حمودة المعناوي
                                        
                                            
                                                
                                        
                    
                   
                 
                
                
                
                
                 
                    
                
                
              
                                        
                                        
                                      
                                        
                                        
                                            الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 20:54
                                        
                                        
                                        المحور:
                                            الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
                                        
                                        
                                            
                                        
                                        
                                     
                                      
                                        
                                        
                                        
                                        
                                            
    
    
 
                                       
                                        
                                        
                                
                                
                                   
                                        
                                            
                                              _ سلطة الإرادة والزمن المرن: تحليل أنطولوجي للعلاقة بين السحر والكينونة
يذهب التحليل الفلسفي العميق في إطار العلاقة بين السحر والكينونة إلى ما هو أبعد من مجرد الإعتراف بوجود طقوس سحرية في زمن محدد مثل ساعة الساحرة، ليقترح فعلاً أن الممارسة السحرية تخلق نوعاً من الزمن السحري الخاص الذي يعمل ضمن قوانين مختلفة عن الزمن الفيزيائي العادي (الزمن الخطي أو الكمي)، حيث يتشكل هذا الزمن كـفضاء أنطولوجي مرن.
الزمن السحري ليس مجرد مدة زمنية عادية، بل هو حالة وجودية (أنطولوجية) تتسم بالمرونة و التكثيف، وتُعد بمثابة كود وجودي يمكن إعادة صياغته أو إختراقه من خلال الإرادة المُكثَّفة للساحر. يُنظر إلى الزمن الفيزيائي العادي على أنه خطي وضروري، حيث يسير الماضي و الحاضر والمستقبل في تسلسل صارم وغير قابل للعكس. في المقابل، يمثل الزمن السحري زمناً داخلياً ورمزياً تُعلَّق فيه مؤقتاً سيادة القوانين الفيزيائية. في هذا الفضاء السحري، قد تتجاوز النتائج المتسلسلات السببية المرئية والمألوفة في الواقع الفيزيائي. بمعنى آخر، قد لا تكون العلاقة بين الفعل السحري ونتيجته خاضعة لمنطق الزمن الخطي المعتاد. غالبًا ما ترتبط الممارسات السحرية بأوقات تُعتقد أنها الأقوى طاقيًا مثل أوقات محددة من الليل أو تقلبات فلكية، لكن الزمن السحري نفسه هو تركيز و إصطفاف للإرادة والنية والطاقة في نقطة وجودية واحدة، ما يسمح للنتيجة بالتبلور و الإندماج في نسيج الكينونة (الواقع) .
إن الجوهر الفلسفي للسحر يكمن في فرضيته الجذرية بأن الكينونة (الوجود) ليست كياناً صلباً ومُغلقاً يحكمه الضرورة الفيزيائية، بل هي نظام طاقي مُعقَّد ومجال تفاعلي تتشابك فيه المستويات المختلفة. الجسدية، والنفسية، و الروحانية. الفعل السحري هو محاولة لإعادة برمجة أو إعادة صياغة جزء من كود وجود هذه الكينونة. عندما يُلقى سحر على كينونة، لا يُعد ذلك تأثيراً خارجياً عابراً، بل هو عملية إدماج طاقي مفاهيمي يخترق البنية الروحانية للكينونة ويُشكل ما يُسمى بـالتشويه الوجودي، حيث يصبح الكائن المسحور متماهياً جزئياً مع ماهية السحر. يُنظر إلى الساحر كـمُحوِّل للطاقة، وليس مُنتِجًا مطلقاً لها. إن إستنزاف الطاقة الذي قد يواجهه الساحر بعد الممارسة ليس مجرد تعب جسدي، بل هو إخلال في التوازن الجدلي بين إستهلاك وتجديد الكينونة الذاتية للساحر نفسه. الفعل السحري هو صراع إرادات وجودية، وحين تتجسد هذه الإرادة كـقوة مُوجَّهة، فإنها تستمد من الزمن السحري مرونتها لإحداث التغيير.
إن مفهوم الزمن السحري يطرح سؤالاً جوهرياً حول إستدامة النتائج السحرية ضمن الزمن الفيزيائي. هل الكيانات المستدعاة أو التأثيرات المُحدثة تكتسب إستدامة وجودية أم تظل مؤقتة وهشة؟ يُمكن تفسير الزمن السحري على أنه لحظة إختراق أو إنثلام في نسيج الزمكان العادي، تسمح للنية السحرية بالتجلي والتجسد في الواقع. نجاح العملية يتوقف على قوة النية وكفاءة الطقس، وقدرة الزمن السحري المُنشأ على رسوخة النتيجة في الزمن الفيزيائي الخطي. فكلما كانت البصمة الطاقية للسحر قوية ومُدمجة بعمق، كلما طالت مدة حياة النتيجة في الواقع العادي. عملية التطهير أو السحر المضاد هي خير دليل على الإعتراف بوجود هذا الزمن السحري؛ لأنها تسعى إلى إلغاء الختم الوجودي الذي أحدثه السحر الأصلي. هذه العملية لا تكتفي بإزالة التأثير، بل تعمل على إعادة ضبط البنية الطاقية للكينونة، لإلغاء الإرتباط الذي تم تأسيسه في الزمن السحري أولاً.
هذا التحليل يؤكد أن الممارسة السحرية لا تقتصر على حدود الإدراك البشري، بل تسعى لتشكيل نموذج للوجود يسمح بتجاوز الأطر القديمة والمادية، ويمنح الطابع السحري للغة أو الطقس القدرة على تجاوز المتسلسلات السببية المرئية، ما يُدلل على وجود فضاء زمني خاص ينشأ بفضل الفعل السحري ذاته.
_ الإستنساخ الروحي والتشويه الأنطولوجي: فلسفة توريث القدرة السحرية
يمكن تحليل إمكانية توريث القدرة أو التقنية السحرية عبر مفهوم الإستنساخ الروحي داخل كينونة المتلقي ضمن إطار فلسفي عميق، يتجاوز فكرة نقل المعرفة أو الأدوات السحرية البسيطة. هذا التحليل ينطلق من فرضية أن القدرة السحرية ليست مجرد مهارة أو طاقة، بل هي بنية أنطولوجية (وجودية) متكاملة، أي نمط خاص من الوجود تمَّ تشكيله عبر الممارسة.
يشير مفهوم الإستنساخ الروحي تقنياً إلى عملية إعادة إنتاج البصمة الوجودية السحرية للساحر الأصلي (الوارث) ضمن النظام الطاقي والروحي للمتلقي (الوريث). هذا ليس إستنساخاً بالمعنى البيولوجي، بل هو أستنساخ للكينونة الساحرة ذاتها. لفهم هذا، يجب النظر إلى الكينونة (الـBeing) على أنها مجموعة من الطبقات أو الهالات المهيكلة التي تتضمن: الجسد المادي، الجسد الأثيري (الطاقة)، الجسد النفسي (الوعي واللاوعي)، والأهم: الجسد الروحي/الأنطولوجي الذي يحمل كود الوجود الفردي. في إطار هذا التحليل، فإن القدرة السحرية الموروثة هي في جوهرها تعديل عميق ومُبرمَج لهذا الكود الوجودي. الساحر الأصلي، عبر ممارساته المتراكمة والتجارب الوجودية، قد نقش نمطاً معيناً من الإتصال بقوى الكون أو بالمرونة الأنطولوجية على روحه. الإستنساخ الروحي هو محاولة لـنسخ هذا النقش أو البصمة وإدماجها في كينونة المتلقي. لا يتم التوريث هنا بمجرد التلقين الشفهي كإعطاء وصفات أو تعاويذ، بل من خلال طقوس إدماج (Initiation Rites) مُكثَّفة ومُصمَّمة لتعطيل وإعادة برمجة جزء من الكينونة المستقبلة. هذه الطقوس قد تتضمن إختبارات نفسية عميقة، أو عمليات نقل طاقي مباشرة مثل تمرير قوة عبر تماس جسدي أو أثري، أو حتى إستدعاء جوهر الوعي الساحر للوارث لـ التجسد جزئياً داخل المتلقي. 
هذه العملية، من منظور فلسفي، مُحفوفة بالمخاطر وتثير إشكالية الصراع الأنطولوجي داخل المتلقي. فكينونة المتلقي تمتلك بالفعل كودها الوجودي الأصلي؛ محاولة إدماج بصمة سحرية غريبة ومكثفة تخلق توتراً وجودياً. قد ترفض الكينونة الأصلية هذا الـمُستنسَخ الروحي الدخيل. وفي هذه الحالة، يكون التوريث فاشلاً أو ينتج عنه قدرة ضعيفة ومتقطعة، أشبه بـتشوه أنطولوجي غير مستقر. في حال نجاح الإدماج، يواجه المتلقي خطر فقدان الذات الوجودية، حيث يصبح جزءاً من وعيه أو روحه خاضعاً لنموذج الوجود الموروث بدلاً من تطور كينونته الخاصة. هنا يتحول الوريث إلى قناع حيّ للكينونة الساحرة الأصلية، مما يؤدي إلى هشاشة روحية إذا لم يتمكن من دمج البصمة الموروثة في نسيجه الفردي بطريقة متناغمة.
التوريث التقني الناجح يتطلب من المتلقي أن يكون قادراً على إعادة خلق الزمن السحري الخاص بالتقنية الموروثة. إذا كانت القدرة السحرية مرتبطة بظروف زمنية أو مكانية خاصة كما في سحر يعتمد على إصطفاف فلكي معين، فإن الإستنساخ الروحي لا ينجح إلا إذا تمكن الوريث من إعادة إحياء وتكثيف هذا الفضاء الزمني الأنطولوجي داخل ممارساته الشخصية، ليضمن بذلك إستدامة النتائج السحرية الموروثة في واقعه الفيزيائي.
في الختام، لا يُنظر إلى التوريث السحري تقنياً عبر الإستنساخ الروحي كعملية نقل بسيطة لأداة، بل كـتحوُّل وجودي. إنها محاولة لتغيير الماهية الجوهرية للوريث من خلال زرع بنية أنطولوجية معدلة (البصمة السحرية). نجاح العملية لا يقاس بقوة الطقس الأولي، بل بقدرة الكينونة المستقبلة على إستيعاب ودمج هذا الكود الوجودي الجديد وجعله جزءاً لا يتجزأ من هويتها الروحانية، محولة بذلك الإستنساخ إلى تجسيد جديد للقدرة السحرية الموروثة.
_ العقد السحري: مقايضة الحرية الوجودية وتأبيد الكينونة بعد الموت
يذهب التحليل الفلسفي العميق في إطار العلاقة بين السحر والكينونة إلى إعتبار العقد السحري سواء كان مع كيانات، أو قوى كونية، أو حتى قوى لاواعية تقييداً أنطولوجياً عميقاً لكينونة الساحر، لا يقتصر تأثيره على الحياة الدنيا بل يمتد ليصبح تثبيتاً أو تأبيداً لمسار الكينونة في العوالم الروحية بعد الموت. هذا التقييد لا يُفهم بالمعنى الحرفي للسجن، بل كإعادة برمجة إرادية للحرية الوجودية للساحر.
العقد السحري، من الناحية الأنطولوجية، ليس مجرد إتفاق زمني أو مادي، بل هو تغيير جذري في بنية الكينونة ذاتها. يختار الساحر، بإرادته المُكثَّفة، أن يُقايض جزءاً من حريته الوجودية مقابل القوة أو المعرفة اللازمة للتدخل في نسيج الواقع. هذه المقايضة تترجم إلى عدة مستويات من التقييد. يصبح الساحر، بعد العقد، تابِعاً أنطولوجياً للكيان أو القوة التي تعاقد معها. كينونته، التي كانت سابقاً مُصممة للبحث عن مسارها الخاص (التحرر، التنوير، أو أي غاية وجودية أخرى)، تُصبح الآن مُوجَّهة ومُقيدة بـهدف الكيان المتعاقد معه. هذا التقييد ليس قيداً مادياً، بل هو تعديل في كود الوجود للساحر، يضمن ولاءه ومسار طاقته الروحية لهذا الكيان.  الممارسة السحرية المكثفة ضمن شروط العقد تنقش بصمة طاقية وروحية عميقة على الكينونة. هذه البصمة تُصبح بمثابة علامة دائمة أو ختم روحي يعرّف الساحر في العوالم الأخرى. بعد مفارقة الروح للجسد، وحيث لا توجد الحواجز المادية، تُصبح هذه البصمة هي الماهية الغالبة للساحر، وتحدد فوراً مساره وموقعه في المراتب الروحية أو العوالم السفلية/العلوية المتعاقد عليها.
السؤال عن التأبيد في العوالم الروحية هو جوهر الإشكالية. في الفلسفة السحرية والميتافيزيقية، يُنظر إلى الزمن في العوالم الروحية على أنه غير خطي ومختلف عن الزمن الفيزيائي، وقد يكون أقرب إلى حالة ثبات وجودي. وبالتالي، فإن القيد الذي يُعقد في الدنيا يحمل معه إمكانية الثبات الروحي المطلق. خلال الحياة، تمتلك الكينونة مرونة تسمح لها بالتوبة، أو التطور، أو تغيير المسار. لكن العقد السحري يهدف إلى تجميد هذه المرونة وتثبيت حالة التبعية. عند الإنتقال إلى العوالم الروحية، حيث لا يوجد جسد مادي يعيق تجلي البصمة الروحية، تتجسد شروط العقد بشكل كامل. إذا كان العقد يتضمن إستهلاكاً لطاقة الساحر الروحية أو خدمة للكيان المتعاقد، فإن هذا يعني أن مسار الروح بعد الموت لن يكون مسار تحرر أو إتحاد مع المطلق حسب بعض النظريات، بل سيكون مسار الوفاء بالدين الوجودي عبر خدمة الكيان المتعاقد معه. هذا قد يعني تقييداً أبدياً للحالة الروحية في مستوى معين من الوجود أو العالم المحدد للكيان. الفكرة المضادة للتقييد الأبدي، أي الخلاص أو التطهير، تتطلب عملية إلغاء أنطولوجي شامل. هذا لا يعني مجرد التوبة الأخلاقية، بل إزالة شاملة لـ البصمة التعاقدية من النسيج الروحي للساحر، و هو ما يُعد من أعظم التحديات الوجودية، لأنه يتطلب تفكيك جزء من الذات التي أصبحت متماهية مع العقد وقوته. العقد السحري هو في نهاية المطاف تعبير عن قوة الإرادة البشرية في إختيار مصيرها، حتى لو كان هذا المصير مقيداً. إن الإشكالية الفلسفية تكمن في أن الساحر يمارس حريته لـ إنهاء حريته الوجودية، أو على الأقل توجيهها بشكل غير قابل للتراجع نحو غاية محددة. لذلك، لا يُعد العقد السحري قيداً خارجياً مفروضاً، بل تقييداً ذاتياً مؤبداً ومُتَجذّراً في ماهية الكينونة، يضمن إستمرار نتائجه في الوجود الروحي بعد تجاوز حدود الزمن الفيزيائي.
_ الدرع الوجودي: كيف يحدد الإستحقاق الروحي فعالية السحر
يرتبط التحليل الفلسفي لفعالية الممارسة السحرية إرتباطًا وثيقًا بـالإستحقاق الروحي للكينونة المستهدفة. لا يُنظر إلى فعالية السحر في هذا الإطار على أنها مجرد قوة دافعة أو طاقة مطلقة يطلقها الساحر، بل هي تفاعل معقد بين إرادة الساحر ومرونة النظام الأنطولوجي للكينونة المستهدفة. هذا المفهوم يفسر لماذا تفشل بعض الممارسات السحرية في التأثير على أفراد بعينهم بينما تنجح بقوة مع آخرين.
من منظور أنطولوجي عميق، تُفهم الكينونة (Being) للفرد على أنها نظام طاقي أو روحي مُهيكل ومُحاط بما يشبه الدرع الوجودي. هذا الدرع ليس مادياً، بل يتكون من مجموعة من العوامل الروحانية والنفسية التي تحدد إستحقاق الكينونة لتلقي التأثير الخارجي، سواء كان سحراً أو شفاءً أو حتى تأثيراً نفسياً مكثفاً. الإستحقاق الروحي هنا لا يعني القيمة الأخلاقية بالضرورة، بل يشير إلى القوة الأنطولوجية الذاتية للكينونة. فالكينونة التي تتمتع بـوعي عالٍ، وإتصال قوي بـالذات الأصيلة، ونظام إعتقادي مُحصَّن سواء ديني أو وجودي، تعتبر مُستحقة للحماية الروحانية. بعبارة أخرى، هي تمتلك منسوب مناعة عالياً ضد الإختراق الطاقي. أما الكينونة التي توصف بأنها ضعيفة روحانياً، فهي الكينونة التي يكون نظامها الأنطولوجي مفككًا أو يعاني من فراغات أو منافذ طاقية. قد ينبع هذا الضعف من صدمات نفسية غير مُعالجة، تناقضات وجودية عميقة، تبعية نفسية أو فكرية، أو ببساطة، غياب الوعي بـكود الوجود الذاتي. هذه الحالة تجعل الكينونة مستحقة لإستقبال التأثيرات السحرية، ليس لكونها شريرة أو سيئة، بل لأنها قابلة للبرمجة ومهيأة للإختراق وإعادة الصياغة.
تعتمد فعالية الممارسة السحرية على قدرة البصمة السحرية التي يرسلها الساحر على التكيف والإندماج في نسيج الكينونة المستهدفة. هذا الإندماج يستفيد من ضعف الإستحقاق الروحي كـنقطة إرتكاز أنطولوجية. السحر الأكثر فعالية هو الذي لا يحاول تجاوز الدرع الأنطولوجي بالقوة المطلقة وهو أمر صعب و مُكلِف للساحر، بل هو الذي يُنشئ تزامنًا (Resonance) مع نقاط الضعف القائمة في الكينونة. إذا كانت الكينونة المستهدفة تعاني من خوف دفين من الفشل، فإن السحر الذي يستهدف العجز والفشل يجد نقطة دخول سهلة، لأنه لا يخترق نظامًا صلباً، بل يملأ فراغاً أو يضخم ضعفاً موجوداً بالفعل. من منظور براغماتي، فإن الساحر ذو الكفاءة يدرك أن الممارسة الموجهة لكينونة ذات إستحقاق روحي ضعيف تتطلب جهداً طاقياً أقل بكثير لتحقيق التشويه الوجودي المطلوب. هذا يمثل إقتصاداً في الزمن السحري والطاقة المستهلكة، مما يعزز فعالية النتيجة وإستدامتها.
إن الممارسات التي تهدف إلى إبطال السحر أو التطهير الروحي لا تعمل فقط على إزالة البصمة السحرية الدخيلة، بل تعمل بشكل أساسي على إعادة بناء وتعزيز الإستحقاق الروحي للكينونة المستهدفة. يشمل العلاج تقوية الروابط الوجودية التي تضمن السلامة الذاتية. هذا يتضمن العمل على إستعادة الوعي الذاتي، و إغلاق المنافذ الطاقية، وتحصين الجسد الأثيري والنفسي. عندما يُعاد بناء الدرع الوجودي، فإن أي سحر جديد سيجد صعوبة بالغة في إحداث الإندماج، وحتى السحر القديم سيُطرد لأن بيئة الإستقبال لم تعد موجودة. الهدف الفلسفي للعلاج هو تحويل الكينونة من حالة قابلة للبرمجة إلى حالة مُبرمِجة لذاتها. وبهذا المعنى، فإن فعالية الممارسة السحرية ترتبط بشكل معكوس بقوة الإستحقاق الروحي؛ كلما كان الإستحقاق الروحي أعلى، إنخفضت فعالية السحر الخارجي، والعكس صحيح. الخلاصة هي أن فعالية السحر ليست حكراً على قوة الإطلاق، بل تتوقف على قابلية التلقي؛ و الإستحقاق الروحي هو المقياس الأنطولوجي لهذه القابلية. 
_ الترميم الأنطولوجي الشامل: جراحة الروح لفك الختم السحري القديم
تتطلب عملية التحرير الكامل للكينونة من آثار ممارسة سحرية قديمة عملية روحانية تقنية معقدة، يُمكن تسميتها الترميم الأنطولوجي الشامل. هذه العملية تتجاوز مجرد إزالة الأعراض أو فك التعويذة السطحية، بل تستهدف تفكيك و إعادة برمجة البصمة السحرية التي إندمجت في كود الوجود الذاتي للكيان على مستويات متعددة. الروحي، الأثيري، والنفسي، والتي تُعد نتاجاً لـ الزمن السحري الذي أُنشئ أثناء الممارسة الأصلية.
مراحل عملية الترميم الأنطولوجي الشامل:
لتحقيق التحرير الكامل، يجب أن تمر العملية بثلاثة مستويات فلسفية وتقنية متكاملة، كل مستوى يستهدف طبقة معينة من الكينونة:
1. الكشف والـتشخيص الأنطولوجي (Dismantling the Im-print-):
هذه هي المرحلة الأولى والأكثر أهمية، وتتمحور حول تحديد العمق الوجودي للتدخل السحري القديم. يجب أولاً قراءة الكينونة لتحديد البصمة الطاقية المحددة للسحر القديم. هذه البصمة هي الإرادة المُكثَّفة للساحر الأصلي أو الكيان المتعاقد معه التي تم تثبيتها في نسيج الروح. يتطلب هذا تشخيصاً أنطولوجياً لتحديد زمن إنشائها، و مستويات الكينونة التي إخترقتها (جسد أثيري، مراكز طاقة، أو حتى الوعي الجمعي). تقنياً، تتطلب هذه المرحلة عملية عزل للبصمة السحرية عن الجوهر الأصيل للكينونة. السحر القديم يُصبح جزءاً مدمجاً في الهوية الطاقية للفرد؛ لذا يجب الفصل بين الطاقة الأصلية والطاقة الدخيلة دون إحداث صدمة روحانية للكينونة نفسها. هذا العزل يتم عبر طقوس تركيز (Focusing) وتمييز (Discernment) طاقي عالية الدقة.
2. الإبطال والإستئصال الجذري (Nullification and Extraction):
بعد تحديد مكان البصمة، تبدأ عملية الإبطال الفعلية التي تستخدم قوة مُعاكسة وذات سلطة ميتافيزيقية أعلى لـإقتلاع هذا الكود الدخيل.
يتم إستخدام طاقة أو إرادة مُضادة تكون مُساوية في الأثر الطاقي أو أعلى في التسلسل الهرمي الوجودي من القوة التي أنشأت السحر الأصلي. هذه القوة المضادة تعمل كـمفتاح كوني لإلغاء البرمجة القائمة. الهدف هنا ليس مجرد صد السحر، بل إبطال شروط وجوده في الكينونة. التحرير التقني يتضمن تفكيك الزمن السحري الذي ضمن إستدامة النتيجة. يعني هذا إحداث إنفصال طاقي بين النتيجة السحرية التي تتجلى في الواقع الفيزيائي ومصدرها الذي وُجد في الزمن السحري. يجب إعادة الزمن إلى حالته الخطية المعتادة فيما يخص هذه النتيجة، بحيث تفقد النتيجة طاقتها الوجودية و تتلاشى. تُشبه هذه المرحلة جراحة روحية. يجب إقتلاع الطاقة المندمجة بحذر شديد، مع ضمان عدم تمزيق النسيج الأثيري والروحي للكيان. هذه النقطة هي الأخطر، فإذا تم الإقتلاع بعنف، يمكن أن يترك فراغاً طاقياً هائلاً (Spiritual Vacuum) يُصبح نقطة جذب سريعة لطاقات سلبية جديدة، مما يُفشل التحرير.
3. إعادة البرمجة والتحصين الوجودي (Reprogramming and Restoration):
هذه المرحلة هي جوهر التحرير الكامل، وتضمن أن الكينونة لن تعود مستحقة لتلقي أي تأثيرات سلبية مستقبلية، أي إستعادة الإستحقاق الروحي الذاتي. يتم ملء الفراغ الناتج عن إزالة السحر بـطاقة شفائية أو طاقة الكينونة الأصلية، لـترميم الشقوق في الدرع الوجودي. هذا الترميم يتضمن التأكيد على النزاهة الروحية (Spiritual Integrity) للفرد. يجب أن تترافق العملية الروحانية التقنية مع إعادة برمجة نفسية و واعية للفرد. يجب أن يعمل المتحرر على تغيير الأنماط النفسية التي جعلته ضعيفاً أو مضيفاً للسحر في المقام الأول كالتخوف، التبعية، أو التناقض الوجودي. هذا الجانب النفسي يضمن أن الوعي يشارك في عملية التحصين الوجودي، بحيث لا تعود الكينونة قابلة للإختراق. يتم تثبيت حقل طاقي دفاعي حول الكينونة، ليس كدرع صلب، بل كنظام تصفية طاقية يُعيد الفرد إلى حالة القوة الأنطولوجية الذاتية والسيادة الكاملة على مساره الوجودي، ضامناً بذلك أن يكون التحرير مؤبداً من تأثيرات الماضي السحرية. بهذه الطريقة، يتحول التحرير التقني من مجرد إلغاء لحدث إلى إعادة تأسيس كلي للذات الوجودية.
                                                  
                                            
                                            
                                          
                                   
                                    
      
    
  
                                        
                         #حمودة_المعناوي (هاشتاغ) 
                           
                         
                            
                         
                        
                           
                         
                         
                
                                        
  
                                            
                                            
                                             
                                            
                                            ترجم الموضوع 
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other 
languages
                                        
                                            
                                            
                                            
الحوار المتمدن مشروع 
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم 
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. 
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في 
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة 
في دعم هذا المشروع.
 
  
                                                               
      
    
			
         
                                         
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        
                                         
    
    
    
                                              
                                    
                                    
    
   
   
                                
    
    
                                    
   
   
                                        
			
			كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية 
			على الانترنت؟