أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة جيل Z: رؤيا شيخ في آخر الزمان .














المزيد.....

مقامة جيل Z: رؤيا شيخ في آخر الزمان .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 10:33
المحور: الادب والفن
    


مقامة جيل Z: رؤيا شيخ في آخر الزمان.

قال الراوي: كنتُ ذات ليلة في رُكْني , أتأمل الزمان وأُقلِّب صفحاته , وقد غمرني الفكر في أمر جيلٍ نشأ فينا , لم نعهد مثله في سالف الأيام , فإذا بشيخ هرم وقد علت وجهه سَكِينَةُ المُتَنَبِّئ , يُنشِدُ على مسمعي ما أَوْحَى إليه النظر في حال هؤلاء القوم , فقال الشيخ , مُتنهِّداً بلسانٍ عربيٍ مُبين : يا قوم , اعلموا أن بعد جيل الألفية , جيلٌ قد أقبل , سُمِّيَ (( جيل الزاء )) , وهم مَن وُلد بعد سبعة وتسعين وتسعمائة وألف , حتى مشارف ألفين واثني عشر , وقد جاءنا هذا الجيل بأمرٍ عظيم , لم تسبقه به الأجيال , إنه أول جيلٍ قد تَنفَّسَ في رئة رقمية كاملة.
لقد صار الهاتف الزكي (الذكي) ودروب التواصل الاجتماعي كالماء والخبز, لا غنى لهم عنه , وهم قومٌ يَعْرِفُونَ الحياة على حقيقتها (واقعيون) , ويَحمِلُونَ في طياتهم ألواناً شتى من الأعراق والأصول (متنوعون) , وقد حملوا على عاتقهم هَمَّ الأرض والمجتمع , فلا يهدأ لهم بالٌ من جَوْرٍ أو قلقٍ في المناخ والعدالة , وإليكم سِتُّ حَقَائِقَ عن هذا الجيل الجديد, يجب على كلِّ صاحبِ أمرٍ أن يعيها , حتى لا تكون برامجه وأعماله هبَاءً بلا فائدة :
1. المشاعر قُوتُ المعلومة: لا يجدون في الخبر خيراً ولا نفعاً إلا إذا صَحِبَتْهُ عاطفةٌ تُحَرِّكُ النَّفْس.
2. صِدْقٌ بَيِّنٌ لا يُوارى: قومٌ صريحون, يجهرون بما في صدورهم بلا حياءٍ أو مُراوغة.
3. نفوذُ الأقران: يرون أن نجاح المرء في حَياتِه مرهونٌ بقوَّةِ علاقاته ونفوذه الاجتماعيّ.
4. حُكْمُ الشبكة: يعتقدون أنَّ مَنْ يُدِيرُ الشبكة العنكبوتية ويستخدمها , أهمُّ وأَوْلَى بالاتباع من ساسةِ الأوطان وقادتها.
5. العِلْمُ الذاتيّ أَوْلَى : يَتَزَوَّدُونَ من المعارف ويُقَدِّرُونَ العِلْم , لكنهم يَرَوْنَ المواقع الإلكترونية ومَناهِلَ التَّعَلُّم الذاتيّ أَهَمَّ من شهادات الجامعة التقليدية.
6. بَرَاعَةٌ واعتمادٌ على النَّفْس: هم قومٌ مَهَرَةٌ في التقنية , لا ينتظرون عَوْناً من أحد , يَدِبُّونَ في الأرض لِصُنْعِ فُرَصِهم , ويَدْخُلُونَ سوقَ ريادةِ الأعمال بجرأة.

أما في العراق الحبيب , فقد رأيتُ حال جيل الزاء في بلاد الرافدين : صرخةٌ تَفْطُرُ القَلْب , لا يَخرُجُ للساحات ولا للفضاء الرقمي مطالباً بخبزٍ أو مَشْرَبٍ فحسب , بل يخرج صارخاً مُنْكِراً على منظومةٍ تَرَكَتْ الحقوق الأساسية تذبل: من تعليمٍ يُعزُّ , وصحةٍ تَحفظ الكرامة , وعملٍ شريفٍ يفتح أبواب الرجاء , وشبكةٍ (إنترنت) تربط العالم , وعدالةٍ تُعيد الثقة بالوطن , ولكنَّ صرختهم هذه ليست صرخة جوعٍ فحسب , بل هي صرخة جُرْحٍ نَفْسِيٍّ جَمْعِيٍّ عميق : فكيف لشابٍّ يرى الإبادة في فلسطين كل يوم , أمام صمتِ الدنيا وعجزِ هيئاتها , ألا يشعر بأن قيمَ الكرامة والعدالة قد اِنْهَارَتْ تحت قدميه؟ وكيف لعراقيٍ يقف مُشَاهِداً لِمُواطِنٍ يلفظُ أنفاسه في مستشفى لعدم وجود سريرٍ أو عناية , في لحظةٍ تختزلُ قيمةَ الإنسانِ إلى العَدَم , أن يَقْبَلَ هذا الصَّمْتَ المُرَّ؟ ثم كيف لشابٍ يُصَافِحُ الفساد كل يوم في الشارع والإدارة وسوق العمل , أن يقتنع بأن الخُضُوعَ والصمتَ هما دواءُ هذا الداء؟ إنَّ تَزَاوُجَ هذه الانكسارات الداخلية في البلد والخارجية في الأمة , قد صَنَعَ وعياً احتجاجياً أَشَدَّ وأَجْرَأَ , هذا الجيل لا يطلب التَّفَضُّل , بل يطلب الحدَّ الأدنى من العدل والكرامة: ألا يُهانَ في مَشْفَى , وألا يُتْرَكَ عاطلاً , وألا يُنْظَر إليه كمواطن من الدرجة الثانية.

لقد أَثْبَتَتْ التجاربُ في دَفَاتِرِ الأمم أنَّ هذا التغيير لن يتم إلا بوجود قُوَى سياسيةٍ وطنيةٍ صَادِقَةٍ , تَضَعُ مصلحةَ الوطن فوق كلِّ مصلحة , وتكون صوتَ هذا الجيل وحاملةً لرؤاه , واعلموا أنَّ جيلَ (( الزاء )) هذا يطلب اليوم ما طَلَبَهُ الأجدادُ في صَدْرِ الأزمان من كرامةٍ ومساواةٍ وعدالةٍ , لكنه أضاف مطلباً عظيماً لم يكن في حُسبان مَن سَلَف: أن يُسْمَعَ صوتُه , وأن يُعْتَرَفَ بمعاناته , وأن يُؤخَذَ أَمْرُهُ بجِدِّيَّةٍ تامة , لا بِصَرْفِ النظرِ كَأَمْرٍ عابِر , وها هو الجيلُ يُعِيدُ طرحَ السُّؤالِ الجوهريَّ للتنمية العادلة , وهو سؤالٌ ظلَّ مُعَلَّقاً في عنقِ التاريخ منذ عصور: أيُّ عراقٍ نُريدُ؟ أَعِرَاقُ الفرصِ المتكافئة , حيث الصحة والتعليم والشغل والكرامة حقوقٌ للجميع , لا مَنَّةٌ من حاكم؟ أَمْ عراقٌ يُرَسِّخُ الانقسام ويَزْرَعُ بذورَ الاحتقان , حتى إذا ما نَبَتَتْ حَصَدَها القادمون؟

وانتهى قول الشيخ , وانتهت الرؤيا , واللهُ غالبٌ على أمره , ولكن أكثر الناس لا يعلمون
صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة المندلاوي في (( نَجْوَى الصَّمْتِ الهَادِي )) .
- مقامة الى أبو أيفانكا : في ذمّ الادارة غير الجادة وغير المسؤ ...
- مقامة الرضا في مقهى بغداد الفاضلة .
- مَقَامَةُ الجُهَّال .
- مقامة طوبى : في ذكر حال الأنام والآمال العِظام .
- المقامة الإقصائية .
- المقامة الإسلاسية .
- مقامة ترانيم الخريف .
- مقامة فن الصياغة : الوافي بوفيات الصفدي مثلا .
- مقامة حَرْقِ الكُبُودِ على عراقٍ مَغْزُو .
- مقامة حديث خرافة يا أم عمرو!
- مقامة النوارزمية : فصلُ النورِ وحُجَّةُ الخوارزمِ .
- مقامة (( لعم )) .
- مقامة الخطو وحيدا .
- مَقَامَةُ إِخْوَانِ الصَّفَا وَخِلَّانِ الوَفَا .
- مقامة رماد القدر.
- مقامة الأباطيل والأكاذيب : حين يكتب السيف .
- مقامة مال السُّوَّال .
- مقامة معادن غريبة .
- مقامة الخذلان .


المزيد.....




- نادر صدقة.. أسير سامري يفضح ازدواجية الرواية الإسرائيلية
- صبحة الراشدي: سوربون الروح العربية
- اللحظة التي تغير كل شيء
- أبرزها قانون النفط والغاز ومراعاة التمثيل: ماذا يريد الكورد ...
- -أنجز حرٌّ ما وعد-.. العهد في وجدان العربي القديم بين ميثاق ...
- إلغاء مهرجان الأفلام اليهودية في السويد بعد رفض دور العرض اس ...
- بعد فوزه بجائزتين مرموقتين.. فيلم -صوت هند رجب- مرشح للفوز ب ...
- حكمة الصين في وجه الصلف الأميركي.. ما الذي ينتظر آرثر سي شاع ...
- الأنثى البريئة
- هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخاً بديلاً عن الإنسان؟


المزيد.....

- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- پیپی أم الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة جيل Z: رؤيا شيخ في آخر الزمان .