أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة معادن غريبة .














المزيد.....

مقامة معادن غريبة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8480 - 2025 / 9 / 29 - 16:43
المحور: الادب والفن
    


مقامة معادن غريبة :

نشر الدكتور بسام البزاز : (( في برنامج إذاعي سألت الصحفية الدكتورة هدى عبد الناصر عن حصتها من ميراث أبيها فأجابتها : 200 جنيه , ما زلتُ أحتفظ بصورة للشيك بالمبلغ , لكنّنا - أضافت- ورثنا ما هو أهمّ من المال : حب الناس واحترامهم , أينما ذهبنا داخل مصر وخارجها )) , ثم يتسائل الدكتور : (( سيقول قائل : حب؟ احترام؟ وما قيمة هذين المعدنين الغريبين في سوق هذا الزمن؟ )) , ذلك هو الزمن ألأميركي ,هو زمن التفاهة الذي ساد , زمن الثقافة المادية المعولمة المعادية لقيم الرجولة , عبد الناصر وآخرون من القادة الذين نذروا أنفسهم للوطن وللقضية لم يسرقوا , لأنهم كانوا رجالا , وليس كل ذكرٍ رجلاً , فالذكورة تُولد , أما الرجولة فتُربّى , والرجولة ليست في غلظة الصوت أو كثافة اللحية , بل في صدق الوعد , وغضّ الطرف , واحترام المرأة , وتحمل المسؤولية , والصبر عند الشدائد , فالرجل الحق لا يصرخ ليُطاع , ولا يضرب ليُقنع , ولا يتكبر ليُهاب , وما أعظم قول الله : (﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾) , هؤلاء هم الرجال , من رُبّوا على الحق , لا من وُلدوا عليه.

هذه الرجولة , التي هي تربية لا ولادة , هي ذاتها الأرض الخصبة التي أنجبت القامات السامقة في جيل سبقنا , ففي زمن الأمية وندرة التعليم أنجب العراق عبد الحبار عبدالله , علي الوردي , حسين علي محفوظ , طه باقر , زها حديد , فاضل السامرائي , السياب , سعد الوتري , كمال السامرائي , وغيرهم من خيرة علماء العراق في مختلف الاختصاصات , فهل تجد مثل تلك المعادن الغريبة على هذا الزمان المتوحش , ومتى ستستطيع الدراسات العليا أن تكرر مثل هذه الشخصيات ؟ ليمكننا القول اننا قد جنينا ثمار التعليم العالي , وليتم استخراج لآلئ الأفكار والأحلام والرؤى من صدفات المحار, فعندما ينجدل عقل عِماده الخيال بالعلم والعمل الجاد , ينتج أفكارًا نابهةً (( شعار Failure is Not an Option)) .

يقول أحمد فؤاد نجم : والواطي لما اعتلى اجرله كم طبال , الشحط والبلطجي واللص والمحتال , والكوديا لبست شنب واتحزمت بعقال , ومين يحب النبي , سقفه كمان ياعيال والرقص دار ف البلد عمال على بطال , واللحم لما انكشف غطى علي اللي اتقال , لاسمعنا صوت ف النغم ولا كلمه في الموال , قتلوا الكلام في الغنا والرنه ف الخلخال )) , وعليه , فإنني أنصح كل طيب أن يتمسك بمعدنه الأصيل , ويتحصن بقيمه لأنه على الأغلب سوف يتعب , إلا أن الصمود هو مفتاحه , , لأن مايجري منازعة بين الوجود ألأميركي المقيت , والإنقراضي الجميل البهيج , ونبقى آمنين بمعطيات التأريخ ومنطق الأكوان , فالغثيث سينتهي ,والجيّد سيتواصل , والإنسان ولد حرا , وخلق حرا , ولا يمكن لأية قوة أن تسرق منه حقه الطبيعي , لأن قدرات وقوى الأكوان تسانده وتتفاعل معه بإيجابية عالية , فهل من صحوة ووعي وتواصل إدراكي مع واقع الحياة , وأنوار المستقبل والحاضر المتوهج بالأفكار؟ ومتى ؟

من مذكرات أنديرا غاندي (( من لة أذان للسمع فليسمع )) : أنها سألت والدها :ماذا يحدث في الحرب ؟ رد والدها عليها : ينهار التعليم و الاقتصاد , قالت : وماذا يحدث بعد إنهيار التعليم والإقتصاد؟ أجابها والدها : تنهار الأخلاق , قالت : وماذا يحدث أيضاً لو انهارت الأخلاق ؟ رد عليها بمنتهى الحكمة :و كيف يعيش الانسان في بلد انهارت أخلاقه ؟ يستطيع الإنسان أن يتعايش في أي مجتمع فيه بعض النقص الغذائي , الإقتصادي , الترفيهي ... إلخ , إلا انعدام الأخلاق , وقتها يسود اللئام و السفلة , وتذهب الأعراف و القوانين و الخير , و يتحول كل شيء إلى غابة , و بهذا تصبح الحياة الكريمة شبه مستحيلة.

وعزيزُ النفسِ كالخيل , يحزن ولا يبوح , يُخذل ولا ينكسِر , وكأنّهُ فارسٌ خُلِق لِيُحارب وحدهّ دائِما , نحن جيل نشأ وتربّى وترعرع على الحب , والتسامح والوفاء والاحترام وكل القِيَم النبيلة الجميلة , عاصرنا رجالاً ونساء لم يعرفوا القراءة والكتابة ولكنهم اتَّقنوا عِلم الكلام , لم يدرسوا الأدب ولكنهم علّمونا الأدب , لم يدرسوا قوانين الطبيعة وعلوم الأحياء ولكنهم علمونا فن الحياء , لم يقرؤوا كتابا واحداً عن العلاقات , ولكنهم علمونا حسن المعاملة والاحترام , لم يدرسوا الدين ولكنهم علمونا معنى الإيمان وعلمونا الحلال والحرام , لم يدرسوا التخطيط ولكنهم علمونا بُعد النظر في كل شيء , لم يجرؤ أحد منا على الكلام بصوت عالي في البيت , كنا نحترم الجار والجار السابع , لِمَن عاش تلك اللحظات الجميلة , وإلى الجيل الذي ربّانا وهذّبنا , حفظ الله مَن كان منهم حَيّاً والرحمة والمغفرة لمن غادر دنيانا .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الخذلان .
- مقامة حب كونفوشيوس .
- مقامة المهذب الرقيق .
- مقامة نباح المناهج وذبابها : أدب المقاومة الفكرية.
- مقامة أموت نظيفًا .
- مقامة حمالة الحطب : من شرر الشوك إلى رماد الأمة .
- مقامة عروس غاندي .
- مقامة حكمة قَعْنَب .
- مقامة الدگة الخزعلية : بين الوشم والغدر.
- مقامة ديالى شقائق النعمان .
- مقامة الطروس .
- مقامة النقيق في قاع بئر: العراق بعد 2003.
- مقامة فلسفة الفقر .
- مقامة الغيوم .
- مقامة مادلين أولبرايت : عندما تتحدث الدبابيس .
- مقامة الأنسان وباء .
- مقامة الأقتران الشرطي .
- مقامة أصنام العقل .
- مقامة الرسيس .
- مقامة لحن القول .


المزيد.....




- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- بائع الصحف الباريسي علي أكبر.. صفحة أخيرة من زمن المناداة عل ...
- لماذا انتظر محافظون على -تيك توك- تحقق نبوءة -الاختطاف- قبل ...
- فاضل العزاوي: ستون عامًا من الإبداع في الشعر والرواية
- موسم أصيلة الثقافي 46 يقدم شهادات للتاريخ ووفاء لـ -رجل الدو ...
- وزير الاقتصاد السعودي: كل دولار يستثمر في الثقافة يحقق عائدا ...
- بالفيديو.. قلعة حلب تستقبل الزوار مجددا بعد الترميم


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة معادن غريبة .