|
|
الاجتماعي والسياسي في رواية -أنا يوسف يا أبي- باسم الزعبي
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 8519 - 2025 / 11 / 7 - 21:31
المحور:
الادب والفن
من سمات الأدب الجيد تناوله لقضايا الشعب/ الأمة، يضاف إلى ذلك تقديم تلك القضايا من خلال شكل أدبي مناسب يجذب المتلقي ويمتعه، فعندما يجتمع المضمون الجيد مع الشكل، يكتمل دور الأدب الذي يرفع من وعي المتلقي فكريا/ أخلاقيا، ويرفع قدرته على تذوق الجمالية الأدب، في رواية "أنا يوسف يا أبي" نجد هاتين المسألتين، الفائدة الفكرية/ المعرفية/ الأخلاقية، والإحساس الجمالي. أحداث الرواية تدور أحداث الرواية حول عائلة أردنية تتكون من الأب/ "عون" والزوجة "غالينا" والأبن "محمد" والأبنة "ديمة" الزوجة "غالينا" روسية الأصل، تعرف عليها "عون" أثناء دراسته في روسيا، يتم صرف "عون" من عمله في الأردن، ـ رغم إخلاصه وتفانيه ـ يقرر الذهاب إلى روسيا لإيجاد عمل مناسب، يصل إلى روسيا، تشارك زوجته "فولودرا" في محل مواد تجميل، وأثناء ذلك تقيم علاقة غير شريعة مع شريكها الذي وصف بأنه لا يوفر أية امرأة، ويتحرش بالنساء حتى لو كان صغيرات. تتأكد شكوك "عون" تجاه زوجته، مما يجعله يصاب بحالة نفسية، انعكست على سلوكه فأخذ يتعاطى المشروب، ويتقيأ على ملابسه، منزويا في غرفته التي لا يغادرها، إلى أن يتدخل أبنه "محمد" ويلقي "الفودكا" في الحمام، ويبدأ الأب باستعادة عافيته. أما أثر خيانة "غالينا" على الأبن "محمد" فكانت من خلال توجهه إلى سوريا لينضم لصفوف (المجاهدين)، دون يعلم أحدا بمكانه، يعود "عون" إلى الأردن، مستعينا بحاسوب "محمد" ليعرف أن ابنه تواصل مع "حمزة" الموجود في تركيا، الذي أوصله إلى سوريا من خلال الشبكة التي يعمل معها. الأحداث في سورية متداخلة، تتشابك فيها مصالح العديد من الدول، يتم قصف المعسكر الذي تواجد فيه "محمد" الذي أصبح يُعرف "بيوسف" تصل أخبار إلى "عون" أن "محمدا" قتل في سوريا، لكن يبقى لديه إحساس بأنه حي. يخرج "محمد" مصابا بعد القصف الأمريكي للمعسكر، تعالجه "مهرة" زوجة القائد "محسن، أبو عكرمة" الذي قتل وهو برفقه "محمد"، تنشأ بينهما علاقة، ويستطيعان الخروج من سوريا بعد أن ينتحل "محمد" شخصية "محسن" زوج "مهرة" يتواصل "محمد/ يوسف" مع شقيقته "ديمة" من خلال الفيس بوك بشخصية يوسف ـ الاسم الحركي ـ وليس باسم "محمد"، إلى أن يصله خبر مقتل أمه "غالينا" التي ذهبت إلى "دونينسك" لتفتتح فرع جديد لمحلها، عندها يعطي إشارة لأبيه: "أنا يوسف يا أبي" على أنه "محمد" وأنه ما زال حيا. الآباء والأبناء إذا ما توقفنا عند الآباء "عون، غالينا" سنجد أن الأول أنهزم ولم يستطع مواجهة خيانة زوجته بطريقة صحيحة، فالتجأت إلى الخمر والانزواء، إلى أن تدخل ابنه "محمد" وأخرجه من عزلته، ونجد الأم تقف ضد زواج ابنتها "ديمة" رغم أنها تزوجت بالطريقة الحديث ـ الحب والمعرفة قبل الزواج ـ ويعود سبب هذا الموقف لأن "ديمة" لبست الحجاب، بمعنى أن "غالينا" اهتمت بالشكل على حساب الجوهر، يستمر هذا الجفاء بينهما حتى مقتل "غالينا" بينما نجد "محمد" يدخل المجتمع الروسي الجديد عليه، وهو ملتزم بأفكاره الاجتماعية، فيترك "إيرينا" لأنها قدمت له واقي ذكري قبل معاشرتها، فيكتشف أن الثقافة الغربية لا تناسبه كشرقي، وبعد أن يتأكد من خيانة امه، وبعد أن يستعيد "عون" عافيته النفسية، يقرر الذهاب إلى (الموت)، إلى سوريا، وعندما يكتشف حقيقة (المجاهدين)، وأنهم مجرد إرهابيين/ قتلة/ يقولون ما لا يفعلون، يدعون الفضلة وهم الرذيلة بعينها، يفكر بالتخلص من (الورطة) التي وقع فيها، ويأتي القصف وهو على أبواب المعسكر، كمنفذ له، حيث تكشف له "مهرة" تزوجها "محسن أبو عكرمة" بالتهديد المبطن، وهنا يبدأ "محمد" حياة جديدة مع "مهرة" ويستعيد التواصل مع أسرته، متجاوزا كل مآسي أمه وخيانتها وحال أبيه البائس، وأخته التي تزوجت "يحيى" وسافرت معه "إلى الأمارات". إذا ما قارنا موقف "محمد" بعد أن هجر "إيرينا" الفتاة التي أحبها وأحبته، والتي أعطته الحب والحنان، وما يحلم به كل شاب، بعد أن أعطته الواقي الذكري، مع موقفه من "مهرة" وقبوله الزواج منه رغم أنها (سلمت) نفسها لإرهابي/ قاتل، فساد، وشبق جنسيا، سنجد أننا أمام شخصية تتعامل مع الآخرين بإنسانية، "فإيرينا" كانت تمارس الجنس غريزا، بمعنى أنها تفعل ما تمليه عليها طبيتها الجنسية، فالجنس عندها لا يخضع لأية ضوابط/ شروط اجتماعية أو دينية. بينهما في حالة "مهرة" التي أجبرت مكرهة على الزواج من "محسن" الذي هدد والدها بطريقة مبطنة باغتصابها إذا لم يتزوجها، فالجنس بالنسبة لها فعل أكراه، أجبرت عليه مكره، وليس برضاها ، من هنا تجاوز "محمد" كونها امرأة لم تعد بكرا ومتزوجة وأرملة. كل هذا يجعلنا نصل إلى أن "محمد" لا يفكر بطريقة الرجل الشرقي الذي ينظر إلى المرأة من خلال بكارتها/ عذريتها، بل من خلال كونها إنسانية، لهذا رفض وترك "إيرينا" التي منحته نفسها برضاها، وفضل وقبل أن يقترن بأرملة، وأرملة مخرب/ إرهابي/ قاتل فبدا وكأنه يريد أن يعوضها عن الجحيم الذي عاشته مع "محسن" وبهذا يكون "محمد" قد تجاوز أخطاءه وأصلحها. أما "ديمة" التي بقيت مختفية عن الأحداث، إلى أن جاء دورها، فكانت البنت الملتزمة بالحداثة/ المعاصرة، الزواج بعد المعرفة والحب، مما جعل زواجها راسخا ثابتا، رغم وجود إشارات من والدها الذي عاد إلى الأردن، بأن والدتها تخونه مع شريكها الروسي، فزوجها "يحيى" لم يلتفت لهذه الجزئية ولم يلقي لها بال، بمعنى أنها اختارت الزوج المناسب، الزوج الذي يتفهم الواقع، فهو مرتبط "بديمة" وليس "بإيرينا" وتكمل دورها الإيجابي من خلال تواصلها من "يوسف" ليتوج هذا التوصل إلى أنه "محمد عون محاميد" وليس يوسف عون محاميد" وبهذا يكون الأبناء تفوقوا على الآباء وتجاوزهم، بالتفكير والسلوك وتصحيح الأخطاء، بينما الآباء، فشلوا في الحياة العائلة والمهنة، من هنا وجدنا "غالينا" تقتل وهي نبحث عن تطوير تجارتها، و"عون" كاد أن يضيع لولا تدخل "محمد وديمة". الطرح الطبقي والفساد يتوقف السارد عند محطات تشير إلى عقم التفاوت الطبقي اجتماعيا، ودوره في تفسيخ المجتمع: "أتساءل أحيانا، عملت معلما ثلاثين عاما، وأعطيت دروسا خصوصية، لكني لم أستطع أن أمتلك بيتا، إلا بعد ما كبر الشباب، أما هؤلاء، كيف استطاعوا أن يجمعوا كل هذه الثروات، قصر واحد يكفي لبناء عمارات يمكن أن يسكنها عشرات العائلات...أبن السايس، لم ينه المدرسة، ومع ذلك أنظر القصر الذي يعيش فيه، أخبرني بربك، ما هي التجارة التي تجعله بأقل من خمس سنين بهذا الوضع" ص42، نلاحظ حنق السارد على التفاوت الطبقي الذي يجعل فئة قليله العدد تمتلك ثروة أكثر مما يملكه عامة الشعب. ونلاحظ في المقطع السابق إشارة إلى وجود فساد مالي، وهو السبب المباشر لوجود التفاوت الطبقي. الفساد الاجتماعي يتوقف السارد عند الفساد الاجتماعي، مبدي امتعاضه من سلوك العامة التي تصمت وتوافق وحتى تدعم الفاسدين والفساد: "هذا الشعب اعتاد على تقبيل الأيادي، لا تأمل منه شيئا، سينطق الصخر قبل أن يصرخ الشعب من الألم" ص44، هذا حال العديد من الشعوب العربية التي تعظم الفاسد وحتى تؤله، من هنا تجدها في تقهقر يوما يعد يوم، وجيلا وراء جيل. أما على صعيد النخب/ الطلاب، الذين يفترض أن يكونوا مثلا في التفكير العقلاني الصحيح، ومثلا في السلوك السليم، نجدهم يحملون أفكارا متخلفة، ويمارسون سلوكا أهوجا، خاصة فيما يتعلق بالنساء: "عندما اخترق ضجيج الموسيقى الصاخبة المنبعث من العديد من غرف السكن الطلابي صرخة فتاة، شتمت بلغة عربية واضحة: "لعنة الله عليكم" أيها العرب، ألا ترونا هنا، أيها الحقراء؟ لدينا خيرات أكثر من الروسيات، لا بارك الله فيكم" كان صراخ الفتاة حانقة، وجدت نفسها وحيدة في ليلة رأس السنة، حين كان الطلبة العرب جميعهم كانوا يحتفلون بصحبة صديقاتهم الروسيات" ص111، اللافت في هذا المقطع أنه يقودنا إلى طريقة تفكير العربي الذي يرى الجمال/ الإبداع/ الخير/ العلم/ التفوق في الغرب، وكل ما هو شرقي بائس/ حقير/ بشع/ متخلف، هذا العقلة تتجاوز المنتوجات الصناعية والتكنولوجية، لتصل إلى الأشخاص، إلى الفرد الغربي ذاته، فالغربي متفوق على الشرقي. وإذا ربطنا هذه العقلية بما فعله "محمد" عندما ترك ""إيرينا" الروسية وهجرها، نصل إلى أنه تجاوز واقعه كشرقي متخلف، وقدم صورة/، فكرة نبيلة ناضجة عن الرجل الشرقي الذي كان حداثيا/ عقلانيا في تعامله مع النساء، فختار امرأة شرقية، أرملة، بمعنى كل العيوب فيها كزوجة لشاب ما زال أعزبا. سوريا يتوقف السارد عند الأحداث في سوريا، مؤكدا أنها لعبة دولية، الهدف منها خراب البلد وتدميره: "كان يرى الطائرات تمر عاليا وسريعا، تذهب إلى مكان بعيد، وتنفذ مهام، غالبا ما تكون قصف مواقع، أو أحياء في مدينة، مع الوقت أصبح قادرا على تميز الطائرات الروسية، عن الطائرات الأمريكية، عن الطائرات السورية، عن الطائرات التركية، كلها كانت تقصف قوات سورية على الأرض، الأمريكيون يقصفون القاعدة وداعش، الروس يقصفون الجيش الحر والقاعد وداعش، الأتراك يقصفون الأكراد، وهؤلاء يقصفون الجيش السوري، الدم في كل الحالات سوري" ص182، هذه الطريقة في تقديم الحدث، تتباين مع تلك التي نسمعها في الإعلام، فهنا السارد يدين كل من يقوم بالقصف، مشيرا إلى أن المستهدف هو المواطن والوطن السوري، وأن القتل يطال السوري فقط، بينما البقية هم قتلة. تتحدث "مهرة" مع "محمد" كمواطنة سورية عما جري في بلدها بقولها: "ما ذنبنا نحن، نحن كنا نعيش في قريتنا بعيدين عن كل شيء، نكد ونكدح طيلة النهار حتى نحصل على قوت يومنا، لكنا كنا في أمان... ما الذي حصل بين ليلة وضحاها؟ ما الذي جعل الناس تخرج إلى الشوارع تهتف ضد النظام؟ من الذي سلح الناس ودفع لهم الأموال؟ ما الذي جعل الجيش يقصف عشوائيا؟ ما الذي جلب المقاتلين والجيوش من كل العالم إلى أرضنا؟... ما الذي جعل الجيش ينشق، ورفاق الأمس يصبحون أعداء اليوم يقتل بعضهم بعضا؟" ص217، اللافت في هذا الأسئلة أن المتلقي إذا ما أجاب عنها بروية وتفكير، سيصل إلى اليد الخفية التي لعب دورها القذر في خراب سوريا، وقتل وتشريد وتشتيت شعبها في بقاع الأرض، فالسارد لم يستخدم الطرح المباشر ليبدي رأيه فيما جري، بل استخدم الأسئلة كطريقة محايدة، تسهل على المتلقي الوصول إلى الحقيقة بعيدا عن السموم التي يحملها إعلام الفضائيات. الخراب الذي جرى في سوريا تجاوز العمران، البناء، الزراعة، الصناعة إلى خراب الإنسان السوري نفسه، "محمد" الذي دخل سوريا كمجاهد وشاهد ما يجري فيها، وصل إلى هذه النتيجة: "هل يمكن أن تنتهي محنته لو انتهت محنة سوريا؟ لكنه عندما تأمل تعقيدات المشهد، ملايين المهجرين، واللاجئين في بقاع الأرض كلها، كثيرون منهم قايضوا أسمائهم، وهويتهم بحريتهم، فهل سيعود هؤلاء إلى هوياتهم الأولى لو أتيح لهم، أم سيواصلون الحياة بهويات جديدة؟ كم شخص في هذا العالم تشبه معاناته معاناتي؟" ص221، أعتقد أن هذا المشهد يدين ما يجري في سوريا، ويجرم كل الذين ساهموا في تضخيم الأحداث وتوسيعها، إن كان إعلاميا، أم ماليا، أم سياسيا، أم عسكريا، أم دينيا، فالكل من شارك في أحداث سوريا هو مجرم وقاتل ومخرب ومدمر، ويجب محاكمته. الإنجليز والأمريكان سبب مصائب العرب الإنجليز والأمريكان تحديدا، فهم من مزقوا الجغرافيا العربية إلى أقسام متنافرة، وهم من ينهب ثروات المنطقة، وهم من زرعوا دول إسرائيل/ الشر الأكبر في فلسطين، يبين لنا السارد حقيقتهم من خلال هذا المقطع: "أما عون ...لأنهم من وجهة نظره السبب في القضاء على حلم الدولة العربية الواحدة... وهم من ساعد الصهاينة على احتلال فلسطين واستمرار المأساة الفلسطينية، ويكره الأمريكان للأسباب نفسها" ص14، هذا المقطع يتوافق مع العديد من الروايات العربية التي تقدم الإنجليز والأمريكان بصورة سلبية، لأنهما سبب مصائب العرب، القديمة والحديثة. يتوقف "محمد" عند الدور الأمريكي في خراب العراق واحتلاله، وما ترتب عليه من مزيد تقهقر للعرب للمنطقة برمتها: "أمريكيا هاجمت العراق واحتلته، وارتكبت الفظائع، قتلوا الملايين، دعموا ميليشيات شيعية ضد السنة، ودعموا ميليشيات سنية ضد المقاومة... أصبح الكل عدو الكل" ص216، رغم أن المقطع واضح ومباشر، إلا أنه حقيقة، مما يجعل المتلقي يشعر أن هناك من يتجاوز الرسمي العربي والرقابة الرسمية التي تقلل من دور أمريكيا في خراب العراق والمنطقة، وهذا يمثل ثورة/ تمرد على ما هو سائد. الدواعش الفكر الديني أحد الوسائل التي استخدمها الدواعش في إعلامهم الرسمي، فقد تبنوا الدين الإسلامي كعقيدة وشريعة ونهج يأتمرون به: "لا لكال ماركس الألماني... نحن لدينا كتاب منزل من السماء منذ ألف وخمسمئة سنة، هل يعقل أننا لا نستطيع أن نهتدي به، ونشق طريقنا في درب الحضارة؟ علما بأننا لم نتأخر إلا بسبب تخلفنا عن كتابنا وسيرة نبينا" ص140، الفكرة جميلة، ونبيلة، لكن التطبيق غير ذلك، من هنا عندما يواجه "عون ومعتر" "حمزة" يكشفان حقيقة الدعوة الدينية وما خلفها من خراب: "كلكم تجار حروب، كم يدفعون لك مقابل كل شخص تجنده؟ من يدفع لك أيها السافل؟ هل تريد أن تقنعني أنك غيور على الدين أكثر منا؟ لماذا لم تظهر غيرتك على الأقصى وإخوتك في فلسطين؟ أليسوا مسلمين؟ منذ متى كانت جماعتك من الإنجليز غيورة على الإسلام والمسلمين؟ أنتم أيها الغربان، تنعقون فوق الجثث والخراب" ص154، هذهالأسئلة مهمة لمعرف حقيقة من يقف الدواعش ومن يقف خلفها، فالإنجليز سبب خرابنا وتمزيقنا وراء دوعش، يمدونها بالمال، بالمعلومات، بالدعم الإعلامي، ويسهلون عليهم تجنيد المرتزقة والمخدوعين. سلوك الدواعش مع السوريين بشير إلى أنهم غير دينيين ولا أخلاقيين: "ما كل هذه الوقاحة، هل أتيتم لتحرروا البلد، أم لتتلصصوا على النساء؟" ص168، هذا ما قالته فتاة (للمجاهدين) الذين وقفوا ينظرون إليها، وإذا أضقنا الطريقة التي تزوج بها "محسن" من "مهرة" نصل إلى أننا أمام مجموعة من المرتزقة الذي يبحثون عن الشهوات: مال، نساء، مناصب، شهرة. العنوان وعرض الرواية إذا ما تتبعنا الرواية سنجدها متتابعة/ متصلة/ متواصلة الأحداث، كما أن طبيعة الشخصيات بنيت من خلال تطور الأحداث، فنجد "محمد/ يوسف" يتطور فكريا وسلوكيا، بحيث استطاع تجاوز واقعه، ويستعيد اسمه "محمد"، ويعود إلى عائلته، رغم الخسارات التي دفعها الأسرة. في بداية الرواية يقدم الشاعر قصيدة "أنا يوسف يا أبي" لمحمود درويش، وهذا عنوان الرواية، لكن السارد يبقي علاقة العنوان بالمتن الروائي مخفيا حتى منتصف الرواية، عندما يقرر "محمد" الذهاب إلى سوريا تحت اسم "يوسف" لكن الاسم بشكله المجرد غير متعلق بالعنوان وبالقصيدة التي جاءت في مقدمة الرواية، وهذا يبقى القارئ في (حيرة) حتى صفحة 224، عندما يرسل "محمد" طلب صداقة إلى أخته "ديمة" وتجد في صفحة مقطع: "أنا يوسف يا أبي" وهنا يبدأ المتلقي يجمع بين العنوان والمتن، حيث يتطور اكثر من خلال الرسائل التي يقول فيها: "أنا يوسف يا أبي، وتحتها الآية القرآنية: "أذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا" ص227، ثم يضيف آية أخرى: "لا تيأسوا من روح الله" ص229، ثم يختم الرواية بعبارة "أنا يوسف يا أبي" ص 251، التي أرسلها إلى أبيه "عون" مباشرة، وهنا يصل القارئ إلى اكتمال علاقة العنوان بالمتن الروائي. وهنا نتوقف قليلا عند الجامع بين القصيدة وبين القرآن الكريم، فبطل الرواية "محمد" يحمل فكرا تقدميا، من هنا أقام علاقة حميمية مع ""إيرينا" وشرب الخمر، ولم يتقيد/ يلتزم بالمحرم الديني، بل التزم بالمحرم الأخلاقي/ الاجتماعي/ الإنساني، لهذا هجر "إيرينا". في المقابل عندما تعرف على (المجاهدين) الذي يحملون فكرا دينيا، تأثر بالفكر الديني إيجابيا، وتأثرا بسلوك المجاهدين سلبيا، من هنا وجدناه يستخدم القصيدة "أنا يوسف يا أبي" والسورة القرآنية في موضعين متماثلين أخلاقيا، رغم تباينهم عقائدا، فالأخلاق تجمع كل ما هو ديني وغير ديني، بينما غير الأخلاقي يلتزم بالشكل ويترك الجوهر/ المضمون، فتكون النتائج تفرقة، تشتت، تمزق، انحلال، خراب، دمار، قتل. الرواية من منشورات الآن ناشرون وموزعون، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2024.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأيديولوجيا في رواية عبر الشريعة بسام أبو غزالة
-
كتاب -غزة ليست فقط قصة حب أخرى- حسن يافا
-
كتاب -النزعة الصوفية والتأملية في شعر منذر يحيى عيسى- عبير خ
...
-
الحواس في -يسافر همسك- وفاء كامل
-
القتامة في -ما الملجأ؟- شيماء عبده
-
ديمقراطية النقد والناقد في كتاب -الأسوار والكلمات- فراس حج م
...
-
الأردن في رواية -تايكي- يوسف الغزو
-
رواية -أشياء تتداعى- نشنوا أتشيبي ترجمة سمير عزت نصار
-
الفلسطيني في مجموعة -بيتزا من أجل ذكرى مريم- رشاد أبو شاور
-
الحاجة إلى الحب في رواية -امرأة من بغداد- حمدي مخلف الحديثي
-
النعومة في كتاب -ياسمينات باسمة- زياد جيوسي
-
الأجناس الأدبية في كتاب -أطياف- محمد حافظ
-
الاجتماعية في رواية رقصة التوت فوزي نجاجرة
-
القبيلة والعشيرة!!
-
الخلود في رواية -تفاصيل الحلم الدافئ- سعادة أبو عراق
-
الأسرى والكتابة في كتاب -احتمالات بيضاء: قراءات في أدب الحري
...
-
الأسرى والكتابة في كتاب -احتمالات بيضاء، قراءات في أدب الحري
...
-
فرح حوارة فرح فلسطيني
-
البؤس العربي في رواية -آرام- فاطمة محمد الهلالات
-
السادية في رواية -واختفي أنف أبي- خليل ناصيف
المزيد.....
-
الفيلم الكوري -أخبار جيدة-.. حين تصنع السلطة الحقيقة وتخفي أ
...
-
بالاسم والصورة.. فيلم يكشف قاتل شيرين أبو عاقلة
-
السباق نحو أوسكار 2026 ينطلق مبكرًا.. تعرف على أبرز الأفلام
...
-
إطلاق الإعلان الترويجي الأول للفيلم المرتقب عن سيرة حياة -مل
...
-
رئيس فلسطين: ملتزمون بالإصلاح والانتخابات وتعزيز ثقافة السلا
...
-
السباق نحو أوسكار 2026 ينطلق مبكرًا.. تعرف على أبرز الأفلام
...
-
شاهد رجل يقاطع -سام ألتمان- على المسرح ليسلمه أمر المحكمة
-
مدينة إسرائيلية تعيش -فيلم رعب-.. بسبب الثعابين
-
اتحاد الأدباء يحتفي بشوقي كريم حسن ويروي رحلته من السرد إلى
...
-
الناصرية تحتفي بتوثيق الأطوار الغنائية وتستذكر 50 فناناً أسه
...
المزيد.....
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
بيبي أمّ الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
المزيد.....
|