أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية سعادة الأسرة ليو تولستوي، ترجمة مختار الوكيل














المزيد.....

رواية سعادة الأسرة ليو تولستوي، ترجمة مختار الوكيل


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 04:20
المحور: الادب والفن
    


هناك أدباء سبقوا عصرهم، منهم ليو تولستوي الذي قدم رواية من ألفها إلى ياءها بصوت امرأة، ولم يقتصر الأمر على مجرد الصوت، بل أدخلنا إلى نفسيتها ومشاعرها، فكانت الساردة امرأة حقيقية، وإذا علمنا أن الرواية كتبت في أواخر القرن التاسع عشر، نصل إلى العبقرية التي وصل إليها "ليو تولستوي" ويمكن أن تكون هذه الرواية أول رواية كتبت بلسان امرأة، بمعنى أن الكاتب فتح المجال أمام النساء ليكتب روايتهن/ مشاعرهن، بعيدا عن هيمنة المجتمع.
الكاتب والسارد
بعد قراءة الرواية نصل إلى فكرة "ليو تولستوي" ونظرته إلى الحياة، إلى المجتمع، إلى الناس من خلال شخصيات الرواية، جاء على لسان "سيرجي" بطل الرواية: "إن السعادة الحقة الوحيدة في هذه الدنيا إنما هي في خدمة الآخرين" ص40، هذا النظرة للناس نجدها في سلوك الكاتب حينما وزع ثروته الكبيرة على الفقراء، مما جعلهم سعداء فرحين.، ومن ثم فرح هو أيضا.
وإذا ما توقفنا عند "ماشا" عندما أعطت كل ما تملك ل"سيمون" الفقير الذي جاء يطلب وبل واحد وبعض الأخشاب لدفن ولده، نصل إلى أن بوادر توزيع الثروة كانت موجودة في "ليو تولستوي" منذ أن كتب "سعادة الأسرة.
وجاء على لسان "ماشا" ساردة الرواية: "كنت أتوق إلى المغامرات والمخاطر بل كنت أحب أن أضحي بذاتي في سبيل حبي" وهذا أيضا وجدناه في سلوك ليو تولستوي" حينما فضل المغامرة والعيش (كمشرد) على حياة القصور التي وجدها حياة رتيبة/ مملة، لأنها بعيدة عن عامة الناس.
الطرح الطبقي
رغم أن كاتب الرواية من طبقة النبلاء الذين يملكون الكثير، ويتنعمون بكل ملذات الحياة، إلا أن السارد تناول الجانب الطبقي من خلال "سيمون" الذي "جاء يستجدي بعض الألواح من الخشب ليصنع بها نعشا لطفلته، وربل يدفعه إلى القسيس الذي سيرأس الجنازة" ص62، فهنا أعطنا السارد صورة عن حجم الفقر الذي يعيشه عامة الناس.
في المقابل يحدثنا عن أم "سيرجي" التي كلف حفل زواجها: "30000" روبل، هذه المفارقة تقودنا إلى طبيعة المجتمع الذي يهيمن على اقتصاده مجموعة قليلة من الناس، مقابل الحرمان والبؤس الذي يطال غالبية المجتمع، وكأن السارد من خلال هذه المفارقة كان يتحدث عن ضرورة قيام الثورة البلشفية، لتحقيق العدالة في توزيع الثروة بين المجتمع، فلا يعقل أن يكون هناك من لا يمتلك روبل واحد، وآخر يصرف على حفلة زفافة 30000 روبل.
المرأة
تتناول الرواية" ماشا" أبنت السابعة عشرة التي تميل إلى "سيرجي" الذي تجاوز الخامسة الثلاثين عاما، حيث بدأ الميول بينهما يتنامى مع الوقت، كانت أول مرة تعترف بها "ماشا" بحقيقة ما تشعر به تجاه "سيرجي" حينما أخذت تراقبه من خلف الشرفة دون أن يشعر هو يتحدث مع نفسه: "ماشا، مستحيل! ...حبيبتي ماشا" ص48، وهنا تأخذ مشاعر "ماشا" بالهيجان: "وتملكني فرح عظيم، فرح مجنون... حتى خفت أن أسقط من فوق السياح فأفضح شعوري أنا الأخرى...العم العجوز الذي يرعبني بجده ووقاره، صار رجلا في مستواي يحبني ويخافني كما أحبه وأخافه" ص49، هذه المشاعر هي ما يميز الرواية، امرأة تتحدث عما تشعر به، في مجتمع (يحظر) عليها هذا الأمر.
وبعد أن تمت ملامسة الأيدي بينهما قالت "ماشا" عما شعرت به: "نزلنا الشرفة معا ولقد كانت الدنيا جميعها بسمائها وهوائها وأشجارها وأزهارها غير تلك التي ألفتها من قبل" ص56، نلاحظ تنامي المشاعر بالتدريج، فكلما تقدمت العلاقة بينهما كلما توهجت "ماشا" أكثر، وحدثتنا عن نفسها بتفاصيل جديدة.
تكتمل العلاقة بينهما بالزواج، وهنا تتقدم "ماشا" أكثر مطالبة بحرية مشاركة زوجها أعماله وهمومه، فهي تشعر بأنها مقيدة: "إنني مقيدة، ولا أحب أن أبقى على هذه القيود" ص103.
يتفقان على الذهاب إلى "بيترسبرج" وهناك تجد حياة أخرى غير حياة الريف، يدعوها الأمير لحضور حفله على شرفه، لكن "سيرجي" يمتعض من هذه الدعوة، وهنا تحث إشكالية بينهما.
تقابل شاب إيطالي أخذ يراقبها بطريقة مثيرة، ما جعلها (تميل) إليه: "لقد لمس فؤادي بإعجابه" ص129، ثم يحادثها فيسحرها كلامه، ويقبل وجهها، مما جعلها تشعر بالذنب/ بالخطيئة التي اقترفتها، فتأخذها مشاعر الخيانة إلى هذا الألم: "لقد أحرق عار هذه القبلة خدي، وكان تفكيري في زوجي وطفلي يخزني وخزا مريعا" 135، وهنا تفكر بالاعتراف لزوجها بما أقدمت عليه من خيانة، لكنها لا تجرؤ على ذلك، لكن ندمها كان يكفيها لاستعادة ذاتها النقية والعفيفة، وبها تعود الأسرة إلى حياتها السوية الهنية السعيدة.
الإيحاء والتصريح
إذا ما توقفنا عند مشاهد الرواية لا نجد أي مشهد فاضح/ صريح، حتى أن "ماشا" لا تخبرنا عن ليلتها مع "سيرجي" وكتفت بالحديث عن مشاعرها تجاه زوجها، وهذا الأمر تكرر مع الشاب الإيطالي، فلم يحدث مها أكثر من قبلة على وجه، ومع هذا كانت هذه القبلة بمثابة خطيئة كاملة بالنسبة ل"ماشا"
وهذا يقودنا إلى طبيعة المجتمع الريفي العفيف الذي يتأثر بأي شيء، فمجرد نظرة يمكن أن تهد إنسان، أو تحييه، وكلمة يمكنها أن تمحوه من الحياة، أو تعيده إلى الوجود، فكيف سيكون عليه الحال، إذا ما كان هناك فعل/ حدث/ عمل!؟
وإذا ما قارنا مشاعر وطبيعية شخصية "ماشا وسيرجي" مع شخصيات معاصرة/ حديثة سنجد الهوة السحيقة بينهما، فشخصيات اليوم بليدة/ متحجرة/ جامدة/ شريرة، قبيحة، فقيرة المشاعر والإحساس، لا ترمش لها عين حتى لو شاهدت الدنيا تحترق، بينما وجدنا شخصيات القرن التاسع عشر، تتأثر بأدنى شيء، من هنا تبرعت ماشا" بكل نقودها ل"سيمون" ونجدها تتألم وتشعر بالعار والخطيئة لمجرد قبلة.
من هنا نشعر بحاجتنا إلى تلك الشخصيات المترع بالمشاعر الإنسانية، لعلنا نستعيد شيء من إنسانيتنا التي فقدناها في هذا الزمن المتوحش، أعتقد أن هذه رسالة عابرة لزمن حملتها رواية "سعادة الأسرة" لكاتبها "ليو تولستوي"
الرواية من منشورات وزارة الثقافة الأردنية، مكتبة الأسرة، الإصدار رقم 936، طبعة2023.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإقطاع والاشتراكية في -قصص الدون- ميخائيل شولوخوف، ترجمة عب ...
- الاجتماعي والسياسي في رواية -أنا يوسف يا أبي- باسم الزعبي
- الأيديولوجيا في رواية عبر الشريعة بسام أبو غزالة
- كتاب -غزة ليست فقط قصة حب أخرى- حسن يافا
- كتاب -النزعة الصوفية والتأملية في شعر منذر يحيى عيسى- عبير خ ...
- الحواس في -يسافر همسك- وفاء كامل
- القتامة في -ما الملجأ؟- شيماء عبده
- ديمقراطية النقد والناقد في كتاب -الأسوار والكلمات- فراس حج م ...
- الأردن في رواية -تايكي- يوسف الغزو
- رواية -أشياء تتداعى- نشنوا أتشيبي ترجمة سمير عزت نصار
- الفلسطيني في مجموعة -بيتزا من أجل ذكرى مريم- رشاد أبو شاور
- الحاجة إلى الحب في رواية -امرأة من بغداد- حمدي مخلف الحديثي
- النعومة في كتاب -ياسمينات باسمة- زياد جيوسي
- الأجناس الأدبية في كتاب -أطياف- محمد حافظ
- الاجتماعية في رواية رقصة التوت فوزي نجاجرة
- القبيلة والعشيرة!!
- الخلود في رواية -تفاصيل الحلم الدافئ- سعادة أبو عراق
- الأسرى والكتابة في كتاب -احتمالات بيضاء: قراءات في أدب الحري ...
- الأسرى والكتابة في كتاب -احتمالات بيضاء، قراءات في أدب الحري ...
- فرح حوارة فرح فلسطيني


المزيد.....




- في مثل هذا اليوم بدأت بي بي سي بثّها الإذاعي من غرفة صغيرة ف ...
- معالم الكويت.. صروح تمزج روح الحداثة وعبق التاريخ
- أبرز إطلالات المشاهير في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ...
- أسماء جلال تتألّق بفستان طوني ورد في عرض فيلم -السلّم والثعب ...
- BBC تقدم اعتذرا لترامب بشأن تعديل خطابه في الفيلم الوثائقي
- مغني الـ-راب- الذي صار عمدة نيويورك.. كيف صنعت الموسيقى نجاح ...
- أسرة أم كلثوم تتحرك قانونيا بعد إعلان فرقة إسرائيلية إحياء ت ...
- تحسين مستوى اللغة السويدية في رعاية كبار السن
- رش النقود على الفنانين في الأعراس.. عادة موريتانية تحظر بموج ...
- كيف نتحدث عن ليلة 13 نوفمبر 2015 في السينما الفرنسية؟


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية سعادة الأسرة ليو تولستوي، ترجمة مختار الوكيل