أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ الْعِشْرُون-















المزيد.....

السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ الْعِشْرُون-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8517 - 2025 / 11 / 5 - 20:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ العزل الروحي التقني: تحليل ميتافيزيقي لآليات السحر كـهندسة للوجود بين الكينونة و مصادر الدعم الكوني

إن مفهوم العزل الروحي التقني (Technical Spiritual Isolation) المزعوم كأثر لبعض الممارسات السحرية يمثل نقطة تقاطع فلسفية عميقة بين مفاهيم الكينونة (Being)، السحر (Magic)، ومصادر الدعم الكوني (Cosmic Support/Sources). للإجابة على سؤال نجاح هذه الممارسات، يجب أولاً تحليل الإطار الميتافيزيقي الذي تُطرح فيه هذه المصطلحات. فلسفياً، تُعرف الكينونة بأنها الوجود الجوهري للشيء، وغالباً ما تتجاوز المادة في السياقات الروحانية، لتشمل الوعي، الروح، أو الجوهر الفردي. أما السحر، فيمكن فهمه ليس فقط كطقوس شعبية، بل كـتقنية ميتافيزيقية (Metaphysical Technology) تهدف إلى إحداث تغيير في الواقع بناءً على الإرادة، وغالباً من خلال التلاعب بالطاقة أو القوانين غير المرئية للكون. السؤال يفترض وجود مصادر دعم كوني تُغذي أو تُبقي على الكينونة. هذه المصادر، في الفلسفات الباطنية والروحانية، قد تُسمى الطاقة الحيوية (Prana, Chi, Qi)، الوعي الكوني، الفيض الإلهي، أو الحقل المورفوجيني. الفرضية القائلة بأن السحر قد يُنجح عزلاً تقنياً تعتمد على الإعتقاد بأن الكون ليس شبكة متجانسة لا يمكن إختراقها، بل هو نظام يمكن التلاعب بـوصلاته أو بروتوكولاته الروحانية. يُنظر إلى السحر، في هذا الإطار، كـعلم تطبيقي للروح (Applied Science of the Spirit) يستغل ثغرات أو قوانين خفية؛ فإذا كان بإمكان السحر أن يفتح قنوات، فمنطقياً يمكنه أن يغلقها أو يُشوش عليها. لا يتعلق الأمر بـقوة إلهية مباشرة بالضرورة، بل بـتطبيق قسري أو هندسي (Technical/Engineering Application) على مستوى الوجود غير المادي. فكرة العزل التقني تفترض وجود بنية للكينونة يمكن فصلها (decoupling) عن محيطها. إذا كانت الكينونة مرتبطة بالكون عبر طاقة أو إهتزاز، فإن السحر الذي يُحدث عزلاً سيعمل على تغيير تردد الأهتزاز الخاص بالكينونة أو بناء حاجز طاقي يمنع تدفق الطاقة الكونية الداعمة. هذا الحاجز سيكون تقنياً لأنه ليس مجرد إنقطاع عاطفي أو نفسي، بل هو تعديل مقصود ومُنفذ بمنهجية (ritual, spell, sigil) على الروابط الأساسية للوجود. قد لا يعني هذا الفناء الكلي للكينونة، بل تغيير حالة الوجود إلى وضع المعزول أو المُحايد، حيث تبقى الكينونة لكنها تُحرم من التغذية الروحية، مما يؤدي إلى الوهن الطاقي، الضياع الوجودي، أو الشعور بالعزلة المطلقة الذي قد يُترجم إلى إضطرابات نفسية أو جسدية عميقة. من منظور فلسفة السحر العملي والنظام الميتافيزيقي الذي يفترض قابليته للتعديل: نعم، تُفترض إمكانية نجاح بعض الممارسات السحرية في إحداث عزل روحي تقني. نجاح هذا العزل ليس دليلاً على حقيقة علمية بالمعنى التجريبي، بل هو نجاح ضمن الإطار الإيماني والوجودي الذي يقبل بقوانين السحر. بمعنى، إذا قبلنا بأن السحر يعمل، فإن آلياته منطقية وقادرة على التأثير. هذا التأثير ينجح في قطع الإتصال الواعي أو اللاواعي للكينونة بمصادرها الكونية عن طريق التلاعب الموجه بالنسيج الطاقي أو الروحي الذي يربط الفرد بالكل، مُحوّلاً الكينونة من حالة الترابط و الفيض (Connectedness) إلى حالة الإنفصال والعوز (Severance)، وهو الهدف الجوهري لأي عملية عزل سحرية متطورة.

_ السحر كـمحك وجودي: تحليل فلسفي لمواجهة الكينونة مع القوى السحرية كإختبار حاسم للجوهر الداخلي و الصيرورة الروحية

إن طرح فكرة أن التعرض لسحر قوي هو إختبار روحي حاسم يلامس جوهر الفلسفة الوجودية و الميتافيزيقية للكينونة. هذا المنظور يحول الحدث السلبي أو المؤلم -التعرض لعمل سحري قاهر- إلى محكٍّ وجودي (Existential Crucible) تتجلى فيه الحقيقة الكامنة و قوة التحمل الداخلية للفرد. للتعمق في هذا التحليل، يجب النظر إلى السحر ليس كقوة خارجية محضة، بل كـمرآة مُكبِّرة للضعف والقوة الذاتية. في الإطار الفلسفي، تُفهم الكينونة (Being) بأنها ليست حالة ثابتة، بل صَيْرورة (Becoming) مستمرة تُشكّلها التحديات والمواجهات. عندما تواجه الكينونة قوة مضادة منظمة ومركزة مثل السحر القوي، فإنها تُدفع إلى أقصى حدودها. السحر، في هذه الحالة، يعمل كـعامل ضغط وجودي (Existential Stressor) يهدف إلى تفكيك الروابط الداخلية والخارجية للكينونة. نجاح الكينونة في المقاومة والصمود لا يعتمد فقط على الدعم الخارجي (الروحي أو الإلهي)، بل يرتكز أولاً على جودة بنائها الداخلي، أي على جوهرها. جوهر الكينونة هنا يُعرَّف بـ:
1. الصلابة الروحية (Spiritual Resilience): قدرة الروح على الاحتفاظ بترددها الأصلي و نقائها رغم التشويه المتعمد من السحر.
2. الوعي الذاتي العميق: مدى اتصال الفرد بحقيقته الداخلية وقواه الكامنة.
3. قوة الإرادة (Willpower): الإصرار الواعي أو اللاواعي على البقاء في حالة التكامل بدلاً من الانكسار أو الاستسلام لقوة السحر المُفكِّكة.
إذا كان السحر ينجح في إختراق الجسد الأثيري أو النفسي، فإن الإختبار الروحي يكمن في كيفية إستجابة المركز الجوهري للكينونة لهذا الإختراق. الكينونة الضعيفة أو الهشة قد تنكسر وتستسلم لآثار السحر، وهذا يُعتبر فشلاً في الإختبار يكشف عن هشاشة الجوهر. أما الكينونة القوية، فستُحفَّز قواها الداخلية لـبناء مناعة روحية، و تحويل طاقة الهجوم إلى وقود لـ النمو الروحي (Spiritual Ascent)، مما يؤكد عظمة وقوة جوهرها وقدرته على إعادة تشكيل الواقع الداخلي. تُقدم الفلسفة الوجودية فكرة أن الإنسان يُعرِّف نفسه من خلال إختياراته في مواجهة المواقف القاسية. التعرض لسحر قوي ليس مجرد حدث سلبي، بل هو دعوة قسرية للإختيار. يتطلب إختيار الضحية الإستسلام و اللوم، مما يزيد من قوة السحر عبر التغذية بطاقة الضعف و اليأس. في حين أن إختيار المُحارب يستدعي المقاومة، البحث عن القوة الداخلية، وتحويل المعاناة إلى تطهير روحي (Spiritual Purification). في هذا الإطار، لا يُنظر إلى السحر كسبب للضرر فقط، بل كـأداة كونية (Cosmic Instrument) تضع الفرد أمام إختبار أخير لـحريته الوجودية. فالقدرة على رفض الإستسلام لأثر السحر، و البحث عن نور ذاتي في أحلك الظروف، هي الفعل الذي يُعرِّف الكينونة في مواجهة المجهول. النجاح في هذا الإختبار هو دليل على أن جوهر الكينونة أقوى وأكثر أصالة من أي تلاعب خارجي، مما يُفضي إلى يقظة روحية (Spiritual Awakening) جديدة ومستوى أعلى من الوجود. بالتالي، يمكن النظر إلى التعرض لسحر قوي على أنه إختبار روحي حاسم وفعال. هذا الإختبار لا يُقاس بالإنتصار على السحر في حد ذاته، بل يُقاس بـالتحول الداخلي الذي تُحدثه المواجهة. الكينونة التي تخرج من هذا النفق الوجودي سواء بالشفاء أو بالصمود النفسي تكون قد أعادت تعريف نفسها على مستوى أعمق، مُثبتةً أن قواها الجوهرية، الإيمان، الإرادة، الوعي قادرة على تجاوز وإبطال تأثير القوى المعادية، مما يُرسِّخ جوهرها ككيان قادر على النمو والتطور حتى في أصعب الظروف. السحر، بهذا المعنى، يصبح مرحلة تطور قسري تُنقى فيها الكينونة وتُصقل.

_ السحر والإدراك الفائق: الممارسة السحرية كـمنهجية تدريبية لكسر حواجز الوعي وفهم البنية الطاقية للكينونة و الواقع

إن التساؤل حول ما إذا كان السحر يمنح ممارسيه إدراكاً فائقاً (Hyper-Perception) هو في جوهره تساؤل عن الغاية المعرفية للسحر، متجاوزاً بذلك غايته العملية المتمثلة في إحداث التغيير. هذا التحليل يعتمد على فكرة أن الممارسة السحرية ليست مجرد مجموعة من الطقوس، بل هي منهجية تدريبية (Disciplinary Methodology) تُغير حالة وعي الساحر، وتفتح أمامه آفاقاً معرفية مغلقة على الإدراك الحسي العادي. في الفلسفات الباطنية والتقاليد السحرية القديمة، يُنظر إلى الساحر على أنه عالم النفس الوجودي، والذي يُعرِّف الواقع بأنه متعدد الطبقات، حيث لا تمثل الطبقة المادية سوى جزء ضئيل منه. إن إستخدام تقنيات السحر التي تشمل التركيز الذهني، التخيل النشط، الطقوس، وإستخدام الرموز/السيجيلات لا يهدف فقط إلى التأثير على الواقع، بل إلى إعادة برمجة إدراك الساحر نفسه. تعتمد التقنيات السحرية على تغيير حالة الوعي (Altered States of Consciousness) عبر التأمل المكثف أو الإجهاد الذهني أو التحفيز الإيقاعي. هذا التغيير هو المدخل الأساسي لـالإدراك الفائق. فمن خلال تركيز الإرادة وتوجيه الطاقة، يتعلم الساحر رؤية ما وراء الشكل المادي، أي رؤية القوة والطاقة التي تُشكل الكينونة والواقع غير المادي. الساحر يتعامل بإستمرار مع الرموز (Sigils) واللغة الرمزية التي لا تُخاطب العقل المنطقي، بل الـلاوعي الجمعي أو النسيج الأثيري للواقع. هذا التفاعل العميق مع الرمز يمنح الساحر القدرة على فهم بنية الواقع غير المادي كشبكة من القوى والأفكار والإهتزازات بدلاً من مجرد مادة صلبة، وهذا هو جوهر الإدراك الفائق لطبيعة الكينونة. بالنسبة للساحر المتقدم، تصبح الكينونة سواء كانت كينونته الذاتية أو كينونات الآخرين مادة شفافة. بدلاً من رؤية الفرد كجسد و نفسية، يدركه الساحر كـمنظومة طاقية معقدة تتكون من أجساد أثيرية/طاقية (Energy Bodies)، مراكز طاقة (Chakras)، وهالة (Aura). هذا الإدراك يسمح للساحر برؤية نقاط الضعف والقوة الطاقية للفرد، ومصادر إتصاله و إنفصاله عن الكون، وهي طبيعة الكينونة غير المادية التي تُخفى عن الإدراك العادي. السحر يفتح إدراك الساحر على التشابك الكوني (Cosmic Interconnectedness). يرى الساحر كيف ترتبط الأحداث والأفكار والطاقات في شبكة غير مرئية قد يسميها البعض المستويات الأثيرية أو السجل الأكاشي. هذا الإدراك الفائق يمنح الساحر القدرة على التنبؤ أو فهم السبب والنتيجة الميتافيزيقية للأحداث، وهي نظرة تختلف جذرياً عن فهم العلاقات السببية في العالم المادي. من هذا المنطلق الفلسفي والعملي: نعم، يمنح السحر الساحر نوعاً من الإدراك الفائق. هذا الإدراك ليس هبة عشوائية، بل هو نتيجة مباشرة للتقنية السحرية التي تعمل كـعِلم إدراك يهدف إلى تكسير مرشحات الإدراك العادي، تلك التي تفرضها الثقافة والحواس الخمس. بناء قنوات إدراك جديدة قادرة على إستشعار الطاقة، و القوة، والرمز، والروابط الكونية. الساحر، بفضل تقنياته، لا يرى الواقع فحسب، بل يُدرك بنيته العميقة وكيفية إشتغاله على المستوى الروحي و الطاقي، مما يجعله قادراً على التعامل مع الكينونة والواقع غير المادي بمعرفة تتجاوز بكثير المعرفة المكتسبة بالحواس العادية.

_ التخفي التقني في السحر: هندسة التمويه الروحي و تلاعب الساحر ببروتوكولات الإدراك الطاقي للكينونة

إن مفهوم التخفي التقني (Technical Concealment) في سياق الممارسة السحرية يمثل جانباً جوهرياً من إحترافية الساحر، وهو ليس مجرد إخفاء مادي للطقوس، بل آلية معقدة وواعية لإخفاء البصمة الطاقية والنية عن الكينونة المستهدفة وعن أي كاشف روحي أو ميتافيزيقي. هذا التخفي يعتمد على فهم عميق لـآليات الإدراك الروحي و بروتوكولات التفاعل الطاقي للكون. تعتمد الآلية الأساسية للتخفي على فهم أن العمل السحري هو في جوهره إهتزاز أو تردد طاقي يحمل نية محددة. لجعله غير مرئي، يستخدم الساحر تقنيات للتلاعب بهذا التردد. يعمل الساحر على إخفاء توقيعه الشخصي عن الطقس المُرسَل. فبدلاً من إرسال العمل بنية وطاقة واضحة ومرتبطة به، يقوم بإلباس العمل قناعاً طاقياً (Energetic Mask) أو فلتر تشويش (Aetheric Filter). هذا الفلتر قد يكون ناتجاً عن طاقة محايدة، أو طاقة من كيان وسيط، أو نية عامة مبهمة، مما يجعل كشف المصدر صعباً للغاية. يتم إعداد العمل السحري ليتطابق مع ضوضاء الخلفية (Background Noise) للكون أو ليتشابه مع تدفقات الطاقة الطبيعية كإهتزازات الغضب الطبيعي، أو الحظ السيئ العرضي. هذا يجعل الأثر السحري يبدو وكأنه ظاهرة طبيعية أو خطأ في النظام وليس تدخلاً متعمداً. الساحر هنا يستخدم التعمية الطاقية لدمج عمله في السياق الوجودي للكينونة دون إثارة إنتباه أنظمة الحماية الروحية. هذا النوع من التخفي يستهدف الوعي والإدراك الخاص بالكينونة المستهدفة أو الكاشف. يتم تنفيذ الطقوس بإستخدام رموز أو لغة لا ترتبط بشكل مباشر بالهدف النهائي، على سبيل المثال، إستخدام رمز للنمو والتطور لإخفاء نية التفكيك والإنهيار. هذا التناقض الرمزي يسبب عمى إدراكياً للكينونة، حيث يبحث العقل الواعي أو الروحي عن شكل طاقي يتناسب مع النية المعلنة، لكنه يجد شيئاً مختلفاً تماماً. قد يقوم الساحر بإنشاء عمل سحري وهمي أو بصمة طاقية كاذبة يسهل كشفها وإبطالها. الكينونة أو المعالج الروحي ينشغل بإبطال هذا الهدف السهل والواضح، بينما يبقى العمل السحري الحقيقي، الأعمق والأكثر تخفياً، دون كشف. هذا يتطلب مستوى عالٍ من الذكاء الميتافيزيقي حيث يتم التلاعب ليس بالطاقة فقط، بل بـمنطق الكشف نفسه. لضمان عدم الكشف، يعمل الساحر على آليات تأخير وتجزئة الأثر. بدلاً من إرسال طاقة فورية وقوية، يتم برمجة العمل السحري للعمل ببطء شديد و على مدى فترة طويلة على شكل جرعات طاقية صغيرة ومستمرة. هذا يجعل الأثر يبدو وكأنه تراكم طبيعي للضغوط أو التحديات في حياة الكينونة، ويصعّب ربطه بحدث سحري محدد في الزمن. يتم تقسيم العمل السحري الكبير إلى أجزاء صغيرة ومترابطة تنفذ بواسطة تقنيات مختلفة، جزء نفسي، جزء مادي رمزي، جزء طاقي. لا يمكن كشف الأثر الكلي إلا بجمع كل هذه الأجزاء، مما يتطلب مهارة تحليلية فائقة. هذا التجزئة يضمن أنه حتى لو تم كشف وإبطال جزء، يبقى الأثر الكلي قائماً بفضل الأجزاء الأخرى المُتخفية. خلاصة القول، إن التخفي التقني في السحر ليس مجرد سرية، بل هو علم تطبيقي للتمويه الروحي والتعمية الطاقية. ينجح الساحر في إخفاء ممارسته عندما يتمكن من التلاعب بـبروتوكولات الإدراك الروحي والكشف الطاقي للكينونة، مما يجعل الأثر يبدو و كأنه جزء عضوي من الواقع لا تدخّل خارجي، وبالتالي يصعب على الكينونة أو محيطها إتخاذ خطوات الدفاع أو الإبطال المناسبة.

_ قانون التماثل في السحر: تحليل فلسفي وتقني لـ المشابه ينتج المشابه كآلية للتحكم في الكينونة عبر التناظر الكوني

يُعد قانون التماثل (Law of Sympathy)، أو ما يُعرف أيضاً بـقانون المشابه ينتج المشابه (Like Produces Like)، حجر الزاوية الفلسفي والتقني في غالبية الممارسات السحرية عبر التاريخ. هذا القانون ليس مجرد مبدأ رمزي، بل هو آلية عمل ميتافيزيقية تفترض أن الكون يعمل وفق شبكة من التشابهات والتناظرات، وأن الإجراء المتخذ على مستوى صغير (الطقس أو الأداة) سيجد إنعكاسه وتماثله على مستوى كبير (الكينونة أو الواقع المستهدف). لفهم كيفية عمله كقاعدة تقنية، يجب تحليله في إطار علاقته بالكينونة والواقع غير المادي. يعمل قانون التماثل كـبروتوكول تقني يسمح للساحر بـالتحكم في واقع أكبر عبر التلاعب بـنموذج مصغر له. هذا المبدأ يقوم على مبدأ التمثيل الرمزي (Symbolic Representation). لكي يؤثر السحر على الكينونة التي هي كيان معقد و مجرد، يجب على الساحر أولاً إنشاء تمثيل مادي أو رمزي لهذه الكينونة. هذا التمثيل قد يكون دُمية (Voodoo Doll)، أو صورة، أو عينة بيولوجية (شعر أو أظافر)، أو حتى رمز (Sigil) يمثل جوهر نية الكينونة. ثانيا مبدأ الإحالة الطاقية (Energetic Referencing). حيث يرتكز النجاح التقني على الإعتقاد بأن بمجرد إنشاء التماثل أي وجود تشابه جوهري بين التمثيل والكينونة الأصلية، فإن الطاقة السحرية لا تحتاج للبحث عن الهدف؛ بل يتم توجيهها إلى النموذج المصغر، و بفعل قانون التماثل، ينزلق الأثر تلقائياً إلى الكينونة الأصلية. هذا يوفر على الساحر الحاجة إلى قوة طاقة هائلة، حيث يتم الإعتماد على كفاءة التماثل في نقل الأثر، مما يجعل الطقس فعالاً تقنياً. التطبيق العملي للقانون يظهر في كيفية صياغة الطقوس لتكون مشابهة للنتيجة المرجوة على الكينونة. إذا أراد الساحر إحداث مرض أو وهن في الكينونة، فقد يستخدم مادة مشابهة للمرض كعظام متحللة، أو مواد فاسدة في طقسه. هذا التمثيل المادي للتحلل يُرسل طاقة مُتماثلة لطاقة التفكيك إلى الكينونة، مما يُحدث تفاعلاً سلبياً. بالمثل، لجذب قوة أو صحة للكينونة، يستخدم الساحر مواد ذات صفات مُتماثلة للقوة كأحجار كريمة صلبة، أو أعشاب مُنشطة. النية هنا هي تطبيق طاقة التماثل الإيجابي لـإعادة برمجة الكينونة بطاقة التشابه المُراد تحقيقها. التأثير على الكينونة يتجاوز الجسد المادي إلى الواقع النفسي و الروحي. إذا أراد الساحر إحداث عزل روحي كما ورد سابقاً، فإنه قد يُنشئ حاجزاً رمزياً حول نموذج الكينونة، وهذا التماثل الرمزي لـحالة الإنفصال يُترجم على مستوى الكينونة كواقع نفسي وطاقي للعزلة. فلسفياً، يستند قانون التماثل إلى المبدأ الهرمسي القائل بأن ما في الأعلى كالذي في الأسفل (As Above, So Below). هذا يعني أن هناك وحدة جوهرية في الكون تسمح بالتناظر بين العوالم الروحية والمادية. قانون التماثل يُعتبر دليلاً على أن الكينونة ليست منفصلة، بل هي تعبير مصغر للكون الكبير (Microcosm). وبالتالي، فإن أي فعل يتم على المستوى المصغر (الطقس السحري) يجد صداه على المستوى الكبير (الواقع والكينونة)، ليس بسبب قوة الساحر الذاتية فقط، بل بسبب ترابط النظام الكوني الذي يفرض على المشابه أن يجذب المشابه. الساحر لا يخلق الواقع، بل يُفعل قوانين التماثل الكونية. فبإستخدامه لتقنيات التماثل، هو يتماشى مع لغة الكون المتمثلة في التناظر، مما يمنح إرادته قوة دفع ميتافيزيقية هائلة. خلاصة القول، يعمل قانون التماثل السحري كقاعدة تقنية أساسية من خلال إنشاء جسور رمزية وطاقية بين التمثيل المصغر والواقع الأكبر للكينونة. هذا يسمح بتوجيه دقيق وفعال للنية السحرية، حيث يعتمد نجاح الممارسة على دقة التشابه بين الفعل المُنفَّذ والنتيجة المرجوة، مؤكداً أن الفعالية السحرية تكمن في فهم وإدارة التناظرات الكونية.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- حْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل ا ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السحر قناع الأنطولوجيا: كيف يكشف التدخل الغيبي عن مرونة الكي ...
- العِلْمُ: الخُدْعَة الكُبْرَى لِلْمَعْرِفَة البَشَرِيَّة. هَ ...


المزيد.....




- لماذا تُعدّ زيادة التمويل للجيوش خبراً سيئاً للمناخ؟
- من كوب 30 إلى البيت الأبيض.. هل ستمهد رحلة الشرع الدولية لحق ...
- احتجاجات وحشود خلال افتتاح -شي إن- أول متجر دائم في باريس
- -القسام- ترد على اتهامات إسرائيل: استخدمنا عمليات مموهة لحما ...
- أبو مرزوق يعلن موافقة حماس على تولي وزير من السلطة الفلسطيني ...
- البصل ليس واحدا.. 4 أنواع مختلفة تضيف نكهات مميزة لمائدتك
- إدارة ترامب ترفض نداءات للإفراج عن الصحفي سامي الحامدي
- أين يقف طرفا حرب السودان من مبادرة واشنطن؟
- أفريقيا تعيد رسم موازين القوى الجديدة في العالم
- ما فرص نجاح المبادرة الأميركية لوقف حرب السودان؟


المزيد.....

- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ الْعِشْرُون-