العالم، والتي كرّسها بعد بضعة سنوات "وفاق واشنطن" ( منتصف سنة 1989، قبل أقل من خمسة أشهر من انهيار جدار برلين) وفرَضها صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي حول العالم، بعد تجربتها من قِبَل الدّكتاتوريات العسكرية في أمريكا الجنوبية، وتُعرّف ناعومي كلاين رأسمالية الكوارث بأنها نظام عنيف لا يتردّد في استخدام الرُّعْب لتحقيق أهدافه، بعد إثارة أزمة عميقة أو صَدْمَة، مثل الأزمة الاقتصادية الآسيوية التي بدلأت في تايلند وأثَّرَتْ على بلدان جنوب شرق آسيا والدول المجاورة لها بما فيها ما كانت تُسمّى "النُّمُور" الآسيوية، وانتشرت الأزمة في تايوان وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وإندونيسيا والفلبين وغيرها، بداية من شهر تموز/يوليو 1997، قبل أن تنتشر تداعياتها إلى بلدان أوروبا الشرقية وروسيا وبلدان أمريكا الجنوبية كالأرجنتين والبرازيل، وتجدر الإشارة إلى اندماج اقتصاد هذه البلدان بالنظام المالي العالمي وإلى هيمنة الولايات المتحدة على القرار السياسي في البلدان التي تأثرت بالأزمة، وتُؤكّد أطروحة ناعومي كلاين إن هذه الأزمة مَهَّدَت الطريق لصندوق النقد الدولي للسيطرة على اقتصاد هذه البلدان من خلال هندسة برامج تتضمن بيع العديد من الشركات المملوكة للدولة إلى المصارف الأمريكية والأوروبية وإلى الشركات متعددة الجنسيات، كما تؤكد الكاتبة الكندية ناعومي كلاين إن إعْصار 2004 كان فُرصة لإجبار الصّيّادين في سريلانكا على ترك الممتلكات الساحلية حتى يُمكن بيعها للمستثمرين في الفنادق السياحية، مما يُعمّق تبعية اقتصاد البلاد ويُحوّله من اقتصاد الإنتاج إلى اقتصاد الخدمات التّابع والمرتبط بالشركات السياحية العابرة للقارات...
في الوطن العربي، عرفت بلدان عديدة احتجاجات على تأثير تطبيق "برامج الإصلاح الهيكلي" على الحياة اليومية للمواطنين في المغرب وتونس ومصر والأردن، وبعد احتلال العراق ( وهو بلد نفطي غني أفقره الحصار الذي استمر 12 سنة والعقوابات ) جرّبت الولايات المتحدة الحرب مستويات جديدة من "العلاج بالصّدمة" بذريعة شن الحرب على الإرهاب، وصادر الإحتلال الأمريكي ثروات العراق ليمنحها للشركات الأمريكية، ورفضت الولايات المتحدة تحمّل الإنفاق على إعادة إعمار ما دمّره جيشها والجيوش المتحالفة معه، وأطلقت ناعومي كلاين على هذه العملية "اقتصاد مجَمّع رأس المال الكارثي" ويتمثل في خصخصة الحرب – من خلال التعاقد مع شركات أمنية خاصة – وخصخصة الأمن الداخلي، وبناء دولة أمنية مخصخصة، وقاوم الشعب العراقي الإحتلال الذي اضطر إلى تغيير شكله بافتعال الإنسحاب من المدن، لكن لم يتمكّن الشعب العراقي من مقاومة "اقتصاد الكارثة"، فيما قاومت شعوب أمريكا الجنوبية "مجمع رأسمالية الكوارث"، وأظهرت شعوب دول الإتحاد الأوروبي صعود العداء الشعبي للطابع النيوليبرالي المتزايد للإقتصاد الأوروبي، كما ظهرت مبادرات العمل المباشر المحلي لإعادة الإعمار في عدد من البلدان، في ظل تراجع هيمنة الولايات المتحدة على العالم...
نُشر هذا الكتاب الضّخم في بداية أزمة الرهن العقاري، قبل تأسيس مجموعة بريكس التي تدعو إلى مجتمع رأسمالي "متعدّد الأقطاب" بدَلَ "القطب الواحد" تحت هيمنة الولايات المتحدة، وقبل أن يبدأ الحديث على تراجع ( وإن كان بطيئًا) وضع الدولار كعملة احتياطية رئيسية في العالم، لكن الكتاب يُمثل تحليلا جِدِّيًّا لمسألة "تحويل الصدمات والكوارث إلى فرص لجني الأرباح وإعادة هيكلة المجتمعات واقتصادها لصالح الشركات العابرة للقارات"، وتفنيدًا لأسطورة "انتصار اقتصاد السوق الحرة عالميًا بطريقة ديمقراطية"، وتتغافل هذه الأسطورة عن الإنقلابات العسكرية والقمع الدّموي لمن حاولوا مقاومة "اقتصاد العلاج بالصّدمة" الذي صمّمه "صبيان مدرسة شيكاغو" ( Chicago Boys ) وتغافل مُرَوِّجِي هذه الأسطورة عن الثمن المرتفع الذي سدّدته شعوب الدول التي طبقتها (إندونيسيا بعد مجازر 1965، ودكتاتورية سوهارتو وتشيلي والأرجنتين والبرازيل في ظل الحكم العسكري، وكذلك روسيا وبلدان شرق آسيا والعراق... وتم استغلال الكوارث التي حلّت بهذه البلدان (انقلاب عسكري أو هجوم إرهابي أو كارثة طبيعية أو انهيار مالي...) لتطبيق برامج اقتصادية مناهضة لمصالح المواطنين ومُفيدة للشركات العابرة للقارات...
نشأت عقيدة الصدمة خلال منتصف القرن العشرين في مجال الطب النفسي، لمّا تعاونت وكالة الاستخبارات الأميركية مع الطبيب النفسي الكندي دونالد أيوين كاميرون ومَوَّلَتْ أبحاثه عن استخدام الصدمة الكهربائية على أدمغة المرضى النفسيين بهدف تحويل أدمغتهم إلى صفحة بيضاء لإعادة كتابة المعلومات الملائمة عليها، وكان كاميرون قد حاول إلغاء الذاكرة بواسطة الصدمات الكهربائية والمهلوسات، وحاول إلغاء البيانات الحسية بواسطة العزل التام...
بعد سنوات، طوّر ميلتون فريدمان، في إطار أبحاث قسم العلوم الإقتصادية بجامعة شيكاغو التي ارتبط اسمها بالنظريات الإقتصادية الأشدّ رجعية، هذه العقيدة ليُعمِّمَها على مجال الإقتصاد ( العلاج بالصّدمة الإقتصادية)، وصاغ فريدمان هذه العقيدة لتطبيق النيوليبرالية دفعة واحدة: خفض الإنفاق الإجتماعي وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية الضرورية اوخصخصة كافة المجالات وتحرير التجارة واقتصار دور الدّولة على القمع، ولذلك وجبت زيادة ميزانيات الحرب والأمن الدّاخلي، وأدّى تطبيق "اقتصاد الصّدمة" إلى كوارث اجتماعية تمثلت في زيادة حجم البطالة والفقر، خصوصًا في البلدان الفقيرة التي لجأت إلى الإقتراض من صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي...
انحسر تأثير نظرية العلاج بالصدمة الصدمة بانهيار الأنظمة العسكرية الدّكتاتورية في أمريكا الجنوبية، بعد التأثيرات المُدمّرة التي أحدثتها في تشيلي والبرازيل والأرجنتين وغيرها، وبارتفاع حدّة العداء لسياسات الإمبريالية الأمريكية المُعادية للشعوب...

المقاومة والتّغلّب على عقيدة الصّدمة
تستخدم الحكومات ووسائل الإعلام أساليب عديدة لتبرير خصخصة المرافق العامة التي تعني إثراء الشركات الخاصة من خلال استحواذها على المرافق العامة، وفقدان المواطنين حقوقًا مكتسبة في مجالات التعليم والصحة والنقل والطاقة وغيرها، غير إن الليبرالية الجديدة والإعلام المُوالي لها لم يتمكّنا من إقناع الناس بالحجة (بما أن هذه الإجراءات الليبرالية الجديدة هي في الأساس معادية للشعب)، ولذلك فَرَضَتْها الحكومات بالقوة ولجأت إلى اعتقال المواطنين المُشاركين في الاحتجاجات السلمية، وحظْر التّظاهر والإحتجاج ( كما حدث خلال العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة) وحظر نشاط العديد من المنظمات في الولايات المتحدة وأوروبا...
بعد سنوات من تجارب الطبيب النفسي الكندي دونالد أيوين كاميرون التي مَوّلتها وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية، منتصف القرن العشرين، تُشير عبارة عقيدة الصدمة أو العلاج بالصدمة إلى تجربة عالم النفس مارتن سيليغمان، بنهاية عقد الستينيات من القرن العشرين، وتتمثل في وضع كلب داخل قفص في مُخْتَبَر، حيث تعرض الكلب لسلسلة من الصدمات الكهربائية، وفي قفص آخر كان بإمكان كلب آخر مقاطعة هذه الصدمات بالضغط على رافعة، ثم تم لاحقًا وضع الكَلْبَيْن فوق سطح مكهرب يمكنهما الهروب منه ببساطة بالقفز فوق حاجز، وكان الكلب الذي كان قادرًا على التحكم في الصدمات الكهربائية يقفز فوق الحاجز، بينما بقي الكلب الآخر يتحمل الصدمات بشكل سلبي، بدل البحث عن مخرج ناجح من موقف صعب، فقد اعتاد هذا الكلب على العجز وأصبح الإستسلام جزءًا من تصرفاته، فلا فائدة من إهدار الطاقة في محاولة الهروب من المحفزات السلبية عندما تعرف أنك لا تستطيع؟ واستنتج عالم النفس مارتن سيليغمان إن العجز المُكتسب والإعتقاد بأن لا طائل من محاولات مواجهة العجز يُؤدي إلى الاكتئاب، وهو ما تحاول الدّعاية الحكومية والإعلامية ترسيخه بهدف إحداث حالة من الاكتئاب لدى قطاعات كبيرة من السكان، وتقبّل الإضطهاد والقمع وفقدان حقوقنا دون مقاومة ( باستسلام) أو بمقاومة ضئيلة، بذريعة أن لا جدوى من ذلك، خصوصًا منذ تكثيف حملات القمع واعتقال وسجن المتظاهرين وتشويههم إعلاميا... إنها صدمات كهربائية عشوائية، يفرضها صندوق النقد الدّولي منفّذ النيوليبرالية على مستوى العالم "ضبط المالية العامة" وتتمثل في تخفيضات في الميزانيات الإجتماعية وخفض معاشات التقاعد أو خفض الإنفاق الحكومي "لضبط العجز"، وأنشأت الرأسمالية، منذ الحرب العالمية الثانية عدّة أدوات لفَرْض "الصّدمة"، ومن ضمن هذه الأدوات: وكالات التصنيف الائتماني وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة التجارة العالمية ومنتدى بيلدربيرغ وملتقى دافوس ومجموعة السبع ومجموعة العشرين وما إلى ذلك، وهي أدوات لا تخدم سوى مصالح رأس المال وتفرض مبادئ الأيديولوجية السائدة ( الليبرالية الجديدة منذ أربعة عقود) التي تؤدّي إلى فقدان الحقوق الاجتماعية للمواطنين وخصخصة القطاع العام وتخفيضات ميزانية التعليم والرعاية الصحية، ويدّعي أصحاب السلطة إننا "عشنا فوق طاقتنا"، بينما يحاول قسم هام من المواطنين العيش بدَخْلٍ أدنى بكثير من مستوى الحياة الكريمة، من خلال انخفاض القيمة الحقيقية للأجور ونقص الموارد الأساسية كالسكن، وهو الوضع الذي يُسمّيه الجغرافي ديفيد هارفي بعملية "التّراكُم بواسطة السَّلْب"، فمع انخفاض الأجور منذ سبعينيات القرن العشرين، تستحوذ الطبقة الرأسمالية على زيادات الأرباح نتيجة خصخصة المرافق العامة، وأمولة ( Financialization ) الاقتصاد، وإدارة الأزمة ( بدل حلّها) وإعادة التوزيع غير المتكافئ للموارد، ليضطر الأجراء إلى الإقتراض ما أدى إلى ارتفاع مستويات الديون الذي أدّى إلى انفجار فقاعات الإسكان والائتمان التي أدت إلى أزمة سنتَيْ 2008/2009، انطلاقا من الولايات المتحدة، رائدة الرأسمالية المُعَوْلَمَة، وتحاول الأنظمة الحاكمة تحميلنا مسؤولية الأزمات بتكرار "إننا نعيش فوق طاقتنا "، بدل الإعتراف بفشل النموذج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الحالي السّائد، فيما بقيت القوى المُعارِضة للرأسمالية عاجزة عن اقتراح نماذج بديلة جديدة ومختلفة، لمعالجة مسائل البطالة والفقر وأزمة السّكن وتدهور الخدمات العامة، وإقناع أغلبية السكان بوجاهة هذه المقترحات لكي يتم فَرْضُها على الطبقة الرأسمالية الحاكمة التي سمحت لنسبة واحد بالمائة أو حتى عشرة بالمائة من السّكّان بمصادرة الثروات والإبداع المعرفي (باسم "المِلْكِيّة الفِكْرِيّة") وكل الأنشطة المالية والتجارية، من الإنتاج إلى البيع بالتجزئة، وهيمنة رأس المال المالي على الاقتصاد المنتج ...
نحن – أغلبية الشعوب – لسنا مسؤولين عن الأزمة، فهي أزمة النموذج الاقتصادي الحالي المَبْنِي على طغيان المال والسّلاح والسلع، ولا مَفَرّ من المقاومة من خلال التظاهر و الإعتصامات و المسيرات، التي قد تواجهها السّلطة بالعنف المفرط، ومن خلال العصْيان المدني ومقاطعة بعض المؤسسات التي يتم اختيارها بعناية، في مقابل تعزيز الإقتصاد التّعاوُنِي أو القائم على المَشاعات، ومن خلال التضامن الشعبي وإنشاء شبكات مستقلة من الإنتاج والتوزيع والإستهلاك، وإنشاء شبكات التعليم المفتوح والمجاني والمصادر المفتوحة لتحرير المجال التكنولوجي من الإحتكار، ومواجهة الآلة الإعلامية الدّعائية للرأسمالية بإنشاء شبكات إعلام حر ومستقل متخصص في التوعية بضرورة مقاومة سياسات الهيمنة سواء بالدفاع عن الملكية العامة أو بالهجوم المضاد بإيجاد بدائل لتقليص قوة و نفوذ الرأسمالية العالمية...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بإيجاز - حق تقرير المصير
- الأزمة = شطب وظائف
- عام من رئاسة دونالد ترامب
- مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن ...
- أوروبا – بعض مظاهر الدّيمقراطية الزّائفة
- العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين
- مُتابعات – العدد الثّامن والأربعون بعد المائة بتاريخ الأول م ...
- تَسْلِيع قطاع الصّحّة
- الذّكاء الإصطناعي واستخداماته في الإقتصاد والحياة اليومية
- الأرجنتين – النّهب بواسطة الدُّيُون
- تونس – التلوث واحتجاجات المواطنين في مدينة قابس
- ألمانيا - جوانب من الإِرْث النّازي
- الولايات المتحدة – بين -مبدأ- الرئيس جيمس مونرو وعَرْبَدة دو ...
- مُتابعات – العدد السّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الخامس ...
- الحرب على جبهات متعدّدة
- الولايات المتحدة – الإستبداد في الدّاخل، وعسكَرَة الدّبلوماس ...
- من الحرب التجارية إلى الحرب التكنولوجية
- عرض كتاب - الصهيونية والإستعمار الإستيطاني من 1917 إلى 1949
- مُتابعات – العدد السّادس والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن ...
- -السّلام - على المذهب الأمريكي – ( Pax Americana )


المزيد.....




- مصرف لبنان المركزي يفرض -إجراءات وقائية- على تداول العملات ا ...
- تقرير صحافي: إسرائيل تتحضّر لعمل عسكري ضد حزب الله في بيروت ...
- الحرِّيَّةُ لإبراهيم شريف
- جنود إسرائيليون يعترفون باستعمال الفلسطينيين كدروع بشرية في ...
- ليلة مرعبة في العاصمة الأوكرانية كييف جراء هجوم روسي -هائل- ...
- -بلو أوريجين- التابعة للأمريكي جيف بيزوس تنجح بإطلاق صاروخها ...
- حرب النجوم.. في وجه التهديد الروسي، جيشٌ فضائي فرنسي يُدشن م ...
- أوضاع مأساوية صعبة للنازحين السودانيين بمدينة طينة الحدودية ...
- الصين تحتج على تصريحات لرئيسة وزراء اليابان بشأن تايوان
- ماذا وراء حظر ألمانيا جمعية -مسلم إنتر أكتيف-؟


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-