أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رائد الحواري - التمرد والعبث في كتاب -فرناندو بيسوا- كميل أبو حنيش















المزيد.....

التمرد والعبث في كتاب -فرناندو بيسوا- كميل أبو حنيش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 18:34
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


بعد قراءة هذا الكتاب أثار فيّ مجموعة أسئلة متعلقة بالكاتب المحكوم بتسعة مؤبدات،: لماذا يكتب شخص يعيش (الموت) عن شخصية تحمل فلسفة عبثية، لا تؤمن بأي شيء، وترى حتى في الثورة/ التمرد قبحا وشرا؟ فالأسير يريد من يشد من أزره، لا من يثبطه ويهدم إيمانه ويحطكم تطلعاته!
إذا ما قرأنا رواية "الجهة السابعة" وبعض قصائد كميل أبو حنيش، سنجد الإجابة على هذه الأسئلة، فهناك حالة من الإحباط مر بها الكاتب، مما جعله يجد في فلسفة/ رؤية "بيسوا" متنفسا له، كما أن طبيعة الشاعر/ الأديب تقوده إلى رفض/ التمرد/ الثورة على العديد من المظاهر/ الأفكار التي تقيده، حتى لو كانت نبيلة ووطنية وقومية وإنسانية، من هنا نجد العديد من الأدباء لا يستطيعون الالتزام بتنظيم سياسي لفترة طويلة، ولا يمكنهم أن يلتزموا بفكر محدد، فهم ينهلون من كل شيء ويأخذون ما يرونه مناسبا لطبيعة الظرف/ الحال الذي يعيشون/ يمرون بها، كما أنهم يجدوا في عدم الاستقرار، في التمرد على ما هو نبيل شيء من طبيعته التي تبحث ذاتها، أعتقد أن هذا شيء من الدوافع التي جعلت "كميل أبو حنيش" يكتب عن فرناندو بيسوا"
يعرفنا "كميل أبو حنيش" على الشاعر البرتغالي "بيسوا" (1887-1935) من خلال أخذ العديد من أقواله ونظرته للحياة/ للوجود/ لمجتمع، للدين/ لله/ للأفكار، للعزلة/ للنضال، بمعنى أننا نجد رؤية غارقة في العبثية/ العدمية/ السلبية/ القبح/ القتامة، يحاول "بيسوا" تعرفنا على الظروف التي مر بها والتي جعلته يتخذ هذه الرؤية السوداء: "لقد ولدنا في أوج القلق الميتافيزيقي، في أوج القلق الروحي وفي أوج اللاطمأنينة السياسية)" واقع الحرب العالمية الأولى والأزمة الاقتصادية عام 1929، والصراع بين الشرق والغرب بعد الثورة البلشفية، وتضارب المدارس الأدبية والفكرية كلها انعكست على "بيسوا" وجعلته يتخذ موقفا سلبيا من الحياة وما يجري فيها: "وتنازعته أكثر رؤية وتصور ، وبدا من خلالها متشائما ومتوترا ومغتربا. ويعيش حالة من اللايقين واللاطمأنينة والتشاؤم على نحو دائم" هذا الوصف الخارجي لشخصية "بيسوا" يدفع بالكاتب إلى إدخالنا إلى عالمه الداخلي، والطريقة التي يقدم بها أفكاره، وماهية هذه الأفكار: فهو يرى الجنس: "ويبدي احتقارا لأي نوع من العلاقات الجنسية ويعتبرها اكثر أشكال الحب ابتذالا" ويرى العبودية هي الحالة الدائمة للبشر: "العبودية هي قانون الحياة ، وان الحرية مسألة عارضة وحسب" ويرى في الثورة والثوار عجزا وشرا: "الثورة والثوريين وكل أعمال الإصلاح والمصلحين ولا يرى في الثورة والإصلاح إلا تعبير عن عجز الإنسان في السيطرة على ذاته" وفي البقاء في الحياة والاستمرار فيها: "أصبحنا نعيش بدون أمل، وبفقداننا الأمل لم تعد حياتنا نحن هذه التي نحياها، ومع افتقادنا لأي فكرة عن الحاضر، لأن الحاضر بالنسبة إلي رحل" من هنا يرى القادم/ المستقبل: "لا املك للغد سوى أرقى وغموض" ويرى في الفعل/ الحركة/ التنقل/ الإنجاز: "أيها السجن اللانهائي ، لأنك لا نهائي الهروب منك متعذر" ونجد القتامة حتى الكتابة التي تعد وسيلة الشاعر في إظهار شاعريته وأفكاره ونظرته للحياة: "حتى الجهود الثقافية والفكرية والإنتاجات الكتابية ليست أكثر من تصورات بلا أي قيمة نتسلى بها (مثل عانسٍ تظل تطرز الوسائد لمجرد التسلية لا غير... لهاثنا لتحقيق طموحاتنا وتجسيد أحلامنا إنما ينطوي على جهل" من هنا يرى الحياة، حتى الحياة العادية: "تقرفني الحياة مثل دواء لا نفع فيه" ويجد نفسه مخنوقا أينما كان: "أنا نفسي المختنق حيث أوجد" وهنا يستنتج الكاتب هذه الفكرة عن "بيسوا": " وكلما تعمق إحساسه ، كلما تعمق اغترابه ونزوعه نحو العزلة. فاهتمامات الناس وطريقة تفكيرهم وآرائهم وأنماط حياتهم وثقافتهم وأخلاقهم ... الخ لا تنسجم مع توجهات الكاتب وفلسفته في الحياة" فهو يرفض أية علاقة مع الآخرين: "فهو يرفض أن يفعل خيراً أو يتلقاه" بمعنى أنه يفضل الحياة منفردا، ولا يشده أي شيء في الحياة/ في المجتمع: "لا أنتمي إلى أي شيء، ولا أشتهي شيئاً" بمعنى أنه شبع من الحياة وامتلأ منها، فلم تعد له رغبة فيها ولا في أي شيء منها: "فالحياة لا معنى لها طالما تؤول إلى الموت" من هنا يجد الشاعر في العزلة ملاذا/ مخدرا يمكنه أن يخفف عنه شيئا مما هو فيه: "فهو مثله مثل أي متشائم، رافضٌ للواقع، غير أنه لا يسعى إلى تغييره أو إصلاحه، بل يندفع إلى الاعتكاف والعزلة ليحلم في عالم آخر" هذا الاستنتاج الذي توصل إليه الكاتب أكده من خلال رؤية "بيسوا" للحياة: "فالتشاؤم فن، لا يتقنه إلا الإنسان المتفوق" نلاحظ أن تألم الشاعر ناتج/ ملازم لتفرديه وإبداعه، فلو كان إنسانا عاديا لما طرح هذه الأفكار ولما عاش حياته المؤلمة والقاسية والقاتمة.
يقودنا الكاتب إلى عالم "بيسوا" أكثر مظهرا مشاعره كشاعر: "أحمل بداخلي الشعور بالهزيمة الجميلة مثل راية ظفر" ثم إلى فلسفته ألا أدرية: "لا أعرف من أنا، ولا ما أنا آه. مثل شخصٍ مدفون تحت سور منهار... أنا لم أخلق لما هو واقعي، والحياة شاءت المجيء لرؤيتي" وعن نظرته لوجوده في الحياة: "أحمل معي مجد خيبة أملي...نحن عبارة عن هاوية تمضي صوب هاوية أخرى" ويرى في الصراعات والحروب: "لا وجود لأي إمبراطورية تستحق أن تمزق لأجلها دمية طفلة" نلاحظ أن الصورة الشعرية الأدبية حاضرة في كل ما قيل سابقا، وكأن الشاعر على دراية ومعرفة بحجم السواد/ القتامة التي يقدمها لنا، فأراد التخفيف علينا من خلال الصور الأدبية والشعرية التي جاءت في أقواله.
يتوقف الكاتب عند العزلة التي يعيشها "بيسوا" وكيف يراها: "العزلة تحزنني، الرفقة تخنقني. وجود الآخر بجانبي يضلل أفكاري....؟..في العزلة، تتحول الذات إلى قدس الأقداس الحرية هي امتلاك إمكانية العزلة"
كما يتوقف عند أفكاره الوجودية وطريقة تفكيره والفلسفة التي اتبعها: "لا يظهر الكاتب بين نصوصه إيماناً أو تبنيا لفلسفة محددة. وإنما تنطوي نصوصه على خليط من الفلسفات المتناقضة التي تأتي أشبه بالطبقات الجيولوجية" وعن الله والخالق والمخلوق يقول: "ربما سنكتشف أن ذلك الذي ندعوه الله، والذي يوجد بجلاء في مستوى آخر خارج المنطق، أو خارج الواقع الفضائي والزمني، إنما هو نمط من أنماط وجودنا، إحساس من أحاسيسنا" بهذا نكون أمام شخصية مضطربة/ منعزلة/ متألمة/ منعزلة/ تحارب كل ما حولها من أفكار وأشخاص وأحداث، وترفض الاستقرار/ الانسجام حتى مع ذاتها، وما التشكيل المتعدد لمصادرها الفكرية والفلسفية إلا صورة عن طبيعتها التي يمكنها السكون ولا يمكنها القبول بالحركة/ بالفعل، هذه هي نفسية "بيسوا" التي وجد فيها "كميل أبو حنيش" شيئا من ذاته.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية سعادة الأسرة ليو تولستوي، ترجمة مختار الوكيل
- الإقطاع والاشتراكية في -قصص الدون- ميخائيل شولوخوف، ترجمة عب ...
- الاجتماعي والسياسي في رواية -أنا يوسف يا أبي- باسم الزعبي
- الأيديولوجيا في رواية عبر الشريعة بسام أبو غزالة
- كتاب -غزة ليست فقط قصة حب أخرى- حسن يافا
- كتاب -النزعة الصوفية والتأملية في شعر منذر يحيى عيسى- عبير خ ...
- الحواس في -يسافر همسك- وفاء كامل
- القتامة في -ما الملجأ؟- شيماء عبده
- ديمقراطية النقد والناقد في كتاب -الأسوار والكلمات- فراس حج م ...
- الأردن في رواية -تايكي- يوسف الغزو
- رواية -أشياء تتداعى- نشنوا أتشيبي ترجمة سمير عزت نصار
- الفلسطيني في مجموعة -بيتزا من أجل ذكرى مريم- رشاد أبو شاور
- الحاجة إلى الحب في رواية -امرأة من بغداد- حمدي مخلف الحديثي
- النعومة في كتاب -ياسمينات باسمة- زياد جيوسي
- الأجناس الأدبية في كتاب -أطياف- محمد حافظ
- الاجتماعية في رواية رقصة التوت فوزي نجاجرة
- القبيلة والعشيرة!!
- الخلود في رواية -تفاصيل الحلم الدافئ- سعادة أبو عراق
- الأسرى والكتابة في كتاب -احتمالات بيضاء: قراءات في أدب الحري ...
- الأسرى والكتابة في كتاب -احتمالات بيضاء، قراءات في أدب الحري ...


المزيد.....




- الحمل بأجنة متعددة.. ما مخاطره وما طرق علاجه؟
- متظاهرون من السكان الأصليين يغلقون مدخل -كوب 30- للمطالبة با ...
- اختبار -شاهد 161- العلني.. هل تبدأ إيران إعادة رسم ميزان الق ...
- في حضرة خوفو وخفرع ومنقرع انطلاق النسخة الخامسة لمهرجان “للأ ...
- الولايات المتحدة ودول عربية تطالب بالإسراع في تبني خطة ترامب ...
- شركتان ترجحان احتجاز إيران ناقلة نفط قبالة سواحل الإمارات وو ...
- عاجل| نيويورك تايمز عن مصادر مطلعة: ويتكوف يخطط للقاء خليل ا ...
- من -سكيبيدي- إلى -6-7-.. لماذا يحير جيل ألفا آباءهم؟
- ترامب يأمر بالتحقيق في علاقات إبستين مع بيل كلينتون
- ميدفيديف ينتقد واشنطن ويتهمها بالتدخل في شؤون الدول الأخرى


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رائد الحواري - التمرد والعبث في كتاب -فرناندو بيسوا- كميل أبو حنيش