أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة اكسير الشباب .














المزيد.....

مقامة اكسير الشباب .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8504 - 2025 / 10 / 23 - 15:00
المحور: الادب والفن
    


مقامة اكسير الشباب :

قال التبريزي : (( عندما تزهر الروح , لايهمها تعاقب الفصول , أزهر من جديد , اثبت لهم أن الذبول خرافة )) , هناك أناس تنبض قلوبهم بالعطاء , كأنما جُبلوا على منح الخير بلا حساب , لا يقفون عند حدود ما يملكون , بل يقدّمون أكثر مما يُنتظر منهم , فيشعر من حولهم بأنهم أمام ينبوع لا ينضب , من طبيعتهم أن يمنحوا دون أن يُسألوا , ويتسابقون لإسعاد الآخرين بنفوس مطمئنة , أفعالهم تتحدث عنهم , وكأنها تنشد أغنية للإنسانية , يفتحون أبوابهم دائمًا للغريب والقريب , قلوبهم رحبة تتسع للجميع , وأيديهم ممتدة لرفع من سقط أو لتخفيف عن من أرهقه الحمل , في وجودهم , تنقشع الغمامة عن الوجوه , ويملأ نور الأمل القلوب , مثل هؤلاء هم الشباب الدائم , لا ينسى الناس أثرهم , ولا ينطفئ عبير ذكرهم , يعيشون كالشمس , يدفئون الحياة بوجودهم , ويزرعون بذور الطمأنينة في كل خطوة يخطونها , وقول التبريزي ينطوي على حكمة , فالحياةُ غابةٌ , الأنقياءُ غزلانُها التي تعلَّمَتْ كيفَ تشربُ ماءَها من بركةٍ مكتظةٍ بالتَّمَاسِيح .

يقول محمود درويش عن فيروز: (( فيروز , هي الأغنية التي تنسى دائمًا أن تكبر, هي التي تجعل الصحراء أصغر, وتجعل القمر أكبر)) , بمعنى : فيروز عند درويش ليست مجرد صوت , بل حالة زمنية تتجاوز العمر, صوتها يختصر اتساع الفراغ ويملأه بالمعنى , فيجعل القسوة أصغر حجمًا , ويمنح للضوء والخيال حضورًا أعظم , فيروز هنا تُقدَّم كرمز للخلود الفني , أغنية لا تشيخ , بل تُعيد تشكيل الزمن نفسه , من منظور علم الجمال , صوتها يملك القدرة على (( إعادة تأطير)) التجربة الوجودية , حيث تتحول القسوة إلى شيء يمكن احتماله , ويتضخم الحلم كقمر يضيء , اجتماعيًا , فيروز ليست فقط فنانة , بل ذاكرة جمعية تربط أجيالًا بوجدان واحد , تحمل في حضورها فكرة الشباب الدائم والانتصار على الفناء عبر الفن .

أن )) إكسير الشباب ((قد يكون أيضًا في )) الحكمة (( و)) الروية (( و)) الصبر على الإساءة , التي ظهرت في تصرف معاوية , بما يضيف بُعدًا جديدًا للشباب وهو (( النضج )) , عندما عدا عبيد لمعاوية على أرض ابن الزبير , فكتب إليه ابن الزبير : ( أما بعد يا معاوية , إن لم تمنع عبيدك من دخول أرضي وإلا كان لي ولك شأن ) , وقيل : إن معاوية أطلع ابنه يزيد على كتاب ابن الزبير, وسأله : ما ترى ؟ فقال له يزيد : لتنفذن إليه جيشًا أوله عنده وآخره عندك يأتوك برأسه , فقال : بل عندي يا بني خير من ذلك , وكتب إلى ابن الزبير: ((وقفت على كتابك يا ابن حواري رسول الله , وساءني والله ما ساءك , والدنيا هينه عندي في جنب رضاك , وقد كتبت على نفسي رقيمًا بالأرض والعبيد وأشهدت على ما فيه , ولتضف الأرض إلى أرضك والعبيد إلى عبيدك , والسلام )) , فجاءه الجواب من ابن الزبير يقول فيه : (( وقفت على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه , فلا عدم الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل والسلام )) , وأطلع معاوية ابنه على الكتاب الثاني كما أطلعه على الكتاب الأول فأسفر وجهه , وأبوه يقول : إذا رميت بهذا الداء فداوه بهذا الدواء.

يقول دوستويفسكي عن الحياة : انها الجحيم , وسقراط : انها ابتلاء , وارسطو : انها العقل ونيتشه : انها القوه , وفرويد : انها الموت , وماركس : انها الفكرة , وبيكاسو : انها الفن , وغاندي : انها الحب , وشوبنهاور : انها المعاناة , وراسل : انها المنافسة , وستيف چوبز : انها الإيمان , واينشتاين : انها المعرفة , وستيفن هوپكنز : انها الامل , و كافكا : انها البدايات , وهكذا , يرى كل فيلسوف أن الحياة هي ما نختاره لها , وإكسير الشباب يكمن في إيماننا بما نؤمن به من حب , أو معرفة , أو أمل , ومن نصائح عبد الرحمن منيف للحفاظ على ديمومة الشباب الواعي : (( قدر من الجنون ضرورة , قدر من الجنون لابد منه من أجل الانفتاح على هذا العالم الرحب, على الحرية, كن كالفنان , كالسكران , كالعبقري الذي يتجول في مواضيعه, كن كأنك إله يرسم ويلون هذا العالم , بحدود لا حدود لوجوده , تحرر من هذا القيد الذي قيدت أنفاسك وروحك فيه , حاول أن تتحرر من الأثقال الذي وضعوك فيها , انطلق إلى الحياة دون حمولات الماضي اللاسعيد , كل ما فعله الأقدمون , أنهم زرعوا أمراضهم في عقولنا , أمراض البقاء على الأرض , واجترار ذواتنا المتحجرة دون أمل بالخروج من النفق , علمونا أن نخاف من التحليق في السماء , من السباحة في هذا الفضاء الواسع , أن لا نطير في هذا العالم المترامي الأطراف , من القيد الثقافي , الخوف من الموت , من الحياة , كل هذه التعاليم التي ترسخت في ذاكرتنا جاء من أجل أن يتسيد القوادون والمنافقون هذا العالم , وليتمتعوا به وحدهم )) .

سبق ان كتب جبران خليل جبران : (( من لا يشعل سراجه لا يرى في الظلام غير الظلام , سكوتي انشاد وجوعي تخمة , وفي عطشي ماء , وفي صحوتي سكر , وفي لوعتي عرس , وفي غربتي لقا , وفي باطني كشف , وفي مظهري ستر, نحن نعيش بضوء الشمس , ولكن من منا يستطيع الحياة في الشمس , الحياة جزيرة صخورها الاماني , واشجارها االاحلام , وازهارها الوحدة , وينابيعها التعطش , وهي في بحر من الوحدة والانفراد )) , كما ان أدهم شرقاوي يخبرنا ان : (( الكثير من النساء لا تضعن كحلاً ولا تضعن أحمر شفاه , حين يجالسن الرجال يصبحن أروع شبابا , فالجميلات , برقي وجمال حضورهن )) , وفي نهاية المطاف , إكسير الشباب ليس في إخفاء تجاعيد الوجه , بل في روح لا تشيخ , وعقل لا يتوقف عن التعلم , وقلب لا يكف عن العطاء .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامةُ الشَّيخِ في ذمِّ الرَّشوةِ وتزيينِها بالهديَّة .
- مقامة دزني .
- مقامة لعّابة الصبر : العراق و سَوْط حقيقة الحكايات الصارخ .
- مقامة الخطو للوراء .
- مقامة جيل Z: رؤيا شيخ في آخر الزمان .
- مقامة المندلاوي في (( نَجْوَى الصَّمْتِ الهَادِي )) .
- مقامة الى أبو أيفانكا : في ذمّ الادارة غير الجادة وغير المسؤ ...
- مقامة الرضا في مقهى بغداد الفاضلة .
- مَقَامَةُ الجُهَّال .
- مقامة طوبى : في ذكر حال الأنام والآمال العِظام .
- المقامة الإقصائية .
- المقامة الإسلاسية .
- مقامة ترانيم الخريف .
- مقامة فن الصياغة : الوافي بوفيات الصفدي مثلا .
- مقامة حَرْقِ الكُبُودِ على عراقٍ مَغْزُو .
- مقامة حديث خرافة يا أم عمرو!
- مقامة النوارزمية : فصلُ النورِ وحُجَّةُ الخوارزمِ .
- مقامة (( لعم )) .
- مقامة الخطو وحيدا .
- مَقَامَةُ إِخْوَانِ الصَّفَا وَخِلَّانِ الوَفَا .


المزيد.....




- الشاغور في دمشق.. استرخاء التاريخ وسحر الأزقّة
- توبا بيوكوستن تتألق بالأسود من جورج حبيقة في إطلاق فيلم -الس ...
- رنا رئيس في مهرجان -الجونة السينمائي- بعد تجاوز أزمتها الصحي ...
- افتتاح معرض -قصائد عبر الحدود- في كتارا لتعزيز التفاهم الثقا ...
- مشاركة 1255 دار نشر من 49 دولة في الصالون الدولي للكتاب بالج ...
- بقي 3 أشهر على الإعلان عن القائمة النهائية.. من هم المرشحون ...
- فيديو.. مريضة تعزف الموسيقى أثناء خضوعها لجراحة في الدماغ
- بيت المدى يستذكر الشاعر القتيل محمود البريكان
- -سرقتُ منهم كل أسرارهم-.. كتاب يكشف خفايا 20 مخرجاً عالمياً ...
- الرئيس يستقبل رئيس مكتب الممثلية الكندية لدى فلسطين


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة اكسير الشباب .