أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الهدم: جرافات تهاجم ذاكرة العراق الثقافية .














المزيد.....

مقامة الهدم: جرافات تهاجم ذاكرة العراق الثقافية .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 15:32
المحور: الادب والفن
    


أسوأ ما تداولته منصات إعلامية وحسابات على مواقع التواصل , هو مقطع فيديو يظهر جرافة تُطيح بتمثال العلامة مصطفى جواد في مدخل قضاء الخالص بطريقة تفتقر إلى الحضارة , هذه الواقعة أعادت إلى الواجهة الحديث المؤلم عن طريقة تعامل الجهات الرسمية وغير الرسمية مع الرموز الثقافية في الفضاء العام , ويُعدّ مصطفى جواد (1904–1969) من أبرز أعلام اللغة العربية في العراق , وذا أصول تعود إلى قضاء الخالص , وهو صاحب البرنامج الإذاعي الشهير (( قل ولا تقل )) , والحاصل على الدكتوراه من جامعة السوربون بباريس , بالإضافة إلى مؤلفاته وترجماته الغزيرة من الفرنسية والإنكليزية والتركية والفارسية , إن إزالة تمثال لقيمة ثقافية بهذه المكانة , وبهذه الطريقة (( المهينة )) , تُعدّ إهانة للتاريخ الثقافي للعراق كله.

وعن جدل الإزالة بين الهوية والجهل المُقدس , تثير إزالة تماثيل المشاهير في العراق جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض , فالمؤيدون يرون أن الإزالة قد تكون ضرورية لأسباب تتعلق بـالهوية أو التاريخ , أو قد تكون جزءاً من مشاريع تأهيل مدني وصيانة , أما المعارضون , فهم يعتبرونها هجوماً على التراث الثقافي والتاريخي , ويرون أن الدعوات لإزالة رموز مثل تمثال أبي جعفر المنصور أو الواثق , وسرقة تمثال عبد المحسن السعدون , وتدمير نصب قوس النصر , لها أبعاد سياسية وطائفية تُستخدم لإثارة الصراعات وإشغال الشارع العراقي , وفي بعض الحالات , تكون الأسباب المعلنة دينية أو طائفية , كما حدث مع تمثال الملك كوديا السومري الذي أُزيل من مدينة الدواية في ذي قار , وهو ما أدانته مفتشية الآثار ووصفته بـ (( هجمة شرسة )) على رموز الثقافة والفكر , حيث تداول البعض نية استبداله بنصب يمثل القرآن الكريم , أما مجسم (( الإبهام )) أمام فندق في بغداد , فقد واجه انتقادات واسعة بسبب تصميمه , وهو مثال على الإزالة التي تطالب بها شرائح واسعة لأسباب جمالية وفنية بحتة.

وفي فوضى ما بعد الغزو الأمريكي للعراق , توالت أعمال هدم وتخريب التماثيل لأسباب مختلفة , وكان أبرزها إزالة تماثيل ضباط انقلاب عام 1941 , وتحطيم تماثيل في شط العرب بالبصرة , ويؤكد أستاذ مادة النحت بأكاديمية الفنون الجميلة أحمد عبد السلام أن الفراغ الأمني تسبب في تحطم أو سرقة أو إزالة الكثير من التماثيل التي نحتها نخبة من أبرز الفنانين , مشيراً إلى الأضرار التي لحقت بتمثال كهرمانة باعتباره من أجمل تماثيل العاصمة , وأشاد عبد السلام بالنخبة الفنية العراقية أمثال محمد غني حكمت وخالد الرحال وإسماعيل الترك الذين تعاملوا بثقافة مع قوالب البرونز بعد رحيل المعلم الأول جواد سليم , ومن جهته , أشار المهندس أنور سالم من أمانة بغداد إلى أن السبب الأهم لتحطيم وسرقة التماثيل هو الحصول على مادة البرونز التي تتكون منها تلك الأعمال , مضيفاً أنه (( لا يوجد توجه حكومي للإزالة , وإنما هناك انفعالات شعبية مقترنة بتفسيرات سياسية وتاريخية تقف وراء تحطيمها )) , كتلك التي نجم عنها تحطيم تمثال مؤسس بغداد أبي جعفر المنصور الذي أنجزه خالد الرحال , كل ما تقدم من حوادث تسيء إلى العراق تاريخاً وحضارة ومكانة.

هذا ماأنتجه الجهل المُقدس والتعليم المُنهار , ويختم الدكتور كاظم المقدادي تحذيره قائلاً : (( من يدري؟ ربما غداً نسمع عمن سيهدم تمثال المتنبي , وإقامة تمثال لحسنة ملص مكانه , ألم يفجّر جَهَلة الأحزاب الدينية تمثال أبي جعفر المنصور؟ وهل سلم منهم الشاعر البغدادي أبو نؤاس , الذي قطعوا يده التي تمسك بالكأس , وكأنهم يريدون منه حمل مسبحة مكان الكأس )) , ويُضيف المقدادي مستخلصاً الجذور الحقيقية للمشكلة : (( يبدو أننا أمام مشكلة حقيقية , تتعلق بتفشي الجهل المقدس , والجهل المُكدّس , والجهل المُكرّس , بعد أن باتت الشهادات العليا تُباع في شارع باب المعظم , وبعد أن أصبحت الجامعات الأهلية لا تُدار بنظام العلم والكفاءة , بل بنظام الجهل والتفاهة )) , هذا الواقع المحزن الذي يفتقر فيه المسؤول عن سياسة التربية والتعليم العالي إلى أبسط مقومات القيادة الأكاديمية , يُنتج جامعات (( خاوية على عروشها )) , لا تنتج علماً ولا تترك أثراً في عقول الطلبة , وبدلاً من أن تقدم العلم للجميع , صارت تقدم لنا الجهل للجميع.

صباح الزُّهَيْرِيّ.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة ابن باديس والتنوير: الأذهان أولاً , ثم الأوطان .
- مقامة الفصام .
- مقامة العطارين : أسرار عمرها 4600 عام .
- مَقَامَةُ حِكَايَاتِ النَّمْلِ .
- مقامةُ الرجاءِ في زمنِ الحيْصَ بيْص .
- مقامة السلطة والفكر .
- مقامة غادة وغسان : حقيقة الحب ووهم الوصال .
- مقامة اكسير الشباب .
- مقامةُ الشَّيخِ في ذمِّ الرَّشوةِ وتزيينِها بالهديَّة .
- مقامة دزني .
- مقامة لعّابة الصبر : العراق و سَوْط حقيقة الحكايات الصارخ .
- مقامة الخطو للوراء .
- مقامة جيل Z: رؤيا شيخ في آخر الزمان .
- مقامة المندلاوي في (( نَجْوَى الصَّمْتِ الهَادِي )) .
- مقامة الى أبو أيفانكا : في ذمّ الادارة غير الجادة وغير المسؤ ...
- مقامة الرضا في مقهى بغداد الفاضلة .
- مَقَامَةُ الجُهَّال .
- مقامة طوبى : في ذكر حال الأنام والآمال العِظام .
- المقامة الإقصائية .
- المقامة الإسلاسية .


المزيد.....




- سميرة توفيق في أبوظبي: الفن الأصيل ورمز الوفاء للمبدعين العر ...
- -الخارجية- ترحب بانضمام الخليل إلى شبكة اليونسكو للمدن الإبد ...
- جمعية الصحفيين والكتاب العرب في إسبانيا تمنح ‏جائزتها السنوي ...
- فيلم -Scream 7- ومسلسل -Stranger Things 5- يعدان بجرعة مضاعف ...
- طبيبة نرويجية: ما شاهدته في غزة أفظع من أفلام الرعب
- -ذي إيكونومست- تفسر -وصفة- فنلندا لبناء أمة مستعدة لقتال بوت ...
- لن تتوقع الإجابة.. تفسير صادم من شركة أمازون عن سبب تسريح نح ...
- حزب الوحدة ينعى الكاتب والشاعر اسكندر جبران حبش
- مسلسلات وأفلام -سطت-على مجوهرات متحف اللوفر..قبل اللصوص
- كيف أصبح الهالوين جزءًا من الثقافة السويسرية؟


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الهدم: جرافات تهاجم ذاكرة العراق الثقافية .