أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - مُتابعات – العدد الخمسون بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2025















المزيد.....


مُتابعات – العدد الخمسون بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2025


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8527 - 2025 / 11 / 15 - 13:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في جبهة الأعداء
وَهْم وُجُود "مُعارضة ديمقراطية" داخل مجتمع الإستعمار الإستيطاني الصهيوني
رَوّجت وسائل الإعلام الأوروبية و"الغربية" لبعض المظاهرات في تل أبيب، وهي مظاهرات مناهضة للحكومة، تدعو بعضها إلى إيقاف الحرب، من أجل تأمين إطلاق سراح أَسْرى الحرب الصهاينة، ولا تُشير إلى حوالي 11 ألف أسير فلسطيني أو إلى ضرورة فك الحصار ووضع حدّ للتجويع والإبادة أو التوقف عن تكثيف العدوان والإستيلاء على الأراضي والموارد وتهجير السّكّان في الضّفة الغربية أو فك الحصار الإقتصادي والإجتماعي والثقافي الذي يخنق الفلسطينيين النّاجين من النّكبة، داخل ما سُمِّي "الخط الأخضر"، أي الأراضي المُحتَلّة سنة 1948...
إن الجهات المُنظِّمَة والمُشرفة على هذه المظاهرات هي منظمات فرعية أو متقاربة سياسيا مع حزب العمل الذي أشرف على قيام دولة الإحتلال الإستيطاني، وتعارض هذه المنظمات حكومة بنيامين نتن ياهو "اليمينية المتطرفة"، وهي اختلافات ثانوية بالنسبة لنا لأنها اختلافات شَكْلِيّة وليست جوهرية، ولا تتطرّق إلى أُسس الإستعمار الإستيطاني التي بُنِيت عليها جميع القوى والأحزاب السياسية الصهيونية، وقدّمت وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية هذه التناقضات الثانوية كمؤشر ديمقراطي، وقدّمت هذه الإحتجاجات كدعوات سلمية أو ليبرالية أو إنسانية ضد الحرب، ولا وجود في الواقع لهدف آخر غير إطلاق سراح الرهائن، ولا تُشير الشعارات وللافتات إلى ضرورة وقف الإبادة الجماعية والتّدمير المَنْهَجِي والتّجويع والكارثة الإنسانية، وأكدت استطلاعات الرأي ( "معهد الدّيمقراطية" الصهيوني - حزيران/يونيو 2025) "إن 76,5% من الإسرائيليين لا يرَوْن ضرورة مراعاة مُعاناة الفلسطينيين عند التخطيط لاستمرار العمليات العسكرية" أما الأقلية الهامشية التي تدين "الجرائم المرتكبة في غزة" ( وترفض وصفها بالإبادة الجماعية)، فإنها تدّعي "إن الحكومة اليمينية المتطرفة هي المسؤولة عن ذلك وليس الثقافة السياسية السائدة في المجتمع الإسرائيلي"، ولا توجد أي منظمة تدين دولة الإستعمار الإستيطاني أو عدم شرعيتها في فلسطين...
قدّمت وسائل الإعلام الغربية دعوة بعض جنود الإحتياط – الذين شاركوا في عمليات الإبادة - إلى إنهاء الحرب في غزة ( العاشر من نيسان/ابريل 2025 بمثابة "صحوة " وتم تجاهل دوافعهم الفردية وهي دوافع مشروعة لكنها غير سياسية، ولا يهتم جنود الإحتياط أو الإعلام الغربي أو متظاهرو تل أبيب بالضحايا والأسرى والمُشرّدين الفلسطينيين، ينصب كل اهتمامهم على "تحرير الرهائن" الصهاينة وليس "صحوة ضمير" كما يدّعي الإعلام "الغربي"...
لقد أَسّس ما يُسمَّى " اليسار الصهيوني" دولة الإحتلال الإستيطاني وهو ليس نقيضًا "لليمين الصهيوني" بل شريك له لأن جميع التيارات الصهيونية تلتزم بمجموعة من المبادئ الأساسية التي لا تُشكّك فيها، ومن ضمنها "إن ماهية الدولة يهودية لليهود فيها حقوق حَصْرِية لا يتمتع بها غير اليهودي الذي يجب قتله أو مضايقته حتى يرحل من تلقاء نفسه، وإن تأسيسَ الدولة في فلسطين شرعي، ويبرّره الكتاب المقدس" وليس التاريخ، حيث تستند الرواية الصهيونية والمشروع الصهيوني إلى الرواية التّوْراتِيّة، وهي الرواية التي تتفق عليها كافة التيارات لأنها تنتمي جميعًا إلى نفس الطيف الأيديولوجي الصهيوني، ولا تتجاوز الإختلافات دور المحكمة العليا وصلاحياتها، أو تأثير الدين اليهودي على الحريات الفردية، أو الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية، وأوضَح ديفيد بن غوريون، أحد مُؤسِّسِي الكيان الصهيوني وأول رئيس وزارء، خلال جلسة برلمانية يوم الخامس من حزيران سنة 1950: "لا يُمكن وجود أغلبية معادية للصهيونية ما دام هناك نظام ديمقراطي في هذا البلد، نظام حرية يتبع حكم الأغلبية. ولن يكون النظام المناهض للصهيونية ممكنًا إلا إذا استولت الأقلية المناهضة للصهيونية على السلطة بالقوة [...] وأغلقت أبواب البلاد أمام الهجرة اليهودية. السبيل الوحيد لمنع قيام نظام معادٍ للصهيونية هو حماية الديمقراطية"، أي إن "تعزيز الأغلبية اليهودية هو الضامن للنظام الدّيمقراطي"، وأكّد إيهود باراك، وهو من نفس حزب بن غوريون ورئيس وزراء سابق للكيان الصهيوني ومنفذ عمليات اغتيال عديدة، خلال مقابلة صحفية ( نيسان/ابريل 2024) "لا يمكن للديمقراطية أن توجد وتزدهر إلا إذا كانت محمية، أو حتى مفروضة" من قِبل الاستعمار الإستيطاني الصهيوني، والمتمثل في استعمار الأرض وإقصاء السكان الأصليين وتوريد مواطنين من مختلف مناطق العالم، كشرط لإقامة واستمرار"النظام الديمقراطي" الصهيوني أي نظام الإستيلاء على الأرض بالقوة وقتل أو عزل أصحابها الشّرعيين...
تدافع الدّول الغربية وإعلامها على "ديمقراطية " أو " ليبرالية" الكيان الصهيوني لتبرير الدّعم المُطلق لهذا الكيان الذي وصفه مؤسس الحركة الصهيونية (ثيودور هرتزل) سنة 1896 ب" بؤرة حضارية في وجه البربرية، وبؤرة للمصالح الأوروبية في الشرق الأوسط وأداة لتوسيع الحدود الأخلاقية لأوروبا إلى نهر الفرات"، لذلك استمرت أوروبا والولايات المتحدة في تبرير أو إنكار الإبادة والإستمرار في إرسال الأسلحة وفي الدّعم السياسي والإعلامي ورفض تطبيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية، واتهام أي مُعارض للعدوان والإبادة ( وليس معارضة الكيان ) ب"معاداة السامية" !

ظروف انتخاب زهران ممداني عمدة نيويورك
تحتضن مدينة نيويورك سوق وول ستريت المالية وهي أكبر سوق لتداول الأسهم في العالم، وتُقدّر ميزانية مدينة نيويورك بمائة مليار دولارا، أو ما يُعادل ميزانية دولة مثل المغرب، ولذلك يُعتبر انتخاب زهران ممداني، حدثًا بارزًا لأنه قاوم دونالد ترامب والحزب الجمهوري وجزءًا من الحزب الدّيمقراطي وقاوم لوبي الشركات والأثرياء واللوبي الصهيوني، وتم اتهامه بالشيوعية وبمعاداة السامية وما إلى ذلك، وفاز رغم مجاهرته بمناهضة العدوان الصهيوني ورغم إعلانه إنه اشتراكي ( بقطع النظر عن مفهومه للإشتراكية)، لكن لا يمكن فَصْل فوز زهران ممداني وغيره من "يسار الحزب الدّيمقراطي" في مدن أمريكية أخرى، عن المظاهرات الضخمة ضد سياسات دونالد ترامب، وعن الإحتجاجات ضدّ العدوان الصهيوني وتحول جزء هام من الأمريكيين من الدّعم المُطلق للكيان الصهيوني إلى مواقف نقدية أو حتى التضامن مع الشعب الفلسطيني، رغم جهود مجموعات الضغط الصهيونية مثل "آيباك"...

حروب من أجل إدامة هيمنة الإمبريالية الأمريكية
يَشُنُّ حلف شمال الأطلسي حربا في أوروبا الشرقية ضد روسيا بواسطة أوكرانيا. أما في المشرق العربي، فهي عدوان من نوع آخر يقوده الكيان الصهيوني بدعمٍ مطلقٍ وثابتٍ من الإمبريالية، وتدور حروبٌ أخرى بالوكالة في السودان والكونغو وأماكن أخرى، كما تُعدّ الاستفزازات الأمريكية الجديدة على طول المياه الإقليمية الفنزويلية، وتلك التي تستهدف الصين في المحيط الهادئ، امتداداتٍ عسكرية للحصار المفروض على كوبا، والعقوبات، والرسوم الجمركية، والتهديدات، والقوانين الأمريكية التي تتجاوز الحدود الإقليمية، وغيرها.
استمرت الهيمنة الأمريكية منذ العام 1945، وخلفَت هيمنة بريطانيا العظمى وفرنسا، فقد اتسمت الحرب العالمية الثانية بعمليات إبادة جماعية حرّض عليها النازيون ضد الشيوعيين والغجر والسلاف واليهود، لكنّ الاتحاد السوفيتي تمكّن من تنفيذ هجوم مُعاكس، وانتصر في الحرب، وتكبّد خسائر مادّية وبشرية هائلة، وقدّر عدد القتلى بحوالي 27 مليون شهيد، غير إن الولايات المتحدة كانت المستفيد الرئيسي من هذا النصر وأصبحت - بعد انهيار الاتحاد السوفيتين سنة 1991 - القوة المهيمنة المفترسة الوحيدة في العالم، وتفرض الولايات المتحدة (وأداتها العسكرية: حلف الناتو) تفسيرًا خاطئًا للحروب الجارية، مثل "روسيا معتدية، وحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، وحكومات الدّول المارقة تقتل شعوبها، وإن الحرب في فنزويلا هي ضدّ عصابات تهريب المخدّرات، وإن الأسطول الأمريكي في بحر الصين يُدافع عن الديمقراطية في تايوان التي تُهدّدها الصين الشيوعية إلخ"، وتنشر الدعاية الإعلامية للدول الأعضاء في حلف الناتو أوصافًا سلبية ضد "الديكتاتوريات والطغاة والإرهابيين والقوميين والعشائريين الذين يعارضون التقدم والديمقراطية والحرية ودولة القانون والمواطَنَة والعولمة، وكل مظاهر التقدّم والتطور التي تمثلها الولايات المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي، وأعضاء مجموعة السبع، وإسرائيل!!!". هكذا تُسمّم الإمبريالية ووسائل إعلامها وعملاؤها ووكَلاؤُها عقول عمال وشعوب الشمال والجنوب، وهكذا تُعرّف الحرية والديمقراطية والقانون والمواطنة بأنها ملكية خاصة "للعالم المتحضر" ممثلاً بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني، والذي يجب أن يفرض ما يسمى "العولمة" على العالم أجمع بالدعاية وبالقوة، وهكذا، تُشكل الإبادة الجماعية والتهجير والتطهير التي ارتكبها الصهاينة في فلسطين عناصر من "العمل الحضاري" للإمبريالية والصهيونية، في حين أن جميع هذه الحروب العدوانية جزء من القمع الاستعماري والاستعماري الجديد الهادف إلى كبح جماح تنمية الدول التابعة من خلال السيطرة على مصادر المواد الخام ومسالك التجارة لمواجهة تنمية ما يسمى بالدول "الناشئة" وخروجها من دائرة من التخلف بعد أن أصبحت ورش عمل تُنتج كل ما يستهلكه الكوكب، وخاصة كل ما يستهلكه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في إطار التقسيم الدولي الجديد للعمل، هذا التطور الموضوعي للتقسيم الدولي للعمل خلال مرحلة "العولمة"، أي تدويل رأس المال في سعيه الدائم لتحقيق أقصى قدر من الربح، وهكذا، لم يبقَ للإمبريالية (باعتبارها أعلى مراحل الرأسمالية) ما تقدمه للعمال والشعوب سوى البؤس والحرب، فالعولمة الرأسمالية هي نظام اقتصادي استغلالي متزايد العدوانية، لا هم له سوى مُضاعفة أرباح المساهمين في رأس المال المالي والاحتكارات.
تُمثل الحروب التي تشنها الولايات المتحدة وحلف الناتو رد فعل رأسمالي إمبريالي على أزمة فائض الإنتاج والتراكم المفرط للرأسمالية المعولمة، وردًّا على الاتجاه التنازلي لمعدل الربح من خلال تحقيق أقصى ربح بواسطة الحروب، ورد فعل على تطور القوى الإنتاجية لدول "الورش" ( دول "الجنوب") التي لا تزال تعتمد على العولمة الليبرالية المفروضة على العالم أجمع من خلال الهيمنة أحادية الجانب للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، وفي المقابل تُمثل مجموعة "بريكس" محاولة دفاعية لمواجهة العدوان الهجين: الاقتصادي والسياسي والعسكري والإعلامي والثقافي للإمبرياليي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، وهي قوى مُستعدّة لارتكاب أي جريمة من أجل الحفاظ على هيمنتها المستمرة منذ قرون، وتُشكّل حروب الإمبريالية الضارية التهديد الرئيسي المُحدق بشعوب العالم أجمع، ولذا، لا خيار سوى النضال ضد الهيمنة الإمبريالية والاستغلال الرأسمالي، من أجل مجتمع يتسم بالعدالة وبالتعاون الدّولي من أجل حرية ورفاهة كافة شعوب العالم...

سوريا
أظهر أحدث تقييم للبنك العالمي للأضرار الناجمة عن الحرب في سوريا أن تكاليف إعادة الإعمار تحمل مستوى عالٍ من عدم اليقين، حيث تتراوح كلفة إعادة بناء الأصول المدمّرة بين 140 و345 مليار دولار أميركي، واستند التقييم إلى بيانات عن بُعد غير دقيقة وغير مكتملة، إذْ وَاجَهَ الباحثون صعوبات بسبب عدم إمكانية الوصول إلى بعض المناطق أو خطورتها، كما أن تفاوت تكاليف إعادة الإعمار باختلاف الموقع والزمن صعّب تقدير كلفة بعض العناصر بدقة، وعلاوة على ذلك، ركّز التقييم على المباني والبنية التحتية الرئيسة، ما أدّى إلى استبعاد الأضرار الطفيفة للمنازل وخسائر الممتلكات الشخصية والمواقع التراثية الثقافية، ومع ذلك، اعتمد التقرير تقديراً وسطياً متحفظاً لتكاليف إعادة الإعمار في سوريا، يبلغ نحو 216 مليار دولار، أي ما يعادل قرابة 10 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لسوريا لسنة 2024، وتشكل البنية التحتية نحو 38% من إجمالي كلفة إعادة الإعمار، تليها المباني السكنية بنسبة 35%، ثم المنشآت غير السكنية بنسبة 27%، ومن المرجح أن تحتاج محافظتا حلب وريف دمشق إلى أكبر حجم من الاستثمارات لإعادة الإعمار.
عن موقع صفر

بنغلادش نموذج العلاقات الدَّوْلية غير المتكافئة
انهار مبنى رانا بلازا المؤلف من ثمانية طوابق وخمسة مصانع نسيج وملابس يعمل بها ما يزيد عن 3500 من العاملين ( معظمهن نساء عاملات) ، في ضواحي مدينة دكا، عاصمة بنغلادش، يوم 24 نيسان/ابريل 2013، بسبب نقص التّهوئة وانعدام الوقاية وغياب شروط السّلامة، وأدّى حادث الإنهيار والحريق إلى وفاة حوالي 1130 وإصابة أكثر من ألْفَيْ عاملة وعامل، جراء سوء ظروف العمل في هذه المصانع التي تُزَوِّدُ أشْهَر العلامات التّجارية العالمية بالملابس الجاهزة، عبر شركات محلّية متعاقدة من الباطن، وكافحت النقابات من أجل صياغة وتوقيع "اتفاقية السلامة في بناء المباني وأنظمة مكافحة الحرائق في بنغلاديش"، وهي اتفاقية مُلْزِمة بين النقابات العالمية والعلامات التجارية الكبرى، تهدف إلى توفير الحدّ الأدنى من تدريب والتّأهيل العاملات والعاملين وتحسين ظروف العمل وضمان الحدّ الأدنى للصحة والسلامة في صناعة النسيج والملابس الجاهزة في كافة البلدان...
بعد 12 سنة من هذا الحادث القاتل، انطلق حريق في مصنع للنسيج ومستودع للمواد الكيميائية بمنطقة ميربور، وهي منطقة صناعية في دكا عاصمة بنغلادش، يوم الرابع عشر من تشرين الأول/اكتوبر 2025، أدى إلى مقتل 16 عاملاً وعاملة وإصابة عدد غير معروف من العاملات والعاملين الآخرين، وكان إغلاق الباب الذي يُفْضِي إلى سطح المبنى بالمفتاح سببا في مُحاصرة العاملين بالنيران والدّخان وتهديدهم بالموت، ولم يكن هذا المصنع مشمولا بالإتفاقية الدّولية لمجلس استدامة صناعة النسيج التي تسمح بالتفتيش الدّوري لمصانع النسيج والملابس الجاهزة، وفق الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات عمال الصناعة الذي توجّه باللَّوْم إلى العلامات التجارية التي لا تهتم بحياة العُمّال الذين يُخاطرون بحياتهم من أجل زيادة أرباح هذه الشركات...
بعد يَوْمَيْن، اندلع حريق آخر في مصنع ( Adams Caps and Textile-limit-ed ) بمنطقة "طتشاتوغرام الصناعية الحرة"، يوم السادس عشر من تشرين الأول/اكتوبر 2025، في مصنع مشمول بالإتفاقية الدّولية المذكورة، فأتاحت أنظمة الإنذار إخلاء المصنع وفق بروتوكولات التدريب، مما جَنّب وقوع خسائر بشرية...
طالبت نقابات عمّال النسيج في تركيا وتونس والمغرب وكمبوديا وإندونيسيا الإتحاد الأوروبي بتوفير شروط استدامة سلاسل التوريد العالمية، من خلال حماية حقوق عمال قطاع المنسوجات والملابس في البلدان الفقيرة التي تُصدّر هذه الملابس للأسواق الأوروبية، ويُطالب هؤلاء العمّال بالحدّ الأدنى من الحقوق والكرامة...
يُشغل قطاع الملابس الجاهزة في بنغلاديش أكثر من أربعة ملايين عامل وعاملة في أكثر من 3500 مصنع، يشكّلون العمود الفقري لاقتصاد البلاد الذي يعتمد بشكل كبير على التصدير، حيث تمثل صناعة الملابس نحو 85% من إجمالي صادرات بنغلاديش التي تبلغ قيمتها الإجمالية 55 مليار دولار سنويا، وفقا لبلومبيرغ ( 20 آب/أغسطس 2024)، ورغم مرور أكثر من عقد على كارثة "رانا بلازا" ( 24 نيسان/ابريل 2023 )، ما زالت التقارير النقابية تشير إلى نقص كبير في أنظمة الإنذار المبكر ومخارج الطوارئ في مئات المصانع الصغيرة والمتوسطة، وغياب الرقابة، بفعل عدم اهتمام العديد من العلامات التجارية العالمية بحياة العمال وبمسائل الصحة والسلامة المهنية، ما يجعل العاملات والعمال الذين يعملون في ظروف خطيرة وبرواتب منخفضة، في مواجهة المخاطر في كل لحظة، ولا تزال عائلات ضحايا انهيار سنة 2013 والمصابين تُطالب بتعويضات عادلة وسريعة لضحايا حوادث العمل وعائلاتهم...

فرنسا – الدّولة في خدمة رأس المال
التضليل البيئي - شركة توتال إنيرجيز مدانة من قبل المحاكم
حققت شركة توتال إنرجيز للمحروقات والطاقة ( فرنسية المنشأ) إيرادات صافية بقيمة 21,38 مليار دولارا سنة 2023 وبقيمة 15,76 مليار دولارا سنة 2024، سنة انخفاض إنتاجها وانخفاض أسعار النفط والغاز، ولكن الشركة لا تُسدّ سوى مبالغ ضئيلة من الضرائب أو لا تُسدّد أصلاً، بذريعة إن الإنتاج يتم في مناطق أخرى خارج فرنسا، ويسمح القانون الفرنسي بالتّلاعب والتّهرّب من الضرائب ومن المُحاسبة، لأن الدّولة تُمثّل مصالح هذه الشركات، ومع ذلك تستغل بعض المنظمات ثغرات قانونية لتقديم قضايا مُكلفة ومُرهقة بسبب طول المدّة الفاصلة بين تاريخ تقديم القضية والبت فيها، ونادرًا ما تتم إدانة هذه الشركات، وفي ما يلي بعض القضايا القليلة التي خسرتها الشركات العابرة للقارات ذات المنشأ الفرنسي..ز
أدانت المحكمة القضائية في باريس، بتاريخ 23 تشرين الأول/اكتوبر 2025، "المُمارسات التّجارية المُضَلِّلَة" لشركة توتال إنرجيز (TotalEnergies )، بسبب مزاعم حول "طموحها لتحقيق الحياد الكربونيوالتّحول في مجال الطّاقة بحلول سنة 2050"، وكانت العديد من الجمعيات المدافعة عن سلامة البيئة قد اتّهمت مجموعة توتال إنرجيز للمحروقات وقدمت قضية سنة 2022، ضد حملة دعائية أطلقتها شركة النفط الكبرى سنة 2021 عبر الإنترنت ووسائل الإعلام المتكوبة والمرئية والمسموعة، بمناسبة تغيير اسمها، لتصبح توتال إينرجيز بدلاً من توتال، وزعمت الشركة أنها ركيزة أساسية للتحول البيئي، واستخدمت الشركة مُصْطَلَحات الطاقات المتجددة للإشارة إلى الغاز الأحفوري، مما أدى إلى اعتقاد المستهلكين بأن الغاز الأحفوري والوقود الزراعي سيكون ضروريًا للتحول في مجال الطاقة أو لإزالة الكربون من الاقتصاد، وهي ادّعاءات باطلة قد تُضلّل المستهلكين، وتُشكل "ممارسات تجارية مضللة" بلغة القانون، ولذلك أمرت المحكمة توتال إنرجيز بدفع ثمانية آلاف يورو لكل جمعية من الجمعيات المدعية تعويضًا عن الأضرار المعنوية التي لحقت بها ، بالإضافة إلى مبلغ إجمالي قدره 15000 يورو وأمرت المحكمة "بتوقف شركة توتال إنرجيز عن نشر الدّعاية المثيرة للجدل"، ويُعتَبَرُ هذا الحُكم سابقة قانونية ضدّ التّضليل الذي تقوم به شركات النفط وهو "أول حكم في العالم يقضي بأن شركة نفط وغاز كبرى ضللت الجمهور من خلال تلميع صورتها البيئية "واللجوء إلى ممارسة تجارية خادعة، من خلال إيهام الجمهور بأنها أكثر مراعاة للبيئة مما هي عليه في الواقع.

رأسمالية القرن الواحد والعشرين
اتّسعت الفَجْوة بين زيادة تراكم الأصول (الأوراق المالية والعقارات) ونمو الناتج المحلي الإجمالي في معظم البلدان الرأسمالية المتقدّمة وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، حيث ارتفعت الثروة المالية للأسر الأمريكية من 335% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2000 إلى 447% سنة 2024. أما في فرنسا فارتفعت ثروة الأُسَر من 202% إلى 222% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يُشكّل انقلابًا في مسار الرأسمالية، كما ارتفعت الثروة العقارية للأُسَر الأمريكية من 207% إلى 246% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، خلال نفس الفترة (رغم أزمة 2008)، ومن 226% إلى 310% من الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا، مع وجود فجوة طويلة الأمد بين تَقَدُّم مؤشرات سوق الأسهم ونمو الناتج المحلي الإجمالي، ولا تتمحور هذه المسألة حول توزيع هذه الثروة، بل حول آثار الفجوة بين نموها والناتج المحلي الإجمالي على محركات النمو، أي إن السياسات الاقتصادية التقليدية التي تسعى إلى تحفيز انتعاش الاستهلاك (زيادة الإنفاق العام، وسياسة الأجور، إلخ) أو تشجيع الإنتاج (دعم الشركات، وسياسة جانب العرض) لم تَعُدْ على جدول أعمال الحكومات، فأصبحت الأسر الثّرية أكثر حساسية لتطور ثروتها لاتخاذ قرار بشأن الاستهلاك من عدمه (يمثل الاستهلاك ثلثي الناتج المحلي الإجمالي)، وأصبح الوضع الاقتصادي يتأثّر بسوق الأسهم ( الإقتصاد الإفتراضي والمُضَاربة) أكثر من الاقتصاد "الحقيقي"، بفعل "أَمْوَلَةِ" ( financialization ) الاقتصاد الرأسمالي المتطور، وارتفاع حصّة قطاع الإتصالات والخدمات المالية والمُضاربة وغيرها التي أصبحت تمثل حوالي ثُلُثَيْ إنتاج الثروة، كبديل للقطاع الصّناعي الذي كان يمثّل أساس الإقتصاد، وتجدر الإشارة إلى ارتفاع إنتاج "القيمة التبادلية" للمصارف والمؤسسات والصّناديق المالية بفعل زيادة قيمة العقارات والرّيع لقسم هام من الأُسَر، ولذلك أصبحت ثروة الأُسَر أعلى من الناتج المحلّي الإجمالي، غير إن هذه الثروات ( ثروات الأفراد والأُسَر) مُعرّضة لعدم الإستقرار بفعل تقلّب أسعار العقارات وقيمة أسهم الشركات، وأدّت هذه التّقَلُّبات إلى أزمَتَيْن حادَّتَيْن منذ بداية القرن الواحد والعشرين، عالجتهما الحكومات بضخ المال العام في خزائن المصارف والشركات، فضلاً عن القُروض بفائدة صِفْرِيّة أو قريبة من الصّفْر للأُسَر الأكثر ثراءً أو للقطاعات التي لا تُنتج الحاجيات الأساسية للمواطنين...
خلافًا للولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، يعتمد الناتج المحلي الإجمالي الصيني على الإنتاج في الإقتصاد الحقيقي، أو الناتج المحلي الإجمالي الصناعي، بدَلَ الناتج المحلي الإجمالي السُّوقِي، وفق الصّفحة الإقتصادية لصحيفة لوموند بتاريخ 18 تشرين الأول/اكتوبر 2025



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-
- بإيجاز - حق تقرير المصير
- الأزمة = شطب وظائف
- عام من رئاسة دونالد ترامب
- مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن ...
- أوروبا – بعض مظاهر الدّيمقراطية الزّائفة
- العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين
- مُتابعات – العدد الثّامن والأربعون بعد المائة بتاريخ الأول م ...
- تَسْلِيع قطاع الصّحّة
- الذّكاء الإصطناعي واستخداماته في الإقتصاد والحياة اليومية
- الأرجنتين – النّهب بواسطة الدُّيُون
- تونس – التلوث واحتجاجات المواطنين في مدينة قابس
- ألمانيا - جوانب من الإِرْث النّازي
- الولايات المتحدة – بين -مبدأ- الرئيس جيمس مونرو وعَرْبَدة دو ...
- مُتابعات – العدد السّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الخامس ...
- الحرب على جبهات متعدّدة
- الولايات المتحدة – الإستبداد في الدّاخل، وعسكَرَة الدّبلوماس ...
- من الحرب التجارية إلى الحرب التكنولوجية
- عرض كتاب - الصهيونية والإستعمار الإستيطاني من 1917 إلى 1949
- مُتابعات – العدد السّادس والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن ...


المزيد.....




- جدل بعد فيديو يزعم رش رضيعة بـ-مادة كيميائية-.. والأمن الداخ ...
- مصر.. مقاطع فيديو لأشخاص يتجمعون مرددين هتافات في 3 محافظات ...
- هل كان ينبغي دراسة الحمض النووي لهتلر - أم تركه وشأنه؟
- ترامب: -بي بي سي اعترفت بالغش وسأقاضيها بتعويض يصل إلى 5 ملي ...
- ذكريات أنصارية
- هل سيدير ترامب غزة؟ مقترحان للتصويت أمام مجلس الأمن
- ترامب يلمح إلى اتخاذ قرار بشأن فنزويلا وسط تصاعد التوتر العس ...
- ترامب يطالب بفتح تحقيق في علاقة إبستين بشخصيات من الحزب الدي ...
- الأمطار الغزيرة تفاقم معاناة نازحين بقطاع غزة يعيشون في خيام ...
- يونيفيل تقول إن إسرائيل شيّدت جدارا على حدود لبنان تجاوز الخ ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - مُتابعات – العدد الخمسون بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2025